خورفكان

خورفكان
Spread the love

إلى الشاعر الإماراتيّ الصديق أحمد راشد ثاني ابن مدينة خورفكان

شعر: أحمد فرحات*

خورفكان

كنيسة من بحر

وأجراس من بهجة الوحشة في الجبل

ومن فينيقيّات مخذولات

جئنَ بالعشق النّيلوفري يوماً

وغيّرن فجأة الصخور المتهوّرة بالظلام الأخضر

***

خورفكان

طرفٌ في الإشارة

وردة تلاشَت بَعد اكتمالها في كلّ شيء

أنام على غصونها البحريّة… وأفيق

أحكي للعابرين بفمٍ قمريّ

حكاياتها القديمة

أتمرّغ بالألوان الفائضة

وبالزئّبق التفّاحيّ الأدكن

يفور على الزاوية البحريّة

***

خورفكان

إنّي أتحدّث عن خوفٍ ساحرٍ منكِ

عن شهوات مقدّسة في قمر الظنّ

عن أسطورةٍ في أنثى نفسها

تَرَقْرَقَتْ في نظامِ البحر

وممرّ قُدّاسه الدهريّ

وقد روى زهرة النهار بالضوء

***

من بعيدٍ

ما أجمل الذي بكِ يرشقني

فيرميني صريعاً في مهابط

بخار الصباح الفاتر

وأنا لا هدفَ لي يختارني

سوى رنّات هذا الانتعاش المفاجئ

سوى هذا الحب الذي أرادني

أن أكون مجهولاً أكثر في كيمياء الاهتداء

فذوّبني بموسيقاه

وهي تهرب بين فراغات الجبال

مُعبِّئة الأعماق كلّها.

***

خورفكان

ما أردتُ أن أعشق.. ولكنّه البحر

ما أردتُ أن أموت.. ولكنّه التاريخ

ما أردتُ أن أموت.. ولكنّه المزاج بهوّاته

يعدو في هواء القلب

كالسمكِ المُستطاب

***

أنتِ وردة فينيقيا الأولى

لا تذبل في قصائد “ملياغر”*(1)

المزدانة بالمطر الذهبيّ

وبذلك العيد في الفراغ

وما سوف يأتي بَعد

منذ سبعة آلافِ عام

***

مثلكِ يا مائدة السكّر الساحليّ

أبحث عمّا تسألين

في بارد الرياح

وفي هياج شمس هذا المِسك العربيّ

يُمندلنا في أبّهته الشاردة

***

أوَهمٌ أنتِ؟

أم هتاف هذا المحيط بمنديلٍ شجريّ؟

كلّ شيء كان سخيّاً كالحريق

كلّ شيء تحوَّل إلى عروشٍ من الغبطة

تسائلني بريش السهو

ثمّ فجأةً

لا شيء غير فسحات البحر

وقوّة هذا الصيف ذي الثنيّات الذهبيّة

تكرّرني على الشاطئ الطويل

***

مِن مكمنٍ إلى مكمنٍ فيكِ

يتجوّل القلب

ويمتلىء بما لا قدرة له على الامتلاء

خذيه اختطافاً هذا القلب

واختطافاً خذيها تلكم الروح

المفروكة بالرعب الوسيم

لعلّها تهدأ في هذا الذي تفتقده

…………………..

صفرٌ للأيّامِ من دونك

صفرٌ للعَيْنِ لو طمعت

بغَيرِ هذا الأزرق المُرتجِف بالغوايات

صفرٌ لأنوثةٍ من غيركِ في البرّ الشهيّ

تبتليني بالذي أرغبه

والذي أعاود منه بثّ ضوئي

الذي لا يَشرب سوى ضوئه

…………………..

مدينتي أنتِ

منذ الأحلام والشعر

منذ شراب الرغبة والارتواء

سأغتنم إصابتي فيكِ

حتّى أُذهل الجميع

واملأ ألسنتهم بالتهليل الذي يصطفيك

ويصطفيني

………………….

جبالكِ مثلما تُهاجر الحياة

فجأةً من على الأرض

لتعود في حدائق نادرة

تُطارِد بعضها بعضاً

محترفة الاندلاق في صحوٍ تَكتملُ أشعّته

في امرأةٍ خالية من مفاجآت خبث الموت

تضغط على القلب

***

خورفكان

مرّة أخرى

أنا ثمرتك في الرّيح التي تعلونا

أحتمي في التلويحة

وفي نور الهاوية اللّذيذ

يرتّل مزامير فجرٍ قديم

يطوف في حَلَبَات الغرائب العُمانيّة

………………………..

………………………..

يا زمانها استرح في الشعر

ودَعْ ضوءك يتوزَّع في ضوئها

ويلمّ الانفجارات

عصافير من حرير وورد جريء

ورغبات تفرش أذرعة القلب

………………………

………………………

مع ريحك المدرّبة على الذكريات

غنَّيت فرح الأجداد فتطهَّرت نجوم

تهطل ببطء كلّ ليلة على الرمل السعيد

ألا ليَنصفني الرمل السعيد

وليَشرح صدري بعناقٍ قريبٍ لك

قبل فوات الأوان…

*(1)”ملياغر”: شاعر فينيقيّ

*المصدر: مؤسّسة الفكر العربيّ