فلسطين: أربعة آلاف عام من التاريخ

فلسطين: أربعة آلاف عام من التاريخ
Spread the love

شؤون آسيوية-
مراجعة: جيم مايلز
ترجمة: إبراهيم عبدالله العلو-

الكتاب: “فلسطين: أربعة آلاف عام من التاريخ”

المؤلف: د. نور مصالحة

الناشر: Zed Books

تاريخ النشر: 15 أغسطس 2018

اللغة: الإنجليزية

عدد الصفحات: 458 صفحة

تطلب السرد الإسرائيلي لعودة الدولة القومية إلى موطنها بعد 1500 عام من النفي عملاً مضنياً من قبل دافيد بن غوريون لتأسيس لجنة الأسماء الحكومية (1949). تتجلى عبرنة فلسطين بوضوح في كتاب نور مصالحة الآنف الذكر ويعتبر إضافة أكاديمية علمية لموضوع اجتثاث شعب أصيل.

يغطي الجزء الأول من الكتاب الحقبة من العصر البرونزي –قبل 2500 عام تقريباً- إلى منتصف الحقبة العثمانية والحكم الذاتي للعمار وأحمد باشا الجزار. ويركز في معظم تحليله على اسم فلسطين وسوابقه التاريخية في اللغات الأخرى من الخرائط القديمة والكتابات التاريخية. ويقدم إضاءات خفيفة لنوعية المجتمع الممثل للاسم ولكنه يركز غالباً على فيلولوجيا الاسم بحد ذاته.

ومع وصول البحث إلى الإمبراطورية العثمانية يستخدم المؤلف مصادر أكثر كمراجع ويقدم منظوراً أكثر قوة لأنماط حياة السكان الفلسطينيين الأصليين والانفصال بين النخبة الحضرية والغالبية العظمى التي تسكن في القرى الأصغر وتزرع الأرض.

يستخدم المؤلف في أواخر مرحلة حقبة الإمبراطورية العثمانية مصادر إضافية في بدايات مرحلة الصهيونية المسيحية والاستشراقية والانجيلية والسنوات المبكرة من الصهيونية القومية العلمانية الأوروبية الأصل للتأكيد على نكران الفلسطينيين الأصليين عبر استخدام اللغة.

وفكرة مصَالحة بسيطة للغاية: إثبات وجود فلسطين عبر القرون من خلال دراسة اللغة المستخدمة واستدلالها بالأعمال التاريخية والعبرنة الحديثة المجلوبة بواسطة التقاليد الغربية المسيحية الانجيلية والمترافقة بمحاولات المشروع الصهيوني لإنكار وجود فلسطين والشعب الفلسطيني. وينجح عبر تلك الفرضية إيما نجاح ويقدم أدلة دامغة على استخدام كلمة فلسطين لغاية النكبة وضمن الاستخدام الإسرائيلي بعد نكبة عام 1948.

ولكن قبل ذلك بدأ المنظور الاستشراقي المسيحي بالهجوم على الأسماء العربية الفلسطينية التاريخية والتي حظيت سابقاً بالدعم في الأعمال السابقة.

ومع استمرار الدراسة وصولاً للحقبة الحديثة استخدمت أدوات عديدة لطمس والتعمية على أي إشارة للإرث الجغرافي الفلسطيني. أدخلت مجموعات البحث الانجيلية العديدة الباحثة عن دليل تاريخي لروايتهم الكثير من التغيرات الابتدائية في المعرفة الغربية. وعند الفشل في العثور على الكثير من الأدلة يتم تطويع الكثير من المسميات الانجيلية واستخدامها لمناطق مختلفة وصولاً لخصائص جغرافية محددة. وتابع بواكير المستوطنين اليهود الطريقة اللاحقة ودُعمت بقوة بعد تأسيس إسرائيل.

حدث تطويع الأسماء العربية عبر عملية الجناس الاستهلالي والبحث وحتى اختلاق كلمة عبرية مماثلة للكلمة العربية. واستخدمت عملية مماثلة للأسماء الشخصية للمستوطنين الأوروبيين اليهود عبر اختيار كلمة عبرية أو عبر كلمة عربية محورة لخلق كنية جديدة.

يعتبر الطمس أحد أقوى الطرق المستخدمة. وحدث ذلك قبل وخلال وبعد النكبة حيث دُمر الكثير من القرى وتمت مصادرتها وإعادة تسمية معظمها باستخدام الأسماء الانجيلية والعبرية. وتتابع الطمس على المستوى الجغرافي والثقافي وتراوح ما بين شواخص الطرق إلى الكتب المدرسية والتعليمات.

ومن منطلق عرض مصَالحة العام تعتبر العبرية لغة مختلقة تأسست على عنصر شعائري محصور أدمج بدافع الضرورة الكثير من التعابير الحديثة والكثير من المفردات العربية الفلسطينية والانجيلية مما أحالها إلى هيئة مماثلة للغة عبرية قديمة. كما أنها تظهر تاريخاً لمنطقة تدعى فلسطين على مفترق طرق جغرافي بين التاريخ الحديث والقديم والتي نجت من العديد من الحكام ومنهم أكثر استقلالية عن الأخرين ولكنهم كانوا فلسطينيين.

لا ينفي الكتاب وجود كيان إسرائيل ولكنه يراها كجزء من العديد من الشعوب والثقافات التي سكنت المنطقة في وقت أو آخر. يقارن الأسطورة الإسرائيلية للتدفق المفاجئ للعرب خلال الفتوحات الإسلامية مع السجل التاريخي للدخول التدريجي للأفكار والشعوب العربية في المنطقة قبيل الفتح. والجدير بالملاحظة المراجع العديدة التي تشير إلى الدمج السلمي والتعايش المشترك للأديان الرئيسة الثلاثة في المشهد الحديث قبل أن تبدأ الصهيونية الاستشراقية المسيحية باغتصاب المنطقة.

ومن المؤسف أن الكتاب يعاني من مشكلة لا تنتقص من حجته الأكاديمية. فالعمل لنشر هذه المعلومات للعموم مغرق بالأكاديمية والعلمية وهو أمر يمكنني الخوض فيه بسبب خلفيتي المعرفية وغايتي كمراجع للكتب. ولكنه قد يصبح عصياً على جذب اهتمام القارئ العادي.

فالقسم الأول من الكتاب على الخصوص ورغم اشارته للعديد من الخرائط التي تستخدم كلمة فلسطين أو مماثلها اللغوي لا يقدم أي خريطة مرئية. واعتقد ان اضافة قسم آخر يضم بعض لوحات للعديد من الخرائط من التاريخ القديم وصولاً للخرائط البريطانية للانتداب البريطاني لفلسطين سيحدث إضاقة قيمة لهذا الجهد الكبير.

وأؤكد من جديد إن حججه تدعم الفكرة الأساسية للكتاب بقوة. يوجه القسم الثاني من الكتاب تلك الفكرة ويقدم في الوقت ذاته نقاشاً مبسطاً عن جغرافية وجوهر الشعب الفلسطيني.

المصدر:

Palestine chronicle