هآرتس: أميركا تجنّدت في الحرب لمساعدة إسرائيل في الدفاع عن نفسها ومن نفسها

هآرتس:  أميركا تجنّدت في الحرب لمساعدة إسرائيل في الدفاع عن نفسها ومن نفسها
Spread the love

بقلم عاموس هرئيل- محلل سياسي إسرائيلي-

الحدث القاسي الذي وقع أمس في غزة زاد في تعقيد الجهد الحربي الإسرائيلي، رداً على هجوم “حماس”. التفجير الذي طال المستشفى قتل مئات المدنيين الفلسطينيين الذين احتموا فيه، بحسب التقارير الأولية. “حماس” اتهمت إسرائيل، وفي العالم العربي، خرجت تظاهرات كبيرة ضدها، بينها محاولة لاقتحام المبنى الشاغر للسفارة الإسرائيلية في عمّان.
وهذه الليلة، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه بالاستناد إلى المعلومات الاستخباراتية التي في حوزته، فإن ما حدث هو نتيجة فاشلة لإطلاق صاروخ من القطاع، والمسؤول عن ذلك الجهاد الإسلامي. وبمرور الساعات، يتراكم المزيد من المعلومات والصور الاستخباراتية التي تؤكد بصورة مطلقة الادّعاء الإسرائيلي. من المعقول أن تقنع إسرائيل العالم الغربي بأنها ليست المسؤولة عمّا حدث، لكن المشكلة في حرب الوعي التي تشنّها “حماس” أن لا قيمة كبيرة للوقائع، وللحقيقة.
توقيت هذا التعقيد حسّاس للغاية، على خلفية وصول الرئيس الأميركي جو بايدن إلى إسرائيل اليوم. زيارة الرئيس الأميركي إلى إسرائيل التي تعيش حالة حرب، هي حدث لم يشهد العالم مثيلاً له. لقد سبقها تواجد غير مسبوق لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في مقرّ هيئة الأركان العليا للجيش خلال جلسة الكابينيت أمس. تبدو الولايات المتحدة شريكة كاملة في إدارة المعركة من الجانب الإسرائيلي. وهذا يدل على مدى قلق الأميركيين مما قد يحدث، وكيف سيستخدمون كامل قوتهم لمساعدة إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وأيضاً من نفسها.
قبل نشوب الحرب، وعلى خلفية اتصالات التطبيع مع السعودية، برز نقاش مبدئي في إسرائيل بشأن إمكانية إقامة حلف دفاعي مع الولايات المتحدة. هجوم “حماس” سرّع الخطوات بصورة كبيرة. الوجود السياسي والعسكري للولايات المتحدة في إسرائيل هو ورقة استراتيجية حساسة في الظروف التي تواجهها إسرائيل اليوم. في المدى البعيد، سيترتب على ذلك أثمان غير بسيطة. لكن الآن، يجب أن نعترف: إسرائيل بحاجة إلى الأميركيين.
زوهار فلاتي الذي كان رئيساً للشعبة السياسية في وزارة الدفاع، قال لـ”هآرتس” إنه يتعجب من أن الأميركيين “يمنحوننا وقتاً كي نعمل في غزة. ليس هناك ضغط وقت، لكن هناك توقعات بأن نسمح بخطوات إنسانية في جنوبي القطاع الذي طُلب من السكان الفلسطينيين التوجه إليه. لقد أرسل الرئيس الأميركي مسؤولاً رفيع المستوى، دافيد ساترفيلد، ويجب علينا العمل معه.” وفي الأمس، جرى البحث في موضوع إقامة مناطق آمنة بالقرب من الحدود، والتي يمكن من خلالها الحصول على مساعدات من مصر.
بالنسبة إلى الأميركيين، يبدو أن الهدف من زيارة بايدن منح المزيد من الوقت لتحسين الترتيبات الإنسانية في جنوبي القطاع، وربما الدفع قدماً بعملية تتعلق بجزء من المخطوفين، وتعزيز الردع حيال إيران وحزب الله، قبيل البدء بالعملية البرية في القطاع. كما وصل إلى إسرائيل قائد القيادة المركزية للولايات المتحدة (سانتكوم) الجنرال مايكل كوريلا، لتنسيق السياسات في حال اندلاع مواجهة واسعة. تستطيع حاملة الطائرات جيرالد فورد القيام بـ130 طلعة هجومية في اليوم. هذه التعبئة الأميركية كبيرة، لكن إلى جانب ذلك، هناك توقعات: الزوار من الجنرالات ينتظرون رؤية قدرة الجيش الإسرائيلي على التعافي. والمحيطون بالرئيس يهمهم أيضاً اليوم التالي، وهل من الممكن تعويض الإنجاز الكبير لإيران بواسطة “حماس”، وبعدها تعزيز المحور المعارض الموالي لأميركا؟
وهذا مرتبط، مستقبلاً، بمطالبة إسرائيل بتقديم تنازلات صعبة. الاتفاق مع السعودية، في حال أعيدَ طرحه، لن يكون منفصلاً عن مسألة الدفع قدماً بالعلاقات مع السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية. تعريف بايدن لـ”حماس” بأنها الشر المطلق والسماح لنتنياهو بتدمير حُكمها في غزة (على الرغم من أنه من غير الواضح ما إذا كان هذا الهدف ممكن التحقيق)، سيكون له ثمن آخر، من جهته: عودة المسار مع السلطة الفلسطينية.
المصدر: صحيفة هآرتس الإسرائيلية عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية