كيفية التعامل مع أطفالنا بعد انفجار بيروت

كيفية التعامل مع أطفالنا بعد انفجار بيروت
Spread the love

بقلم: كارمن جرجي |

بعد انفجار بيروت المدمر، يطرح الكثيرون سؤالاُ هل ما حصل أمرٌ مُفتعل أم أنه تفاعل الحرارة مع المفرقعات؟
هذا ما يشغل بال الفتية، فهُم وفي فلك عقولهم يتساءلون إن كان الخطر لا يزال قائماً وإن كان هناك فعلٌ شرير سيترتب عليه ردّة فعل ما!
أمّا الصغيرات والصغيرون الصغار فالخشية أن يقع سقف البيت على طراوة عودهم كانت أقوى بكثير من لون شفاههم الزهري وأعينهم الحالمة اللّامعة. خوفهم أن يتكرّر المشهد لا يزال يجعل أبدانهم تقشعر ونظراتهم تسافر بحراً لتتفقّد إن كانت النيران قد أُهمدت والركام قد أُزيل.
الأثر كان كبيراً ولا بدّ من تدارك الأمر وعدم الإستهانة به، فمشاعرعم المضطربة لم تُشفَ لا في اليوم التالي ولا حتى في الأسبوع الّذي تلا.
من هنا ضرورة التنبّه للضرر الذي لحِق بأبنائنا والآثار السلبية التي خلّفها الإنفجار.
ويطرح الأهل سؤالاُ حول كيفية التعامل مع أطفالنا والخطوات الواجب إتّباعها لمساعدتهم على تخطّي هذه الأزمة النفسية. والتالي أبرز الإرشادات:

– الإنصات للأولاد بإنتباه والإنخفاض الى مستوى أعينهم لخلق تواصل أفضل معهم والإستماع بإمعان لكلماتهم من دون تشتيت الذهن والقيام بأي عمل آخر خلال ذلك، وتشجيعهم للتعبير عن مخاوفهم ومشاعرهم بأيّة طريقة، بالقول أم بالفعل وتقبّل ردود فعلهم كيفما كانت.
– ضرورة شرح الأمر بطريقة علميّة سهلة وبسيطة من دون الغوص بالتفاصيل، وعدم إخفاء الحقيقة عنهم أو محاولة إيهامهم بأن صوت الإنفجار ناتج عن الرعد أو حادث سير أو غيره. فهم رغم يفعهم يمكنهم التمييز إذا ما كنّا نخفي عنهم المعلومات بهدف طمأنتهم.
– التأكيد لهم على أنّهم ليسوا وحيدين وأنّ الأهل موجودون الى جانبهم وسيعملون على مساعدتهم وحمايتهم من الأخطار التي تهددهم بأقصى طريقة ممكنة، ودعمهم حتى يتخلّصوا من قلقهم والعمل على رفع الهموم عن كاهلهم.
– تجنّب، وبقدر المستطاع، التكلّم أمامهم عن الموضوع باستمرار وخاصة عن الأمور المروّعة كالمفقودين تحت الأنقاض أو فداحة الإصابات وغيرها… مع ضبط الإنفعالات وردود الفعل العاطفية أمامهم.
– تغيير قنوات التلفزة التي تنقل الأخبار والأحداث بشكل متواصل، ومشاهدتها في إحدى الغرف حيث لا يتواجد الأولاد.
– محاولة الإبقاء على النشاطات اليومية الروتينية التي يقوم بها الأفراد ضمن العائلة الواحدة وخاصة الأولاد، بهدف تمكين شعورهم بالإستقرار والأمان.
– مشاركة الأولاد ببعض الأنشطة الفنّية وحثّهم عليها. فمن المعروف أن الرسم والأعمال اليدوية هي بمثابة وسيلة لهم لإخراج مكنوناتهم والتعبير عمّا في داخلهم ممّا يسرّع في عملية شفائهم النفسي.
– إتاحة الفرصة لهم بالقيام بهواياتهم المفضّلة أو جمعهم مع أصدقائهم المفضّلين للتفسيح عنهم وجعلهم يستمتعون قدر المستطاع ضمن الأُطُر المتاحة.
– يحب التيقّظ في حال رصد أيّ تغيير في تصرّف الأولاد أو في طريقة تعابيرهم أو تواصلهم مع الآخرين، وذلك للتمكّن من إستدراك الوضع قبل أن يتفاقم.
– التنبّه الى أنّ الأولاد الّذين يصابون بالكآبة، القلق أو الهلع، غالباً ما يميلون الى الوحدة والإنطواء وعدم الرغبة في الكلام والضحك والتواصل مع الآخرين أو المشاركة بالأمور التي اعتادوا القيام بها وفقدان الشهيّة للأكل.
– عند ملاحظة أيّ من هذه السلوكيات أو ارتقاب هذه الحالة النفسية، يجب التدخّل الفوري والتكلّم معهم بشكل جدّيّ بُغية طمأنتهم ومساعدتهم للشعور بالإرتياح. أمّا إذا عجز أولياء الأمور عن ذلك يجب اللجوء الى المُختصّين والمُرشدين النفسيين لتقديم الدعم والعلاج النفسيّ المطلوب.
أمّا المسنّ فهو طفلٌ بوجه عجوز، وهو يحتاج للرعاية النفسيّة أكثر من أي شخص آخر، والعمل على دعمه ومساعدته والإهتمام به واجب انساني وأخلاقي. فهو أبي، وأخي وجاري وخالي وعمّي الّذي تعجّ عيناه بالدموع والحزن وأفكاره بالخوف من العوز والموت مشرّداً.

كارمن جرجي تربوية لبنانية.