خبير استخباراتي أميركي يتحدث عن آثار تسريب وثائق سرية أميركية على حرب أوكرانيا

خبير استخباراتي أميركي يتحدث  عن آثار تسريب وثائق سرية أميركية على حرب أوكرانيا
Spread the love

مع استمرار تداعيات تسريب وثائق عسكرية ومخابراتية أميركية سرية إلى روسيا، وصفها مسؤول بارز بالكابوس، تحاول واشنطن احتواء الموقف وتقليل الأضرار.

وبخصوص ذلك تحدثت الجزيرة نت إلى الخبير الاستخباراتي الأميركي جوناثان أكوف وهو من قسم دراسات الاستخبارات والأمن القومي بجامعة كارولينا الساحلية، وعمل في السابق محللا عسكريا في المكتب الوطني للبحوث الآسيوية، كما خدم ضابط احتياط في القوات البرية الأميركية لعدة سنوات.

في البداية رأى أكوف أن موضوع التسريبات شديد التعقيد، ومع توافر احتمالات مختلفة وراء مصدر التسريب، أشار إلى محدودية تأثير وثائق البنتاغون المسربة على موقف واشنطن الداعم بقوة للجانب الأوكراني، كما قلل من تأثيرها على مسارات القتال والحرب الدائرة في أوكرانيا.

السؤال الأهم في واشطن الآن يرتبط بهوية مصدر هذه التسريبات، من تظن أنه يقف وراءها؟
هناك 6 سيناريوهات حول من يقف وراء التسريبات:

تم تسريب الوثائق في الأغلب من قبل أحد العاملين بقطاع الاستخبارات الأميركي، وينتمي لتيار اليمين المتطرف الذي يسعى لتقويض المجهود الحربي الأميركي الداعم لأوكرانيا. وبالنظر إلى ضخامة أعداد المرتبطين بالجماعات اليمينية المتطرفة داخل أجهزة الاستخبارات، فإن هناك تقصيرا في التحريات الأمنية عن العاملين في هذه الأجهزة.
التسريبات قد تكون جاءت من شخص يحاول فضح مخالفات الحكومة الأميركية، لا سيما ما يتعلق بتجسس الاستخبارات الأميركية على حلفاء واشنطن الذين تعهدت الحكومة الأميركية بوقف التجسس عليهم. وسبق أن اعترضت الاستخبارات الأميركية الهاتف الخلوي للمستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل خلال إدارة الرئيس السابق باراك أوباما. ولا يقتصر تجسس أميركا على ألمانيا.
ولأن بعض التسريبات تظهر مدى الضرر الذي لحق بروسيا بسبب الحرب، وكذلك كيف أن الخسائر الأوكرانية أسوأ مما أُبلغ عنه، يمكن للمرء أن يكتشف أن الدافع وراء هذه التسريبات هو الإسهام في تحقيق السلام.

قد تكون التسريبات مضللة وتكون روسيا أو الصين وراءها، وتكون جمعتها أجهزة التجسس الخاصة بهما وسربتها لتقويض الجبهة الموحدة لحلف الناتو. وقد تكون روسيا ضمنت معلومات تُظهرها بصورة ضعيفة وهو ما يوفر حجة مقنعة بأنها ليست مصدر التسريبات.
أن يكون التسريب جزءا من إستراتيجية التضليل والخداع الأميركية، أي إن “التسريبات معلومات مضللة أميركية”، وقد يكون ذلك أمرا غير قابل للتصديق، ولكنه ممكن. وتميل الولايات المتحدة إلى الانخراط في أشكال من الاتصالات الإستراتيجية عندما تدير عمليات معلوماتية، وليس معلومات مضللة. كما أن إدراج معلومات عن العمليات الجارية والتجسس الأميركي ضد الحلفاء يضر بمصالح واشنطن، لذا فهذا السيناريو غير مرجح.
أن يكون مصدر التسريبات من شخص مؤيد بشدة لأوكرانيا من داخل أجهزة الاستخبارات الأميركية، إلا أن هذا السيناريو كذلك غير مرجح لما يشمله من احتمال الإضرار بمصالح أوكرانيا.
التسريبات من قراصنة ليست لديهم أهداف سياسية معينة، وقد يكونون فقط ممن يستمتعون بزرع الفوضى على سبيل التسلية. ولأن كثيرا من هذه الوثائق والمواد ظهرت في الأصل في منتديات دردشة ألعاب الفيديو، فهذا احتمال كبير، وفي هذا السياق لا بد من ملاحظ الروابط الوثيقة بين المبرمجين الروس ومجتمع ألعاب الفيديو.
كيف ستؤثر هذه التسريبات على موقف واشنطن من الحرب الأوكرانية؟
إنني واثق من أنه بغض النظر عن سبب التسريبات، فمن غير المرجح أن تغير الولايات المتحدة إستراتيجيتها في ما يتعلق بالحرب في أوكرانيا. وعلى الرغم من أن أوكرانيا تواجه بعض التحديات الكبيرة على المدى القريب في ما يتعلق بإمدادات الذخيرة وأعداد الجنود المقاتلين وتدريبهم، فمن المرجح أن تبدأ أوكرانيا في غضون 6-12 شهرا القادمة في نشر أنظمة قتال برية أكثر قوة بأعداد كبيرة، بما في ذلك دبابات القتال الرئيسية الألمانية “ليوبارد 2” والبريطانية “تشالنجر 2” والأميركية “أبرام- 1A2M”، بالإضافة إلى طائرات مقاتلة أكثر تطورا من مخزونات دول حلف الناتو لضمان التفوق الجوي في ساحة القتال. هذه التطورات ستُحدث تحولا في الحرب ومن المحتمل أن تكسر الجيش الروسي المنهك بالفعل.
وهل يغير تسريب الوثائق من إستراتيجيات القتال في الحرب الأوكرانية؟
لست متأكدا كيف يمكن لبعض التسريبات لبعض الوثائق أن تغير إستراتيجية الحرب التي أسفرت عن نتائج مواتية للغاية للمصالح الأميركية والغربية. التاريخ مملوء بخطط الحرب المسربة، لا سيما في حالة الحملة الصيفية الألمانية لعام 1942، المعروفة باسم الحالة الزرقاء (Case Blue)، وهي نقطة البداية التي تتطابق تقريبا مع الخطوط الأمامية الشرقية الحالية في دونيتسك بأوكرانيا. وقد استولى الجيش الأحمر السوفياتي على مجموعة شبه كاملة من هذه الخطط قبل الهجوم ورفضها باعتبارها معلومات مضللة، لكن الروس أبلوا بلاء حسنا في تلك الحملة التي انتهت بتدمير الجيش السادس الألماني في ستالينغراد.

في النهاية، حتى لو كانت الوثائق حقيقية ودقيقة، أشك في أن الروس سيستفيدون كثيرا من الكشف عن الوثائق الحالية أو يأخذونها جميعا على محمل الجد، ربما كانوا يعرفون بالفعل معظم ما هو موجود فيها بالفعل. وفي النهاية، فإن إحدى أهم نتائج هذه التسريبات هي أن المعلومات الاستخباراتية نادرا ما تكون حاسمة في حل أزمات السياسة الخارجية.

المصدر : الجزيرة