القيادي في “حماس” وصفي قبها: هناك قيادات مستفيدة من الانقسام تعرقل المصالحة الفلسطينية

القيادي في “حماس” وصفي قبها: هناك قيادات مستفيدة من الانقسام تعرقل المصالحة الفلسطينية
Spread the love

خاص لمجلة شجون عربية ـ حوار: مريم الطريفي |
وصفي عزات قبها ويُعرف بأبو أسامة، هو قيادي فلسطيني في حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ووزير الأسرى سابقاً في الحكومة الفلسطينية العاشرة (حكومة إسماعيل هنية)، تعرض لمحاولات اغتيال واعتداءات عدة، واعتقل مرات عدة وأمضى سنوات عدة في سجون الاحتلال. ولد وصفي قبها في قرية برطعة إلى الغرب من مدينة جنين عام 1959، وهو متزوج وأب لسبعة أبناء، وأتم تعليمه في مدارس القرية ومدينة جنين.


-لماذا حرك موضوع المصالحة الفلسطينية الان؟

وصفي عزات قبها: بداية لا بد من الاشارة الى أن جهود كبيرة جداً ومن خلال العديد من المحاولات السابقة قد فشلت في تحقيق المصالحة الأمر الذي ادى الى حالة احباط في الساحة الفلسطينية مما أفقد ثقة المواطن وعزز حالة الشك في أي محاولة أخرى لتحقيقها، ولا أذيع سراً اذا قلت إن درجة الاحباط واليأس من تحقيقها قد خلقت حالة من التندر بين المواطنين الفلسطينيين، حتى بات متداولاً وعند الحديث عن المصالحة “طافوا بالكعبة مع بعض وتعاهدوا على تحقيق المصالحة، ونقضوا ما تعاهدوا عليه” في اشارة الى “اتفاق مكة”. لذلك اذا لم تتحقق المصالحة هذه المرة وبعيداً عن الدوافع والمحركات لها هذه المرة، فإن ذلك ومن دون أدنى شك سيعزز حالة عدم الثقة والشك ويرفع درجة الإحباط، وستُضاف هذه المحاولة الى كومة المحاولات الأخرى لأن معوقات المصالحة والتدخلات فيها لا تسمح لها بأن ترى النور.
وحول محركات المصالحة هذه المرة فلا أحد يُنكر حجم المكائد والمؤامرات التي تهدف الى تصفية القضية الفلسطينية، وليس آخرها “خطة الضم” التي تأتي في إطار ما بات يُعرف ب “صفقة القرن” أو “خطة ترامب”، هذه الخطة التي ستلتهم بما لا يقل عن 30% من مساحة الضفة الغربية التي تبلغ مساحتها حوالي 5500 كم2 وهي تُشكل 50% من المساحة المصنفة “ج -C ” وفق اتفاقات اوسلو، وهي 60% من مساحة الضفة. وبعد ضم القدس ونقل السفارة الأميركية اليها واعلانها العاصمة الموحدة لكيان الاحتلال، فإن ذلك يقضي على حل الدولتين الذي راهنت على تحقيقه السلطة الفلسطينية ومن خلفها منظمة التحرير الفلسطينية التي تُسيطر عليها وتُهيمن حركة فتح. هذا كله أوصل حركة فتح وسلطتها الى طريق ينتهي بحائط ضخم الأمر الذي يسبب لها الإحراج في الساحة الفلسطينية حيث وبعد حوالي ثلاثة عقود من المفاوضات السرية والعلنية وهي تُمني الشعب بدولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وهي المساحة الجغرافية التي تبلغ مساحتها 5860 كم2 (منها 365 كم2 مساحة غزة). وعندما وجدت السلطة أن احلامها قد تبخرت وتحطمت على صخرة تطرف حكومة كيان الاحتلال التي تُجسّد النوايا الحقيقية للمشروع الصهيوني والديني التلمودي والتي تقوم استراتيجيته على سياسة التوسع الاستيطاني وتهويد الجغرافيا وسياسة الإحلال وحيث الحلقة الأخيرة تعريض الشعب الفلسطيني للتهجير بعد الضم ليتحقق حلم إقامة دولة يهودية في ظل وجود كانتونات يعيش فيها من يتبقى من الفلسطينيين تُدير شؤونهم سلطة هزيلة أشبه ما تكون باتحاد بلديات لهذه الكانتونات، مع دور وظيفي أمني. وهذا ما ترفضه حركة فتح في ظل عدم تحقيق حل الدولتين، وحتى تخرج فتح من مأزقها كان لا بد من عمل شيء يحافظ على مصداقيتها ويحفظ لها ماء الوجه. ولا شك أن ملف المصالحة بات الملاذ الآمن في ظل هذه الظروف وصعوبة ما تتعرض له القضية الفلسطينية من مخاطر. وهذا الامر لا شك يلامس توجهات حركة حماس نحو المصالحة والوحدة على قاعدة تحمل المسؤوليات معاً بالتصدي لجرائم الاحتلال وليس آخرها جريمة الضم، وذلك من خلال مصالحة تُفضي الى شراكة سياسية حقيقية وتشكيل جبهة وطنية شاملة وموحدة وحيث الجميع يتحمل المسؤولية التاريخية تجاه القضية الفلسطينية التي يحاول الاحتلال ومن خلفه الرئيس الأميركي دونالد ترامب تصفيتها بكل أبعادها من هوية ولاجئين ودولة مستقلة ذات سيادة حقيقية، ومن ثم فكفكة كل الملفات الصعبة والعالقة داخلياً. وفي هذا السياق لا بد من التأكيد على أن حركة حماس لم تكل ولم تمل وهي تطرق باب المصالحة وقد قدمت الكثير من أجل تحقيقها لأنها على الدوام تُغلب المصالح الوطنية ومصالح الشعب الفلسطيني على أي مصالح أخرى، وإن المصالحة والوحدة هدف استراتيجي عندها يقوم عل قاعدة “شركاء بالدم شركاء بالقرار”.

-ما هي العقبات الحالية للمصالحة؟ وهل هي داخلية ام خارجية؟
وصفي عزات قبها: لا شك ان معوقات المصالحة كثيرة جداً وهي معوقات داخلية (لدى بعض الفصائل والتنظيمات) وأخرى خارجية. فعلى الصعيد الداخلي، يعتبر سلاح المقاومة وآليات التعامل معه وتوظيفه في توقيتات محددة وبحيث يكون تحت السيطرة أمر في بالغ الصعوبة وفي منتهى التعقيد. فحركة حماس لن تقبل بالتخلي عنه وقد رفضت 15 مليار دولار في مقابل فقط تخزينه الى أجل !!! فكيف بمسالة المساومة عليه، وخاصة أن السلطة الفلسطينية التي لديها التزامات تجاه المجتمع الدولي، لذلك ستلتزم بوجود سلاح واحد هو سلاح السلطة وهو المتفق عليه دولياً وفق الاتفاقات الموقعة. لذلك لن تتحمل الضغوط الدولية وأهمها وقف المساعدات ما لم يكن سلاح المقاومة تحت سيطرة كاملة للسلطة. وهذا الأمر ما لم يتم التوصل الى مقاربات وموافقات يرضى عنها المجتمع الدولي ستكون صاعق التفجير لجهود المصالحة. كما ان هناك قيادات مستفيدة شخصياً من الانقسام وهي تستحوذ على امتيازات ولديها تسهيلات يعززها دور الاحتلال، وهي صاحبة قرار وتعتبر الدولة العميقة في مؤسسات وأجهزة السلطة، فلا يروق لها حتى الحديث عن المصالحة لأن بالمصالحة عندها رجس من عمل الشيطان وإنهاء لدورها وامتيازاتها. لذلك هذه القيادات او المحاور توظف كل امكاناتها لإجهاض أي محاولة لتحقيق المصالحة وهذه القيادات ومؤيدوها هم دينامو عمل عرّابي العرقلة.
ويعتبر الفساد المالي والاداري المستشري في تفاصيل مؤسسات السلطة قاطبة المدنية منها والأمنية والعسكرية أحد المعوقات والعقبات في طريق المصالحة التي سينبثق عنها حكومة وطنية من مهامها وضع حد للفساد واستئصاله من جذوره، ومحاسبة الفاسدين واسترداد اموال الشعب المسروقة والمنهوبة، لذلك لن يصمت الفاسدون وسيتوحدون وسيشكلون بؤر ضاغطة ومعوقة للمصالحة.
كما ان الملفات الشائكة والصعبة من دماء وضحايا انقسام، وعودة الموظفين الى مواقع عملهم واستيعاب الآلاف الجدد من موظفي ما بعد الانقسام، وقطع الرواتب، وحل المجلس التشريعي، ووقف التنسيق الأمني، والغاء الاعتراف بكيان الاحتلال، والغاء العمل بالاتفاقات الموقعة والتحلل من التزاماتها كلها معوقات في طريق المصالحة.
أما المعوقات الخارجية فهناك الاحتلال الصهيوني الذي يجد في الانقسام مصلحة استراتيجية، لذلك يستخدم وعلى الدوام ما يمتلك من أوراق وأدوات الضغط على السلطة الفلسطينية لإفشال كل محاولة وإطفاء بريق أي شعاع أمل يلوح لتحقيق المصالحة. فالاحتلال يوقف مستحقات الشعب الفلسطيني من أموال المقاصة والتي تستلمها السلطة في رام الله والتي تعتبر أهم واكبر مكوِّن ورافد لموازنة السلطة الذي يساعدها في أداء مهامها وخدماتها تجاه المواطن الفلسطيني، هذا الاحتلال الذي يُصدر الأوامر العسكرية ومنها ما يضغط ويُضِّق على الأسرى المحررين وذوي الأسرى والشهداء والجرحى ويحاربهم في لقمة عيشهم وشربة حليب اطفالهم وتجريم النضال الفلسطيني ووصف الأسرى بأصحاب الأيدي الملطخة بالدماء، لثني المواطن الفلسطيني لمجرد التفكير بمقاومة الاحتلال وإحراج السلطة والضغط عليها وابتزازها لإفشال أي محاولة تقارب مع حماس التي تصر على أن يكون للأسرى وزارة تعتبر بيتاً معنوياً وحاضناً للأسرى وتطرح قضاياهم وهمومهم على جدول أعمال مجلس الوزراء الدوري. وقد اشترطت حماس عدم تحويل الوزارة الى هيئة في اتفاق الشاطىء وتشكيل حكومة التوافق الوطني برئاسة الدكتور رامي الحمد لله. لذلك لن ترضى عن رضوخ السلطة الى أي شكل من اشكال الابتزاز من قبل الاحتلال الذي قد يساوم السلطة على بعض المواقف والإجراءات المتعلقة بالأسرى المحررين وذوي الأسرى والشهداء والجرحى. كما يلجأ الاحتلال الى التهديد بوقف اجراءات تسهيل تحرك قيادات وكوادر السلطة الفلسطينية ومنها بطاقات الشخصيات المهمة (VIP)، ووقف عمليات التصدير وخاصة المنتوجات الزراعية، الأمر الذي يُضعف الاقتصاد المحلي ويُسبب الخسائر الفادحة لقطاع المزارعين مما يسبب إحراجاً للسلطة لعدم تمكنها من تعويض الخسائر ويضعها أمام غضب شعبي مما يفقدها شيئاً من مصداقيتها وهيبتها وشعبيتها. كما يقوم الاحتلال بالعبث بالساحة الفلسطينية والسلم الأهلي الداخلي والمجتمعي، وذلك من خلال تعزيز الكراهية بين مكونات الشعب الفلسطيني الفصائلية والعشائرية، والعبث بالنسيج القيمي والمجتمعي بتسهيل وصول المخدرات، وغض الطرف عن سلاح الفوضى والفلتان ويُسهل وصوله الى الأيدي عندما يضمن بأن هذا السلاح لن يُستخدم ضده، وانما يُستخدم للاستقواء بين القيادات والمحاور داخل الفصيل والتنظيم الواحد والى أيدي العشائر للحفاظ على وجودها ولآخذ حقوقها والثأر والانتقام وتخويف من حولها. وما عمليات القتل واطلاق النار العشوائي في الهواء وفي مناسبات لا علاقة لها بالمقاومة إلا أكبر دليل على أن هذا السلاح مسكوت عنه من قبل سلطات الاحتلال، وما يحصل هو تحت سمع وبصر الأجهزة الأمنية الفلسطينية، حيث عشرات آلاف قطع السلاح بأيدي أبناء العشائر ومجموعات الفلتان الأمني والعصابات والطابور الخامس وبأيدي مناصري هذا المسؤول او ذاك. هذا السلاح يتم تحريكه بطريقة أو أخرى للعبث بالساحة الفلسطينية ولإجهاض أي محاولات تقارب وتقويض أي جهود مخلصة لتحقيق المصالحة. كما يلجأ الاحتلال الى اتخاذ واصدار أوامره العسكرية التي يعتبرها ملزمة للمواطن الفلسطيني والمؤسسات العاملة في الأراضي الفلسطينية وفي اطار القانون والسياسة الفلسطينية. وكلنا يعلم كيف تدخل الاحتلال في عمل البنوك والمصارف المالية وأجبرها على اغلاق حسابات الأسرى وعدم التعامل معهم وكيف خضعت هذه المؤسسات لأوامر الاحتلال ورضخت لمطالبه، الأمر الذي أحرج السلطة وشكل أزمة داخلية وفي أوساط المجتمع الفلسطيني ولا زالت المشكلة قائمة، وما إطلاق النار على المصارف والبنوك إلا نتيجة وثمرة لسياسات الاحتلال الهادفة الى زعزعة الأمن والاستقرار في الساحة الفلسطينية والعبث بالسلم الأهلي والمجتمعي مما يساعدها على عرقلة المصالح.
إن الضعف العربي وتماهي مواقف الحكومات مع السياسات الأميركية وأخيراً الهرولة غير الطبيعية للتطبيع مع المحتل وتخلي هذه الحكومات عن طوره القومي تجاه القضية الفلسطينية وعدائها الذي بات واضحاً للشعب الفلسطيني قد دفعها إلى ضخ الأموال التي تساهم في إحباط وتقويض أي محاولات للمصالحة. وقد رأينا ما حصل وبعد المؤتمر الصحافي الذي جمع نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الشيخ صالح العاروري وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح أمين سرها اللواء جبريل الرجوب والحديث عن مهرجان وطني فلسطيني شامل في غزة يتحدث اليه الرئيس محمد عباس، كيف انتفضت بعض الحكومات العربية وهددت وتوعدت بالخفاء والعلن. وقد وصل رئيس خارجية إحدى الدول الى رام الله، فكان تأجيل المهرجان الوطني في غزة الذي قد يكون مقدمة لإلغاء فكرة المهرجان كلياً ومن ثم العودة الى مربع المناكفات والردح الإعلامي وتحميل بعضنا البعض مسؤولية تعطيل المصالحة.

-هل أثر موضوع الضم في التفكير بالمصالحة والوحدة الوطنية؟

وصفي عزات قبها: لقد جاء مشروع الضم كمحفز للتفكير مرة أخرى، حيث تجد حركة فتح أنها امام موقف تاريخي في ظل فشل عملية السلام وعرفت أنها عاشت طيلة حوالي ثلاثة عقود في وهم وأن ما كان يعوّل عليه من سلام واقامة دولة فلسطينية مجرد سراب يحسبه الظمآن ماء، فلم يعد أمامها وأمام خطة الضم إلا أن تفكر بالمصالحة والوحدة، أن تجعل منها ولو فزَّاعة تجعل الاحتلال يفكر الف مرة قبل الشروع وتنفيذ خطة الضم. كما أن حركة فتح وجدت في ذلك فرصة سانحة لتعزيز مصداقيتها وثقة المواطن بها من خلال محاولات ترجمة شعاراتها بما يخص المصالحة الى البدء بتنفيذ عملي، الأمر الذي عجل بظهر الشيخ العاروري والرجوب معاً في مؤتمر صحافي كاد الاثنان يذوبان في بعضهما البعض وكأنهما رجل واحد وعقل واحد وتفكير واحد، تبعه لقاء عملي جمع عضو المكتب السياسي حسام بدران وعضو اللجنة المركزية أحمد حلس في برنامج على فضائية فلسطين، تبعه لقاءات حوارية للإعداد والترتيب للمهرجان الوطني في عزة والذي كان من المأمول عقده قبل عيد الأضحى المبارك. ولكن يبدو انه تأجل الى موعد غير محدود ولظروف وأسباب باتت غامضة للشارع الفلسطيني.
وفي حقيقة الأمر اذا لم يتصالح طرفا الانقسام اليوم في ظل هذه المرحلة الدقيقة والصعبة وفي ظل ما تتعرض له القضية الفلسطينية من محاولات التصفية وطمس الهوية الفلسطينية وتهويد الجغرافيا وتشويه التاريخ والسيطرة الكاملة على الحرم الإبراهيمي الشريف، فمتى ستتصالح فتح وحماس؟ أسئلة برسم ووخز الضمير الديني والوطني والأخلاقي.

-ما هي في رأيكم الخطوات المأمولة المقبلة؟
ووصفي عزات قبها: لا شك أن المصالحة وطي صفحة ثلاثة عشر(13) عاماً من الانقسام، والوحدة الوطنية هي أمل كل حُر. ولكن الهوة كبيرة، وعرابي العرقلة من المستبدين والمتنفذين في الساحة الفلسطينية – كما ذكرت آنفاً – يملكون من قوة التأثير ما يمكن أن يؤثر على مسيرة المصالحة والوحدة، لذلك المطلوب توفير النوايا الصادقة والارادة الصلبة والجدية من طرفي الانقسام، لأنها حجر الزاوية والأساس لتحقيق المصالحة. فقد كان التعويل على المهرجان الوطني كخطوة جادة للانطلاق في مسار المصالحة، لأن الانطلاق وإن كان بطيئاً لوجود الملفات الشائكة والقضايا الصعبة التي قد يستغرق فكفكفة بعضها وتذليل العقبات التي تعترض إيجاد حلول ولو شبه جذرية لها وقتاً طويلاً. إن السير في طريق المصالحة وانطلاق قطارها وزيارة الرئيس عباس لغزة والإصرار على عقد المهرجان الوطني ومخاطبة ابناء شعبنا الفلسطيني وجهاً لوجه ينطوي على إيجابيات كثيرة وفيه رسائل قوية عديدة، وأقلها التعبير عن جدية المصالحة وتعزيز ثقة المواطن بالخطوات، لأنها تعبير عن نوايا وجدية. كما أنها تكسر الحواجز وتمحو آثار وتداعيات الانقسام، لأن التواصل والحوار المباشر وعدم وقف ذلك مهما كانت الأسباب هو بمثابة استعادة ثقة المواطن بقياداته الفصائلية ويعزز العمل المشترك ويعطي أهمية قصوى لمفهوم الشراكة السياسية والعمل المشترك للتصدي ومواجهة خطة الضم وصفقة القرن، وكل المؤامرات التي تستهدف قضية شعبنا وحقوقه التاريخية، وتقوض كل الجهود الرامية لتصفية القضية الفلسطينية. ويكفي أن عقد المهرجان ومخاطبة الرئيس فيها مباشرة سيرسل رسائل أقوى بكثير من مخاطبته للمهرجان عبر الفيديو كونفرس، وخاصة بوجود وفود وضيوف دوليين وقيادة الفصائل، ويعلن أمام الجميع عن طي صفحة الانقسام وسنواتها الطويلة والمدمرة.
إن الاصرار على عقد المهرجان كخطوة في مسير طويل وبمشاركة العديد من الشخصيات الكبيرة في العالم، وإلقاء عدد منها كلمات، تنطوي على اهمية كبيرة وتُكسب المهرجان قوة وفعالية ومصداقية وخاصة في حضور الأمين العام للأمم المتحدة ورئاسة جامعة الدول العربية، وكلمات لرئيس جنوب افريقيا ورئيس وزراء ماليزيا، وكذلك البطريرك ميشيل صباح طبعاً. كل ذلك إضافة الى كلمة الرئيس محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس الأستاذ إسماعيل هنية.
حيث وعقب هذه المهرجان يجب توفير الأجواء والبيئة الصحية للسير قدماً في طريق المصالحة من خلال وقف المناكفات والتجاذبات وكيل الاتهامات وعودة الحياة السياسية الفلسطينية الى مسارها الصحيح من خلال دعوة المجلس التشريعي الفلسطيني للانعقاد ومن ثم العمل على ايجاد التشريعات الفلسطينية من خلال الأطر ذات العلاقة لسحب الاعتراف بكيان الاحتلال وإلغاء الاتفاقات الموقعة ومنها التنسيق الأمني والتحلل من اتفاق باريس الاقتصادي وتقديم حلول لكل الملفات العالقة ومن ضمنها ملفات الموظفين وإعادة الرواتب المقطوعة وضحايا الانقسام، وتعزيز سلطة القانون والمساواة والعدالة بالتطبيق وتعزيز قيم الحريات الشخصية والتعبير عن الرأي وصولاً لانتخابات تشريعية ورئاسية معاً ومن ثم إعادة بناء وتشكيل مؤساسات الشعب الفلسطيني من سلطة ومنظمة التحرير وتطويرها وإصلاحها وإجراء انتخابات لمؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية في جميع أماكن تواجد الشعب الفلسطيني والتوافق في المواقع التي يتعذر إجراؤها هناك.
إن تعزيز ثقافة الحوار وحل المشاكل وفقط بالحوار وعدم اللجوء الى وسائل العنف لحلها، والتخلي عن عقلية التهميش والاقصاء ونفي الآخر والإلغاء والتفرد والاستبداد، وتعزيز قيم الشراكة السياسية وقبول الآخر والعمل المشترك في مساحات التقاطع وتوسيعها وتطويرها والعمل على تضييق مساحات الخلافات والاختلافات ووجود مقاربات وتوافقات على طريق التخلص منها، وتعزيز قيم الديمقراطية والانتخابات والقبول والتسليم لنتائجها، وسياسة تعزيز سلطة القانون وحفظ هيبته والقصاص العادل من المعتدين والتعامل سواسية أمام القانون والعدالة وأن يُعذر بعضنا بعضاً فيما نحتلف فيه وعليه، وأن نعيد النظر بالتربية التنظيمية والتعامل مع الآخر الفلسطيني، تعتبر من أهم متطلبات التغيير الجذري لتحقيق مصالحة ووحدة وطنية مستدامة.
إن المطلوب ان يفهم الجميع أن لا فتح ولا حماس تستطيع بمفردها التصدي لجرائم الاحتلال والمؤامرات الدولية، وان المصالحة والانخراط في جبهة وطنية واسلامية شاملة، واحدة وموحدة حيث التعاون والتكامل وحدها الكفيل لإجهاض كل ما يحاك للقضية الفلسطينية، لأن الشعب الفلسطيني عندها سيكون خلف قيادته يستنفر اذا تمِّ استنفاره ويلبّي النداء إذا ما تمِّت دعوته. وقد أثبتت التجارب أن عظمة الشعب الفلسطيني واستعداده للتضحية خلف قيادة متصالحة وموحدة يضع ثقته فيها هو الصخرة التي ستتحطم عليها كل المؤامرات الهادفة لتصفية القضية، وأنه لن يضيع ووراءه مُطالِب، عندها يتحمل الكل الفلسطيني تبعات قراراته، هذه القرارات التي الأصل أن تصدر عن الإطار القيادي الموحد حيث المطلوب من الرئيس دعوته مباشرة وحتى قبل عقد المهرجان الوطني.