معاريف: الحرم القدسي عبوة متفجرة ضخمة تزداد تفاقماً

معاريف: الحرم القدسي عبوة متفجرة ضخمة تزداد تفاقماً
Spread the love

بقلم: يوسي ميلمان – محلل سياسي إسرائيلي —

جبل الهيكل [الحرم القدسي الشريف] هو عبوة ناسفة شديدة القوة مع فتيل قصير. أُضيف إليه توقيت إشكالي لا ينتظر تواريخ هذه السنة، جمع خلال الأيام العشرة الأخيرة لشهر رمضان بين يوم القدس الذي تحتفل به إيران ويوم القدس الذي تحتفل به إسرائيل.
هذا ما حدث تحديداً بالأمس. فقد قررت شرطة إسرائيل، بعد تقدير وضع شارك فيه ممثلون عن الشرطة والشاباك، السماح لليهود بزيارة جبل الهيكل. في الماضي مُنع اليهود من القيام بهذه الزيارة خلال شهر رمضان، وخصوصاً في الأيام الأخيرة منه. لكن هذه المرة كانت المعضلة غير بسيطة: إذا لم يسمحوا بالزيارة فإن صورة إسرائيل ذات السيادة على “القدس الموحدة”، المقسمة فعلياً أكثر من أي وقت مضى، ستتضرر، وستعلو صرخة أحزاب اليمين المتعددة والمتطرفين الذين يسعون لبناء الهيكل الثالث، فما بالك الآن حين تشل المعركة الانتخابية قدرة الوزراء على الحكم. وإذا سمحوا بالزيارة زادوا من خطر اندلاع النيران.
في الغالب الفروق في النظرة بين الشاباك وبين شرطة إسرائيل واضحة. يفضّل الشاباك عدم المجازفة بمخاطرة لا لزوم لها، لأن مسؤوليته تشمل الضفة الغربية كلها ورؤيته أكثر اتساعاً، مع نظرة إلى “حماس” في غزة والعلاقات مع الأردن. شرطة إسرائيل هي المسؤولة عن فرض النظام وعدم خرقه في القدس، وهي تنحو أكثر إلى الذهاب حتى نهاية المجازفة. حدث هذا بصورة واضحة أكثر عندما قررت الشرطة على الرغم من معارضة الشاباك، وباقتراح من لواء القدس (بعد مقتل عنصرين من الشرطة على أيادي ثلاثة مخربين عرب من مواطني إسرائيل) وضع أبواب إلكترونية وكاميرات حماية على مداخل الحرم. كانت النتيجة قاسية: فقد نشبت اضطرابات وبدأ احتجاج قوي من جانب الأردن، دفع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إلى التراجع عن القرار.
الفروق بين الجهازين ناجمة عن قربهما أو بعدهما عن السياسة الداخلية في إسرائيل. شرطة إسرائيل وقادتها الكبار مرتبطون بوزير الأمن الداخلي غلعاد إردان الذي يفرض عليهم قرارات ذات اعتبارات سياسية. الشاباك محصن بصورة أكثر بسبب تدخّل نتنياهو واعتبارات مهنية خالصة.
هذه المرة أدرك الشاباك أنه لا مفر من المرونة، لذلك وافق على زيارة اليهود في رمضان، لكنهم حددوا ذلك بعدد من الساعات. سُمحت الزيارة مدة 3 ساعات، حتى الساعة 11، وقد زاد ذلك كثيراً العدد إلى نحو ألف زائر يهودي للحرم، ونشبت الاضطرابات. وحده ضبط النفس النسبي للشرطة في تفريق المتظاهرين هو الذي منع نشوب اشتباكات أكبر. وعلى الرغم من احتواء الحادث في نهاية المطاف ، فقد رد الأردن محتجاً.
في خلفية الأحداث كان هناك أيضاً إحياء الإيرانيين يوم القدس، وعلى ما يبدو، أطلقت تنظيمات إيرانية في سورية صاروخين أول من أمس من منطقة دمشق على جبل الشيخ بطلب منهم. يترافق هذا كله مع التهديدات العادية، وأيضاً مع جهود “حماس” في غزة وقياداتها في تركيا ولبنان، لتأجيج الضفة الغربية. وأي سبب هو ذريعة جيدة لذلك، وطبعاً الحرم.
منذ نشوب الاضطرابات في الحرم سارعت “حماس” والجهاد الإسلامي إلى التهديد برد. حتى الآن، وحتى كتابة هذه السطور لم يأت الرد، لكن لا يمكن أن نستنتج من ذلك أنه لن يحدث. في أي حال، لقد تذكرنا مرة أُخرى إلى أي حد قضية الحرم هي قضية حساسة وملتهبة، وذلك في وقت تُعتبر الحكومة مشلولة فعلياً. المجلس الوزاري الذي سيُعقد أخيراً غداً اجتمع مرتين فقط خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، ومَن يقرر هو شخص واحد – نتنياهو الذي مهما كانت قدرته على التركيز كبيرة فهي الآن تتمحور على موضوع واحد – المعركة الانتخابية التي بدأت قبل خمسة أشهر وستنتهي بعد ثلاثة أشهر.

المصدر: صحيفة “معاريف” الإسرائيلية، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية