عدوّ مباشر وواضح

عدوّ مباشر وواضح
Spread the love

بقلم: تسفي برئيل – محلل سياسي إسرائيلي —

•ثلاثة من العرب في إسرائيل قتلوا درزيّين في جبل الهيكل [الحرم القدسي الشريف]؟ أم أن ما حدث هو أن ثلاثة مسلمين متطرفين قتلوا مقاتلين درزيّين؟ أم ربما كان هؤلاء على وجه العموم إسرائيليين قتلوا إسرائيليين؟ وفي الجوهر، ما هي الصيغة التي تعكس بصورة أوضح الهجوم في الحرم القدسي؟ وأيّ منها تخدم بصورة أقوى السردية اليهودية – الصهيونية؟
•الجواب موجود تحديداً في الطريقة التي رد فيها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الأمن الداخلي غلعاد إردان على الأحداث. فالناطقان الأكثر حدة وقساوة في كراهيتهما للإسلام وللعرب في إسرائيل، أغلقا هذه المرة فميهما. لم يطلقا اتهامات جماعية ضد العرب في إسرائيل، ولا أدانا محمود عباس لتأييده الإرهاب (بل على العكس تحادثا معه وتعاونا معه)، وحتى تنظيم داعش اختفى من النصوص المألوفة. والذي برز فقط هو تهدئة الأجواء ودعوات من الزعامات اليهودية والعربية إلى منع التصعيد، ومعالجة الشرطة لموضوع حماية الدخول إلى الحرم القدسي.
•هل فجأة أدرك هذان البوقان أن العرب ليسوا كلهم يكرهون إسرائيل ويحرضون على الإرهاب؟ من الأفضل إعادة الأمر إلى نصابه. لم يتغير شيء جوهري في موقف القيادة الإسرائيلية. إن ردود نتنياهو وإردان مغروسة جيداً في أسس عقيدة مترسخة ليست بحاجة إلى المزيد من الشحذ أو الإثبات. الحملة ضدهم لا ضرورة لها. العرب في إسرائيل يريدون تدمير دولة إسرائيل، وهم بالتأكيد لا يدينون بالولاء لها. بالنسبة إلى نتنياهو وإردان الهجوم يتحدث عن نفسه. بين العرب لا يوجد شبان الهضاب [إشارة إلى سكان المستوطنات غير القانونية في الضفة الغربية] أو “أعشاب مضرة”، فكل العرب أعشاب مضرة.
•الحكمة السياسية لا توجه تصريحات قادة الدولة. فالموقف الأخلاقي القائل بعدم اتهام قطاع بأكمله بأخطاء قام بها أفراد لا يشغل بال القيادة الإسرائيلية عندما يتعلق الأمر بالعرب في إسرائيل. والدليل على ذلك الأكاذيب التي نشرها إردان بعد حادثة أم الحيران [اتهامه زوراً يعقوب أبو القيعان بعملية دهس] في حملته على القيادة العربية واتهامها من دون أن يرف له جفن، بقوله إن “هذا الدم يلطخ أيديكم. أعلم أن هذا كلام خطير، لكنه ليس أخطر من أفعالكم في هذا اليوم. إنكم عار على دولة إسرائيل”. والمقصود بـ”أنتم” المجتمع العربي بأكلمه، وليس فقط القيادة التي اختارها.
•ومثل هذا الكلام موجود في الافتراءات التي افتراها نتنياهو لدى وصوله إلى مكان الهجوم في شارع ديزنغوف في تل أبيب في كانون الثاني/يناير 2016: “هناك تحريض مجنون من جانب الإسلام المتطرف ضد دولة إسرائيل في القطاع العربي بأكمله.. تحريض في المساجد وتحريض في جهاز التعليم، وتحريض في وسائل التواصل الاجتماعي.. لا يمكن القبول بوجود دولتين في إسرائيل: دولة القانون لأغلبية مواطني الدولة، ودولة داخل دولة لجزء من مواطنيها في جيوب لا يُطبق فيها القانون”. “جيوب”؟ من يسكن في هذه الجيوب ومن أنشأها؟ إن هذا الكلام ليس شعاراً مرحلياً يستغل حادثة من أجل ابتزاز سياسي، إنه نموذج وطني وفلسفة حياة لا تنشأ في لحظة ولن تتبدد من جراء انتقادات في الاعلام.
•لقد أراد نتنياهو فرض وجهة النظر هذه على محكمة العدل العليا أيضاً. ففي رده على طلب الالتماس المقدم من والدي محمد أبو خضير بهدم منازل القتلة اليهود الذين أحرقوا ابنهما حتى الموت قال: “بعد الأخذ في الاعتبار ضآلة عدد أعمال الارهاب التي قام بها اليهود ضد العرب، ونوعيتها، والموقف الجاد من جانب المجتمع اليهودي حيالهم، وعدم وجود مهاجمين يهود محتملين يجب ردعهم”، فإنه يجب رفض الالتماس.
•لا يميز رد نتنياهو بين سكان المناطق [المحتلة] وسكان إسرائيل من العرب. وهو يقول إن العرب بحكم كونهم عرباً لديهم نية كامنة لإلحاق الأذى بإسرائيل. ودفعة واحدة جرى تناسي أفعال جباية الثمن [الأعمال الانتقامية التي قام بها مستوطنون يهود ضد الفلسطينيين]، ونية العصابة اليهودية تفجير المسجد في جبل الهيكل [الحرم القدسي الشريف].

•لقد هدأ صدى الهجوم على الحرم القدسي، لكن “نحن” اليهود نعرف بثقة من هو المسؤول.

المصدر: صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole