انعكاسات سقوط الموصل على أمن إسرائيل

انعكاسات سقوط الموصل على أمن إسرائيل
Spread the love
مقاتلون عراقيون خلال توجههم نحو بلدة ام سيجان جنوب الموصل أمس (أ ف ب)

بقلم: عاموس هرئيل – محلل سياسي إسرائيلي —

•إن سيطرة قوات الجيش العراقي على المبنى الحكومي المركزي في الموصل كما جاء في تقارير فجر الثلاثاء، تقرّب من إخراج تنظيم “داعش” من أكبر وآخر موقع له في الأراضي العراقية. وعندما سيُستكمل احتلال الموصل، سيكون هذا إنجازاً مهماً في إطار جهد أكبر يتابعه الأميركيون ويخططون له، ويهدف إلى القضاء قضاء مبرماً على الخلافة الإسلامية التي أعلنها تنظيم “داعش” في شمال العراق وشرقي سورية سنة 2014.

•يشارك في الائتلاف الدولي الذي بلورته الولايات المتحدة لمحاربة داعش ما لايقل عن 69 دولة. ويدرك الأميركيون أن التقدم المحفوف بالعوائق في الطريق نحو الهدف سيكون بطيئاً، لكنهم يتمتعون بالصبر ولديهم ثقة في معقولية خطواتهم. وقد قال أحد كبار الجنرالات الذين يهتمون بالموضوع في الفترة الأخيرة في جلسة مغلقة، إنه بعد الانتهاء من تطهير الموصل ستبدأ عملية احتلال الرقة، عاصمة الخلافة الإسلامية في سورية، وفي تقديره أن الرقة ستسقط في الصيف.

•وتتابع المؤسسة الأمنية الإسرائيلية هذه التطورات لسببين. الأول يتعلق بالناحية المهنية: فالتحديات التي يواجهها العراقيون في الموصل تذكّر بصعوبات القتال في أماكن مبنية ذات كثافة سكانية في قطاع غزة. لقد تكبدت القوات العراقية خسائر فادحة في الجهد الذي ما يزال مستمراً لاحتلال الموصل. وقتل في المعارك والقصف آلاف المدنيين. ويدّعي مسؤولون كبار في الجيش الإسرائيلي أن الصعوبة التي تنتظر الجيش الإسرائيلي في غزة إذا نشبت هناك حرب أخرى هي أخطر بكثير. فقد كان لدى “حماس” الوقت الكافي كي تنظم صفوفها، وبحسب التقديرات يوجد لديها قوات أكثر عدداً من القوات التي بقيت تقاتل في الموصل. وبحسب الجيش العراقي بقي في الموصل ألف مسلح فقط.

•أما السبب الثاني فيتعلق بما يحدث على حدود إسرائيل، وربما أيضاً وسط مواطنيها. يوجد فرعان لداعش، في الحدود الجنوبية مع سورية وفي سيناء، يتلقيان توجيهات وأحياناً تمويلاً من الرقة. لذا سقوط الخلافة الإسلامية مستقبلاً سيؤثر فينا أيضاً. وإذا نجح التنظيم في حبك أسطورة بطولة حول معارك دفاعه عن الموصل والرقة، فإنه يمكن أن يقنع المزيد من الشباب المسلم في اقتفاء أثره. وكما ذكرت “هآرتس” في الأسبوع الماضي، يوجد حالياً في السجون الإسرائيلية ما لايقل عن 83 أسيراً ومعتقلاً يتماهون مع تنظيم داعش ومع القاعدة، ومع تنظيمات سلفية أخرى. قبل سنة اقتصر العدد على 12 فقط.

•إن النجاح الذي بدأ يبرز في الموصل ستستغله بالتأكيد إدارة ترامب التي تحتاج حالياً إلى كل دليل على أن الرئيس يعرف ماذا يفعل. وعلى الأقل في موضوع داعش، لا يوجد حتى الآن فارق حقيقي بين سياسة ترامب وسياسة من سبقه في منصبه، الرئيس باراك أوباما. وفي الوقت عينه يواصل الرئيس الأميركي وكبار مسؤولي الإدارة الأميركية الحديث عن إيران، تماماً مثلما يتحدث عنها رئيس الحكومة نتنياهو، الذي ادعى بالأمس أن طهران مسؤولة عن 80% من مشكلات إسرائيل الأمنية.

•ثمة سببان وراء الاهتمام المكثف والمشترك بين ترامب ونتنياهو بالمخاطر من ناحية إيران. السبب الأول هو أن إيران تختبر فعلاً حالياً صبر الولايات المتحدة من خلال تجارب صاروخية متواصلة نسبياً، وكذلك من خلال السعي الدؤوب لتقديم المساعدة إلى تنظيمات إرهابية وحرب عصابات في شتى أنحاء الشرق الأوسط (بعضها يهدد إسرائيل مباشرة). ثانياً؛ إن تنمية الوعي بوجود خطر خارجي يسمح للزعيمين [ترامب ونتنياهو] بتحويل النقاش بعيداً عن مشكلات الداخل، حيث يتعرضان إلى انتقادات قاسية كل لأسباب خاصة به.

•وبينما يستمر الرئيس الأميركي في استقطاب اهتمام وسائط الإعلام بوتيرة سريعة جداً تتلاءم تقريباً مع تواتر تغريداته على تويتر، من الأفضل لنا أن نتذكر أمراً واحداً: إن جميع الفضائح التي واجهها ترامب خلال فترة الستة أسابيع والنصف أسبوع التي مرت منذ استلامه منصبه هي من صنعه، وهي نتيجة تصريحاته المتهورة، وخطواته غير المحسوبة، أو نتيجة الكشف عن أفعال قام بها رجاله خلال المعركة الانتخابية. إن الإدارة الأميركية لم تصطدم بعد بأزمة دولية خطيرة وقعت على رأس واشنطن فجأة ونشبت نتيجة أسباب لا تستطيع السيطرة عليها – مثل توتر بين دول تملك سلاحاً نووياً، أو كارثة إنسانية على نطاق واسع في العالم الثالث، أو موجة إرهاب كبيرة في الغرب. وربما لو كان ترامب تجشم عناء عدم التطاول على أوباما وادعاء أن الإدارة السابقة كانت تتنصت على أحاديثه، لكان من المحتمل أن يسمع عن الأمور السابقة بإسهاب أكبر من الرئيس الذي سبقه.

المصدر: صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole