يديعوت أحرونوت: حدٌّ أقصى من الأرض وحدٌّ أدنى من العرب

يديعوت أحرونوت: حدٌّ أقصى من الأرض وحدٌّ أدنى من العرب
Spread the love

شجون عربية / يونتان كنونيتس، وزيف شطهل – باحثان في جمعية “يش دين” [هناك قانون] المدافِعة عن حقوق الفلسطينيين الخاضعين للاحتلال الإسرائيلي

أُعلِن الأسبوع الماضي أنه من المتوقع أن توافق إسرائيل، رسمياً، على الدفع قدماً ببناء 4000 وحدة سكنية للمستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية. في اليوم التالي، دانت الولايات المتحدة الخطوة، وكررت القول إنها “تعارض بشدة توسيع المستوطنات”. من أجل معلومات الأصدقاء في واشنطن، فإن ما يجري الكلام عنه هو نقطة في بحر.
الأعوام الخمسة الأخيرة شهدت مساعدة إسرائيل في إقامة أكثر من 35 “مستوطنة معزولة”، تُستخدم كمزارع للماشية. ومن خلال تخصيص أراضٍ، ومنح مالية، والارتباط بالبنى التحتية، والحماية العسكرية، استولى عشرات المستوطنين على أكثر من 100 ألف دونم من الأراضي المحتلة.
لماذا لم نسمع عن ذلك؟ لأنه خوفاً من الضغط الدولي، أُقيمت مزارع الماشية من دون قرار رسمي من الحكومة، كما أقيمت من دون رخص بناء، وهذه الممارسات معروفة لدى المستوطنين في الضفة الغربية. وبالطبع، مثل سائر كل المستوطنات والبؤر الاستيطانية، إقامة المزارع تتعارض مع القانون الدولي.
وإذا كان هذا ليس كافياً، فإن جزءاً من هذه المزارع الجديدة يشكل بؤراً لعنف المستوطنين ضد الفلسطينيين. وبهدف إخراج الرعاة والمزارعين الفلسطينيين من أراضيهم، فإن المستوطنين يهاجمونهم ويهددونهم ويقتحمون منازلهم الخاصة. بعضهم يستخدم الجرافات والمسيّرات، ويطلق الكلاب لقتل الحيوانات وإتلاف الأملاك والمحاصيل الزراعية، والاستيلاء على مصادر المياه. هذا العنف يحظى، عملياً ونظرياً، بمباركة الجانب الإسرائيلي، سواء من خلال مساعدة فعلية من الجنود، أو بواسطة عدم تطبيق السلطات الرسمية القانون.
بالإضافة إلى الأضرار الجسدية والمادية الجسيمة التي تلحق بالفلسطينيين في الضفة الغربية، فإن الهدف من إقامة مزارع الماشية هو خلق تغيير كبير وبعيد الأمد في المناطق يقلص مساحة العيش بالنسبة إلى الفلسطينيين، ويشكل انتهاكاً صارخاً لحقوقهم كأفراد.
من المهم التوضيح أن المقصود ليس نبوءات غاضبة مبالَغ فيها، بل هو استنتاج تاريخي بعد خطة مشابهة استخدمتها إسرائيل للسيطرة على الأراضي الفلسطينية منذ أكثر من 41 عاماً. في أيار/مايو 1981 توجه أوري أريئيل الذي كان، يومها، رئيساً لطاقم الاستيطان في “أمانا” (الحركة الاستيطانية في غوش إيمونيم) إلى وزير الزراعة، آنذاك، أريئيل شارون، وطلب منه تخصيص أراضٍ وميزانية للرعي في الضفة الغربية. شارون وجد المشروع جيداً، فجنّد من أجله الصندوق القومي لإسرائيل والنيابة العامة للدولة، وبدأ العمل في المشروع. وخلال بضعة أشهر وافقت الحكومة الإسرائيلية على خطة تقضي بتخصيص مئات الآلاف من الدونمات من المناطق المحتلة كمناطق رعي للمستوطنين، بميزانية 260 مليون شيكل.
ليس واضحاً عدد الماعز والأغنام التي تعبر الخط الأخضر وترعى في حقول غريبة. لكن الواضح أن هذه الأراضي التي جرى إعلانها كمناطق للرعي في الضفة الغربية، أقيمت فيها بعد سنوات مئات الآلاف من المنازل في المستوطنات وفي البؤر الاستيطانية. وكانت قطعان الماشية ذريعة فقط لتوسيع المشروع الاستعماري.
مرّ 41 عاماً والأسلوب عينه يتجدد. الاستراتيجيا الإسرائيلية “حدٌّ أقصى من الأراضي-وحدٌّ أدنى من العرب” لا تزال على حالها، لكنها تطورت لتصبح السيطرة على “حدٌّ أقصى من الأرض بواسطة أدنى عدد من المستوطنين”، وانضمت إليها الحكومة الإسرائيلية وأمانا وكتيبة الاستيطان والصندوق القومي اليهودي، والملايين التي تُجبى من جيوب دافعي الضرائب، ومرة أُخرى، يجري تخصيص مناطق مخصصة للرعي للمستوطنين بهدف معلن، هو السيطرة على مئات الآلاف من الدونمات من الأراضي الفلسطينية.
4000 وحدة سكنية أمر فاقع. لكن العنف الحقيقي المادي والسياسي هو ما يحدث على الأرض. هناك، ومن تحت الرادار الأميركي، وبواسطة مزارع بسيطة مخصصة للرعي، تعيد إسرائيل بلورة خريطة المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية. هذه السياسة تشكل انتهاكاً صارخاً وواسعاً لحقوق الفلسطينيين، ويمكن أن تؤدي إلى طردهم على أساس عرقي ومصادرة أراضي العديد من الجماعات. وكما رأينا هذا الأسبوع، فإنها في النهاية ستحظى بالشرعية من المحكمة العليا.

Optimized by Optimole