الحل الدفاعي الإسرائيلي لتهديد الأنفاق الهجومية ليس مثالياً

الحل الدفاعي الإسرائيلي لتهديد الأنفاق الهجومية ليس مثالياً
Spread the love

بقلم: عاموس هرئيل – محلل عسكري إسرائيلي —

•يعزز تدمير النفق الهجومي التابع لحركة “حماس” في منطقة الحدود مع قطاع غزة الليلة قبل الماضية الاستنتاج بأن إسرائيل نجحت في إيجاد حل دفاعي يبدو فعالاً جداً ضد تهديد الأنفاق الهجومية من القطاع بالرغم من أنه ما يزال بعيداً عن أن يكون حلاً مثالياً. ويعتبر هذا النفق الذي تم اكتشافه وتدميره بالقرب من معبر كرم أبو سالم في المنطقة الحدودية بين إسرائيل وبين قطاع غزة ومصر، النفق الثالث الذي يجري اكتشافه في غضون نحو 3 ثلاثة أشهر منذ تشرين الأول/ أكتوبر الفائت. كما يعزز تدمير النفق المشكلة لدى “حماس” بشأن كيفية التعامل مع نجاح المنظومة الأمنية الإسرائيلية في حرمانها تدريجياً من أحد أهم أرصدتها الهجومية الرئيسية.

•ولا يرتبط العثور على هذا النفق الأخير مباشرة بإقامة العائق تحت الأرضي ضد الأنفاق على طول حدود قطاع غزة، بل تبين أنه جزء من المنطقة التي لم تبدأ فيها أعمال إقامة العائق. لكن الدمج بين الوسائل التكنولوجية والاستخباراتية والعملانية وبين إقامة العائق الذي من المتوقع أن يستكمل معظمه حتى نهاية السنة الحالية، يدل على أن الأمور لا تسير لصالح “حماس” والجهاد الإسلامي.

•تعتقد قيادة “حماس” أن الأنفاق مشروع استراتيجي، وقد استثمرت فيه مئات ملايين الشيكلات طيلة نحو عقد وعمل فيه آلاف عمال الحفريات والنشطاء العسكريين. وحتّى الآن لم تعرب “حماس” عن ردها على الخطوات الإسرائيلية. كما أن نشطاءها لم يكونوا متورطين بشكل مباشر في إطلاق الصواريخ باتجاه منطقة النقب بل أطلقها نشطاء سلفيون وعناصر الجهاد الإسلامي. ويبدو أن عدم رد “حماس” على تدمير الأنفاق يعكس الأزمة الاستراتيجية التي تواجهها بالإضافة إلى الأزمات الناجمة عن عدم قدرتها على تلبية الحاجات الاقتصادية الفورية لسكان غزة الذين يصل تعدادهم إلى نحو مليوني نسمة وعن علاقاتها غير المستقرة مع مصر، وعن تنفيذ اتفاق المصالحة مع السلطة الفلسطينية بشكل بطيء.

•بموازاة ذلك تشهد أعمال الاحتجاج ضد ممارسات “حماس” اتساعاً ملحوظاً. ولا تقتصر خلفية أعمال الاحتجاج هذه على اكتشاف نشاطاتها الهجومية المخطط لها في الأراضي الإسرائيلية، ولا على هذا النفق الأخير تحت معبر كرم أبو سالم – وهو الشريان الرئيسي لنقل البضائع إلى قطاع غزة بالقرب من خطوط الأنابيب التي تزوّد غزة بالغاز والوقود – بل أيضاً تشمل محاولة المساس بسيادة مصر التي تعتمد عليها “حماس” في كل ما يتعلق بالتخفيف من ضائقة القطاع.

•ادعت “حماس” في البداية أن سلاح الجو الإسرائيلي قصف نفقاً مدنياً مخصصاً لتهريب البضائع ولم تكن مسؤولة عن إدارته. لكن إسرائيل تصرّ على أن مقاتلي وحدة “النخبة” في “حماس” شاركوا في حفر النفق، وعلى أن تشعب جزء من النفق تحت المعبر يشير إلى خطة مستقبلية لتنفيذ هجوم في الأراضي الإسرائيلية.

•إن استمرار الحفر باتجاه مصر قد يعكس خطة لتهريب الأسلحة من سيناء إلى قطاع غزة أو إرسال إرهابيين من الجانب المصري عند الحاجة لتعزيز الهجوم على المعبر الإسرائيلي. ومنذ سنوات تعتقد المنظمات الفلسطينية أن المعابر تشكل هدفاً مشروعاً بل مرغوباً فيه لشن هجمات، برغم الأضرار التي قد تلحق بسكان قطاع غزة. وهناك تاريخ طويل من العمليات الانتحارية واستخدام الأنفاق ضد معابر إيرز وكارني وكرم أبو سالم منذ منتصف التسعينيات.

•في المقابل تشهد نشاطات الجيش الإسرائيلي المتزايدة في غزة على عملية مستمرة ضد الأنفاق، وعلى أن هذه العملية ستستغرق وقتاً طويلاً. على أي حال، فإن الأولويات الإسرائيلية في قطاع غزة باتت الآن واضحة: تركز إسرائيل جهودها على إقامة حاجز ضد الأنفاق وعلى تحديد مكان الأنفاق وتدميرها حتى الانتهاء من إقامة الحاجز. ومن المفترض أن الجيش الإسرائيلي يستعد أثناء ذلك لاحتمال قيام إحدى المنظمات الفلسطينية بشن هجوم مفاجئ عبر نفق، قبل العثور على الأنفاق الأخرى وتدميرها.

•وبالإضافة إلى الخوف من حدوث كارثة إنسانيّة في القطاع، يشكل الانشغال بالأنفاق عاملاً كابحاً في الاعتبارات الإسرائيلية بشأن ما إذا كان يجب خوض معركة شاملة مع “حماس” في غزة. ويحتل التخلص من الأنفاق الهجومية سلم الأولويات إلى درجة أن الزعماء مستعدون لتجاهل إطلاق الصواريخ من قطاع غزة إلى حد معين حتى لو استمر وقتاً طويلاً، طالما لا تقع إصابات بشرية في إسرائيل.

•في هذه الأثناء ووفقاً لوسائل الإعلام الأجنبية، ما زالت النشاطات الإسرائيلية ضد إيران وحزب الله في الأراضي السورية مستمرة بشكل مثابر. وبما أن الجهود العسكرية في المنطقة الشمالية تشكل هي أيضاً مصدر خطر كبير لاندلاع حرب، يتعين على إسرائيل أن تحسب خطواتها بعناية بغية مواصلة نجاحاتها العسكرية وتجنب وقوع انفجار في الجبهتين في الوقت ذاته.

المصدر: صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole