ممر إيران البري.. تهديد استراتيجي

ممر إيران البري.. تهديد استراتيجي
Spread the love

بقلم يوسي مانشَروف – باحث إسرائيلي في معهد القدس للاستراتيجيا والأمن (JISS) وباحث في مركز عزري للدراسات الإيرانية في جامعة حيفا —

الافتراض السائد في إسرائيل، وعن حق، أن التهديد النووي الإيراني يشكل الخطر الاستراتيجي الأساسي. لكن في الوقت عينه يجب أن نأخذ في الحسبان خطوات أُخرى لطهران، وفي طليعتها السعي لإيجاد ممر بري إلى البحر المتوسط، وهذا ما يُعتبر الركن الأساسي في السياسة الإيرانية في المنطقة. من الممكن تحقيق هذا الهدف اليوم بفضل التهديد الكبير الذي يشكله تنظيم الدولة الإسلامية على السلامة الإقليمية وعلى استقرار النظام في إيران، وهذا ما أتاح له فرصة ذهبية لتحقيق طموحاته من أجل السيطرة على المنطقة.
المقصود عملياً إيجاد ممر بري يمتد من إيران إلى العراق، ويمر بالقائم [في العراق] والبو كمال في سورية، ويصل من هناك إلى هضبة الجولان السورية وإلى لبنان، ويتحول إلى منطقة تحت سيطرة إيران أو تحت سيطرة القوى التي تنوب عنها. هذه القوى تشمل الميليشيات الشيعية العابرة للقوميات، والمؤلفة من قوات لبنانية (حزب الله)، وأفغانية (فاطميون)، وباكستانية (زينبيون)، وعراقية (مجموعة ميليشيات تحت لواء الحشد الشعبي).
في الأساس يهدف هذا الممر إلى تحقيق هدفين استراتيجيين في المنطقة: الأول، أن تضمن إيران لنفسها الوصول المباشر والمستقل إلى حزب الله وإلى الحدود الإسرائيلية – السورية. وبحسب ما صرح به كبار المسؤولين في النظام الإيراني، تريد طهران ضمان أن تكون الحدود بين سورية وإسرائيل منطقة استعداد لعمليات هجومية ضد إسرائيل، وأن يواصل حزب الله الحصول على المساعدة العسكرية من إيران. بناء على ذلك، فإن الهدف من الممر البري هو المحافظة على وتعميق السيطرة الإيرانية في سورية وفي لبنان، أيضاً في حال سقوط نظام الأسد.
الهدف الثاني، توسيع الجبهة ضد إسرائيل على الحدود الشمالية وضم هضبة الجولان السورية إليها بالإضافة إلى لبنان. في إطار هذه الخطة، من المفترض أن تتحول الحدود السورية – الإسرائيلية إلى موقع إيراني. ومن المقرر أن يشمل الموقع قاعدة متقدمة سواء من أجل القيام بهجمات صاروخية ضد إسرائيل أو باجتياحات برية، ضمن إطار نية حزب الله احتلال أراضٍ في المنطقة الشمالية لإسرائيل. بحسب الخطة التي رسمتها إيران، ستحظى قوة التدخل بدعم فيلق القدس في الحرس الثوري، وستضم عناصر من حزب الله ومن ميليشيات عراقية مدعومة من إيران، بينها “النجباء” و “عصائب أهل الحق”.
لقد أثبتت إسرائيل حتى الآن إصرارها على منع فيلق القدس وحزب الله من إقامة قاعدة صواريخ في هضبة الجولان السورية. بالإضافة إلى ذلك، وبحسب تقارير نشرتها صحف خليجية، قامت إسرائيل بهجمات جوية في تموز/يوليو 2018 ضد منشآت تابعة للميليشيات الشيعية في العراق تُستخدم لنقل وسائل قتالية إلى سورية، وضد ميليشيات شيعية عراقية على الحدود العراقية – السورية، بالقرب من البو كمال.
الأطراف التي تمنع إيران من المضي قدماً في تحقيق الممر البري بحسب تقارير علنية هي: إسرائيل والولايات المتحدة والأكراد. لكن هذا الواقع على وشك أن يتغير بسبب سهولة النيل من الوجود الأميركي في سورية، والذي شكل عاملاً إضافياً بالنسبة إلى البيت الأبيض لاتخاذ القرار بمغادرة سورية. الولايات المتحدة ليست معنية بمواجهة عسكرية مباشرة مع طهران. خروج الأميركيين سيُضعف وضع الأكراد الذين يعرقل وجودهم في سنجار في العراق وفي المنطقة الواقعة غربها في سورية توسيع الممر.
ينضم إلى التخوف من قيام هذا الممر الأردن الذي يرى أنه يشكل تهديداً كبيراً على استقرار حكم عبد الله ملك الأردن. لكن لا يمكن أن نستبعد في سيناريو متطرف أن يسمح الملك عبد الله لإيران بالمضي قدماً بعمليات إرهابية ضد إسرائيل والسعودية من أراضيه لإرضائها ومنعها من التآمر ضده.
إحباط إقامة الممر البري هو مصلحة مشتركة بين المعسكر السني، ودول الغرب وإسرائيل في آن معاً. مع ذلك، إسرائيل هي الوحيدة صاحبة المصلحة للقيام بدور فاعل في هذه المهمة، بعد إصرار أوروبا على المحافظة على الصفقة النووية مع إيران، وامتناع الولايات المتحدة والمعسكر السني من الدخول في اشتباك عسكري مباشر مع إيران.

المصدر: مجلة Israel Defence الإسرائيلية، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole