لماذا خسرت الشركات الصينية مناقصة سكك الحديد الإسرائيلية؟

لماذا خسرت الشركات الصينية مناقصة سكك الحديد الإسرائيلية؟
Spread the love

شجون عربية – كتب داني زاكين تقريراً في موقع “المونيتور” الأميركي تناول فيه نتائج مناقصة بناء خطي سكة حديد إسرائيلية في فلسطين المحتلة.

وقال الكاتب إن “نظام متروبوليتان للنقل الجماعي” المملوك للحكومة الإسرائيلية أصدر في 13 كانون الثاني / يناير الماضي نتائج مناقصة لبناء خطين من أصل خمسة خطوط نقل جماعي في سكك الحديد هما “الخط الأخضر” و”الخط البنفسجي” في أكبر منطقة حضرية في “إسرائيل”.

وبحسب شروط العطاء، ستقوم الشركات الفائزة بالمناقصة بتمويل وتخطيط وبناء وصيانة نظام السكك الحديدية الخفيفة على مدى 25 عاماً، ويقدر أن يستمر البناء حوالى خمس سنوات.

لقد كانت مناقصة شراكة بين القطاعين العام والخاص. وسينضم الخطان الجديدان لسكك الحديد إلى “الخط الأحمر”، والذي من المتوقع أن يبدأ العمل به تجارياً في أواخر هذا العام. وستكون هذه الخطوط جزءاً من نظام النقل الجماعي، الذي ينقل أكثر من 200 مليون راكب سنوياً.

وقال الموقع إن المفاجأة الكبرى في هذا العطاء كانت أياً من الشركات الصينية التي قدمت عروضها بالشراكة مع شركات أخرى، لم تفز به. ولم يتم بعد الإعلان عن المعايير التي استخدمت لاختيار الشركات الفائزة.

وقال بيان صادر عن “نظام متروبوليتان للنقل الجماعي” الإسرائيلي إنه بعد جلسة الاستماع، قرر استبعاد اقتراح مقدم من مجموعة واحدة، شاركت فيه شركة بناء سكك الحديد الصينية (CRCC) المملوكة للحكومة الصينية. والسبب في ذلك هو السعر المنخفض بشكل خاص الذي قدمته والمشاكل التي واجهتها مع المناقصات والمعاملات التجارية في البلدان الأخرى.

وعلى ما يبدو، كان اقتراحها أقل بمليار شيكل إسرائيلي (313000 دولار) من تقديرات نظام النقل الخاص بتكلفة المشروع. ومع ذلك، بما أن الشركات التابعة للشركة الصينية منخرطة بالفعل في إنشاء مشروع “الخط الأحمر”، بالتعاون مع الشركات الإسرائيلية، فقد فاجأ استبعادها الكثيرين.

وبحسب مصدر إسرائيلي رفيع شارك في العملية، كان أحد أسباب القرار هو أن الولايات المتحدة ضغطت على “إسرائيل” لتجنب إجراء أعمال مع الشركات الصينية في مشاريع البنية التحتية.

ولقد كُتب الكثير حول تزايد الضغط الأميركي على “إسرائيل” فيما يتعلق بعلاقاتها التجارية والتكنولوجية مع الصين. بينما أدخلت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت ووزير خارجيته يائير لابيد تحوّلاً معيناً في السياسة فيما يتعلق بالصين (أقل حماسة من رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو)، فمن غير الواضح ما إذا ذلك جرى في سياق نفس نطاق الطلبات الأميركية.

وقد طُرحت قضية العلاقات مع الصين في جميع الاجتماعات الأخيرة بين كبار المسؤولين الإسرائيليين ونظرائهم الأميركيين. وقد أثيرت خلال زيارة بينيت لواشنطن ولقائه بالرئيس الأميركي جو بايدن في آب / أغسطس الماضي، وكذلك خلال زيارة لابيد للولايات المتحدة في تشرين الأول / أكتوبر الماضي. وطُرحت القضية أيضاً في جميع المحادثات التي أجراها مستشار الأمن القومي الإسرائيلي إيال هولتا والمدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلي ألون أوشبيز مع نظرائهما الأميركيين، سواء في اجتماعات في الولايات المتحدة أو في “إسرائيل”. الشيء نفسه حدث خلال الزيارات الأخيرة إلى “إسرائيل” من قبل وزير الخارجية الأميري أنطوني بلينكين ومستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان.

وأوضح “المونيتور” أن أحد المخاوف التي أثارها الأميركيون، وكذلك بعض كبار المسؤولين الأمنيين في “إسرائيل”، هو أن بناء أحد خطوط النقل الجماعي سيشمل أعمال حفر وصيانة للكابلات الكهربائية، والتي تعمل على مقربة شديدة من مقر قيادة الجيش الإسرائيلي في وسط تل أبيب، ومنشآت عسكرية أخرى في منطقة تل أبيب الحضرية. بالنظر إلى هذا القرب، سيكون من السهل على ما يبدو زرع أجهزة تنصت وتتبع وتسجيل حساسة على طول الخط.

بالعودة إلى جلسة الاستماع الخاصة بنظام “متروبوليتان للنقل الجماعي” في حزيران / يونيو 2021، وسعت الولايات المتحدة قائمتها السوداء للشركات الصينية لعام 2018، والتي تهدد أمن الولايات المتحدة. وشمل ذلك حظراً على استثمار المواطنين الأمريكيين في شركة بناء سكك الحديد الصينية، بسبب علاقات الشركة بالجيش الصيني، ومشاركتها في الصناعات العسكرية الصينية وتعزيزها لقدرات الاستخبارات الصينية. ومن الواضح أن الحظر الأميركي وضع نظام النقل الإسرائيلي في وضع غير مريح، بحسب تقرير “المونيتور”.

وقال التقرير إن جلسة الاستماع الخاصة بنظام “متروبوليتان للنقل الجماعي وإجراء مزيد من التحقيقات كشفا عن مزيد من التفاصيل المثيرة للقلق. إذ يُشتبه في تورط الشركة الصينية في العديد من حالات الرشوة والتزوير وإهمال مخاوف تتعلق بالسلامة والفشل في الالتزام بالجداول الزمنية في المشاريع حول العالم. ولا تقل أهمية عن حقيقة أن نظام النقل الإسرائيلي لديه تاريخ طويل في تقديم العطاءات للمناقصات التي يُزعم أنها تستند إلى “الإغراق”، أي تقديم عطاء أرخص بكثير من المنافسين من أجل ضمان فوزه.

ويدعي الخبراء أن “الإغراق” هو ​​جزء من السياسة التي قدمتها الحكومة الصينية ، وهي المساهم الرئيسي لشركة بناء سكك الحديد الصينية. وهو يهدف إلى التأثير على الأسواق في جميع أنحاء العالم بشكل عام والسيطرة على سوق سكك الحديد العالمية بشكل خاص. وبحسب تقارير عن الشركة، فإن الحكومة الصينية تقدم تمويلاً بنسبة 85 في المائة من تكلفة كل مشروع. وهذا يسمح للشركة بتقديم عروض جذابة بشكل خاص، وخاصة عند مقارنتها بالشركات الأخرى.

وزعم كاتب التقرير أن هذا عنصر آخر من الجهود الصينية لتوسيع نفوذ البلاد من خلال السيطرة الاستراتيجية على سلسلة من الموانئ البحرية وغيرها من وسائل النقل التي تمتد من الشرق الأقصى إلى أوروبا. وهي تقوم بذلك من خلال التنافس والفوز بالعطاءات لبناء وتشغيل الموانئ، مثل الميناء الجديد في حيفا. ونتيجة لهذه السياسة، هناك مخاوف من أن تقدم شركة بناء سكك الحديد الصينية عطاءات لمشاريع في جميع أنحاء العالم بخسارة، فقط لسحق منافسيها والفوز بهذه المناقصات.

وتابع التقرير أن هناك أيضاً شبهات بالفساد في المشاريع الكبرى في المكسيك وأستراليا وجنوب إفريقيا ودول أخرى حول العالم. ففي عام 2019، فرض البنك الدولي عقوبات على الشركة الصينية والشركات التابعة لها نتيجة لما وصف بأنه “احتيال” في مناقصة لسكك الحديد في جورجيا. وقدمت الشركة كذلك عطاءات رخيصة مفاجئة في الولايات المتحدة، مما أثار الشكوك. وشمل ذلك مناقصة لتزويد 284 عربة قطار لخطين في بوسطن. كان العطاء أرخص بمئات الملايين من الدولارات من العطاءات المنافسة.

وأشار تقرير “المونيتور” إلى أنه في المحصلة النهائية فإن الإدارة الأميركية فازت بالمناقصة، بعرض كان رخيصاً بشكل غير متوقع كذلك. وتم القيام بذلك على ما يبدو لمنع الشركات الصينية من توسيع مشاركتها في مشاريع البنية التحتية الإسرائيلية. كما ساهمت الرغبة المتزايدة للحكومة الإسرائيلية الحالية في أن تكون أكثر استجابة للمطالب الأميركية والتحقيق في العروض الصينية بعمق أكبر في القرار النهائي في رسو المناقصة.

نقله إلى العربية بتصرف: هيثم مزاحم – عن الميادين نت

Optimized by Optimole