في مئوية عبدالناصر: كيف كانت العلاقات المصرية الصينية؟

في مئوية عبدالناصر: كيف كانت العلاقات المصرية الصينية؟
Spread the love

بقلم: نجاح عبدالله سليمان — بدأت الضغوط السياسية والشعبية على الحكومات المصرية للاعتراف بجمهورية الصين الشعبية بدلًا من حكومة المجموعة في تايوان يعود إلى عام 1950، وذلك عندما دخل نواب البرلمان المصري طوال يومي 11- 12 ديسمبر/ أيلول 1950 في جدل طويل حول السياسة الخارجية المصرية مطالبين بتحسين العلاقات مع المعسكر الاشتراكي والاعتراف بجمهورية الصين الشعبية كممثل وحيد للشعب الصيني. وفي الواقع أن البرلمان المصري آنذاك لابد أن يكون قد تأثر بالحملات الصحفية والسياسية التي كان يقودها كتاب وصحفيون ومفكرون يساريون كانوا يضغطون ويعبئون الرأي العام المصري في اتجاه الاعتراف والتضامن مع جمهورية الصين الشعبية. فالمتتبع لأدبيات الحركة الديمقراطية المصرية طوال الفترة من أكتوبر/ تشرين الأول 1949- وحتى مايو / أيار 1956، يلاحظ ذلك الكم من المقالات والحملات السياسية التي نظمتها الحركة الديمقراطية والتقدمية المصرية باتجاه الاعتراف بالجمهورية الجديدة في بكين، كما نلاحظ رغم علاقات مصر الرسمية بتايوان إلا أن الحكومة المصرية لم تكن على الأقل على الصعيد الدبلوماسي، طرفًا في الحملة الغربية الدولية ضد الصين. بل على العكس من ذلك اتخذت الحكومة المصرية في بعض الأحيان مواقف إيجابية تجاه الصين، فرغم الضغط الأمريكي الكبير على مصر للتصويت لصالح مشروع الاقتراح الأمريكي الرامي إلى إظهار وإدانة الصين كطرف معتد في الحرب الكورية، إلا أن مصر امتنعت في جلسة التصويت الرابعة في الأمم المتحدة والجمعية العامة عن معارضتها للسياسة الأمريكية، بينما شنت الصحافة المصرية هجومًا عنيفًا على السياسة الأمريكية الرامية على تشويه الموقف الصيني من الحرب الكورية والتأكيد على إدانتها.
ورغم أن الحكومة الملكية في مصر قد تحفظت آنذاك تجاه الاقتراح الأمريكي المعادي للصين، إلا أنها كان ضمن الدول التي صوتت ضد المشروع السوفيتي الذي يعترض على الوجود التايواني في مجلس الأمن وذلك عندما تمت مناقشة المسألة الصينية لأول مرة عام 1950.
وفي أكتوبر / تشرين الأول 1949 أعلن ماوتسي تونج تأسيس جمهورية الصين الشعبية، فقد اتخذت حكومة الصين الشعبية منذ بداية تأسيسها موقفا إيجابيا من القضايا المصرية والعربية، وكانت مصر من أوائل الدول التي أبدت بحماس حق الصين في إعادة مقعدها الشرعي في الأمم المتحدة.
وفي 1953 وقفت مصر موقفًا جادًا ومشرفًا حيث قال عبد الناصر أن الصين دولة قائمة الآن وحقيقة ثابتة وعلى أمريكا أن تقبل هذه الحقيقة لا أن ترفض الاعتراف بها لأن هذا الموقف ينطوي على إغفال للشعب الصيني وإهمال له، ومما يثبت موقف مصر الجاد بجوار الصين فقد امتنعت عن التصويت في سبتمبر أ أيلول 1954 على الاقتراح الأمريكي بعدم إدراج موضوع تمثيل الصين الشعبية في جدول أعمال الدورة التاسعة للجمعية العامة للأمم المتحدة.
أما على الصعيد الشعبي، فقد حرصت المنظمات المصرية رغم عدم وجود علاقات رسمية مع الصين على التواصل مع الصين، وتأسيس علاقات مع المنظمات الجماهيرية الصينية. فقد وصل عام 1950 إلى الصين وفد شعبي مصري للاشتراك في اجتماعات مجلس السلم العالمي التي عقدت بالعاصمة بكين.
وفي نفس الوقت إن الصين أيضا أبدت اهتماما مبكرا بالقضية المصرية، وذلك عندما أعلنت في أكتوبر / تشرين الأول 1951 عن دعمها الكامل لقرارات الحكومة المصرية بإلغاء معاهدة 1936 واتفاقية السودان لسنة 1899 المعقودتين مع بريطانيا، ووصفت قرار الإلغاء بأنه طبيعي ومبرر ويتماشى مع المطالب المصرية في السيادة والاستقلال الكامل.
والواقع أن هذه العلاقات التي كان مقدراً لها أن تتطور باتجاه الاعتراف الكامل أصيبت بنكسة كبيرة بعد فترة قليلة من استيلاء الضباط الأحرار على السلطة في مصر في 23 يوليو/ تموز 1952، وذلك عندما وقف الحزب الشيوعي المصري موقفاً خاطئاً من حركة 23 يوليو/ تموز 1952، وواجه الحركة الوليدة وأدانها ومن ثم تبعته معظم دول المعسكر الاشتراكي بما فيه الاتحاد السوفيتي والصين. وهكذا كانت الصين ضمن الدول التي لم تتعاطف مع حركة الضباط الأحرار واتخذت موقفًا معاديًا تجاه النظام الجديد في مصر، وبالتالي تبنت حكومة الضباط الأحرار أيضا في سنواتها الأولى مواقف سلبية تجاه الصين ومن ضمن هذه المواقف حين طلبت من مندوبها في الجمعية العامة للأمم المتحدة في جلستها المنعقدة يوم 25 أكتوبر/ تشرين الأول 1952 التصويت لصالح المجموعة الحاكمة في تايوان، إلا إن حركة الضباط الأحرار بدأت تتضح اتجاهاتها الثورية وضمن رؤيتها الجديدة في إعادة تقييم علاقاتها مع دول المعسكر الاشتراكي بدأ زعماء ثورة يوليو يعيدون تقييمهم للثورة الصينية وذلك عام 1954. ففي الوقت الذي كانت فيه مصر لا تزال تحتفظ بعلاقاتها الدبلوماسية مع تايوان أعلن جمال عبد الناصر في لقاء صحفي أجرى معه في أغسطس/ آب 1954″ أن الصين الشيوعية حقيقة لابد أن يتم قبولها عالميا”، وأضاف أنها دعابة دولية أن يعترف بدولة قليلة السكان كفرموزا “تايوان” ويتم تجاهل مئات الملايين من سكان الصين الحمراء. وكان هذا التصريح في تقديري أول مؤشر على استعداد القيادة المصرية عمليًا للاعتراف بجمهورية الصين الشعبية.
كان مؤتمر باندونج قد فتح بوابة إقامة علاقات دبلوماسية صينية عربية عقب الحرب العالمية الثانية، حيث كانت الدول حديثة الاستقلال المثقلة بالمشاريع النهضوية تسعى إلى التخلص من الضغوط الخارجية وتعمل على تطوير ذاتها بالاعتماد على نفسها، ومن هذه الخلفية عقد قادة 29 دولة آسيوية وأفريقية في الثامن عشر من أبريل/ نيسان 1955 مؤتمرًا أفرو-آسيويًا ذو مغزى تاريخي عظيم وفاتح عهد جديد في باندونج إحدى المدن الأندونسية المشهورة، ذلك المؤتمر الذي جسد طموحاتهم وتطلعاتهم نحو الوحدة والتضامن لتعزيز وتقوية الذات، وألهب حماسة شعوب القارتين في التكاتف والتعاضد في معاداة الإمبريالية ومناهضة الاستعمار والنضال المشترك من أجل انتزاع الاستقلال والتحرر الوطني.
والوقع أنه عندما نذكر أن مؤتمر باندونج كان فاتحة العلاقات بين مصر والصين متمثلة في جمال عبد الناصر وشوان لاي قول لا يجانبه الصواب، حيث كانت أول مقابلة لهما وهما في طريقهما إلى باندونج، في 15 أبريل/ نيسان 1955 أثناء زيارتهما لبورما، مشاركة منهما شعب بورما، في أعياده، وفي ١٦ ابريل/ نيسان من نفس العام وجه رئيس وزراء الصين الشعبية الدعوة إلى جمال عبد الناصر لزيارة الصين، وقد أكد فيها على أهمية هذه الزيارة لدعم العلاقات بين البلدين.
لقد شارك شوان لاي رئيس الوزراء الصيني في هذا المؤتمر على رأس وفد صيني حيث ساهم مساهمات هامة في إنجاحه، وكان من بين الدول المشاركة في مؤتمر باندونج تسع دول عربية، كانت مصر من بينها، وخلال المؤتمر جرت اتصالات واسعة ومكثفة بين رئيس وزراء الصين شوان لاي، ويمكن القول أن مؤتمر باندونج كان لكل من الصين ومصر فرصة سانحة للتعارف على بعضهما البعض، فقد وصل جمال عبد الناصر إلى مدينة باندونج وهو يؤمن بنظرية الحياد الإيجابي وعدم الانحياز، وهناك لم ينحز عبد الناصر إلى بعض الدول الآسيوية التابعة للمدرسة الموالية للغرب ولم يشترك مع ممثلي الدول ذات الهجوم العدائي على الصين.
وهو اللقاء الذي جرى خلاله بحث إقامة علاقات دبلوماسیة بین البلدین ونشأت بفضله علاقة صداقة بین جمال عبد الناصر وشوان لاي، وفي 16 مايو/ أيار من العام التالي اعترفت مصر بجمهوریة الصین الشعبیة، وهو ما كسر الحصار الغربي والأمريكي، الذي كان مفروضا حولها، وفتح أمامها أبواب أفریقیا على مصرعيها.
كانت مصر أول دولة عربية أقامت علاقات دبلوماسية مع الصين الجديدة، وبعد مرور ما يربو على 60 عاما من العلاقات الدبلوماسیة بین البلدين، تلك العلاقات التي بدأت في 31 مایو/ أيار 1956 رسميًا، إلا أنه يجب الإشارة إلى أنه قد سبق هذا التمثيل الدبلوماسي عدة اتصالات ثقافية واقتصادية، حيث أقيمت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين على أسس سياسية تجسد فيها المواقف المشتركة المعادية للإمبريالية والمناهضة للاستعمار الأوربي والداعمة للاستقلال الوطني، وقد مرت بمرحلة التفاهم المتبادل وبدأت في الاتصالات الشعبية ومن ثم الرسمية فيما بعد، بينما فتحت التبادلات الثقافية والاقتصادية والتجارية الطريق الذي أوصل في نهاية المطاف إلى تحقيق الأهداف السياسية المتمثلة في إقامة العلاقات الدبلوماسية.
ولما كانت أحدى توصيات مؤتمر باندونج تنشيط التبادل السياسي والتجاري بين دول آسيا وأفريقيا، فقد وقعت الصين ومصر بعد مضي أربعة أشهر على المؤتمر أول اتفاقية تجارية بينهما في 22 أغسطس 1955 في العاصمة الصينية بكين .
وفي الحقيقة أنه لا بد من الإشارة هنا إلى أنه سبق إقامة العلاقات الدبلوماسية تبادلات واتصالات ثقافية واقتصادية بين البلدين على الوجه الآتي:
ففي مايو 1955، زار الصين احمد حسن الباقوري وزير الأوقاف المصري -ومن الملاحظ أن هذه الزيارة كانت في الشهر الذي أعقب عقد مؤتمر باندونج مباشرة-، حيث أجرى مع الجانب الصيني محادثات حول التعاون الثقافي والذي ينص على إيفاد كل طرف مدرسيه وطلبته للطرف الآخر للقيام بمهام التدريس والدراسة، وقد حرص الرئيس جمال عبد الناصر على متابعة استمرارية هذه العلاقات، ففي ٢٩ يونيو/ حزيران ١٩٥٥ يعقد جمال عبد الناصر اجتماعان منفصلان مع وزير الأوقاف المصري أحمد حسن الباقوري وذلك لبحث نتائج رحلته إلى الصين الشعبية والتي سبقت الإشارة إليها، وفي 24 أغسطس/ آب 1955 استقبل بعثة حجاج الصين الشعبية يصحبهم أحمد حسن الباقوري وزير الأوقاف.
وفور التوقيع على التعاون الثقافي، قرر الجهاز الصيني المختص إيفاد مدرسا واحدا من جامعة الشمال الغربي وسبعا من الطلبة الصينيين إلى مصر من جامعة بكين ، وجامعة بكين للغات الأجنبية ( معهد بكين للغات الأجنبية سابقا ) وجامعة الاقتصاد والتجارة الخارجية ( معهد التجارة الخارجية سابقا )، وبعد فترة وجيزة من بدء السنة الدراسية الجديدة في خريف سبتمبر / أيلول 1955، كانت الجامعات الثلاثة قد انتهت من عملية ترشيح واختيار الطلبة حيث لم يأخذ هذا العمل من الوقت الكثير ، وبعد انتهال الأستاذ والطلبة للمعارف الضرورية اللازمة حول الشؤون الخارجية أصبحوا على أتم الاستعداد للتحرك إلى مصر.
وبعد إتمام كافة الاستعدادات والإجراءات للتحرك ، استقبل شوان لاي رئيس الوزراء الأستاذ والطلبة وبصحبتهم مسئول المكتب التجاري، انطلاقا من التفكير بوجود ” سفارة ” لتايوان في مصر، حيث كان يرى شوان لاي أن امن الأستاذ والطلبة لن يكون مضمونا في حال سفرهم لوحدهم لمصر ، وسيكون من الصعب عليهم الاتصال بالوطن في حال وقوع أي حدث عارض أو طارئ، فأصدر تعليمات خاصة بسفرهم لمصر سويا مع موظفي المكتب التجاري الصيني، كما اقترح أن تضم البعثة الدراسية طلبة مسلمين انطلاقا من أن مصر دولة إسلامية، وبعد أن أنهى أعضاء المكتب التجاري الصيني استعداداته للمغادرة ، قام شوان لاي مرة أخرى باستقبال أعضاء البعثة التجارية برئاسة لى ينغ جى LI YING JI رئيس البعثة وجانغ يويء نائب الرئيس وكذلك المدرس والطلبة ، حيث أصدر تعليماته وإرشاداته الخاصة بمهمتهم وأعمالهم في مصر، وفي 24 ديسمبر/ كانون الأول 1955 غادر أعضاء البعثة التجارية بصحبة المدرس والطلبة بكين متوجهين إلى باكستان حيث أنجزوا هناك الإجراءات اللازمة للحصول على تأشيرات دخول مصر التي وصلوها في مطلع يناير/ كانون الثاني 1956، حيث تم إقامة البعثة التجارية بشكل رسمي، وأما المدرس الصيني فذهب إلى معهد الألسن ليتولى مهمة التدريس بينما الطلبة توجهوا إلى جمعية بجامعة القاهرة (مسكن الطلبة) لتحسين مستواهم اللغوي استعدادا لبدء حياتهم الدراسية، هذا وفي فبراير من العام نفسه تم إقامة البعثة التجارية المصرية في بكين برئاسة مدحت الفار وبصحبته أربعة من الطلبة المصريين، وتجدر الإشارة إلى أن البلدين قد شرعا في التبادلات الاقتصادية والثقافية قبل أكثر من نصف سنة على إقامة العلاقات الدبلوماسية.
أما على المستوى الاقتصادي، ففي شهر أغسطس/ آب سنة 1955 قام نائب وزير الصناعة المصري محمد أبو نصير بزيارة الصين ووقع الجانبان اتفاقًا تجاريًا يقيم بمقتضاه كل طرف مكتب تجاري لدى الطرف الآخر ، حيث وقع مع الجانب الصيني على اتفاقية وبروتوكول تجاري ينصان على إقامة كل طرف لمكتب تجاري تمثيلي يتمتع بقدر معين من الحقوق والصلاحيات التجارية لدى الطرف الآخر، وكان جمال عبد الناصر يتابع تنفيذ هذه الاتفاقيات، ففي ٢ سبتمبر/ أيلول ١٩٥٥- يستقبل جمال عبد الناصر محمد أبو نصير وزير التجارة والصناعة ورئيس بعثة مصر الاقتصادية في الصين الشعبية، الذي عرض عليه نتائج ما تم من عقد اتفاقيات تجارية مع الصين، وتابع جمال عبد الناصر جهوده مع نفس الوزير ففي ٢٥ يناير/ كانون الثاني ١٩٥٦- استقبله وبصحبته الممثل التجاري الصيني الدائم في مكتب الصين الشعبية بالقاهرة لبحث سبل تدعيم العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، وتزامنا مع ذلك كانت الاستعدادات لإنشاء المكتب التجاري لدى مصر تسير على قدم وساق.
وفي ١٧ مارس/ أزار من نفس العام (1956) جمال عبد الناصر يستقبل في مكتبه بدار الرئاسة الوفد التجاري الاقتصادي لجمهورية الصين الشعبية، وقد حضر المقابلة محمد أبو نصير وزير التجارة والصناعة، لبحث العلاقات التجارية بين البلدين.
وبما أن البلدين يقفان موقفًا موحدًا ضد الإمبريالية ومكافحة الاستعمار إلى جانب الإجراء الموافق لعملية التبادل الثقافي والاقتصادي، فإن إقامة العلاقات الدبلوماسية أصبحت أمرا ضروريا، وفي 16 من مايو 1956، أصدر مجلس الوزراء المصري قرار يقضي بقطع العلاقات مع سلطات تايوان، وفي نفس الوقت الاعتراف بجمهورية الصين الشعبية، كما أعرب مجلس الوزراء المصري عن رغبة مصر في إقامة علاقات دبلوماسية مع الصين وتبادل المندوبين المقيمين فيما بينهما، ثم قام الجانب المصري بإبلاغ الجانب الصيني هذا القرار عبر البعثات التجارية لدى العاصمتين.
ويذكر أن السبب في هذا الاعتراف بالصين الشعبية، الذي كان يعد مبادرة جريئة من مصر في ذلك الوقت، على اعتبار أنه لم تكن هناك دولة في الوطن العربي أخذت هذا الموقف في وقتا كانت فيه حكومة الولايات المتحدة فيه كالنمر الهائج ضد كل ما هو صيني.
وفي السابع عشر من نفس الشهر، أصدرت وزارة الخارجية الصينية بيانا رحبت فيه بالقرار المصري، معربة عن أملها في سرعة إقامة العلاقات الدبلوماسية وتبادل المبعوثين، وفي اليوم التالي أرسل شوان لاي رسالة إلى جمال عبد الناصر أعاد التأكيد فيها على ما جاء في بيان وزارة الخارجية الصينية ، كما أعرب فيها عن ثقته الراسخة بأن ” المزيد من تطوير علاقات الصداقة بين البلدين. وفي الثلاثين من مايو أصدرت الحكومتان الصينية والمصرية بيانا مشتركا جاء فيه ” انطلاقا من الرغبة المشتركة لكلا البلدين قررت الحكومتان إقامة علاقات دبلوماسية وتبادل المندوبين الدبلوماسيين على مستوى السفراء ” .. ولولا تعرض عملية إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين لمضايقات الدول الغربية لكانت قد أقيمت في وقت أسبق من ذلك بكثير .. هذا على اعتبار أن محمد نجيب -الرئيس المصري الأول ورئيس الوزراء بعد ثورة عام 1952- كان قد أفضى بأن مصر كانت في الحقيقة قد استعدت منذ فترة إلى الاعتراف بالصين الجديدة ، ولكنها عدلت عن ذلك بسبب التحذيرات الأمريكية، ويؤكد ذلك جمال عبد الناصر عندما استقبل ممثل البعثة التجارية الصينية في الرابع والعشرين من مايو 1956 قال “أن الاعتراف بجمهورية الصين الشعبية كان قد تقرر منذ زمن ، وأن عدم الإعلان عن ذلك جاء بسبب تفكيرنا في تقليل دعم الدول الغربية الكبرى لإسرائيل كي تنعم المنطقة بشيء من الهدوء والاستقرار .. إلا أن هذه الدول الكبرى لم تكن تفكر في صداقة مصر ، بل استمرت في تزويد إسرائيل بكميات هائلة من الأسلحة، وفي ظل هذه الملابسات، كان الاعتراف بحكومة جمهورية الصين الشعبية في ذلك الوقت هو أفضل الفرص وأنسبها”.

Optimized by Optimole