غوري..”جزيرة الرقيق” ماضي السنغال الأليم

غوري..”جزيرة الرقيق” ماضي السنغال الأليم
Spread the love

جزيرة الرقيق، أو بوابة المعاناة، تسميات عدة أطلقت على جزيرة “غوري” السنغالية التي تقع في المحيط الأطلنطي في مواجهة العاصمة السنغالية داكار ولا يفصلها عنها سوى خليج مائي لا يتعدى طوله بضعة كيلومترات.

مفارقة غوري هو تضارب جمال طبيعتها مع قسوة تاريخها. فهنا يتكسر الموج الأزرق علي رمال ذهبية نقية بينما ترفل الشمس في لحظة الغروب و قد خفت شعاعها في أساور ذهبية ترسل سحرها في الأفق قبل أن تختفي شيئا فشيئا في مياه الاطلسي الدافئة بعد ان تودع الجزيرة الصغيرة الوادعة في مشهد ينسيك كل قصصها المأساوية.

فغوري، على صغر مساحتها، 0،182 كيلومتر مربع، أصبحت أكبر رمز لإدانة تجارة الرقيق حيث كانت مركزا له في الأطلسي منذ استوطنها البرتغاليون عام 1444 وتلاهم الهولنديون، ثم البريطانيون وأخيرا الفرنسيون حتي استقلال السنغال عام 1960.

وتضاربت النظريات حول ما إذا كان الهولنديون أم الفرنسيون هم الذين بنوا عليها في 1776 أخر مركز لتجميع الرقيق والمعروف باسم “منزل العبيد”.

فمن الشرفات العلوية للمبنى ذى الطابقين، يستمتع تجار النخاسة بالطبيعة الساحرة للجزيرة بينما يحتجز مئات الافارقة في الطابق السفلي في ظروف غير آدمية.

حجرات الطابق السفلي ضيقة ومظلمة تتأجج حرارة صيفا وترشح رطوبة شتاء، يكتظ في كل منها نحو 20 شخصا يجلسون القرفصاء ظهرهم إلي الحائط ومكبلون به من رقابهم وأرجلهم بأطواق وقيود من حديد.

أما النساء فكن يحتجزن في حجرات أخري وتفصل عنهن الفتيات لأنهن أعلي سعرا لعذريتهن وشبابهن.

مازال في السنغال وحولها من يتذكرون بمرارة “جحيم غوري” ، يتناقلون قصص الأجداد عن السياط التي اشرعت على الظهور واختطاف الصغار من أحضان أمهاتهم وتقييد الشباب ورميهم في السفن كالبعير، في أقبية ضيقة ومظلمة تلتصق فيها الأجساد ببعضها.

ويبحث الكل عن قليل من الضوء أو الهواء للتنفس فلا يجده، وكيف كان الموت أمنية للخلاص لا ينالها سوي المحظوظون.

أحد هؤلاء هو صمبا ديالو الكهل السبعيني الذي يعمل هنا حارسا منذ ثلاثة عقود ويسعده أن يحدث الزوار عن قصص عجائز وشيوخ جاؤوا إلى هنا خصيصا ليبكوا على أقارب ابتلعتهم الجزيرة النائية بعضهم سنغاليون وكثير منهم من دول الجوار كغينيا ومالي وبوركينافاسو.

يحكي صمبا أن ” المتمردين من الأرقاء كانوا يسحبون على وجوههم وهم مقيدي الأيدي والأرجل بسلاسل حديدية ثم يعلقوا في زنزانة ضيقة طولها متران وعرضها أقل من متر واحد وليست بها فتحة تهوية وفي سقفها مسمار تعلق به أرجل المغضوب عليهم ثم يتركوا ورؤوسهم إلى الأسفل لمدة قد تطول.

وكثيرا ما كان الحرس يعودون ليجدوا السجين قد فارق الحياة”.

وبعد انتظار حوالي ثلاثة أشهر كان الرقيق يمرون عبر بوابة “الرحلة التي لا يعود منها أحد” ليولجوا إلي “رصيف الشحن” لتنقلهم المراكب في رحلة عذاب أخري إلي أسواق النخاسة في العالم الغربي.

عند هذه البوابة و لدي زيارته للجزيرة في 1992، طلب البابا يوحنا بولس الثاني الصفح من أفريقيا لما عاناه أبناؤها بسبب تجارة الغرب للرقيق.

المصدر: سكاي نيوز

Optimized by Optimole