جريمة قتل السائحتين الإسكندنافيتين في المغرب: الحيثيات والدوافع

جريمة قتل السائحتين الإسكندنافيتين في المغرب: الحيثيات والدوافع
Spread the love

إعداد: هيئة التحرير– خاص “شجون عربية” – في 17 كانون الأول – ديسمبر 2018

كانت منطقة إمليل في إقليم الحوز في منطقة جبال الأطلس السياحية التي تلقى رواجاً كبيراً لدى متسلّقي الجبال في جنوب المغرب، على موعد مع جريمة بشعة أودت بحياة سائحتين إسكندنافيتين (نرويجية ودنماركية)، تبلغان من العمر 24 و28 عاماً.

ووفق معلومات الأجهزة الأمنية المغربية فإن منفذي الجريمة البشعة، خططوا منذ مدة للقيام بعملية إرهابية في أحواز مراكش بعيداً عن التغطية الأمنية، إذ أعدوا العدة لذلك، وقضوا أياماً وهم يتدربون في الخلاء المجاور في جبل شمهاروش، ويتربصون للفريسة التي ستسقط في الفخ المنصوب من قبلهم، والمتجلي أساساً في الابتعاد عن الأماكن ذات الرواج لنصب الخيمة.

وصادف أن نصبت الضحيتان خيمتيهما في المكان الذي تحول إلى مسرح للجريمة، إذ أنهما فضلتا التوقف هناك على العودة إلى مكان مأهول سكانياً ومؤمن أمنياً، لتكملا مسيرتيهما في صباح اليوم التالي، لكنهما سقطتا في أيدي المجرمين المتربصين بفضاءات الجبل.

وبحسب المصادر الأمنية ذاتها، فإن المتهمين باغتوا الضحيتين في بطن الظلام وهما نائمتان في حوالي الثالثة صباحاً، وعمدوا إلى ذبحهما ببشاعة كل واحدة على حدة بطريقة داعشية، باستعمال سكين كبير الحجم، كما صوروا مشهد التقتيل، قبل أن يفروا من المكان.

وكانت الضحيتان تتابعان دروسهما في جامعة في جنوب النرويج، وكان من المقرر أن تستمر رحلتهما شهراً قبل أن ينتهي بهم الأمر إلى مصير مأساوي بدافع إرهابي.

وقد حسمت الأجهزة الأمنية المغربية دوافع الجريمة، محددة إياها بدافع الإرهاب، إذ كان منذ البداية ضمن الفرضيات التي استلزمت دخول مصالح المكتب المركزي للأبحاث القضائية في اليوم نفسه الذي عثر فيه على الجثتين، واتضح أن المتهمين أعدوا عدتهم لاستهداف أي أجنبي أعزل في المنطقة التي خططوا فيها لتنفيذ الجريمة الإرهابية، والتي تأكدوا بأنها بعيدة عن التغطية وتوفر لهم إمكانية نصب شرك للأبرياء.

مكان وقوع الجريمةمنطقة «شمهروش» بجبال الأطلس حنوب المغرب

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

وقادت الأبحاث المتواصلة والقوية لأجهزة الأمن المغربية إلى الإطاحة بمرتكبي الجريمة وشركائهم، وتحديد هوية المتهمين، وهذا ما يدل إلى اليقظة والقبضة القوية لأجهزة الأمن المغربية وعلى رأسها أجهزة مكافحة الإرهاب.

توقيف 13 شخصاً على خلفية الجريمة البشعة

أوقف المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، وهو جهاز أمني مختص في مواجهة الجريمة الإرهابية في المغرب، من يوم 19 ديسمبر/كانون الأول وإلى حدود الآن، 13 شخصاً بينهم أربعة متهمين رئيسيين وتسعة مشاركين في حيثيات الجريمة في كل من مدن مراكش والصويرة وسيدي بنور وطنجة واشتوكة أيت باها ونواحي ميدلت، وذلك بناء على معلومات دقيقة وفرتها مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، وذلك مباشرة بعد العثور على جثتي السائحتين النرويجية والدنماركية بعدما تعرضتا لجريمة القتل العمد بواسطة السلاح الأبيض في منطقة جبلية في جماعة إمليل بمنطقة الحوز.

وذكر بلاغ للمكتب أن توقيف هؤلاء يأتي في سياق الأبحاث والتحريات الدقيقة التي يباشرها المكتب تحت إشراف النيابة العامة المختصة، بغرض الكشف عن جميع ظروف وملابسات ارتكاب هذه الأفعال الإجرامية، وتحديد دوافعها وارتباطاتها بعمل إرهابي.

كما أكد أبو بكر سبيك، الناطق الرسمي باسم المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني في برنامج تلفزيوني في إحدى القنوات المغربية على سرعة حل الجريمة الوحشية التي جنبت المغرب مخططاً إرهابياً على قدر كبير من الخطورة، مظهراً أن عدد الموقوفين على خلفية البحث المنجز في العمل الإجرامي الذي هز منطقة «شمهروش» بلغ حتى الآن 13، أربعة منهم بينت الأبحاث والتحريات أنهم المرتكبون الرئيسيون لجريمة ذبح السائحتين.

من جهة أخرى أعلن الوكيل العام للملك في بلاغ صادر عنه، أن البحث جارٍ من أجل التأكد من صحة شريط فيديو، يجري تداوله عبر الوسائط الاجتماعية باعتباره يمثل جريمة قتل إحدى السائحتين، مضيفاً أنه “سيتم إطلاع الرأي العام على نتائج البحث في الوقت المناسب”.

وفي تعليق رسمي على “جريمة شمهروش” البشعة التي هزت الرأي العام المغربي، أدانت الحكومة المغربية، العمل الوحشي الذي أودى بحياة السائحتين.وأكد رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني على “الإدانة الواسعة لهذا السلوك الإجرامي والإرهابي”، معتبراً إياه “عملاً مرفوضاً لا ينسجم وقيم المغاربة وتقاليدهم وتقاليد المنطقة التي كانت مسرحاً للجريمة”. وأوضح أن طابع الجريمة “إجرامي وإرهابي وطعنة في ظهر المغرب والمغاربة”، مؤكداً على أن “المغرب منخرط بقوة في محاربة الإرهاب بمقاربة شمولية استباقية تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس”.

وأضاف العثماني أن “العمل المتواصل مكّن في السنة الماضية وهذه السنة فقط من تفكيك 20 خلية إرهابية متهمة بالإرهاب، وهو عمل ليس بالسهل”. وقال إنه “لا تنمية من دون أمن، لا استقرار من دون أمن، ولا تقدم وازدهار من دون أمن”، مشيراً إلى أن “المغرب، العازم على المضي قدماً في طريق الإصلاح والتقدم والتنمية تحت قيادة الملك، لا يضره هذا النوع من الحوادث”.

وأشاد العثماني بالسرعة التي أدت إلى توقيف الأشخاص المتورطين بهذا الفعل الإجرامي، واصفاً إياها بـ”السرعة القياسية”. وختم بالتأكيد أن “المغرب بلد آمن ومستقر وسيبقى كذلك”.

رد الفعل الدنماركي والنرويجي على الجريمة

تفاعلت كل من الدنمارك والنروج بشكل إيجابي مع المغرب، عقب الجريمة البشعة والوحشية التي قتلت بها الدنماركية لويز فيسترغر جيسبرسن والنرويجية مارين أولاند على ايدي متطرفين.  إذ أكد البلدان على ثقتهم بالسلطات المغربية وأن المغرب على الرغم من الجريمة البشعة بلد أمن واستقرار.

وقال رئيس وزراء الدنمارك لارس لوكه راسموسن: “تشير الكثير من المعلومات الآن إلى احتمال وجود دافع سياسي وراء عمليتي القتل .. وبالتالي فإنه عمل إرهابي”.

من جانبها قالت الاستخبارات الدنماركية أن “داعش ربما يقف وراء مقتل السائحتين، وذكرت في بيان لها أن: “التسجيل المصوّر والتحقيق الأولي للسلطات المغربية يشيران إلى أن القتل ربما يرتبط بتنظيم داعش الإرهابي”.

وعلقت رئيسة الوزراء النرويجية إرنا سولبرغ على جريمة قتل السائحتين، واصفة العمل بأنه “وحشي وهجوم بلا معنى على أشخاص أبرياء”. وأوضحت أنها واثقة من أن السلطات المغربية ستصل الى الجناة وستحاسبتهم وأن القضية تؤكد على أهمية مكافحة التطرف العنيف.

وأشارت وزارة الخارجية النروجية إلى أن “الغالبية العظمى من الرحلات إلى المغرب خالية من أي مشكلات، ولكن يجب اتخاذ الاحتياطات اللازمة”.

كما أكدت سفيرة النروج في المغرب أن “المغرب بلد آمن وليس هناك خطر على السياح”.

المجتمع المدني المغربي يندد بالجريمة

وقفة احتجاجية للتنديد بالجريمة بالعاصمة الرباط

شهدت العديد من المدن المغربية في 22 ديسمبر/كانون الأول وقفات احتجاجية للتنديد بهذه الجريمة البشعة كان أبرزها في العاصمة الرباط. بحيث شهدت تنظيم وقفات صامتة، رفع المحتجين خلالها لافتات تندد بجريمة قتل السائحتين وعبروا عن تعازيهم لأسرتيهما وتضامنهم معهما. ووضع المشاركون من مختلف الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني الزهور وأضاؤوا الشموع أمام مقر السفارة النروجية ثم أمام السفارة الدنماركية.

Optimized by Optimole