معرض دمشق الدوليّ رسالة سوريّة إلى العالم

معرض دمشق الدوليّ رسالة سوريّة إلى العالم
Spread the love

ملخّص
أرادت حكومة الرئيس بشّار الأسد من معرض دمشق الدوليّ الإيحاء إلى الداخل والخارج بأنّ انتهاء الحرب وشيك، وبأنّ إعادة الإعمار على وشك الانطلاق، وهو ما تجلّى في مشاركة 43 دولة عربيّة وأجنبيّة في المعرض.

بقلم: د. هيثم مزاحم — بين 17 و26 آب/أغسطس الماضي، أقيمت فعاليّات معرض دمشق الدوليّ في دورته التاسعة والخمسين بمشاركة 43 دولة عربيّة وأجنبيّة، وذلك بعد انقطاع خمسة أعوام نتيجة الحرب السوريّة.
صوّرت الحكومة السوريّة بعض المشاركات العربيّة والدوليّة والإقبال الجماهيريّ الكثيف على المعرض على أنّه دليل على انتصار سوريا، واستعادة الاعتراف العربيّ والدوليّ بالحكومة السوريّة والعودة التدريجيّة للشركات الأجنبيّة إلى السوق السوريّة.
قال وزير الاقتصاد والتجارة الخارجيّة السوريّ سامر الخليل في 21 آب/أغسطس إنّه كان هناك إقبال جماهيريّ كبير جدّاً على المعرض تجاوز الـ350 ألف زائر في اليومين الأوّلين، مشيراً إلى أنّ عدد المشاركات الدوليّة كان ملفتاً جدّاً، إذ وصل إلى 43 دولة. وأوضح أنّ افتتاح معرض دمشق الدوليّ هو بداية مرحلة التعافي ليعود الاقتصاد السوريّ تدريجيّاً إلى زهوته وازدهاره.
من جهته، اعتبر وزير الإعلام السوريّ محمّد رامز ترجمان أنّ الجهود التي بذلها الإعلاميّون في تغطية فعاليّات المعرض على مدى عشرة أيّام قد تمكّنت من إيصال رسالة قويّة وواضحة إلى كلّ أنحاء العالم تبيّن مكانة سوريا، مشيراً إلى أنّ الاحتفالات والتوافد الكبير من الزائرين إلى المعرض هي “اختبار ليوم النصر… وأجواء النصر ليست بعيدة عمّا نعيشه اليوم”. ولفت ترجمان إلى وجود الكثير من العقود والصفقات التجاريّة التي وقّعتها الشركات الأجنبيّة المشاركة في المعرض مع شركات وتجّار سوريّين في مختلف القطاعات، ولا سيّما الصناعات الغذائيّة والنسيجيّة السوريّة.
وقال الصحافيّ الاقتصاديّ السوريّ زياد غضن لـ”شجون عربية” إنّ “جملة أهداف سعت الحكومة السوريّة إلى تحقيقها من خلال إعادة إحياء معرض دمشق الدوليّ، بعضها ذات طابع سياسيّ تمثّلت في إظهار حالة الاطمئنان التي باتت تعيشها مؤسّسات الدولة بعد المكاسب الميدانيّة الكبيرة التي حقّقها الجيش السوريّ، بالتعاون مع القوّات الحليفة له، وتجاوزها بالتالي مرحلة الخطر، أمّا ثاني الرسائل التي أرادت دمشق توجيهها من خلال إقامة المعرض، فكانت تأكيدها ما كانت قد ذهبت إليه من أنّ إعادة الإعمار ستتمّ بالتعاون مع الدول الحليفة والصديقة، وهذا ما تؤشّر إليه المشاركات الكبيرة والفاعلة لإيران وروسيا والعراق والصين والهند، لا بل أنّ بعض المشاركات المفاجئة كمشاركة مصر في جناح كبير يقرأ كمقدّمة لتطوّرات قد تطرأ على العلاقات السياسيّة بين الدولتين”.
وأضاف غصن أنّ “التوافد الشعبيّ الكبير على المعرض والحضور الفاعل للفعاليّات الاقتصاديّة كانا بمنزلة رسالة واضحة إلى الشركات ورجال الأعمال العرب والأجانب لطيّ صفحة الخوف من الوضع الأمنيّ في سوريا، وبدء التفكير بمشاريع استثماريّة مختلفة تحتاجها البلاد المقبلة على أكبر ورشة إعمار، هذا فضلاً عن العقود والصفقات التجاريّة الخاصّة التي وقّعت على هامش المعرض، ويعتقد أنّها بأرقام جيّدة، لكن لم يتمّ الإعلان عن تفاصيلها وقيمها الماليّة كما هي العادة، وشملت قطاعات صناعيّة مختلفة كالألبسة والمنسوجات، إضافة إلى المنتجات الزراعيّة وغيرها”.
بدوره، قال الباحث الأكاديميّ السوريّ عقيل محفوض لـ”شجون عربية” في شأن دلالات المعرض، إنّ “سوريا قد تجاوزت المحنة أو قطعت مساراً طويلاً ومعقّداً، والآن تحاول أن تقول للعالم إنّ مسار العمل والإنتاج يمكن أن يبدأ، وفي ذلك رسائل مركّبة: أوّلاً إلى السوريّين الذين أجهدتهم الحرب، وإلى رجال المال والأعمال والمستثمرين، والأهمّ الرسالة الموجّهة إلى الخصوم، من أنّ ثمّة وجهاً آخر للحدث السوريّ يمكنهم التفكير فيه والتطلّع إليه وهو الاستثمار ومكاسب إعادة الإعمار”.
قالت الصحافيّة السوريّة سمر رضوان التي غطّت فعاليّات المعرض لـ”شجون عربية” إنّ “هذا الحدث كان بالنسبة إلينا كسوريّين تحدّياً إذا ما كنّا سننجح في طيّ صفحة الإرهاب، فالمعرض كان حدثاً عالميّاً وهو إنجاز كبير على المستوى الاقتصاديّ، وهو انتصار، لأنّ رقعة الأمان توسّعت كثيراً ميدانيّاً وبات النصر الميدانيّ وشيكاً، وتحقّق الانتصار السياسيّ كذلك”.
يشار إلى أنّ أكثر من 1500 شركة محلّيّة سوريّة شاركت في المعرض، على مساحة 55 ألف متر مربّع. أمّا الجناح الدوليّ فضمّ شركات من 43 دولة، لكنّ إيران كانت حاضرة بقوّة. فقد شاركت 31 شركة إيرانيّة بمساحة ألف متر مربّع، شملت شركات صناعة السيّارات والأدوات المنزليّة والمنتجات الغذائيّة ومواد البناء والخدمات الزراعيّة والأجهزة الطبّيّة والكهربائيّة وقطع غيار الحواسيب والبرامج المعلوماتيّة.
صرّح مدير شركة سومي الإيطاليّة للطاقة كلاوديو زيغنانيني لموقع سوري بأنّ المعرض فرصة كبيرة للتعاون بين إيطاليا وسوريا، مؤكّداً أنّه إذا طلبت دمشق من شركته العمل، فهي على استعداد للتعاون في مجالات الطاقة.
وقال مدير شركة ألمانيّة شاركت في المعرض إنّه، بعد ستّة أشهر، ستتوسّل الشركات الأجنبيّة المقاطعة إلى الحكومة السوريّة للعودة إلى السوق السوريّة.
اختتمت فعاليّات المعرض في 26 آب/أغسطس بتوقيع عدد من الاتّفاقيّات. فقد وقّعت وزارة الإدارة المحلّيّة والبيئة السوريّة مع جمهوريّة بيلاروس اتّفاقيّة لتوريد 200 حافلة الى سوريا بشروط ميسّرة. كما وقّعت وزارة التجارة الداخليّة السوريّة مع شركة أمرسان ومجموعة مينو الصناعيّتين الإيرانيّتين بروتكولي تعاون مشترك ينصّان على التبادل التجاريّ في مجالات المواد الغذائيّة والتجهيزات الكهربائيّة.
وقال مدير المؤسّسة العامّة للمعارض والأسواق الدوليّة فارس كرتلي إنّ معرض دمشق الدوليّ قد حقّق نجاحاً تجاوز التوقّعات، مشيراً إلى توقيع العديد من الاتّفاقيّات بين المؤسّسات والشركات السوريّة العامّة والخاصّة ونظيراتها في الدول المشاركة في المعرض.
لا شكّ في أنّ الكثير من الدول تتطلّع إلى نيل حصّة في كعكة إعادة الإعمار في سوريا، حيث سيكون لحلفاء الحكومة السوريّة، وخصوصاً روسيا وإيران، الحصّة الأكبر. بدورها، تتطلّع الهند إلى المشاركة في إعادة الإعمار، وقد شاركت من خلال عدد من الشركات. وأكّد كيدار ريدي، وهو المسؤول في الجناح الهنديّ وممثّل شركة عاملة في مجال صناعة الإسمنت، رغبة شركته في فتح خطّ لإنتاج الإسمنت في سوريا نظراً إلى أهمّيّته في عمليّة البناء.
ومن الاتّحاد الأوروبّي، كانت لافتة مشاركة 12 شركة تشيكيّة في المعرض.
وكانت حصيلة الصادرات الزراعيّة من المعرض جيّدة، إذ تمّ التوقيع على عقود لتصدير 50 ألف طنّ من الخضار والفواكه السوريّة إلى العراق ومصر والأردن وروسيا والسودان ومولدافيا وفيتنام.
خلاصة القول إنّ حكومة الرئيس الأسد أرادت من معرض دمشق الدوليّ الإيحاء إلى الداخل والخارج بأنّ انتهاء الحرب وشيك والنصر قريب وإعادة الإعمار على وشك الانطلاق، وهو ما عبّر عنه خطاب الأسد الأخير.

Optimized by Optimole