متحف جمال عبد الناصر.. تاريخ زعيم ووطن

متحف جمال عبد الناصر.. تاريخ زعيم ووطن
Spread the love

بقلم: سامح الخطيب — داخل بيت صغير في معسكر الحرس الجمهوري في منطقة منشية البكري في شرق القاهرة، عاش الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر مع أسرته حتى وفاته في عام 1970 .. واليوم تحول هذا البيت إلى متحف يحفظ ذاكرة الشخص والوطن.
داخل بيت صغير في معسكر الحرس الجمهوري في منطقة منشية البكري في شرق القاهرة، عاش الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر مع أسرته حتى وفاته في عام 1970 .. واليوم تحول هذا البيت إلى متحف يحفظ ذاكرة الشخص والوطن.
بدأت عملية إنشاء المتحف منتصف عام 2011 بعد الانتهاء من الدراسات والتصور النهائي للمشروع وموافقة أسرة الرئيس الراحل على تقديم كل متعلقاته الشخصية.
والمتحف مقام على مساحة 13400 متر مربع يحتل المنزل منها 1300 متر مربع وهناك مبنى مجاور صغير كان يستخدم في السابق مقراً للأطباء المرافقين للرئيس وتحول حالياً إلى مكتبة لكنها لم تفتتح بعد وباقي المساحة حديقة.
وافتتح المتحف في 28 سبتمبر أيلول 2016 بالتزامن مع الذكرى السادسة والأربعين لوفاة عبد الناصر.
أول ما يصادف الزائر إلى يسار المدخل (قاعة المقتنيات) التي كانت تستخدم قديماً قاعة للسينما تعرض فيها بعض الأفلام والتقارير المصورة على الرئيس وأحياناً قاعة لاستقبال الضيوف والاحتفالات.
تضم القاعة 75 وساماً ونيشانا حصل عليها الرئيس الراحل أثناء شغله المنصب من عام 1956 وحتى رحيله. كما تضم القاعة مجموعة كبيرة ومتنوعة من الهدايا التي حصل عليها من ملوك ورؤساء ورؤساء حكومات في أفريقيا وآسيا والمنطقة العربية.
من أبرز هذه القطع خنجر ذهبي مطعم بالأحجار الكريمة مهدى من العاهل السعودي الراحل الملك فيصل بن عبد العزيز (1906-1975) ومجموعة من المصاحف بأحجام مختلفة وقطعة من حزام كسوة الكعبة.
في مواجهة قاعة المقتنيات ممر يؤدي إلى قلب منزل عبد الناصر والذي لا يزال قائماً على حاله، كما كان عليه قبل عقود بعد خضوعه بالطبع لعمليات الترميم.
الممر تطل على جانبيه صور لعائلة الرئيس الراحل على فترات متباعدة إلا أن الملفت أنهم جميعا مبتسمون في تلك الصور، وكأنهم يرحبون بالضيوف ما يخلق أجواء حميمية للزائرين.
يؤدي الممر إلى بهو المنزل وهو مكسو بالرخام الأبيض وتتوسطه ثريا كبيرة ويتفرع منه جناحان الأول هو مكتب الرئيس ومعاونيه، والثاني لاستقبال الضيوف من رؤساء ومسؤولين وغرفة جانبية للنساء.

تاريخ وطن
في الطابق الثاني يعرض المتحف بانوراما كاملة لتاريخ مصر منذ قيام ثورة يوليو تموز عام 1952 ثم إعلان الجمهورية في عام 1953، مروراً بمحاولة اغتيال عبد الناصر في ميدان المنشية في الإسكندرية 1954 وإعلان قرار تأميم قناة السويس في عام 1956 وبناء السد العالي وصولاً إلى القمة العربية في عام 1970 التي توفي بعدها مباشرة.
وكان هذا الطابق في السابق يضم نحو 16 غرفة تخص أبناء وعائلة الرئيس الراحل قبل إعادة تهيئة المكان وإزالة الجدران ليصبح معظم الدور قاعة عرض واسعة تضم مئات الصور والتسجيلات الصوتية والمرئية الخاصة في مصر في حقبتي الخمسينات والستينات من القرن العشرين.

أنشودة الوداع

في نهاية الجولة في الدور الثاني يظهر ممر جديد لكنه هذه المرة “ممر جنائزي” تكسو جدرانه صور جنازة عبد الناصر في أول أكتوبر تشرين الأول 1970.
وبالدخول إلى الممر تنساب إلى الآذان (أنشودة الوداع) التي رافقت تشييع جثمانه تتخللها أبيات من رثاء الشاعر عبد الرحمن الأبنودي للرئيس الراحل. بعد أن يقطع زائر المتحف الممر الجنائزي يجد بعض المقتنيات الشخصية للرئيس مثل دبلة زواجه وقبعته العسكرية و(قناع الحياة) وهو قناع يصنع عن طريق سكب مادة الجص على وجه الميت من أجل الاحتفاظ بصورة طبق الأصل لآخر تعبير للمتوفي. وصنع هذا القناع المثَال جمال السجيني.
والغريب أن أسرة عبد الناصر لم تعلم بأمر هذا القناع في حينه بل قدمه نجل جمال السجيني إلى الأسرة بعد وفاة المثَال في عام 1977.
الآن وبعد هذه الجولة يصبح الزائر مهيئاً للدخول إلى غرفة نوم الرئيس التي توفي فيها في 28 سبتمبر أيلول 1970.
الغرفة على حالها بذات الأثاث من سرير وخزانة ملابس وحتى الأرضية الخشبية حتى يكاد الزائر يتصور أنه سيدخل ليرى عبد الناصر ممداً داخلها بعد أن فاضت روحه.
وعن تحويل المنزل إلى متحف ووضع سيناريو العرض المتحفي، قال المهندس كريم الشابوري مصمم متحف جمال عبد الناصر لرويترز: “هناك متاحف كثيرة في العالم تكون في الأصل مباني أقيمت لأغراض أو وظائف أخرى وتم تحويلها إلى متاحف وهو ما يطلق عليه إعادة توظيف للمكان”. وأضاف “في حالة متحف جمال عبد الناصر الأمر لم يكن سهلاً.. لأنه لا يقتصر على إعادة توظيف المبنى كمتحف، لكن التحدي كان أن يحافظ المكان على طبيعته السابقة كمنزل وتضاف إليه قاعات عرض تخدم السيناريو العام لحكاية المنزل وصاحبه”.

مقتنيات المتحف

ساهمت أسرة الرئيس الراحل بشكل كبير في تقديم الكثير من مقتنيات المتحف، كما كان لها دور في إرشاد القائمين عليه في وضع كل شيء في مكانه الأصلي حتى تخرج الصورة للزائر مطابقة للواقع.
وقال الشابوري “أسرة الرئيس الراحل كانت متعاونة لأقصى درجة وبخاصة ابنته هدى وكذلك شقيقها عبد الحكيم وشقيقتها منى. أمدتنا الدكتورة هدى بالمادة التاريخية الموجودة في المتحف سواء الصور أو الأفلام”. وأضاف “عند الوصول إلى المرحلة النهائية والاستعداد لوضع المعروضات وترتيبها داخل المنزل كانوا متواجدين بشكل مكثف لأن المقتنيات لم يكن لها توثيق كامل يوضح وضعها قديماً وبالتالي ساعدونا كثيراً في وضع كل شيء في مكانه الصحيح”.
يخرج الزائر من جولته في المتحف وقد لفحته نسمات تاريخ غني بالتفاصيل والذكريات، تتردد داخله كلمات الشاعر نزار قباني التي رثى بها الزعيم الراحل “مازال هنا عبد الناصر.. من قال الهرم الرابع مات؟”.
المصدر: رويترز