شينخوا : كيف تقوض ممارسات الهيمنة الأمريكية النظام التجاري العالمي

شينخوا : كيف تقوض ممارسات الهيمنة الأمريكية النظام التجاري العالمي
Spread the love

شؤون آسيوية- لطالما أساءت الولايات المتحدة استخدام العقوبات “لمعاقبة” دول أخرى وشكلت زمرا لتعزيز “تعددية زائفة”، مما قوض بشكل تعسفي سلطة وفعالية النظام التجاري العالمي.

وألحقت تصرفاتها أضرارا بالغة بقواعد التجارة الدولية والنظام الاقتصادي والتجاري المتعدد الأطراف. ومن المحتمل أن تضر هذه التصرفات بالاقتصاد العالمي، بما في ذلك الولايات المتحدة نفسها.

— “جاموس أمريكي في حالة هياج”

تحت شعار “أميركا أولا”، وضعت الولايات المتحدة قوانينها المحلية فوق القواعد الدولية ومارست ولاية قضائية طويلة الذراع على دول أخرى لصالحها.

ومتذرعة بما يسمى بـ”مخاوف الأمن القومي”، فرضت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في عام 2018 من جانب واحد تعريفات بنسبة 25 في المائة على واردات الصلب وتعريفات بنسبة 10 في المائة على واردات الألومنيوم بموجب المادة 232 من قانون التوسع التجاري لعام 1962، وهو ما أثار معارضة قوية في الداخل والخارج.

في أكتوبر 2022، قامت الولايات المتحدة بتشديد ضوابط التصدير على قطاع أشباه الموصلات وقطاعات أخرى إلى الصين. وفي فبراير من هذا العام، امتد تنمرها إلى شركات في اليابان وهولندا.

وحتى السنة المالية 2021، تم تنفيذ أكثر من 9400 عقوبة فرضتها الولايات المتحدة، وفقا لتقرير صادر عن وزارة الخزانة الأمريكية.

وقال إيفاندرو مينيزيس دي كارفاليو، رئيس مركز الدراسات البرازيلية الصينية في كلية الحقوق التابعة لمؤسسة جيتوليو فارغاس في البرازيل، “إن سياسة ‘أمريكا أولا’ هي مثل جاموس أمريكي في حالة هياج”.

وذكر كيويوكي سيغوتشي، مدير الأبحاث في معهد كانون للدراسات العالمية الياباني، أن الولايات المتحدة لجأت إلى “عمل من أعمال العالم السفلي” من خلال تقييدها الأنشطة الاقتصادية الخارجية لشركاتها الخاصة، وتشديد ضوابط التصدير باستمرار وإرغام دول أخرى على الانضمام إليها في فرض عقوبات على دول أخرى.
تعددية ذات دوائر صغيرة

بدلا من دعم التعددية الحقيقية القائمة على مبادئ ميثاق الأمم المتحدة والنظام الدولي، أحكمت الولايات المتحدة قبضتها على تعددية زائفة، تخدم مصالح زمرة صغيرة أو كتلة سياسية.

وناقضت الولايات المتحدة نفسها عبر الادعاء بأن ما يسمى بـ”الإطار الاقتصادي لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ” الذي تم إطلاقه في مايو 2022 من شأنه أن يعزز التعاون والاستقرار والازدهار والتنمية والسلام في المنطقة. في الواقع، سيعيد تأسيس القيادة الاقتصادية الأمريكية في المنطقة وسيعمل على إبعاد الصين إلى الهامش.

ويرى محمد آصف نور، مدير معهد السلام والدراسات الدبلوماسية ومقره إسلام أباد، أن الإطار يسعى إلى اتخاذ تدابير أحادية الجانب لإنشاء أنظمة اقتصادية موازية والتلاعب بسلاسل التوريد العالمية.

من مبادرة إعادة بناء عالم أفضل التي طرحت في قمة مجموعة السبع لعام 2021 إلى “المساعدة في تضييق احتياجات البنية التحتية التي تزيد قيمتها عن 40 تريليون دولار في العالم النامي” إلى تغيير علامتها التجارية في يونيو 2022 — مبادرة الشراكة من أجل البنية التحتية والاستثمار العالمي — إلى حشد 600 مليار دولار أمريكي من التمويل العام والخاص للبلدان النامية بحلول عام 2027، فإن عددا قليلا من برامج المساعدة التي تدفعها الولايات المتحدة أثبتت بأنها جديرة بالثقة.

وبحجة “الانفتاح”، بهرجت الولايات المتحدة مثل هذه المبادرات لخدمة أغراضها الجيوسياسية الخاصة. وتبين بأن تعهداتها الاستثمارية ليست سوى وعود فارغة.

“بالنسبة لكل من الإدارات الجمهورية والديمقراطية، يبدو أن المؤسسات المتعددة الأطراف سيجري دعمها أو إنشاؤها عندما يكون بإمكانها المساعدة في تعزيز أهداف السياسة الأميركية؛ وإلا فلن يتم ذلك”، وفقا لكتاب “الهيمنة الأميركية والمنظمات الدولية”
“مفارقة كبرى”

وقال راج بهالا، الأستاذ في كلية الحقوق بجامعة كانساس، إنه من “المفارقة الكبرى” أن الولايات المتحدة، “القوة الدافعة” وراء إنشاء هيئة الاستئناف لمنظمة التجارة العالمية، قد تسببت في انتكاسة كبيرة.

وواجهت هيئة التحكيم التجاري متعددة الأطراف أزمة غير مسبوقة في ديسمبر 2019 عندما منعت الولايات المتحدة اختيار القضاة، وعلقت عمل هيئة الاستئناف. وهذا الإجراء المُشِل عرض النظام التجاري المتعدد الأطراف لتهديد خطير. وخلال اجتماع لهيئة تسوية المنازعات التابعة لمنظمة التجارة العالمية في فبراير، رُفض اقتراح من 127 عضوا في المنظمة لاستئناف عملية اختيار قضاة جدد لهيئة الاستئناف مرة أخرى بسبب اعتراضات الولايات المتحدة.

لطالما أعطت الولايات المتحدة الأولوية لـ”الأداتية” عندما يتعلق الأمر بالقواعد الدولية. وبغض النظر عن منشئ القواعد، أو اعتراف غالبية البلدان، أو تعهدات الولايات المتحدة والتزاماتها، فإن البلد سيتخلى عنها إذا تدخلت في سعيه لتحقيق المصلحة الذاتية والحفاظ على الهيمنة.

وأظهر تقرير لمنظمة التجارة العالمية أن الولايات المتحدة هي أكثر عضو منفلت فيها، حيث تسببت في ثلثي الانتهاكات التي شهدتها منظمة التجارة العالمية.

وقال معتصم راشد، وهو مستشار اقتصادي مخضرم للاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين، “إنها عندما تقوم بسنّ قوانين أو سياسات تجارية وصناعية، فهي تأخذ في الاعتبار مصالحها الخاصة فقط وتتجاهل مصالح الدول الأخرى”.

وأشار إلى أن هذه السياسات ستأتي بنتائج عكسية على الولايات المتحدة نفسها.
المصدر: شينخوا