شينخوا: لماذا تشن الولايات المتحدة “ضربات انتقامية” في الشرق الأوسط

شينخوا: لماذا تشن الولايات المتحدة “ضربات انتقامية” في الشرق الأوسط
Spread the love

شؤون آسيوية

شنت الولايات المتحدة وبريطانيا مساء يوم السبت ضربات جوية مشتركة على أهداف لجماعة الحوثي في اليمن، للمرة الثالثة خلال أسبوعين.

وقبل يوم واحد فقط، نفذ الجيش الأمريكي أيضا ضربات جوية على أكثر من 85 هدفا في العراق وسوريا مرتبطة بـ”الحرس الثوري الإسلامي” الإيراني والجماعات التابعة له ردا على غارة بطائرة مسيرة أسفرت عن مقتل ثلاثة جنود أمريكيين في الأردن في 28 يناير.

– لماذا كل هذه الضربات الأمريكية؟

منذ اندلاع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الأخير، هاجمت جماعة الحوثيين، التي أظهرت دعمها لفلسطين، مرارا السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر، أحد أهم ممرات الشحن في العالم.

في 26 يناير، زعمت جماعة الحوثيين المسلحة أنها شنت هجوما صاروخيا على ناقلة نفط بريطانية في خليج عدن، مما أدى إلى اشتعال النار فيها، وأطلقت صاروخا باليستيا مضادا للسفن باتجاه المدمرة الأمريكية يو إس إس كارني في خليج عدن، ما أدى لرد انتقامي لاحق من الولايات المتحدة وبريطانيا.

وقد دفعت الهجمات المتكررة على السفن في البحر الأحمر العديد من شركات الشحن الدولية إلى الإعلان عن تعليق مؤقت لاستخدامها لهذا المسار، واختارت الملاحة حول رأس الرجاء الصالح في أفريقيا. ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى تأخيرات وتكاليف إضافية، مما يزيد من نفقات الشحن.

في 28 يناير، تعرضت قاعدة عسكرية أمريكية بالقرب من الحدود الشمالية الشرقية الأردنية مع سوريا لهجوم، ما أسفر عن مقتل ثلاثة جنود أمريكيين وإصابة أكثر من 40 آخرين. وهذه هي المرة الأولى منذ اندلاع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الحالي التي يعلن فيها الجيش الأمريكي عن مقتل جنود.

وتنسب الولايات المتحدة الهجوم إلى جماعة “المقاومة الإسلامية في العراق” الموالية لإيران، عبر استخدام ما قالت الولايات المتحدة بأنها طائرات مسيرة إيرانية الصنع لاستهداف الجيش الأمريكي في الأردن. وخلال الآونة الأخيرة، حذر الرئيس الأمريكي جو بايدن والعديد من كبار مسؤولي الحكومة الأمريكية مرارا وتكرارا من اتخاذ تدابير انتقامية بشكل متدرج ضد الجماعات المسلحة التي تهاجم القوات الأمريكية، بدءا من الغارات الجوية التي استهدفت أكثر من 85 هدفا في العراق وسوريا يوم الجمعة.

وقال جون كيربي، منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأمريكي، إن الغارات الجوية الأمريكية التي ضربت أهدافا عسكرية في العراق وسوريا، والتي استمرت حوالي 30 دقيقة، “اختيرت بعناية واستندت إلى أدلة واضحة لا يمكن دحضها بأنها كانت مرتبطة بهجمات على أفراد أمريكيين في المنطقة”.

وذكر دوغلاس سيمز، مدير هيئة الأركان المشتركة، أن الجيش الأمريكي واثق من أنه ضرب أهدافا مرتبطة بالهجمات المستمرة ضد الأمريكيين.

— هل ستشهد تصعيدا؟

يشير محللون إلى أن الجيش الأمريكي قد يستمر في توسيع نطاق الرد الانتقامي في الأيام المقبلة، لكن من غير المرجح نشوب صراع مباشر بين الولايات المتحدة وإيران.

وفي بيان صدر يوم الجمعة، قال بايدن إن “الولايات المتحدة لا تسعى إلى الصراع في الشرق الأوسط أو في أي مكان آخر في العالم، ولكن دع كل أولئك الذين قد يسعون إلى إلحاق الأذى بنا يعرفون هذا: إذا ألحقتم الأذى بأمريكي، فسوف نرد”.

وفيما يتعلق بأية أعمال عسكرية أمريكية محتملة ضد إيران، رفض كيربي الكشف عن أي خطط محددة عندما سُئل. إلا أنه شدد على أن هدف الولايات المتحدة هو “إضعاف وتعطيل قدرات الحرس الثوري الإيراني والجماعات التي يرعاها ويدعمها”.

ومنذ مقتل الجنود الأمريكيين في الهجوم الذي وقع على الحدود الأردنية، واجه بايدن ضغوطا كبيرة للرد على إيران. ودعا بعض الجمهوريين إلى توجيه ضربات ضد أهداف إيرانية، إلا أن هذا قد يتسبب في التصعيد إلى حرب واسعة النطاق، وهو سيناريو يرغب بايدن في تجنبه.

ويعرب البروفيسور دينغ لونغ من جامعة شانغهاي للدراسات الدولية عن اعتقاده بأن سياسة الولايات المتحدة قد لا تكون مجدية، ومن المرجح أن يستمر الشد والجذب المطول في الشرق الأوسط. كما يرى دينغ أنه من المتوقع أن يبقى الوضع متقلبا، إلا أنه من غير المرجح نشوب صراع مباشر بين الولايات المتحدة وإيران.

ما هو الغرض من ورائها؟

يجادل المحللون بأن مثل هذه الفوضى تعكس الارتباك والتناقضات والانقسامات داخل سياسة الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط. وهذا النهج لا يفشل في وضع نهاية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني الحالي فحسب، بل يؤدي أيضا إلى تفاقم التوترات في المنطقة.

وقال طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إنه في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة الأمريكية إلى وقف إطلاق النار في غزة، فإنها تواصل شن هجمات على مواقع تابعة لجماعة الحوثي وأهداف في العراق وسوريا، مما يشير إلى ارتباك في سياسة الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط. فهذا لا يضعف مصداقية الولايات المتحدة في الشرق الأوسط فحسب، بل يظهر أيضا عجزها عن مواجهة التحديات الحالية في المنطقة.

وفيما يتعلق بالزيارة الخامسة لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى الشرق الأوسط، أوضح ليو شين لو، عميد كلية الدراسات العربية بجامعة بكين للدراسات الأجنبية، أن الولايات المتحدة تعمل على تبني موقف يتمثل في التوسط لوقف إطلاق النار لاسترضاء الحلفاء وتخفيف المشاعر المعادية للولايات المتحدة في الدول العربية.

كما يرى بسام الصالحي، الأمين العام لحزب الشعب الفلسطيني، أن الولايات المتحدة لم تفكر أبدا بجدية في وقف إطلاق النار في الصراع، وزيارات بلينكن المتكررة إلى الشرق الأوسط هي ببساطة لمنع بايدن من خسارة الأصوات بسبب الأزمة الإنسانية الناتجة عن صراع غزة خلال حملة إعادة انتخابه.

ويعتقد محمد العمري، الخبير السوري في العلاقات الدولية، أن الأعمال العدائية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط المتوتر بالفعل تؤدي إلى تفاقم الوضع، مما يدفع المنطقة إلى حالة غير مستقرة للغاية، مضيفا أن المواجهة وشيكة، وأي سوء تقدير يمكن أن يدفع المنطقة إلى حافة الصراع.

وقال دينغ إنه لحل التحديات والأزمات في الشرق الأوسط، من الضروري معالجة السبب الجذري للاضطرابات الحالية – الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، مشيرا إلى أن تحقيق وقف إطلاق نار دائم في الصراع هو الخطوة الأولى لحل المعضلة.