شينخوا: تكتيكات التنمر التجارية الأميركية مآلها الفشل

شينخوا: تكتيكات التنمر التجارية الأميركية مآلها الفشل
Spread the love

شؤون آسيوية– كتبت وكالة شينخوا الصينية مقالة رأي قالت فيها: قبل عقود، كان هناك اقتصاد آسيوي على وشك أن يصبح لاعبا رائدا في التجارة العالمية، ولا سيما في قطاع أشباه الموصلات، لكن ازدهاره ونموّه السريع أثار غضب الولايات المتحدة، التي سرعان ما أطلقت حملة شاملة لإحباط آفاقه الاقتصادية.

هذا ما شهدته اليابان في الثمانينيات عندما تفوقت شركاتها على منافسيها الأميركيين عبر مجموعة من الصناعات. ثم جاء اتفاق بلازا عام 1985، الذي سمح للين بالارتفاع بشكل كبير مقابل الدولار الأميركي، ما جعل السلع اليابانية أقل قدرة على المنافسة وأدى إلى قفزة في أسعار الأصول. وتسبب انفجار فقاعة في عام 1991 في انزلاق اليابان إلى سنوات من الركود الاقتصادي، المعروف باسم “العقود الضائعة”.

والآن أصبحت الصين في مرمى تلك الحيل الأميركية القديمة — التعريفات العقابية، والعقوبات التي لا أساس لها، والضوابط المفروضة على الصادرات. ويبدو أن الولايات المتحدة لا تدخر أي جهد لمواجهة الصين والحفاظ على تفوقها باعتبارها القوة العظمى الوحيدة في العالم.

ولكن الصين ليست اليابان. إن ثاني أكبر اقتصاد في العالم، بما يحظى به من سلاسل توريد راسخة ومرونة اقتصادية قوية وسوق واسعة، في وضع أفضل اليوم لمواجهة ضغوط واشنطن.

لنأخذ مثالا على ذلك صناعة أشباه الموصلات، التي تقع مرة أخرى في صميم الخلاف. ويمثل التصديق على قانون الرقائق والعلوم لعام 2022 تدخلا رئيسيا من قبل الحكومة الأمريكية في التنمية الصناعية والسياسات الاقتصادية، وخاصة أشباه الموصلات.
فلنبدأ بأشكال الدعم الضخمة. فهي تعد بتقديم دعم بقيمة 52.7 مليار دولار أمريكي لعملية تصنيع أشباه الموصلات، وأعمال البحث والتطوير ذات الصلة، وتنمية القوى العاملة في هذا المجال لكي تتفوق على الصين في العلوم والتكنولوجيا.

وقد تُرغم الشروط الحمائية المرتبطة بأشكال الدعم صناعة الرقائق أيضا على تقييد الشراكات والمبيعات الخارجية. وإذا لم تعد شركات الرقائق الأمريكية قادرة على البيع للصين، فإنها تخسر أكبر سوق لمنتجاتها.

وحذر آدم بوزن، رئيس معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، من أن تجاهل الحقائق العالمية للتكنولوجيا والتجارة سيضر الأمن الاقتصادي والقومي للولايات المتحدة أكثر مما ينفعه.

وكتب بوزن في مقال لمجلة ((فورين بوليسي)) يقول إن “المسألة المطروحة هي الضرر الأطول أمدا الذي سيلحق بمصالح واشنطن الخاصة جراء اتباع نهج محصلته صفر في الإنتاج الصناعي على حساب بقية العالم”.

— مطاردة عقيمة

ما زاد الطين بلة أن الولايات المتحدة أصدرت مجموعة شاملة من الضوابط على صادرات التكنولوجيا ومعدات صناعة الرقائق إلى الصين، بما في ذلك أحكام تسمح لها بمنع الصين من الوصول إلى رقائق أشباه الموصلات المصنوعة في أي مكان في العالم بمعدات أمريكية. كما مارست ضغوطا على الحلفاء لفرض ضوابط مماثلة على صادرات مجموعة متنوعة من تكنولوجيا أشباه الموصلات مستهدفة في ذلك الصين.

غير أن الشركات الأميركية أخذت بالفعل تفكر في حلول. فشركة صناعة الرقائق الأمريكية (إنفيديا)، على سبيل المثال، سرعان ما عرضت على الصين نوعا جديدا من الرقائق المتطورة يسمى “إيه 800” يلبي القواعد الخاصة بالضوابط المفروضة على الصادرات. وقالت شركة أشباه الموصلات إن قيود التصدير هذه قد تكلف إيرادتها مئات الملايين من الدولارات.

في الواقع، تعتبر الأعمال التجارية في الصين مهمة ومربحة لدرجة يتعذر معها على قادة الصناعة تجاهلها. “فالصين سوق هامة لشركة (إنفيديا)، ومن المنطقي تجاريا أن تعيد تشكيل منتجك لتجنب القيود التجارية”، حسبما نقلت ((رويترز)) عن أحد المحللين.
ولعل نفوذ أمريكا في سلسلة توريد أشباه الموصلات كان سببا في استرخاء صناع القرار السياسي لديها ودفعهم إلى شعور زائف بالأمان إزاء مدى فعالية القيود الأحادية.

على الرغم من أن الولايات المتحدة تسيطر على توريد المعدات اللازمة لتصنيع أشباه الموصلات، وهو قطاع يعرف باسم “الأدوات”، إلا أن عملية إنتاج الرقائق تتكون من بنية معقدة وفي كثير من الأحيان شبكات متداخلة تمتد عبر العالم. وهذا يعني أن العديد من البلدان قد تتمتع بقدر أعظم من السيطرة على أجزاء محددة مقارنة بأجزاء أخرى، ولكن لا يوجد بلد واحد يهيمن على الشبكة بأكملها.

وقد يكون حرمان الصين من الحصول على “الأدوات” بمثابة نقطة خنق يمكن أن تستخدمها أميركا وحلفاؤها على المدى القصير. ولكن ثبت أن ذلك غير مستدام مع مرور الوقت حيث أن اللاعبين الآخرين في السوق، بما في ذلك الشركات الصينية، قد يطورون بدائل للتكنولوجيا الأميركية لملء الفراغ الناجم عن الخروج القسري لشركات “الأدوات” الأميركية.

والأهم من ذلك، قد تواجه شركات “الأدوات” الأميركية تراجعا في مبيعاتها خارج الصين حيث تتطلع الحكومات وشركات الرقائق الأجنبية، التي ستنظر إلى الاعتماد على التكنولوجيا الأمريكية ضعفا، إلى إنشاء خطوط إنتاج خالية من “الأدوات” الأميركية لتجنب التهديد المحتمل لقيود التصدير.

حتى حليفة أميركا المخلصة، كوريا الجنوبية، أثارت مخاوف بشأن سياستها المتعلقة بأشباه الموصلات في شهر مارس. وذكرت وزارة التجارة في البلاد أن “حكومة كوريا الجنوبية توضح أن شروط قانون الرقائق يمكن أن تعمق من أوجه عدم اليقين التجارية، وتنتهك حقوق إدارة الشركات والتكنولوجيا فضلا عن جعل الولايات المتحدة أقل جاذبية كخيار استثماري”.

بالنظر إلى الصورة الكبيرة، سجل حجم التبادل التجاري بين الصين وأمريكا رقما قياسيا جديدا في عام 2022 — 690 مليار دولار أميركي — على الرغم من الحديث الدائر حول “فك الارتباط”. فقد أعلنت شنتشن مركز التكنولوجيا بالصين، وهي موطن لعشرات الشركات المدرجة على قائمة الكيانات الأميركية من (هواوي) إلى (دي جيه آي)، عن نمو اقتصادي سنوي نسبته 6.5 في المائة في الربع الأول. إن مثل هذا الأداء القوي يؤكد على مثابرة صناعة التكنولوجيا في الصين، وهو ما مكّن البلاد من الصمود في وجه الضغوط المتواصلة من جانب واشنطن.

وكان المستثمر الأسطوري وارن بافيت قد اقترح قائلا إنه “من الضروري أن تفهم كل من الولايات المتحدة والصين ماهية اللعبة، فلا يمكن لكليهما أن يضغطا بقوة، ولكن يمكن لكليهما الازدهار”.

ما يدعو للأسف هو أن النصيحة الهادئة والمعقولة لن تضرب على وتر حساس حين تكون الشهية للعبة محصلتها صفر مفتوحة في البيت الأبيض
المصدر: شينخوا

Optimized by Optimole