الشيعة في العقل الصهيوني

الشيعة في العقل الصهيوني
Spread the love

شؤون آسيوية – بقلم: حسن صعب
كتاب الشيعة في العقل الصهيوني (مؤتمر هرتسيليا نموذجاً)
-تأليف: حسن صعب.
-الناشر المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية.
الطبعة الأولى: 2018
لقد تحوّل مؤتمر هرتسيليا الصهيوني، الذي تأسّس سنة 2000، إلى ورشة تفكير دائمة يستمر التحضير لها طوال العام؛ وهو يعكس
عصارة اهتمامات النخب الصهيونية في العالم وليس في "إسرائيل" وحدها، حيث يشارك فيه خبراء استراتيجيون ورؤساء أجهزة
المخابرات وقادة عسكريون ومستشرقون متخصّصون؛ ومن البداية كان التحدي الشيعي هاجساً مسيطراً على مداخلات المحاضِرين، بما
تميّز به من جدّية وخلفية إيديولوجية ومثابرة.
في هذه الدراسة، يتم تتبّع الاهتمام الصهيوني بالشيعة وقواهم الفاعلة، لعلّنا نلتفت إلى عمق التحدّي الصهيوني وشموليته، لنبني بالمقابل
نماذج المناعة الثقافية والحضارية التي تحفظ وحدة الدول العربية والإسلامية وتسعى إلى تكامل جهودها.
يقول معِدّ هذه الدراسة، إن عداء الحركة الصهيونية والكيان المجسّد لأفكارها وأهدافها، والقائم في فلسطين منذ عام 1948، للعرب
وللمسلمين، هو عداء سافر ومثبت، على المستويين الفكري-العقدي والتاريخي. وتصبّ هذه الدراسة في تحديد موقع الشيعة (كدول تضم
أكثريات شيعية أو كحركات أيديولوجية / سياسية) ضمن المشاريع التآمرية التي يتولّى مؤتمر هرتسيليا وضعها منذ العام 2000 وحتى
اليوم.
ولا يعني تركيز الدراسة على الشيعة وكأنهم الأعداء الوحيدون للصهيونية والكيان الغاصب لفلسطين. إن كلّ من يرفض الخضوع
للصهاينة، أو يُبدي اختلافاً جذرياً عنهم، في الفكر أو في السياسة، أو في الحياة العملية، هو عدو لهؤلاء مهما كانت هويته.
وتنحصر الإشكالية التي تعالجها الدراسة في فهم ركائز الرؤية الصهيونية من الشيعة في المنطقة، وجوداً ودوراً سياسياً، من خلال تسليط
الضوء على أهم الطروحات التي صدرت منذ بداية القرن الحالي عن مؤتمر هرتسيليا الذي يُعقد بشكل سنوي، وتحديداً حول الشيعة
و"تهديدهم الخطير"، خصوصاً بعد انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية في العام 1979، والإنجازات غير المسبوقة التي حقّقها حزب الله
(الشيعي) في لبنان، والفصائل العراقية (الشيعية) لاحقاً، ضد الحلف الأميركي – الإسرائيلي.
في الفصل الأوّل، يحلّل الباحث موقعية العالم العربي والإسلامي في العقل الصهيوني، مفنّداً البعدين الاستراتيجي والديني للصراع العربي
– الصهيوني، واللذين يشملان غنى هذا العالم بالثروات والموارد الطبيعية، وبروز الإسلام كعائق أساسي أمام الهيمنة الأميركية
والإسرائيلية في المنطقة.
في الفصل الثاني، يتحدث المؤلّف عن نشأة وأهداف مؤتمر هرتسيليا، الذي يعود اسمه تيمّناً باسم "تيودور هرتسل"، صاحب الرؤية
الصهيونية الحديثة، والذي عمل من أجل أن تأخذ "دولته وشعبها" زمام مصيرهما في تشكيل الأحداث والعمليات الحاسمة لمستقبليهما.
تتوافر تمويلات مؤتمر هرتسيليا أساساً من قِبل رجال الاقتصاد، خاصة كبار أصحاب شركات التكنولوجيا العالية، ومن وزارة "الدفاع"
ومجلس الأمن القومي، والوكالة اليهودية، ومن جهات أخرى.
ولأن هذا المؤتمر ليس "كرنفالاً" احتفالياً، ولا سوقاً للخطابة، فإنه يجري الإعداد له قبل فترة طويلة من انعقاده، حيث تُدعى طواقم
التفكير في المواضيع المختلفة، وإعداد دراسات وأبحاث معمّقة للمواضيع المقرّرة، في كل عام، على جدول أعماله.
ويتمثّل هدف مؤتمر هرتسيليا في السعي لإعمال العقل واستلهام تفكير النخب الاستراتيجية والأمنية في "إسرائيل" وخارجها، بهدف رسم
السياسات الاستراتيجية الإسرائيلية، وتحديد الطرائق والوسائل الأكثر نجاحاً لمواجهة لائحة من التحديات الخطيرة والمصيرية تُحدق
بمستقبل ومصير الدولة العبرية.
من هذا المنطلق يبدأ المؤلّف بعرض الرؤى الإسرائيلية حول الشيعة في المنطقة، بدءاً من شيعة العراق، وهو الذي لم يغب يوماً عن
خطط ومشاريع الكيان الإسرائيلي، في مختلف مراحل الصراع العربي- الصهيوني، مع التركيز على مرحلة ما بعد الغزو الأميركي
للعراق وإسقاط نظام صدّام حسين، حيث صعد نجم الشيعة في هذا البلد، وهم يمثّلون الأكثرية فيه بلا شك.
وتشمل التصوّرات الإسرائيلية لشيعة العراق، مواقفهم من قضية فلسطين، ومن الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ومن انفصال إقليم
كردستان، إلى احتمال امتلاك شيعة العراق سلاحاً نووياً!

بخصوص مواقف شيعة العراق من قضية فلسطين، يناقض "الخبراء والباحثون" الإسرائيليون أنفسهم، حين يحذّرون من (القوّة الكامنة)
للشيعة العراقيين، في مرحلة ما بعد غزو الولايات المتحدة للعراق؛ وهي القوّة التي من الممكن أن تؤثّر في تل أبيب نفسها، مع تعاظم
قدرات الشيعة العسكرية وقيادتهم للمقاومة العراقية ضد الاحتلال الأميركي وقوات التحالف في العراق.
بالمقابل، يزعم الكاتب الصهيوني جاكي خوجي، أن معظم سكان العراق لا يهتمّون على الإطلاق بالنزاع العربي – الإسرائيلي، وبعضهم
فقط ينفر من "إسرائيل"؛ وهم من بقايا عصر صدّام حسين، فيما ولّدت السنوات الأخيرة مجموعة ثالثة ممّن يدعون إلى تجديد العلاقات
مع اليهود!
وينقل "خوجي" عن الكاتب العراقي عدنان أبو زيد قوله إن "العداء لإسرائيل ليس مصلحة الشيعة، وإن على الشيعة واليهود أن يتوصلوا
إلى تفاهمات على أساس إنساني مشترك، تضمن الحياة بسلام في الشرق الأوسط"؛ لكن الباحث العراقي أحمد الملاح يناقض هذه
الادعاءات، مؤكداً على بقاء المزاج العراقي المعادي للكيان الإسرائيلي والداعم للقضية الفلسطينية، برغم نقمة شريحة من الشعب
العراقي على الفلسطينيين، على خلفية تأييدهم لنظام صدّام، وإسهام الشباب الفلسطيني في دعم الجماعات الإرهابية في العراق، عبر
آلاف التفجيرات الانتحارية التي قام بها هؤلاء، على مدار عدة سنوات، وأدّت إلى سقوط آلاف الشهداء والجرحى العراقيين.
عن علاقة شيعة العراق بإيران، لا تُخفي "إسرائيل" قلقها الشديد من احتمال حصول ارتباط وثيق بين شيعة العراق والنظام الإيراني
الشيعي). فقد قدّر الباحث الإسرائيلي في الشؤون العراقية، عيدان باريخ، بأن معركة تحرير الموصل من "داعش" في العام 2016،
أوجدت قناعات إسرائيلية بأنها ستفتح آفاقاً واسعة أمام إيران لزيادة تأثيرها في العراق، من خلال الميليشيات الشيعية العاملة تحت
وصايتها، عبر الحرس الثوري الإيراني.
حول موقف الشيعة العراقيين من انفصال إقليم كردستان، بعد إجراء استفتاء بشأنه (2017)، والذي لا تُخفي "إسرائيل" تأييدها الكامل له
منذ عقود، يقول الخبير في الشؤون الإسرائيلية، صالح النعامي، إن الدولة الكردية (المفترضة) ستمكّن إسرائيل من اصطياد عدة عصافير
بحجر واحد، حيث تفترض أن مثل هذه الدولة ستواصل نهج إقليم كردستان التاريخي في التحالف مع إسرائيل، بحيث يمكنها الارتباط
بشراكة استراتيجية مع تل أبيب، تقلّص من عزلتها.
وفي السياق، يقول معلّق الشؤون العسكرية الإسرائيلي، ألون بن دافيد، إن دولة كردية تضم أجزاء من العراق وإيران وسورية وتركيا،
ستمثّل حليف الأحلام بالنسبة إلى إسرائيل؛ ولكن الموقف الشيعي من هذه القضية كان واضحاً، حين أعلن رئيس الوزراء العراقي
السابق، نوري المالكي، عن رفضه لأي علاقة بين كرد العراق والكيان الإسرائيلي، بقوله: لن نسمح بإسرائيل ثانية في شمال العراق، مع
تحذيره من التداعيات الخطيرة التي سيخلّفها الاستفتاء الكردي الانفصالي على أمن وسيادة ووحدة العراق.
عن سيناريو تسلّح شيعة العراق نووياً، يزعم باحثان إسرائيليان أن هكذا سيناريو وارد في المستقبل، وبقرار من السلطة السياسية
(الشيعية)، مع التزام من الجيش العراقي؛ والأسوأ – برأيهما – تحوّل العراق الشيعي النووي إلى مكمّل لإيران نووية؛ ومن الواضح أن
هذا التهويل الإسرائيلي يهدف إلى توسيع هوّة الخلافات المذهبية والسياسية في العراق والمنطقة، ودفع الدول العربية نحو سباق تسلّح
نووي مع إيران، أو الارتماء بشكل كامل في الحضن الأميركي – الإسرائيلي الخادع.
حول "إسرائيل" وشيعة إيران، تركّز الدراسة على بعدين رئيسين في الرؤية الإسرائيلية لإيران (الشيعية)، والتي جسّدتها مؤتمرات
هرتسيليا المتتالية، منذ بدئها في العام 2000:
1-احتمال امتلاك إيران لسلاح نووي.
2-دعم إيران لحركات المقاومة في فلسطين والمنطقة.
في البعد الأول، يقدّم الباحث والمحلّل "شاهرام شوبين" رؤية شاملة لخطر إيران نووية، زاعماً أنه لا يمكن التعويل على ما تظهره إيران
من التزام بالمعايير الدولية، لجهة التعاطي مع المعتدين عليها. ولهذا السبب، يحرص الإيرانيون على تعزيز قدراتهم العسكرية بأسلحة
دمار شامل!
ويحدّد شوبين دوافع إيران نحو النووي في خانات ثلاث:
1-المكانة، والريادة، والشرعية الداخلية.
2-القدرة على المساومة وبسط النفوذ(مثل كوريا الشمالية).
3-الديمومة على المدى الاستراتيجي وصون استراتيجيا الملاذ الأخير!

وفي السياق الدعائي والتهويلي إياه، حذّر الجنرال الإسرائيلي شاؤول موفاز، في كلمة ألقاها في مؤتمر هرتسيليا السابع، من خطر إيران،
التي تمثّل المصدر الرئيس للمشاكل في الشرق الأوسط؛ وهذا ينبع من حقيقة تورّطها في الإرهاب وفي برنامج تسلّح نووي. ومن المؤكد
أن إيران النووية لن تهدّد إسرائيل فحسب، بل ستهدّد العالم بأكمله، لأنها ستثير سباق تسلّح نووي على امتداد المنطقة بأسرها، كما زعم
موفاز.
ومن المهم الإشارة هنا إلى دراسة إسرائيلية بعنوان (إسرائيل وإيران ومشروع دانيال: استعراض عقب ست سنوات مضت)، والتي
أعدّها الباحث الفرنسي لويس رينيه بيريس حول تمكين "إسرائيل" من جبه الخطر النووي الإيراني، قبل حصول إيران (المفترض) على
القنبلة النووية أو بعده، من خلال عرض عدة سيناريوات ضمن مشروع دانيال.
أما في البعد الثاني، والمتعلق بدعم إيران لحركات المقاومة، فقد عُرضت في مؤتمر هرتسيليا التاسع، دراستان موسّعتان للباحثين
الصهيونيين، شموئيل بار وإسحق هاسون، حول (العلاقات بين الراعي الإيراني والمنظمات السنيّة: حماس والجهاد نموذجاً)، و(أوجه
المماراة الحديثة بين الوهّابيين الجدد وشيعة ما بعد الخميني: الشرخ السني – الشيعي). وهدف هاتين الدراستين المليئتين بالمغالطات
وبمفردات التحريض، كان واضحاً: تخويف العالم العربي من إيران الشيعية والنووية، وتخويف السنّة من الشيعة، من أجل تأجيج
النزاعات الداخلية والإقليمية وإنهاك الحركات المقاومة في المنطقة، وبما يخلّص "إسرائيل" من خطر تلك الحركات المقاومة وبيئتها
الحاضنة.
أما حول (إسرائيل وشيعة لبنان)، فقد كان واضحاً الاهتمام الشديد من قِبل القائمين على مؤتمر هرتسيليا لرصد ومتابعة تطوّر تأثير
وقدرات حزب الله في لبنان، والذي بات بنظر الصهاينة (المارد الشيعي) الذي قد يستحيل إعادته إلى قمقمه، وذلك منذ العملية الاستشهادية
الكبرى التي نفّذها عضو في حزب الله في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني من العام 1982، ضد مقرّ الحاكم العسكري الإسرائيلي في منطقة
صور، والتي أسقطت عشرات القتلى من الضّباط والجنود الإسرائيليين حينها.
وفي هذا الإطار، يركّز الباحث يائير مينزيلي، من خلال ثلاث دراسات قدّمها في مؤتمر هرتسيليا الحادي عشر(شباط 2011)، على
تحليل إيديولوجية حزب الله اللبناني ومسألة (ولاية الفقيه)، وطبيعة العلاقة بين حزب الله و(الراعي) أو (المجير) الإيراني للحزب؛
بالإضافة إلى دراسة حول استراتيجية الجهاد العالمي(الحركات السنيّة المتطرفة)، في مواجهة حزب الله الشيعي الراديكالي!
ومثل غيره من الباحثين الصهاينة الخبثاء، يسعى مينزيلي إلى كشف أو نبش وتوسيع وتعميق الاختلافات السنيّة – الشيعية، في المجالات
الفكرية والفقهية والتاريخية، حيث يختار أسوأ الطروحات السنيّة وأكثرها تطرفاً تجاه الشيعة، وخاصة تلك الصادرة عن (منظّرين أو
أمراء أو فقهاء)، غير ضليعين أو غير مشهورين في أوساط علماء السنّة(مثل أبو بصير الطرطوسي وسليمان العلوان).
ومن المزاعم التي أوردها الطرطوسي بحقّ الشيعة، كما ينقل الباحث الصهيوني المذكور:
-الشيعة يؤوّلون القرآن تأويل أهل الزندقة والكفر(مستدلاً بما ورد في كتاب "الكافي" للكليني). كما يجهر الشيعة بفكرة أن القرآن محرّف
(يقصد الذي تم جمعه في زمن الرسول والصحابة)!
-يؤمن الشيعة بأن للأئمة الاثني عشر صفات خاصة ممنوحة لهم من الله، وأن أصحاب النبي وعموم المسلمين مارقون من الدين(نقلاً عن
الإمام الخميني في كتابه: كشف الأسرار)!
-يتجسّد "كفر" الشيعة في مساعدتهم الكفّار والمشركين، أعداء الأمّة، في حروبهم ضد المسلمين المؤمنين بالله(عبر التاريخ الإسلامي)؛
كما يتجسّد هذا الكفر-حسب زعم الطرطوسي- في قبولهم بالشرك وبعبادة الإنسان والصلاة له وطلب المساعدة من الأموات… وهكذا!
من جهته، قدّم البروفيسور ألكس مينتز، من كليّة لودر للحكم والدبلوماسية والاستراتيجيا في مؤتمر هرتسيليا)، بحثاً حول عوامل صنع
القرار لدى قادة "منظمات إرهابية"، مثل أسامة بن لادن، و(السيد) حسن نصرالله، وخالد مشعل؛ وذلك عن طريق تحليل جملة من
القرارات الصادرة عنهم.
عن ("إسرائيل" وشيعة سورية)، وهو تجاوز اصطلاحي فرضته منهجية الكتاب، يقتطف المؤلّف عدة أفكار وادعاءات وردت في أبحاث
وأوراق عمل قدّمت خلال مؤتمر هرتسيليا، أو في مناسبات أخرى، حول الخطر "الشيعي" المتنامي جرّاء انتصارات النظام السوري
(العلوي) وحلفائه(الشيعة) في إيران ولبنان والعراق على التنظيمات التكفيرية(السنيّة)، وتداعيات هذه الانتصارات على الكيان الإسرائيلي
وأوروبا والولايات المتحدة الأميركية، سياسياً وأمنياً.. واجتماعياً!
فقد رأت دراسة صادرة عن مركز بيغن-السادات في تل أبيب، أن أوروبا التي تعاني من موجات متتالية من اللاجئين والمهاجرين، في
حاجة ماسّة إلى نهاية الحرب الأهلية السورية. لكن السلام الناشئ سيزيد من الهجرة!

وتزعم الدراسة أن من أسباب عدم عودة اللاجئين السوريين (السنّة)، خوفهم من الملاّك الجدد في البلاد، أي الشيعة، وذلك بموافقة
الأسد(العلوي). وهذا التطهير العِرقي سيعزّز حلم (آيات الله) بإنشاء ممر شيعي من إيران عبر العراق وسورية إلى لبنان والبحر الأبيض
المتوسط؛ وهذا الممر سيطوّق المشرق العربي من الشمال، فيما الحرب في اليمن تهدف إلى إنشاء ممر تكميلي من الجنوب. وبين
الممرّات ستجري السيطرة على المملكتين السعودية والأردنية، حتى تقعا في نهاية المطاف في أيدي الشيعة مع "إسرائيل"، الشيطان
الصغير!
وفي السياق، زعمت ورقة أعدّها معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، أن عدد القوّات الشيعية الموالية لإيران في سورية يصل إلى
حوالي عشرين ألفاً. ومن الواضح أن هذا النمط التخويفي الإسرائيلي من النفوذ الشيعي في سورية يهدف لإبعاد خطره عن الكيان
الإسرائيلي تحديدًا، من خلال إشغال الشعوب المجاورة بمواجهات مذهبية مصطنعة وغير مبرّرة.
حول ("إسرائيل" وشيعة اليمن)، يعرض المؤلّف لعدة قراءات إسرائيلية للأوضاع في اليمن، وخاصة في مرحلة الحرب السعودية على
هذا البلد (الحوثي-الشيعي)، أو الذي بات جزءاً من محور المقاومة (الإيراني والشيعي) المهدّد لإسرائيل على المدى البعيد، وربما
المتوسط أو القريب ، بحسب الهواجس الإسرائيلية.
وفي هذا الإطار، يكشف الخبير الإسرائيلي في الشؤون العربية، تسفي بارئيل، أن إسرائيل تفرك يديها فرحاً بما تراه من حرب بين
العرب وإيران، قد تمتد إلى مختلف دول المنطقة، مع تخوّفها من أن تُصاب ببعض شظايا الحريق المتوقع.
ويضيف بارئيل: لعلّ الهم الأكبر الذي يراود صنّاع القرار الإسرائيلي ودوائر البحث ومراكز الدراسات يتعلق بالمدخل الجنوبي للبحر
الأحمر، وهو مضيق باب المندب، لكونه يكتسب أهمية دولية، لأنه طريق حيوي تشقّه ناقلات النفط في طريقها من منابع الجزيرة وإيران
إلى باقي دول العالم عبر قناة السويس.
وفي السياق، ذكر موقع القناة الثانية الإسرائيلية أن التهديدات التي اعتادتها إسرائيل من لبنان، سورية، سيناء وغزة، باتت تضم عضواً
جديداً في المجموعة، هو الحوثيون في اليمن، الذين يهدّدون بإطلاق صواريخ على "إسرائيل".
واللافت في المتابعة الإسرائيلية للتطورات اليمنية، كما في المتابعات الإسرائيلية للأحداث في الدول الأخرى، تركيزها على استثارة
الأبعاد المذهبية والطائفية في الصراع اليمني-السعودي، من دون تحليل الأبعاد السياسية والأمنية والاقتصادية الأكثر أهمية وعمقاً؛
والغايات الإسرائيلية الفتنوية واضحة من وراء هذه القراءات المبتورة والموجّهة.
عن ("إسرائيل" وشيعة فلسطين)، تحدثت تقارير إسرائيلية كثيرة خلال الأعوام الأخيرة عن مخاطر حقيقية على الكيان الإسرائيلي
بسبب تنامي الوجود "الشيعي" داخل الأراضي الفلسطينية المحتلّة عام 1948، كما في قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس السنيّة
منذ منتصف العام 2007.
وهذا القلق الإسرائيلي نابع من اعتبار أمني، لجهة احتمال مشاركة "شيعة" عرب 48 في عمليات عسكرية ضد الاحتلال، أو تقديم
مساعدات لفصائل المقاومة؛ والأخطر هو الاعتبار الأيديولوجي أو الديني، لجهة إسباغ الصبغة الدينية (الجذرية) على الصراع في
المنطقة، ورفض مطلق لأي حلول أو تسويات مذلّة لهذا الصراع.
وفي هذا الصدد، كشف تقرير موسّع نشره موقع صحيفة "السياسة" الكويتية، استناداً إلى تقارير أمنية إسرائيلية، عن تاريخ "الوجود
الشيعي" في فلسطين، وتصاعد التأييد بين شيعة 48 للمقاومة "الشيعية" في لبنان.
وأورد المؤلّف ما تحدّثت عنه مواقع إسرائيلية ذات صلة بأجهزة الأمن الاستخبارات في كيان الاحتلال، حول تزايد أتباع وأنصار
"شيعة" لحزب الله في قطاع غزة، وفي طليعتهم (حركة الصابرين) التي لا تُخفي "تشيّعها"، حسب بعض الاتهامات التي وجّهت إليها،
والتي التقفتها الأجهزة الإسرائيلية وبالغت فيها كثيراً.
وعلى أي حال، فقد تمكّنت هذه الحركة من استيعاب الحالة الرافضة لها، وفرضت وجودها في القطاع، مع تبنّيها خطاباً معتدلاً تجاه أهل
القطاع والفصائل المقاومة، ودعواتها للتركيز على مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، ولو في ظل الاختلافات الفكرية والسياسية "الطبيعية"
بين فصائل المقاومة الفلسطينية كافة.
أخيراً، وفي الاستنتاجات والخاتمة، عرض المؤلّف للعديد من الرؤى والأفكار المهمة، والمستخلصة من متابعته الحثيثة لمؤتمر هرتسيليا
الخطير والبالغ التنظيم، على مدى دوراته المتتالية منذ العام 2000، والتي ركّز معظمها على رصد وتحليل "الخطر الشيعي" المقاوم،
والممتد من إيران إلى فلسطين، مع تقديم مشاريع وخطط إسرائيلية (وغربية) مضادة، من أجل كبح أو إزالة هذا الخطر، والتي لن يُكتب

لها النجاح إذا ما تمّت مواجهتها بأساليب ناجعة، ومن أبرزها نبذ النزاعات المذهبية، وتطوير القدرات اللازمة للحرب الأخيرة مع كيان
الاحتلال في فلسطين، كما مع رُعاته الغربيين على مستوى المنطقة كلّها.
وفي نهاية الدراسة ملحقان:
-الملحق الأوّل: وثيقة كيفونيم الصهيونية الشهيرة، والمنشورة في العام 1982، والتي تدعو إلى تقسيم المنطقة وإقامة (إسرائيل الكبرى).
-الملحق الثاني: دراسة بعنوان (الشيعة: هل باتوا صداعاً في رأس إسرائيل؟)، معتز أحمد، صحيفة "السياسة"، 23/12/2006.

ما سبق هو تلخيص لأهم فصول كتاب بهذا العنوان، للباحث: حسن صعب، والذي نشره المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية في العام 2018م.