واشنطن بوست: هل تعرقل روسيا المحادثات النووية الإيرانية؟

واشنطن بوست: هل تعرقل روسيا المحادثات النووية الإيرانية؟
Spread the love

قالت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية إن ثمة مخاوف من أن الاتفاق النووي الإيراني قد يصبح ضحية حرب أوكرانيا حيث ضغطت روسيا على مطالبتها بالإعفاء من العقوبات الأميركية في أي تعاملات تجارية مستقبلية مع إيران.

وكان المفاوضون يأملون في الانتهاء من اتفاق وشيك لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015، وسمحوا بالفعل بإلغاء العديد من المواعيد النهائية المفترضة بعد 11 شهراً من المحادثات حول سبل إعادة الحياة إلى الاتفاق.

وركزت المحادثات على كيفية إعادة الولايات المتحدة وإيران إلى الامتثال لخطة العمل الشاملة المشتركة، كما يُعرف بالاتفاق، من خلال التراجع عن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة بعد انسحابها من الاتفاقية في 2018 وتراجع إيران عن التقدم الذي حققته في برنامجها النووي رداً على العقوبات الأميركية.

وأضافت الصحيفة أن اندلاع الحرب في أوكرانيا قد أدى إلى تعقيدات إضافية من خلال قلب علاقات روسيا مع الدول الغربية المشاركة في المفاوضات، بما في ذلك الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، إلى جانب إيران والصين. ونظراً لانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق، فإن المحادثات في فندق باليه كوبورغ Palais Coburg في فيينا تجري بين الأطراف المتبقية، حيث يتنقل المفاوضون بين قاعة المحادثات ومكان وجود الوفد الأميركي في فندق مختلف.

وأكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في اتصال هاتفي مع وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، الإثنين، أن روسيا تريد إحياء الاتفاق النووي مصحوباً بضمانات أميركية بأن العقوبات التي فرضها الغرب رداً على الهجوم الروسي في أوكرانيا لن تنطبق على التجارة الروسية مع إيران أو الاستثمار الروسي فيها.

وقالت السفارة الروسية في إيران في تغريدة على تويتر إن لافروف قال لعبد اللهيان إن إنعاش الاتفاق “يجب أن يضمن تمتع جميع المشاركين فيها بحقوق متساوية فيما يتعلق بتطوير التعاون من دون عوائق في جميع المجالات”.

وهز الطلب الذي طرحه لافروف لأول مرة في مؤتمر صحافي في موسكو يوم السبت الماضي المفاوضات الجارية في فيينا. وكانت هذه هي المرة الأولى التي تعطي فيها روسيا أي مؤشر على أن موقفها ربما يكون قد تغير، ويعمل الدبلوماسيون حالياً على تقييم ما تعنيه المطالب الجديدة وكيف يمكن أن تؤثر على فرص الحصول على اتفاق جديد. وبدت إيران مصدومة مثل أي دولة أخرى، حيث اشتكى المسؤولون الإيرانيون لوسائل الإعلام الإيرانية من أنهم علموا بالمطلب الروسي فقط من التقارير الإخبارية، بحسب مزاعم “واشنطن بوست”.

وأشار وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكين في مقابلة يوم الأحد الماضي إلى أن الولايات المتحدة لن تكون مستعدة للمساومة بشأن العقوبات المفروضة على روسيا من أجل الاتفاق النووي، قائلاً إن القضيتين ليستا ذاتي صلة. وقال في مقابلة مع برنامج “واجه الأمة” على شبكة “سي بي إس” الأميركية: “إن العقوبات التي تم فرضها على روسيا لا علاقة لها بالاتفاق النووي الإيراني واحتمالات العودة إلى هذا الاتفاق. هذان أمران مختلفان تماماَ وهما ليسا مرتبطان ببعضها البعض بأي شكل من الأشكال.”

يقول دبلوماسيون إن إيران لا تزال تضغط من أجل مزيد من التنازلات من الولايات المتحدة بشأن القضايا المتعلقة بالضمانات الاقتصادية وإزالة الكيانات الإيرانية من القائمة الأميركية للإرهابيين قبل الموافقة على استئناف الالتزام بالاتفاق. وقال مفاوض غربي إنه لا يزال من الممكن أن تنهار المفاوضات بغض النظر عن أي تحول في موقف روسيا.

وقالت الصحيفة إنه يتعين على الدبلوماسيين الآن التعامل مع احتمال أن تحاول روسيا قلب الاتفاق تماماً أو استخدام المحادثات كورقة مساومة لانتزاع تنازلات من الغرب بشأن العقوبات المتعلقة بأوكرانيا.

وقال هنري روما، المحلل في مجموعة أوراسيا: “هناك توتر حقيقي بين مصلحة روسيا طويلة الأمد في احتواء البرنامج النووي الإيراني وبين مصلحة روسيا الجديدة التي تبدو على استعداد لتقويض علاقاتها مع الغرب”.

وقال كريم سجادبور، الزميل البارز في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، إن روسيا قد لا تكون مهتمة الآن بالبقاء في اتفاق نووي متجدد من شأنه أن يفيد الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين، لكنه قد يضر بالمصالح الروسية من خلال خفض أسعار النفط. وأشار إلى أن إيران ستكون قادرة على بيع نفطها في السوق المفتوحة مجدداً، مما قد يخفف من شح الإمدادات العالمية ويخفض الأسعار بنسبة تصل إلى 10 في المائة.

وأضاف سجادبور: “بالنظر إلى حجم الضغط العالمي على روسيا، فمن المفهوم لماذا قد يحاول الروس جعل الاتفاق النووي الإيراني رهينة لتأمين مصالحهم الخاصة. تريد روسيا أن يشعر العالم بالألم الاقتصادي الناجم عن فرض حظر على النفط الروسي، بينما المساعدة في إعادة النفط الإيراني إلى السوق من شأنه أن يخفف الضربة المالية العالمية”.

واعتبرت الصحيفة أن مشاركة روسيا في الاتفاق النووي ليست ضرورية، لكن خطة العمل الشاملة المشتركة الأصلية تمنح روسيا دوراً مهماً في شحن وتخزين فائض مخزون إيران من اليورانيوم المخصب. كما أن الاتفاق الأصلي مدعوم أيضاً بقرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والذي يمكن لروسيا أن تستخدم حق النقض ضده إذا اختارت معارضة الاتفاق الذي تم إحياؤه.

يقول دبلوماسيون إن هذه قضايا يمكن حلها، لكن من المرجح أن يحد ذلك من حل المحادثات.

وقالت “واشنطن بوست” إنه في غضون ذلك، تواصل إيران تخصيب اليورانيوم وتقترب تدريجياً مما يعرف بنقطة الاختراق، مما يعني أنه سيكون لديها ما يكفي من اليورانيوم المخصب لبناء سلاح نووي إذا اختارت القيام بذلك. وقال دبلوماسي غربي رفيع: “الوقت هو الجوهر”.

نقله إلى العربية بتصرف: الميادين نت