واشنطن بوست: أميركا تخشى غزواً روسياً لأوكرانيا

واشنطن بوست: أميركا تخشى غزواً روسياً لأوكرانيا
Spread the love

شجون عربية – كتب ديفيد إغناتيوس، المعلق المعروف في صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، مقالة رأي في الصحيفة تناول فيها خشية الإدارة الأميركية من غزو روسي لأوكرانيا.

وقال الكاتب إن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية اكتشفت شيئاً مخيفاً في تشرين الأول / أكتوبر الماضي وهو أن روسيا كانت تحرك قواتها نحو الحدود الأوكرانية، لكنها بخلاف عمليات الدفع الحدودية السابقة، كانت موسكو تضع خططاً سرية حول كيفية استخدامها.

وأضاف: كانت “السي آي إيه” قلقة كذلك من أن منطقة الصراع المحتملة لا تبدو وكأنها مجرد الجزء الشرقي من أوكرانيا الذي احتله الانفصاليون المدعومون من روسيا، والذي اقتربت منه القوات الروسية في نيسان / أبريل الماضي، ولكن مساحة أكبر بكثير من البلاد. عندها دُقت أجراس الإنذار في وكالة الاستخبارات المركزية، ثم عبر الحكومة الأميركية.

ورأى الكاتب أن التقارير عن الحشد الروسي لا يمكن أن تأتي في وقت أسوأ من ذلك. فقد كان الرئيس الأميركي جو بايدن يسعى إلى تحسين العلاقات مع موسكو بعد اجتماع القمة في حزيران / يونيو مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في جنيف. وبدا أن الروس يتبادلون الحوار حول الأمن السيبراني والاستقرار الاستراتيجي. وقد أشارت الإدارة الأميركية حينها إلى دعمها لاتفاق دبلوماسي نهائي بشأن أوكرانيا من شأنه أن يمنح بوتين الكثير مما يريده.

لكن التوتر تصاعد خلال شهر تشرين الثاني / نوفمبر الماضي، وهرع مدير وكالة الاستخبارات المركزية، وليام بيرنز، إلى موسكو في بداية الشهر لتحذير الروس من أن غزو أوكرانيا سيؤدي إلى تحطيم الاقتصاد الروسي وإلغاء أي أمل في التقارب مع الغرب. لكن يبدو أن بوتين لم يستمع، واستمر التعزيز الروسي للقوات مصحوباً بخطاب متحدٍ.

وقال أغناتيوس إنه مع دخول الأزمة الأوكرانية في شهر كانون الأول / ديسمبر الجاري، تتبع إدارة بايدن ما يحب صانعو السياسة تسميته “استراتيجية مزدوجة”. ولردع غزو روسي، سيلتقي وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكين اليوم الأربعاء مع حلفاء في حلف الأطلسي (الناتو) في لاتفيا لتبادل المعلومات الاستخبارية الأميركية ومناقشة الخطط العسكرية المشتركة لزيادة تكلفة أي غزو روسي. وفي الوقت نفسه، واصل البيت الأبيض محادثات رفيعة المستوى مع موسكو قد تؤدي إلى لقاء بين بايدن وبوتين، افتراضي أو شخصي، قبل نهاية العام.

وأشار الكاتب إلى أن روسيا لا تتراجع، ولديها نحو 100000 جندي بالقرب من الحدود الأوكرانية، ويتوقع مسؤولو الإدارة الأميركية أن هذا العدد قد يرتفع قريباً. وبينما يخطط الناتو لمواجهة الطوارئ، تتباهى روسيا بتحالفها العسكري “غير القابل للكسر” مع بكين. ويتحدث بوتين عن علاقة موسكو الأبدية مع كييف بنفس الطريقة التي يطالب بها القادة الصينيون بإعادة توحيد الصين مع تايوان. لقد قدم بوتين مبرراً منطقياً للحرب في مقال عاطفي في تموز / يوليو الماضي جادل فيه بأن أوكرانيا وروسيا لا تنفصلان.

وتابع الكاتب: يحب بوتين ممارسة ألعاب العقل مع الغرب. يرسل قوات إلى الجبهة ثم يلوم أميركا على استفزازه. وكان عملاؤه ينشرون شائعات عن مؤامرات انقلابية في كييف. فقد دعا بوتين الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى تقديم تنازلات، وبعد ذلك، عندما استعان زيلينسكي بالقادة الإسرائيليين والفرنسيين للدفاع عن قضيته، رفضه باعتباره ضعيفاً. يوضح ضابط سابق في وكالة الاستخبارات المركزية يعرف أوكرانيا جيداً أن بوتين “يخفف الهدف، ويزيد من التعب، ويشتت انتباه الحكومة”.

من المرجح أن يحذر بلينكين حلفاء الناتو اليوم الأربعاء من أن بوتين ربما يعد حيلة يزعم فيها زوراً أن القوات المدعومة من روسيا تعرضت لهجوم من قبل أوكرانيا، كذريعة لاتخاذ إجراء. وقال بلينكين الشهر الماضي “إن بوتين قدم مثل هذه المزاعم الكاذبة عندما غزا أوكرانيا في عام 2014، وأنها جزء من “كتاب قواعد اللعبة” الخاص به”.

وأوضح الكاتب أن الزعيم الروسي يريد أن تأخذه أميركا على محمل الجد، لكن أبعد من ذلك، يريد الثأر عن إذلال روسيا بعد انهيار الشيوعية. يشرح السفير الأميركي السابف في كييف، ويليام تايلور جينيور: “إنه يريد لصقها بأميركا بأي طريقة ممكنة”.

يتذكر تايلور التحذير الذي وجهه إلى زيلينسكي بعد أن أصبح رئيساً لأوكرانيا في عام 2019، وكان الأخير حريصاً على التفاوض على صفقة مع بوتين: “لا تنجرف إلى الأمر”.

وزعم الكاتب أن تحركات القوات الروسية التي بدأت في تشرين الأول / أكتوبر) الماضي كانت “مثالاً على الإصرار المراوغ لبوتين”.

يشرح جون هيربست، السفير الأميركي السابق لدى أوكرانيا والذي يعمل الآن في مركز “المجلس الأطلسي”: “إن الطريقة التي فعلوا بها تعزيز القوات لم تكن شفافة؛ تم إخفاؤها وتم إجراؤها جزئياً في الليل. يجادل بأنه على الرغم من جرأة بوتين في تنفيذ هذه الخطة الجديدة السرية جزئياً، فإن لعبته خدعة”.

ورأى الكاتب أن الرأي العام قد يكون أكبر مشكلة يواجهها بوتين، في كل من أوكرانيا وروسيا. بقدر ما يتحدث بوتين عن الوحدة الصوفية بين كييف وموسكو، فإن الناس في كلا البلدين لا يريدون الصراع. وأظهر استطلاع للرأي أجراه المعهد الديمقراطي الوطني في آب / أغسطس الماضي أن 76 في المائة من الأوكرانيين يريدون “ديمقراطية تعمل بكامل طاقتها”. وأيد هذا الهدف 71 في المئة من الذين شملهم الاستطلاع في الشرق. كانت المشاعر في خاركيف، بالقرب من الحدود الروسية، مطابقة لتلك الموجودة في العاصمة كييف. وعندما طُلب منهم تسمية تهديد للبلاد، أشار 82 في المائة من الأوكرانيين إلى “العدوان العسكري الروسي”.

وأضاف: يحظى بوتين بشعبية في روسيا، حيث حصل على نسبة تأييد بلغت 67 بالمائة في تشرين الأول / أكتوبر، وفقاً لمركز ليفادا في موسكو. لكن مسحًا أجرته المجموعة في أيار / مايو الماضي أظهر أن النسبة المئوية للأشخاص الذين أرادوا البقاء خارج الحرب في أوكرانيا كانت مطابقة لعدد الذين أرادوا أن تتدخل روسيا. يعتقد 16 في المائة فقط من الروس أن حرب أوكرانيا ستعزز سلطة بوتين، وقال 31 في المائة إنها ستجلب عدم الرضا.

وختم أغناتيوس مقالته بسؤال: كيف يمكنك إيقاف “سيد الجرأة”، كما يصف بوتين مسؤول سابق في وكالة الاستخبارات المركزية؟

وأجاب بالقول إن إحدى الطرق لإيقافه هي التحدث إليه، كما يخطط بايدن، وتقديم تراجع لائق له. لكن إذا فشل ذلك وغزا بوتين أوكرانيا، فإن الولايات المتحدة وحلفاءها سيناقشون هذا الأسبوع كيفية جعله يدفع أكبر تكلفة ممكنة.

نقله إلى العربية بتصرف: هيثم مزاحم عن الميادين نت