“يسرائيل هيوم”: الاتفاق الجديد – ضربة لإيران والتنظيمات الأصولية

“يسرائيل هيوم”: الاتفاق الجديد – ضربة لإيران والتنظيمات الأصولية
Spread the love

بقلم: يوآف ليمور – محلل سياسي إسرائيلي |

الإنجاز الأساسي الذي تحقق بين إسرائيل والسودان ليس ثنائياً بل إقليمياً: دولة أُخرى تخرج من دائرة المواجهة، وتوقف استخدامها مرتعاً لنشاطات سياسية وأمنية معادية لإسرائيل.
بخلاف الإمارات، أهمية السودان الاقتصادية بالنسبة إلى إسرائيل ضئيلة. ليس لديه ما يصدّره إلى إسرائيل، وفي وضعه الاقتصادي الحالي من الصعب أن يكون قادراً على الاستيراد من دولة غالية نسبياً مثل إسرائيل. كالعادة سيكون هناك رجال أعمال يقومون بصفقات مع السودان، وأيضاً تكنولوجيا إسرائيلية – وفي الأساس في المياه، والزراعة، والغذاء – ستساعد في محاولات إطلاقه نحو القرن الحادي والعشرين، لكن يمكن الافتراض أن التجارة الإجمالية بين البلدين ستكون ضئيلة نسبياً.
فائدة الاتفاق هي في ثلاثة أمور أُخرى. الأول، دولة أُخرى معادية لإسرائيل تخرج من دائرة العداء، وتعترف بها، ومستعدة لإقامة علاقات دبلوماسية وتجارية معها. لذلك أهمية، ليس فقط على صعيد التصريحات- من التصويت في المنظمات والمنتديات الدولية، وصولاً إلى محاولات ممارسة ضغط على إسرائيل، أو فرض مقاطعة أو قيود.
الأمر الثاني، هو إسلامي – عربي. حجر آخر سقط في جدار المعارضة لإسرائيل في العالم العربي الإسلامي، وهو ليس مجرد حجر، إنه السودان الذي عُقد في عاصمته الخرطوم بعد حرب الأيام الستة المؤتمر الشهير الذي وافقت فيه الدول العربية على اللاءات الثلاث: لا للاعتراف بدولة إسرائيل، لا للمفاوضات، ولا للسلام. هذه اللاءات الثلاث أبطلها السودان عندما وقّع اتفاق التطبيع مع إسرائيل، وعلى الطريق سقط مكوّن صمد مدة 53 عاماً – الربط بين كل تقدم سياسي من جانب الدول العربية وبين الموضوع الفلسطيني.
الأمر الثالث هو أمني. ليس صدفة أن السودان تبوأ حتى الآن قائمة الدول المؤيدة للإرهاب. على أراضيه توالدت بكثرة عمليات إرهابية لتنظيمات متعددة. فقد سكنه أسامة بن لادن وأقام فيه قيادته حتى هربه إلى أفغانستان في تسعينيات القرن الماضي في أعقاب الهجوم الأميركي على الخرطوم، انتقاماً للهجمات على السفارة الأميركية في كينيا، وفي تنزانيا.
السودانيون لم يفهموا حينها الرسالة، وواصلوا مساعدتهم للإرهاب، في الأساس لإيران. سفن إيرانية رست في مرفأ بور سودان وأنزلت هناك شحنات محملة بصواريخ وراجمات، وحتى صواريخ مضادة للطائرات، وعبوات ناسفة وأسلحة فردية – موجهة إلى حزب الله و”حماس” والجهاد الإسلامي. هذه الأسلحة حُملت في شاحنات واستخدمت الطريق البري الطويل مجتازة مصر، وصولاً إلى سيناء، ومن هناك (بواسطة القبائل البدوية التي تسيطر على التهريب) وصلت إلى التنظيمات الإرهابية الفلسطينية في القطاع.
بالاستناد إلى تقارير أجنبية، عملت إسرائيل عدة مرات على إحباط مساعي التهريب هذه. أغلبية العمليات كانت بحرية، بما فيها، بحسب التقارير، سفن أُغرقت وشحنات سلاح فُجِّرت. عندما اتضح للإيرانيين أن الطريق البحري أصبح سهل الإصابة، انتقلوا إلى أسلوب آخر: إنتاج وسائل قتالية على أرض السودان. فبحسب التقارير، دُمِّر في تشرين الأول/ أكتوبر 2012 مصنع أقيم بموافقة حكومة السودان التي حصلت على مقابل له؛ الذي نفّذ الهجوم الليلي، بحسب التقارير عينها، هو سلاح الجو الإسرائيلي، في عملية مشتركة مع الموساد الذي قدم المعلومات عن المصنع السري. هذه العمليات خفّضت بصورة كبيرة حجم الإرهاب من السودان، لكن يبدو الآن أن الاتفاق الجديد سيتيح تشديد الرقابة على ما يُنفَّذ في هذه الدولة الأفريقية. المقصود ضربة غير بسيطة للتنظيمات الإرهابية، في الأساس لراعيتهم إيران، التي يبدو أنها تتابع بقلق القنوات المتعددة التي تُغلق في وجهها، بعد اختيار دول إسلامية، الواحدة تلو الأُخرى، الانضمام إلى إسرائيل.
ستحاول إيران بالتأكيد إيجاد طرق إرهاب جديدة لدعم حلفائها في لبنان وغزة، وفي الموازاة أيضاً ستستخدم ضغطاً سياسياً في محاولة لمنع دول أُخرى من الانضمام إلى إسرائيل. يدور وراء الكواليس صراع حول قطر، إذ تحاول الولايات المتحدة وإسرائيل المصالحة بينها وبين السعودية والإمارات، لإبعادها عن المحور الإسلامي المتشدد برئاسة تركيا، وتقريبها منهما. إذا نجحت هذه الجهود، ستجد الدول الراديكالية نفسها أكثر عزلة من قبل، وستتلوّن المنطقة بألوان واضحة، “طيبون” مقابل “أشرار”.

المصدر: صحيفة “يسرائيل هيوم” الإسرائيلية – عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية.