هآرتس: بعد أقل من أسبوع من الموعد المحدد، يبدو أن نتنياهو يسعى لضم جزئي في الضفة

هآرتس: بعد أقل من أسبوع من الموعد المحدد، يبدو أن نتنياهو يسعى لضم جزئي في الضفة
Spread the love

عاموس هرئيل – محلل عسكري اسرائيلي/

بالنظر إلى ما هو مطروح على المحك، لا يُظهر نتنياهو في هذه الأيام قلقاً كثيراً أو نشاطاً خارجاً عن المألوف. رئيس الحكومة يطيل البقاء في مكتبه، ويبتعد بقدر الممكن عن مقر الكنيست ويشاهد التلفزيون، ولو لم يكن بالالتزام الذي يتميز به صديقه رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب.
عدد النقاشات الأمنية التي يجريها تقلص مؤخراً. عندما كان نفتالي بينت في وزارة الدفاع لم يكن نتنياهو يثق به، وأعطاه صلاحيات قليلة. الوزير الجديد (رئيس الحكومة المناوب) بني غانتس، يرخي له نتنياهو الحبل أكثر في المجال الأمني. مع ذلك، عدد من النقاشات التي تجري يتركزعلى خطة الضم، وبحسب علمنا، لم يتم الدخول بعد في تفصيلات التفصيلات. ومجلس الأمن القومي قليلاً ما يجتمع.
في الحقيقة نتنياهو ليس بحاجة إلى غانتس وحزب أزرق أبيض من أجل إقرار قانون الضم في الكنيست. على ما يبدو، سيكون لديه أغلبية كبيرة أيضاً من دونهما بفضل أصوات حزبي يمينا وإسرائيل بيتنا المعارضيْن. اللغم يكمن في البند 28 من الاتفاق الائتلافي بين الليكود وأزرق أبيض، والذي يحدد أن يعمل نتنياهو وغانتس باتفاق كامل مع الولايات المتحدة في كل ما له علاقة بخطة ترامب، “بما في ذلك موضوع الخرائط مع الأميركيين وإجراء حوار دولي بشأن الموضوع.”
الأميركيون سبق أن أوضحوا رغبتهم في أن يُتخذ قرار الضم بإجماع حكومي في إسرائيل. لكن بعد أقل من أسبوع من الموعد المحدد للبدء بعملية الضم في الأول من تموز/يوليو، فإن السؤال المفتوح هو ما الذي تريده واشنطن- وفي الأساس مَن يقرر موقفها.
في نظرة إلى الوراء، فإن أحد المسارات المذهلة التي جرت في السنوات الأخيرة هو ذلك المتعلق بنجاح مجلس يهودا والسامرة في الاستحواذ على السياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط. تعيين المقرب من ترامب صديق المستوطنين ديفيد فريدمان في موقع سفير الولايات المتحدة في إسرائيل له دور مركزي في البلبلة الحالية. فريدمان حث من دون كلل على تطبيق الضم. وحضر هذا الأسبوع الاستشارات في واشنطن. ليس لدى طاقم السفارة في إسرائيل فكرة عمّا يخطط له السفير، وماذا سيقرر الرئيس، وماذا سيقول الركن الثالث في المثلث جاريد كوشنير، صهر ترامب.
مستشارة ترامب، كيليا كونواي، وعدت أمس الصحافيين بـ”تصريح كبير” للرئيس بشأن الضم. باستثناء ذلك، ليس من الممكن أن نفهم من كلامها شيئاً عن نوايا ترامب. لكن يبدو أن نتنياهو يخطط لخطوته في الأسبوع المقبل. والتقدير الذي يزداد ترسخاً في المؤسسة الأمنية وفي الساحة السياسية هو القائل إن رئيس الحكومة يفكر في ضم رمزي محدود، ربما لمنطقة معاليه أدوميم القريبة من القدس، والتي تحظى بإجماع إسرائيلي. خلال اجتماعه مع قادة المستوطنين، طرح نتنياهو فكرة الضم على دفعتين. لكن جزءاً كبيراً من زعماء مجلس يهودا والسامرة يعارض ضماً جزئياً (حتى 30% من المنطقة)، ويشك في وفاء نتنياهو بوعده بالقيام بدفعة ثانية من الضم مستقبلاً.
الربح السياسي الذي من المتوقع أن يحصده نتنياهو من خطة الضم هو موضع شك حالياً، في وقت تتراكم المخاطر الاستراتيجية. في الأمم المتحدة وفي الاتحاد الأوروبي تزداد حدة معارضتهم الخطة. وزارة الدفاع التي أنجزت هذا الأسبوع أرقام التصدير الأمني لسنة 2019 (7.2مليار دولار) تشعر بالقلق حالياً حيال إمكان توقف صفقات أُخرى مع أوروبا إذا تحقق الضم. أنظار كثيرة في الشرق الأوسط تتوجه إلى الأردن القلِق جداً من إمكان ضم إسرائيلي في الضفة الغربية، وخصوصاً في الغور. المملكة الأردنية تعاني جرّاء عدم استقرار كبير بسبب الأزمة الاقتصادية وفضائح الفساد المستمرة. أيضاً زعماء دول الخليج، الصديقة لنتنياهو، لن تغفر له إذا بدأ بدحرجة كرة ثلج ستؤدي إلى تهديد نظام الملك عبد الله.
بموازاة ذلك، يبدو أن نتنياهو بدأ يحضر لنفسه حجة محتملة لتبرير تجميد الضم، من خلال توجيه التهمة إلى غانتس ووزير الخارجية غابي أشكنازي. في الواقع، تهديده بالذهاب إلى انتخابات إضافية بسبب الخلافات على الضم، والذي يتردد صداه على صفحات “يسرائيل هَيوم” مثير للشكوك. ما يهتم به الناخبون الإسرائيليون ليس الضم، بل الكورونا، وفي الأساس الأزمة الاقتصادية الهائلة التي ولّدها الوباء.
بحسب استطلاعات للرأي، فإن حل الائتلاف اليوم ينطوي على مخاطرة: الرأي العام يمكن أن يتغير في الخريف إذا لم يختفِ الكورونا هنا، وإذا تفاقم الوضع الاقتصادي. في هذه الأثناء، يخوض رئيس الحكومة معركة صدّ لتشعب التحقيقات ضده بقضايا جديدة وينتظر الفرصة التي تسمح له بالتوصل إلى الحل المرغوب بالنسبة إليه- انتخابات جديدة، فوز، وبعدهما قانون يوقف الإجراءات القانونية المفتوحة بحقه.
في لقاء غانتس بالمراسلين العسكريين في يوم الثلاثاء الماضي، كان من الصعب تجاهُل الوضع الكئيب لرئيس الحكومة المناوب. يعلم غانتس بأن انضمامه إلى نتنياهو وجّه له ضربة شخصية وسط ناخبيه. ثمة شك كبير في أن ينجح في إعادة موضعة نفسه كبديل في الانتخابات المقبلة. حالياً، هو يراهن على مرور الوقت. يأمل غانتس بأن يقتنع ناخبوه لاحقاً بأنه في الظروف التي واجهها، وفي ضوء تخوفه من فوز جارف لنتنياهو في انتخابات رابعة، فإنه قام بالأمر الصحيح. لكن يبدو أن إنجازاته القليلة- استقرار الاضطراب الداخلي في وزارة العدل، وربما شيء من الكبح في نقاشات الضم- غير كافية كي تمحو خيبة أمل الكثير من ناخبيه

المصدر: صحيفة هآرتس الاسرائيلية _ عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية