الاستيطان نَقِيضٌ لِحَلِّ الدولتين

الاستيطان نَقِيضٌ لِحَلِّ الدولتين
Spread the love

بقلم: توفيق المديني* — أكَد التصويت الأميركي على قرار مجلس الأمن رقم 2334، الذي يدين الاستيطان الصهيوني في فلسطين المحتلة ،تماهي مواقف إدارة أوباما مع رؤيتها لحل الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي . فمنذ مجيئه إلى السلطة في بداية سنة 2009 ، قال الرئيس أوباما إن «الوضع بالنسبة للفلسطينيين غير مقبول» مُشّدِداً على أن أمريكا لن تدير ظهرها للتطلعات المشروعة للشعب الفلسطيني إلى دولة خاصة به».. وأكد أن «الولايات المتحدة لا تعتبر استمرار بناء المستوطنات (في الأراضي الفلسطينية) شرعياً». وتعهد بأن «يتابع شخصياً» الجهود من أجل تسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس حل الدولتين. كما أعلن أوباما،أن «الولايات المتحدة الأمريكية لا تقبل مشروعية استمرار المستوطنات الإسرائيلية»، أي رفض استمرار الاستيطان كلياً.
وقد أكّد وزير الخارجية الأميركي،جون كيري خلال مؤتمر صحفي عقده قبل يومين ،أنّ «حل الدولتين هو الطريق الوحيد لضمان مستقبل الإسرائيليين والفلسطينيين»، مضيفًا، «خلال ولايتيْ إدارة باراك أوباما، التزمت الإدارة الأميركية بأمن إسرائيل، ونحن دائماً ندافع عن حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، حتى أنّ نصف المساعدات الخارجية الأميركية قدمناها لإسرائيل، ولكن في الوقت نفسه أود التأكيد أن علينا الدفاع عن مصالح الولايات المتحدة، وجميع الإدارات الأميركية، ديمقراطية وجمهورية عارضت الاستيطان في الأراضي المحتلة».
ومثل الموقف الأميركي من الاستيطان تحدياً حقيقياً لإسرائيل لم تشهد البلاد مثيله منذ سنين عديدة إذ ولأول مرة منذ عام 1967 لا تستطيع إسرائيل الاعتماد على الدعم غير المشروط لرئيس أمريكي، فالرئيس أوباما لم يمنح إسرائيل أي «شيك على بياض» ،بل إن الرئيس أوباما طالب إسرائيل بالتخلي عن تطلعاتها وعن بعض سلوكياتها وعقائدها الأمنية والتي غدت جزءاً مكملاً من بسيكولوجيتها خلال العقود الست المنصرفة وطالبها بتغيير جذري لطرق تفكيرها الخاصة بالحدود والأمن على المدى الطويل وكذلك بموقع إسرائيل في المنطقة.‏
ومنذ حرب يونيوعام 1967 عملت كل الحكومات الصهيونية المتعاقبة على تطبيق سياسة توسيع الاستيطان من خلال التوسع في الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، سواء بصورة معلنة أو غير معلنة ، باعتبارها تخدم مشروع «إسرائيل الكبرى» الممتدة من النهر إلى البحر، وجاء الرئيس اوباما وطالب بضرورة وقف سياسة الاستيطان هذه .
الإدارة الأميركية في عهد الرئيس أوباما، تؤكد دائماً على أنّ «حل الدولتين هو الطريق الوحيد لمستقبل إسرائيل كدولة ديمقراطية».وكان وزير الخارجية الأميركي جون كيري حذر من أنّ «حل الدولتين بات الآن في خطر لغياب الحوار، وأصبح الآن على المحك بسبب العنف والتحريض والاحتلال والاستيطان. بعضهم يعتقد أن صداقتنا مع دول تعني القبول بكل السياسات حتى لو كانت تعارض سياستنا. أخفق الإسرائيليون في الاعتقاد أننا لن نقف في وجه القضاء على حل الدولتين».
منذ أكثر من خمسين عاما، كان جوهر الموقف الأميركي و لا يزال من قضية التسوية للصراع العربي- الصهيوني ينبع من المصلحة الأميركية ، التي لم تكن راغبة في حل القضية الفلسطينية حلاً عادلاً.و الذي يؤكد صحة ما نقوله ، أن هناك العديد من الرؤساء الأميركيين طرحوا مشاريع للحل و لم يتوصلوا إلى تحقيقها، و أن أكثر من رئيس: بوش الأب و الإبن وعدا بإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة إلى جانب إسرائيل ، ولم يتوصلا إلى إقامتها، و السبب في ذلك،ليس لأن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة رفضت ذلك فحسب، بل لأن الولايات المتحدة الأميركية لم تكن مستعدة أو مهيأة لتسوية الصراع الفلسطيني –الإسرائيلي.

يعتقد المتابعون الأميركيون و العرب للسياسة الخارجية ، و للمواقف ، و للتحركات التي قام بها الرئيس الأميركي باراك أوباما ، أن هذا الأخير واجه تحدياً حقيقياً من جانب إسرائيل بوصفها حليفة استراتيجية تقوم بدور وظيفي لمصلحة الولايات المتحدة، لا تتخلى عنه ، وعن مواقفها و سياساتها بسهولة إزاء قضية الصراع العربي- الصهيوني ، مع أن أميركا حليفة أقوى منها و بما لايقاس، ورغم حاجة إسرائيل إليها اقتصادياً و عسكرياً ووجودياً.

*كاتب تونسي

المصدر: صحيفة الشرق

Optimized by Optimole