هآرتس: مَن لم يحضر

هآرتس: مَن لم يحضر
Spread the love

كأنما هو ليس حزباً قديماً في السلطة، تظاهر مناصرو الليكود أمس في تل أبيب ضد جهاز فرض القانون، احتجاجاً على تقديم ثلاث لوائح اتهام ضد رئيس الحكومة نتنياهو بتهمة الفساد، والاحتيال، وخيانة الثقة.
تحت شعار باطل “حراسة الدولة ووقف الانقلاب على الحكم” تجمع بضعة آلاف – بينهم أعضاء تنظيمات يمينية مثل “إم ترتسو” [إذا شئتم]، و”إسرائيل شيلي” [إسرائيل الخاصة بي] و”قيادة النضال المشترك للمعسكر القومي” – وتظاهروا ضد أجهزة السلطة الموجودة منذ أكثر من عشر سنوات بين يدي ممثليهم في الحكومة، ودعوا إلى “التحقيق مع المحققين”. وهذا قمة العبث. مَن الذي كان يتولى جهاز القضاء الذي يشوهونه مثل فوضويين مراهقين، أليست ممثلة المستوطنات في الحكومة أييليت شاكيد؟ مَن هو الوزير المسؤول عن الشرطة، أليس غلعاد إردان من الليكود؟ ومَن عيّن المفوض العام للشرطة، عدوهم اللدود، روني ألشيخ، والمستشار القانوني للحكومة أفيحاي مندلبليت – اللذين تحولا إلى عدوين للشعب؟ مَن الذي يمسك منذ سنوات طويلة بدفة السلطة، وبزمام كل هذه الأجهزة التي يتظاهرون الآن ضدها من دون وعي، أليس المتهم بارتكاب جنايات نتنياهو؟
الغياب شبه الكامل لوزراء من الليكود – باستثناء ميري ريغيف – ومن كتلة اليمين عموماً، وفي المقابل، مشاركة أشخاص مثل دانييلا فايس [من زعماء حركة غوش إيمونيم الاستيطانية الدينية] ويغآل لفينشتاين [من زعماء المستوطنين المتدينين] ويورام شيفتال [محام مثير للجدل اشتهر بدفاعه عن شقيق قاتل رابين يغآل عمير، وعن الجندي أزرايا مطلق النار على فلسطيني في الخليل، وعن رئيس الدولة الأسبق موشيه كتساف] يدل على وضع نتنياهو المتدهور. لقد وظف نتنياهو جهوداً هائلة في محاولات إقناع وزراء الليكود وأعضاء الكنيست من الحزب كي يظهروا وجودهم في التظاهرة. وبذل كل ما في وسعه لجذب الجماهير إلى الساحة: أرسل بيانات إلى أعضاء الليكود، ونشر شريطاً على الفايسبوك طلب فيه من أنصاره المجيء؛ وخرج ليلتقي النشطاء الذين تظاهروا بالقرب من مقره في القدس، ودعاهم إلى المشاركة في التظاهرة للمؤازرة؛ وطلب من رؤساء السلطات في المناطق [المحتلة] دعوة أنصارهم إلى المشاركة في التظاهرة أيضاً؛ واتصل هاتفياً برؤساء فروع الحزب والناشطين المركزيين، وأرسل مساعديه لإقناع الوزراء. ومع هذا كله، النتائج الضئيلة تؤكد وجود قلائل جداً ما زالوا يصدقون البضاعة الفاشلة التي لا أساس لها عن “الربيع الإسرائيلي” المزيف.
يحب نتنياهو التباهي بتأييد الجمهور له، ويلمّح إلى أن هذا يكفي لمنحه حصانة ضد إحالته على المحاكمة. في الأمس تبددت أيضاً هذه الذريعة المشكوك فيها. نتنياهو سيضطر في نهاية المطاف إلى النظر مباشرة إلى الواقع، وأن يدرك أن مرحلة توليه رئاسة الحكومة قد انتهت وبدأت مرحلة كونه متهماً جنائياً. من الأفضل له أخيراً أن يحرر الدولة من سيطرته المؤذية، وأن يخصص من الآن فصاعداً معظم وقته لمحامي دفاعه.

المصدر: صحيفة هآرتس الاسرائيلية _ عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية