Ynet: مأزق حسن روحاني

Ynet: مأزق حسن روحاني
Spread the love

د. راز تسيمت – باحث في معهد دراسات الأمن القومي/

في اليومين الأخيرين وجدت إيران نفسها في مواجهة موجة أُخرى من الاحتجاج في أعقاب قرار السلطات رفع أسعار الوقود بنسبه كبيرة وتقنين استخدامه. تمدد الاحتجاج إلى عشرات المدن، والقوى الأمنية التي كثفت وجودها مسبقاً في المدن المركزية، تعمل على تفريق التظاهرات.
هذه هي التظاهرات الأخطر التي تشهدها إيران منذ موجة الاحتجاج في كانون الأول/ديسمبر 2017 وكانون الثاني/يناير 2018. الاحتجاج الحالي مثلها، هو اقتصادي في جوهره على الرغم من أنه يتخذ طابعاً سياسياً ومعادياً للمؤسسات أحياناً. خلال التظاهرات سُمعت هتافات تندد بالرئيس حسن روحاني، وأيضاً ضد عمليات النظام الإيراني خارج إيران، والتي حصدت ثمناً باهظاً على حساب معالجة ضائقة المدنيين.
يبدو توقيت قرار رفع أسعار الوقود وتقنين استخدامه مفاجئاً، لأن الجمهور الإيراني يعاني اليوم أيضاً جرّاء ضائقات اقتصادية حادة وتضخّم بلغ نحو 40%. هذا، بالإضافة إلى الاحتجاج الشعبي في العراق وفي لبنان، يثير تخوفاً وسط السلطات في إيران من انزلاق التظاهرات إلى أراضيها. في بداية سنة 2018، اضطر الرئيس روحاني، بسبب الاحتجاج الشعبي، إلى التراجع عن نيته رفع أسعار الوقود بعشرات في المئة، وإلغاء حق ملايين المواطنين بمخصصات. لكن تفاقُم الأزمة الاقتصادية جرّاء العقوبات الاقتصادية يجبر الحكومة حالياً على القيام بمخاطرة محسوبة وتنفيذ جزء من خطواتها التقشفية، قبيل تقديم ميزانية الدولة وإقرارها في البرلمان في الأسابيع المقبلة.
قرار رفع أسعار الوقود يثبت مجدداً ضخامة الأزمة الاقتصادية التي أجبرت الحكومة الإيرانية على تخفيض ميزانيتها جرّاء الانخفاض الحاد في مداخيلها من النفط والعجز الخطير في الميزانية. ينطوي رفع أسعار النفط على خطر توسع الاحتجاج، وتالياً إلى خطوات سبق أن اتُخذت مع قدر من النجاح، لتقليص اعتماد مداخيل الدولة على النفط، ولاستقرار العملة المحلية، الريال.
نشوب الاحتجاج ينطوي أيضاً على انعكاسات سياسية على الرئيس روحاني. قرار الحكومة يمكن أن يضعف أكثر فـأكثر مكانته الضعيفة أصلاً، بينما يستغل خصومه السياسيون الوضع من أجل النيل منه ومن سياسته قبيل الانتخابات البرلمانية المتوقعة في شباط/فبراير 2020.
من السابق لأوانه معرفة إلى أي حد يمكن أن يشكل الاحتجاج تحدياً مهماً لاستقرار النظام الذي لا يزال يحتفط بالقدرة على صرف الانتباه عن جزء من الانتقادات العامة للحكومة والرئيس. ويبدو أن الاحتجاج الحالي موجّه نحو تحقيق أهداف اقتصادية محدودة أكثر منها أهداف سياسية. مع ذلك، تدل موجة الاحتجاج على الحجم الكبير للإحباط العام، وعلى ازدياد عدم ثقة المواطنين بالسلطات. ينطوي رفع أسعار الوقود على إمكان زيادة الاحتجاج الذي خمد بصورة كبيرة في بداية سنة 2019، وهو يفاقم المعضلة التي تواجهها السلطات في طهران- التي لا بد لها من فرض خطوات تقشفية للحد من تأثير العقوبات، لكنها تتخوف من ازدياد الاحتجاج.
مع ذلك، وعلى الرغم من الاحتجاج، لا يوجد في المرحلة الحالية ما يدل على أن القيادة الإيرانية تنوي الخضوع لمطالب الإدارة الأميركية، والموافقة على العودة إلى المفاوضات قبل أن توافق هذه الأخيرة على التخفيف من العقوبات أو تغيير تقديرها بأنها قادرة على الاستمرار “فترة ما”، على الأقل حتى الانتخابات الأميركية في سنة 2010

المصدر: موقع Ynet الاسرائيلي – عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية