د.عقل صلاح: القضية الفلسطينية قضية مركزية ودور حماس بها مركزي ومحوري

د.عقل صلاح: القضية الفلسطينية قضية مركزية ودور حماس بها مركزي ومحوري
Spread the love

خاص “شجون عربية”

نبذة تعريفية:
ولد عقل صلاح في 15كانون الثاني/يناير1970، في بلدة برقة قضاء نابلس في الضفة الغربية، درس العلوم السياسية والاقتصاد في جامعة النجاح الوطنية وحصل على شهادة الماجستير في التخطيط والتنمية السياسية من نفس الجامعة، ويحمل درجة الدكتوراة في النظم السياسية المقارنة من جامعة القاهرة بدرجة إمتياز، ونشرت أطروحته في مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت. بدأت رحلته في عذاب الاعتقال سنة 1987حيث أمضى ست سنوات في الاعتقال الإداري دون تهمة وتحت بند الملف السري ويشكل خطرًا على أمن إسرائيل، عمل مديرًا لمكتب الشهيد القائد أبو علي مصطفى ومن ثم مديرًا لمكتب الأسير القائد أحمد سعدات حتى اعتقاله من جديد من المكتب في رام الله سنة 2004 ليقضي تقريبًا ثلاث سنوات في الاعتقال الإداري، له عشرات الدراسات العلمية المحكمة المنشورة على المستوى العربي والدولي ومئات المقالات العلمية.
عند الحديث عن حركة حماس، فإن الموضوع يدور حول جذورها التاريخية وارتباطها قديمًا وحاليًا بحركة الإخوان المسلمين عالمية، فموقفها الحديث من الغزو التركي لأجزاء من سوريا تفتح من جديد أمام الباحثين والكتاب أبوابًا لدراسة الارتباط الحمساوي بالحركة العالمية للاخوان ومدى تأثير حركة الإخوان في صنع القرار السياسي لحركة حماس، وأجرت مجلة “شجون عربية”الحوار الآتي معه:

1. ماهو تعليقك على موقف حماس الرسمي تجاه الغزو التركي لاجزاء من الشمال السوري ؟
صلاح: لقد بدأ العدوان التركي على سوريا باسم نبع السلام وبحجة حماية الحدود، بعدها اقحمت حركة حماس نفسها من خلال إصدارها بيانًا رسميًا متفهمًا للعمليةِ بذريعة حق تركيا في الدفاع عن نفسها وتأمين حدودها، وبهذا البيان تكون حماس قد قرأت الفاتحة على الدور الحثيث والشاق لكل من إيران وحزب الله من أجل إعادة علاقات حركة حماس مع سورية، فهذا الموقف لم يكن مفاجئا لي فحركة حماس تجد بالدولة التركية الأم البديلة بعدما خسرت الأم في مصر، فهذا الدعم هذه المرة يغلق الباب أمام عودة حماس لسوريا، فحماس دعمت قبل ثماني سنوات مايسمى بالثورة السورية واليوم تدعم العدوان التركي على سوريا؛ كل ذلك يؤكد أن قيادة حماس يغلب عليها الإنتماء الاخواني، فهي مازالت رهينة القرار الاخواني الدولي وليس القرار الوطني الفلسطيني فكيف تؤيد حركة مثل حماس العدوان التركي على شعب سوريا وهي تحت العدوان الإسرائيلي والقصف والحصار.
وربما يؤثر بيان وموقف حركة حماس أيضًا على علاقاتها بكل من إيران وحزب الله فهم يبذلون جهدًا لعودة حماس لمحور المقاومة لتفاجئهم بموقف سلبي جدًا، فكان الأجدر بها أن تبقى على الحياد، كما فعلت عندما توفي الرئيس المصري السابق محمد مرسي في السجون المصرية، فلم تصدر بيانات ولم تشجب وتستنكر.
2. تعليقك عن التغيرات التي حدثت في وثيقة المبادئ والسياسات العامة لحركة حماس في 2017، عن الوثيقة الإساسية للحركة عام 1988 فيما يخص الانفصال عن تنظيم الإخوان المسلمين؟
صلاح: لقد عرفت حماس نفسها في الوثيقة السياسية الجديدة الصادرة في أيار/مايو2017 في باب التعريفات من الباب الأول والبند الأول بأنها حركة تحرر ومقاومة وطنية فلسطينية إسلامية، هدفها تحرير فلسطين ومواجهة المشروع الصهيوني، مرجعيتها الإسلام في منطلقاتها وأهدافها السامية. لاغية في تعريفها هذا ارتباطها الفكري والتنظيمي بحركة الإخوان المسلمين الأم. فحماس حذت حذو حزب النهضة التونسي والفكر الجديد للشيخ راشد الغنوشي الذي فك ارتباطه في جماعة الإخوان المسلمين المصرية التي فشلت فشلًا ذريعًا في الحكم. ولعل فك الارتباط بجماعة الإخوان جاء نتيجة للعديد من الضغوط الذاتية والموضوعية وأهمها: اغلاق المنفذ الوحيد للقطاع، وسياسة الرئيس المصري عبد الفتاح السياسي تجاه غزة. ومن الممكن أن الحركة ألغت ارتباطها بالحركة الأم مؤقتًا لحين حدوث تغير استراتيجي في الواقع الإقليمي لتعلن مرة ثانية عن فرع من أفرع الإخوان. بينما أكد الميثاق في غالبية بنوده على أن حركة حماس هي فرع من أفرع حركة الإخوان المسلمين.
3. لماذا تعلن حركة حماس الانفصال عن تنظيم الإخوان في هذا الوقت بالتحديد؟
صلاح: إن محاولة قادة حماس التنصل من الإنتماء التنظيمي لحركة الإخوان يكمن وراءه عدد من الأسباب منها أنه في ظل الظروف التي يمر بها تنظيم الإخوان بمصر تنصلت حماس من ارتباطها بالحركة الأم في هذا الوقت تحديدًا، حتى لا يجري عليهم ما جرى في عهد الرئيس الراحل عبد الناصر. فحظر تنظيم الإخوان في مصر في أعقاب ثورة يونيو عام 2013 انعكس بشكل سلبي على علاقة حماس بالنظام المصري، فهي لا تستطيع الإعتراف بأنها مرتبطة تنظيميًا بها في ظل الأحداث السياسية الحاصلة على الساحة المصرية خوفًا من أن يعيد التاريخ نفسه. وإنحناءً لعاصفة الحصار المطبق على القطاع ومشروعها السياسي وحفاظًا على استمرارها في الحكم.
4. هل مازالت حركة حماس على اتصال بالتنظيم العالمي للإخوان المسليمن وكيف يتم ذلك؟
صلاح: يمكن القول أن العلاقة مازالت قائمة ولم يتم قطع العلاقة ولكنها تحولت من شكل إلى آخر، والانفصال التنظيمي لايعني قطع العلاقات مع التنظيم الأم، واعتقد أن مهمة الاتصال مع التنظيم الأم قد تكون أسندت إلى قادة الحركة في الخارج وتحديدًا للقادة الموجودين في كل من قطر وتركيا، وهذه العلاقة تبقى سرية.
5. كيف كان رد فعل تنظيم الإخوان المسلمين بعد إعلان حركة حماس الانفصال عنهم؟
صلاح: أعتقد أن وضع جماعة الإخوان المسلمين في العالم بعد الخسارة الفادحة لهم في مصر وبقية الدول بظل مايطلق عليه الربيع العربي والتحولات في تونس وضعهم صعب ولايحسدون عليه، وكل طرف منهم يلقي المسؤولية على الطرف الآخر، ولكنهم يعملون تحت قاعدة الضرورات تبيح المحظورات ووفقًا لهذه القاعدة يعذرون اخوانهم في حركة حماس على ظروفهم الصعبة وعلاقاتهم مع مصر المنفذ الوحيد لهم للخارج بظل الحصار المطبق عليهم من قبل النظام المصري وإسرائيل بالإضافة إلى العقوبات المفروضة عليهم من قبل السلطة الفلسطينية
6. تعليقك على إعلام خالد مشعل الرئيس السياسي السابق لحركة حماس عن أنهم يتبعون الإخوان فكريًا فقط وليس تنظيميًا؟
صلاح: بالنسبة لكون حركة حماس فرع من أفرع الإخوان حسب ما ورد في الميثاق السابق، ينفي خالد مشعل – رئيس المكتب السياسي لحركة حماس انذاك- وجود أي علاقة تنظيمية مع الإخوان المسلمين في حوار له مع غسان شربل،حيث أجاب “بأن الحركة لديها علاقات بالإخوان في كثير من الأقطار، وبغيرها من الحركات الوطنية والقومية والإسلامية، وهي علاقات تواصل وتنسيق وتعاون وليست علاقات تنظيمية”، ويضيف مشعل ” نحن حركة فلسطينية قائمة بذاتها في فلسطين، ولها قضيتها التي تنشغل بها، لكننا منفتحون على أمتنا العربية والإسلامية وعلى مختلف قواها وتنظيماتها بما فيها الإخوان المسلمين”
لكن رغم ذلك تجدر الإشارة إلى أن حماس شاركت في اجتماع الإخوان المسلمين في قطر أواخر عام 2016 الذي دعا له الشيخ يوسف القرضاوي وشارك فيه راشد الغنوشي، وقيادات من الجماعة في مصر، موجودون في تركيا، ومسؤولين في الجماعة من دول أخرى. بحث الاجتماع إمكانية تفعيل مجلس سياسي خاص بالجماعة، يمثله شخص من كل دولة لتنسيق المواقف بشأن الأزمات التي تعصف بالمنطقة، وأن خالد مشعل قد يتولى مسؤولية تنظيم وتفعيل هذا المجلس. وهذا يؤكد بشكل قاطع على أن حماس مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بجماعة الإخوان المسلمين العالمية وأن ما تصرح به للاعلام هو فقط من أجل التساوق السياسي مع الأحداث الجارية على الساحة الإقليمية. ويرجح أن يكون مشعل هو الرئيس المستقبلي للمجلس السياسي للإخوان.
لقد أوضحت مسيرة حماس بجلاء مدى البراغماتية التي يتسم بها سلوكها السياسي، وقدرتها على تطويع المبادئ لصالح ما تراه مفيداً لها في لحظة معينة، ومن مظاهر ذلك قبولها بدولة على حدود الـ67 واستبدال الارتباط الشرعي مع الحركة الأم.بالارتباط العرفي.
7. كيف تقرأ تضارب تصريحات قادة حركة حماس حول الموقف من (الانفصال- الانتماء) لجماعة الإخوان؟
صلاح: في أعقاب إعلان حركة الإخوان في مصر تنظيمًا ارهابيًا، صرح قادة حماس تصريحات متناقضة حول علاقتهم بالإخوان المسلمين. فيبين سامي أبو زهري “إن الإنتماء الفكري لحركة حماس لفكر جماعة الإخوان المسلمين لا يعني انتماءها التنظيمي لها لأن حماس حركة تحرر وطني فلسطيني وليست مصرية”. بينما يصرح القائد البارز في الحركة صلاح البردويل تصريحًا مناقضًا بأن “حركة حماس هي حركة الإخوان بشحمها ولحمها”. وأكد فوزي برهوم –الناطق الرسمي باسم الحركة- “أن حماس لا تنسلخ عن جلدها، فهي تنتمي للمدرسة الفكرية لجماعة الإخوان ولا يعيبها هذا الإنتماء” مضيفًا ” بأن حماس حركة وطنية فلسطينية إسلامية مقاومة في فلسطين، لا تتدخل في أي شأن عربي أو مصري، وصراعها مع الاحتلال في فلسطين”
يمكن تفسير هذا التناقض في التصريحات لقادة الحركة بأنه سياسة تكتيكية براغماتية تتمثل بتكامل الأدوار وكأن الحركة تمسك العصا من المنتصف فهي من ناحية لا تستطيع الانسلاخ عن الحركة الأم، ومن ناحية أخرى لا تستطيع الإعتراف بأنها مرتبطة تنظيميًا بها في ظل الأحداث السياسية الحاصلة على الساحة المصرية خوفًا من أن يعيد التاريخ نفسه.
8. ما هي أقرب أفرع لجماعة الإخوان في الدول العربية لحركة حماس؟ ولماذا هي الأقرب؟
صلاح: جماعة الإخوان المسلمين في مصر للطبيعة التنظيمية والارتباط الفكري والقرب الجغرافي والمنبع والاشتراك في الأيديولوجية والتاريخ والارتباط التاريخي مابين القطاع وجمهورية مصر، ولدور الجماعة في مصر بإنشاء الجماعة في القطاع، واليوم أصبحت تركيا بديلة عن مصر.
9. لماذا تغير حماس من مواقفها وعلاقتها من حين لآخر على سبيل المثال وليس الحصر العلاقة مع مصر حاليًا والعلاقة مع تنظيم الإخوان حاليًا أيضًا؟
صلاح: تحاول حركة حماس إعادة إحياء العلاقة مع الجانب المصري وذلك من أجل فك الحصار المفروض على القطاع وفتح معبر رفح. فالحركة تسعى بقوة مع جميع الأطراف لإعادة العلاقات لأنها تعيش أزمة حقيقية في القطاع فلا المصالحة الفلسطينية تحققت ولا مشاكل غزة حلت ولا الحصار تم فكه، وعليه لم تستطع الحركة دفع رواتب الموظفين، وذلك لأن علاقاتها مع محور الاعتدال – قطر وتركيا والسعودية- لم تحقق لها شيئا، فتركيا أعادت علاقتها مع إسرائيل متنازلة عن رفع الحصار عن القطاع كشرط لإعادة العلاقة، وقطر تقدم المساعدات المشروطة من خلال آلية الصرف التي وضعتها إسرائيل لحل مشكلة موظفي حكومة حماس، والسعودية منشغلة في تمتين علاقتها مع إسرائيل.
10. هل كبار القادة في حركة حماس يؤثرن في التنظيم العالمي للإخوان المسلمين وكيف مع ذكر الأسماء؟
صلاح: القضية الفلسطينية قضية مركزية ودور حماس بها مركزي ومحوري، وعلى هذا الأساس دور حماس في الجماعة له أهمية كبيرة. وحماس هي الحركة الوحيدة من أفرع الإخوان التي مازالت في سدة الحكم، وعلى هذا الاساس يمكن القول أن الدور القيادي لحماس في الجماعة كبير إلى حد ما ولكنه في ظل التغيرات قد يكون تأثر بعض الشيء، وسيقى هناك دور لحماس في التأثير على الجماعة.
أما بخصوص الأسماء فمن الصعب التكهن بالأسماء بظل السرية وخصوصية الحالة الفلسطينية، ومن الممكن أن تكون من القيادات الحمساوية التاريخية الموجودة خارج فلسطين ولكن يمكن القول أن الشيخ خالد مشعل منهم وعلى رأسهم.
11. هل يتقلد خالد مشعل منصب في المستقبل داخل تنظيم الإخوان؟ وما هو؟
صلاح: نعم ومن المتوقع أن يكون في بداية الأمر نائب المرشد العام للجماعة، وفي المستقبل يمكن أن يحصل على المرشد العام للجماعة بدعم من الجماعة في كل من قطر وتركيا وتونس والأردن والسودان وجزء من الجماعة في مصر.
12. ما مستقبل العلاقة بين حركة حماس والتنظيم العالمي للإخوان المسلمين؟.
صلاح: مستقبل العلاقة مرهون في نظام الحكم في مصر وتغير الظروف في المحيط العربي والانفراجة على حماس وفي حال تغير نظام الحكم في مصر وتمت المصالحة مابين النظام وجماعة الاخوان المسلمين ستعود العلاقة للعلن فهي علاقة وطيدة كعلاقة الابن بأمه.

Optimized by Optimole