آثار التغيّر المناخي في الوطن العربي

آثار التغيّر المناخي في الوطن العربي
Spread the love

علياء محمد/
عبر الأجيال كان الماء هاجس الشعوب الأول والهدف الذي قامت من أجله الكثير من الحروب والاحتلالات. وفي ظل التغير المناخي في الوطن العربي كما غيره في العالم كان وضع المياه أيضاً ضمن هذا التغير.
فرغم وجود الكثير من الأنهار الطويلة كالنيل ودجلة والفرات فإن تركزها في مناطق معينة وندرتها في مناطق أخرى وأسباب كثيرة غيرها جعلت الوطن العربي يعاني من ندرة المياه المتفاقمة مع تقدم الزمن. ولذلك يجب إيجاد حلول لإيقاف هذا الخطر والحد من الاستهلاك العشوائي للموارد المائية وهذا يتطلب بذل جهود عربية مشتركة من حكومات وهيئات اقتصادية وشعبية وبيئية كي يتم تحديد الأولويات وترشيد الإستخدام ونشر الوعي البيئي.
وبما أن الواقع المائي صعب في الوطن العربي حيث لا يتجاوز نصيبه من الأمطار 1.5% من العالم وتتعدى مساحته 10% من إجمالي اليابسة ويعزى هذا الأمر لكثير من الأسباب منها إنتشار مساحات الصحراء الكبيرة وقلة الغطاء النباتي والسلاسل الجبلية المحيطة بأغلب السواحل. إذا نظرنا ملياً لوجدنا بين أيدينا الكثير من الحلول التي تنهض بهذه الأمة نحو واقع مائي أكثر استقراراً وأكثر أمناً.

إقرأ أيضاً : واحة سيوة جنة سياحية في الصحراء الغربية…

علما أن معظم أنهار الوطن العربي تصب في بحاره وهذا أيضاً يمكن الاستفادة منه في المستقبل لإيجاد حل لاستثمار مصبات الأنهار والاستفادة منها.

1- نشر الوعي البيئي
الحل الأمثل هو التوعية المجتمعية والعمل على تطوير الفكر الإنساني لتربية جيل يحافظ على ما تبقى من ثروة مائية وغيرها ويقدر قيمة كل قطرة ماء صالحة للشرب يتم هدرها.
وهذا ليس بالأمر السهل ولا يأتي من خلال أيام أو أسابيع بل يحتاج إلى جهود كبيرة ومثابرة طويلة وصبر للوصول إلى درجة وعي مقبولة تساهم في تحسين الوضع المائي. فهي بحاجة إلى تكوين سلسلة متكاملة بين الأهل والحكومات والمراكز العلمية التربوية لبناء جيل واعٍ كامل لديه المعطيات ويعلم بالواقع ومدى التأثير السلبي (إذا لم يساهم في الحفاظ على الثروة المائية) أو الإيجابي (إذا التزم بالحفاظ عليها) الذي سيطرأ عليه في المستقبل.

2-التشجير
البدء بحملات توعية لأهمية التشجير ودعم الغطاء النباتي لزيادة المساحة المزروعة بحيث يساعد ذلك على رفع نسبة الأمطار وتغيير المناخ في المنطقة، ثم إطلاق حملة تشجير ضخمة وتشجير الكثير من المناطق الشبه متصحرة والمتصحرة والجرداء واختيار نباتات دائمة الخضرة مناسبة لكل منطقة والجمع مثلاً بين الزراعة والإنتاج الحيواني في تلك المناطق. وبالتالي لا يمكننا فقط تغيير المناخ وزيادة الأمطار بل سيكون لدينا أماكن عيش جديدة للسكان التي يتزايد أعدادها يومياً وأيضاً يمكننا الجمع مثلاً بين الزراعة والإنتاج الحيواني. اقتراح صغير غير مكلف نسبياً سيساعد على تحويل منطقة جرداء إلى منطقة خضراء مع أمطار ومكان ملائم للعيش ومورد دخل إضافي للبلاد.
وهنا يأتي دور التوعية التي ذكرتها في البند الأول للمحافظة على الأشجار المزروعة للوصول لهذه النتيجة. فلا يكفي فقط إنشاء حملات تشجير بل المحافظة عليها وحمايتها هي الخطوة الأهم وإلا ستكون الخسارة خسارتين.

3- السدود
تعتبر السدود ضرورة حياتية وتنموية. ولكن رغم دورها المهم في الحفاظ على الماء وتوليد الطاقة الكهربائية وتغذية المياه الجوفية والكثير من الفوائد الأخرى، تبقى السدود محط أنظار الجميع، حيث أن جغرافيا الوطن العربي تساعد في أغلب المناطق على بناء سدود لوجود أودية كثيرة.
ربما نستطيع بناء سدود في مختلف المناطق وتحمل كل التكاليف، لكن هل يمكننا حمايتها والحفاظ عليها؟!

4- مياه التحلية
أصبحت عملية تحلية مياه البحر من الطرق التي تم اتباعها في كثير من الدول أهمها دول الخليج العربي التي تقوم بتحلية مياه البحر على المستوى الصناعي. ولكن تبقى هذه العملية مكلفة وتستهلك طاقة كبيرة ويمكن اعتبار معالجة الصرف الصحي والأمطار وإعادة استخدامها من الحلول التي بدأ العالم بتطبيقها.

5-التزايد السكاني
يشهد العالم تضخماً سكانياً متزايد حيث أوضحت الدراسات أن نحو 3500 انسان يولدون كل 20 دقيقة. وهذا الارتفاع الهائل بعدد السكان يؤدي الى استغلال الموارد الطبيعية وتدمير البنى نتيجة عدم التوازن بين الاثنين نظراً للتضخم السكاني من جهة الذي يقابله عدم توفر الموارد .
ينتج عن ذلك الحاجة للمياه العذبة لغرض الري أو الاستهلاك البشري، وتوسيع رقعة من الأراضي لتأمين سكن لهؤلاء الناس الذي يكون غالباً على حساب الأراضي الزراعية.
إن هذه الحلول كبداية لحلول لاحقة أفضل من الوقوف مكتوفي الأيدي، تاركين ثرواتنا يتحكم بها من يشاء. فمطامع الكيان الصهيوني وحدها شملت نهر الأردن وروافده واليرموك وينابيع المياه في الجولان وأنهار الليطاني والحاصباني والوزاني في لبنان، إضافة لسرقة إسرائيل للمياه الجوفية في الضفة الغربية وقطاع غزة عدا عن تحكم البلدان الأخرى بمنابع الموارد المائية للوطن العربي كتركيا وإثيوبيا وغيرهما.