مايكل فلين.. صديق موسكو ومعادٍ للمسلمين؟

مايكل فلين.. صديق موسكو ومعادٍ للمسلمين؟
Spread the love
مايك فلين
مايك فلين

“شجون عربية” — لم يكن اختيار الرئيس الأميركي دونالد ترامب لمايكل فلين مستشاراً للأمن القومي بالمفاجئ. اسم الأخير كان يتصدر قائمة المرشحين لهذا المنصب الحسّاس والمهم منذ اللحظات الأولى لفوز ترامب. وتواجده اليوم ضمن فريقه بات أمراً محسوماً بعد أن أعلن فلين موافقته على تولي منصبه الجديد.
تعيين فلين هو واحد من بين ثلاثة تعيينات قام بها ترامب في الساعات الأخيرة شملت ثلاثة من قدامى المحاربين المحافظين، فبالإضافة إليه جرى تعيين كلّ من جيفرسون سيشنز في منصب وزير العدل ومايك بومبيو على رأس وكالة الاستخبارات المركزية “سي آي ايه”، لكن التعرف أكثر إلى شخصية وتوجهات فلين، الديمقراطي السابق الذي كان أحد العناصر الرئيسية الفاعلة في حملة المرشح الجمهوري، يكتسب أهميته من المنصب نفسه ودور صاحبه في المنظومة الأميركية حيث يختص بقضايا الأمن القومي والأمور المُتعلقة بالسياسة الخارجية، ويتبع مباشرة للرئيس الأميركي كما يقدّم له النصائح والتوصيات.
أن يختار ترامب فلين تحديداً لهذا المنصب يعكس عزماً واضحاً على تنفيذ ما تعهد به في حملته الانتخابية على مستوى سياسة الأمن القومي الأميركي ومحاربة الإرهاب وما يرتبط بهما من نسج علاقات مع روسيا ومقاربة جديدة للأزمة السورية. ولعلّ جزءاً كبيراً من هذه الوعود كان فلين وراءها وهو الذي انضمّ إلى حملة ترامب مخلّفاً دهشة في الأوساط السياسية في واشنطن ليتحوّل مع مرور الوقت إلى الشخصية الرئيسية التي تبلور رؤية ترامب للقضايا الخارجية فهو الذي أقنع ترامب على سبيل المثال بأن الولايات المتحدة في حرب عالمية مع “المقاتلين الإسلاميين”. ويقال إن الرجلين متشابهان. كلاهما عملا جاهدين لشق طريقهما والوصول إلى حيث هما اليوم وكلاهما لا يجدان حرجاً في التعبير عن النجاحات التي حققاها على حسابيهما على تويتر.
واضح أن الحرج لا يمت إلى شخصية فلين بصلة، الرجل الذي شغل منصب قائد القوات العسكرية الخاصة قبل أن يعيّنه أوباما مديراً للاستخبارات العسكرية، لم يجد حرجاً يوم خلع زيّه العسكري في شن هجوم عنيف على الرئيس الأميركي وهو ما اثار انتقادات الديمقراطيين له لخروجه عن العرف السائد بعدم انتقاد الضباط المتقاعدين الرؤساء الذين خدموا في عهدهم. اتهم فلين أوباما بتجاهل التحليلات الاستخبارية العسكرية التي يقودها بشأن خطر نهوض الإرهاب في سوريا ملمّحاً إلى إمكانية أن يكون هذا التجاهل قراراً مدروساً فيما اعتبر رفض واشنطن التعاون مع روسيا لمحاربة الإرهابيين خطأ.
من المنتظر إذاً أن يحاول فلين القيام بما عجز عنه في الإدارة السابقة لجهة تكثيف الحرب ضد الإرهاب أو “الإسلام المتطرف” كما يحلو له وصفه. وهنا ربما تكمن الخطورة. فلطالما انتقد فلين أوباما وهيلاري كلينتون لعدم جرأتهما على وسم الإسلام بالمتطرف. وكثيرة هي الجوانب التي تؤشر إلى توجهات مستشار الأمن القومي الجديد في هذا المجال. فعلى سبيل المثال فلين هو عضو في جمعية Act for America التي تصنّف معادية للمسلمين. قال في آب/ أغسطس الماضي “إن الإسلام هو عقيدة سياسية تختبئ خلف الدين”. أشار في كتاب له إلى أن “المقاتلين الإسلاميين سيشربون دماء أعدائهم القتلى”. أعلن بشكل واضح أنه في حالة حرب مع الإسلام منذ العقد الماضي، وصولاً إلى حد اعتبار العالم الإسلامي “ملحمة فاشلة” مقارنة بالغرب.
محاربة الإرهاب أو أيا كانت تسميته بالنسبة لمايكل فلين لا يمكن أن تكون فاعلة وفق رؤيته دون مد جسور تعاون وتواصل مع روسيا. ويقول مراقبون إن إعجاب فلين بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين يفوق إعجاب ترامب به. ولعلّه لعب خلال الحملة الانتخابية دوراً أيضاً في تكوين صورة بوتين لدى ترامب دون أن يعني ذلك عدم إطلاقه توصيفات من قبيل “الاستبدادي والشمولي” على الرئيس الروسي.
لم يسلم فلين من انتقادات المشرعين الجمهوريين لقراره المشاركة في مناسبات مدفوعة الثمن في موسكو تتضمن خطابات وظهور على قناة “ار تي” المموّلة من الكرملين في عيدها العاشر حيث التقطت صورة له جالساً على بعد مقاعد قليلة من الرئيس الروسي. ثم تكرر ظهور المسؤول الأميركي على الشاشة الروسية مؤكداً على ضرورة عمل موسكو وواشنطن معاً في محاربة داعش والتوصل إلى حلّ لإنهاء الحرب الأهلية في سوريا. وحين سئل عن هذا الظهور على شاشة تموّلها الحكومة، سأل فلين ماذا عن سي أن أن؟ و”ام اس ان بي سي”؟ وسكاي نيوز؟ والجزيرة؟.. الخ
رغبة فلين بالانفتاح على موسكو يقابلها تشدد واضح في التعامل مع إيران. فهو يسير في هذا الجانب على خطى المشرعين الجمهوريين في تأييدهم لموقف أميركي أكثر حزماً تجاه طهران بدلاً من إذابة الجليد الدبلوماسي.
الى جانب ذلك فإن من جملة الاسئلة التي أثيرت مع تعيين فلين مستشاراً للأمن القومي حول طبيعة علاقته بالحكومة التركية والرئيس رجب طيب أردوغان. واستند الإعلام الأميركي في ذلك إلى اتهامات وجهت إليه بتلقيه عبر مجموعة فلين للاستشارات مئات آلاف الدولارات من شركة “اينوفو بي في” التي يملكها رجل الأعمال التركي كامل البتكين لقاء دعم الحكومة التركية، وهو ما ترجم في مقالة لفلين نشرت يوم الثلاثاء الكبير في 8 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري وفيها أشاد بأردوغان وطالب الإدارة الأميركية بتسليم الداعية فتح الله غولن.
ينقل عن الموظفين الذين عملوا سابقاً مع فلين أن محاولات الأخير لإصلاح وكالة الاستخبارات العسكرية تسببت بالفوضى فيها وتساءل هؤلاء عما إذا كانت فطنته التكتيكية ستترجم إلى نوع من التفكير الاستراتيجي الضروري في البيت الأبيض حيث كان أداؤه جيداً كما يقولون في كشف شبكات التجسس في أفغانستان والعراق. ويحسب لفلين كما يقول هؤلاء أنه موهوب جداً في جمع المعلومات، دون ان يعني ذلك امتلاكه قدرة على التحليل أو استخلاص النتائج المتسقة. تقول سارة شايس التي عملت مع فلين يوم كان لا يزال يقود الاستخبارات العسكرية في أفغانستان بين 2009 و2011 “إذا استمعت إليه، فإنه قد يناقض نفسه مرتين أو ثلاثة على الأقل خلال عشر دقائق فقط”.
في ظهوره المثير للجدل على شاشة “ار تي” قال فلين “لروسيا سياسة خارجية خاصة بها، ولديها أيضا استراتيجية لضمان الأمن القومي. أما نحن، فأعتقد أننا فشلنا في تفهم ما هي استراتيجية الأمن القومي”. اليوم وقد بات فلين في موقعه المؤثر هل سينجح فعلاً في وضع هذه الاستراتيجية؟

المصدر: موقع الميادين عن وسائل إعلام أجنبية

Optimized by Optimole