ماذا يعني التقارب السعودي –الروسي الأخير؟

ماذا يعني التقارب السعودي –الروسي الأخير؟
Spread the love

بقلم فريدة روطان* —
تميزت الفترة الأخيرة بكثرة الأحداث السياسية على صعيد العلاقات الدولية أهمها التقارب السعودي –الروسي الذي عاد إلى الواجهة بعد فترة من الجمود، وذلك من خلال زيارات متبادلة للوفود الرسمية لكلا الدولتين آخرها زيارة وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إلى موسكو حيث تمخضّ اللقاء عن ضرورة الحفاظ على أمن واستقرار سوريا. ويعتبر هذا البند أهم أولويات اللقاء، والاهتمام بملف ادلب والدعوة الى ضرورة فصل مسلحي المعارضة المعتدلة عن جبهة النصرة التي وصفت بالإرهابية.
وبدر عن اللقاء تفاهم وتناغم سياسي متكامل، والذي أكدّ فيه الوزير السعودي على ضرورة إيجاد حلّ سلمي للأزمة السورية وذلك بالتنسيق مع إدارة موسكو. وتساءل الكثير من الباحثين والمهتمين السياسيين حول العلاقات السعودية الروسية هل هي تقارب أم ماذا؟ وكيف تؤثر تلك العلاقات على أبرز الملفات الحساسة لدول الجوار؟.

1- الملف السوري :
لا يخفى أن ما يعيق السعودية في الأزمة السورية هو التواجد الإيراني فيها والذي تعتبره تهديدا أمنيا وعقائديا لها، لذا فهدفها من إيجاد حلّ سلمي للأزمة السورية هو إخراج إيران كليا من الأراضي السورية، والعمل على إقناع روسيا بذلك، وأبعد من ذلك إيجاد تناغم روسي أميركي من أجل إخراج إيران من سوريا لإرضاء إسرائيل، والسؤال المطروح هنا: هل بإمكان روسيا أن ترضي السعودية وإيران في نفس الوقت؟ وهنا سيتعرض الموقف الروسي لإحراج كبير.
كما يجب التنويه الى أن الطرف السعودي كذلك سيكون بموضع محرج اذ عليه تقديم الدعم لحكومة الرئيس بشار الأسد اذا ظنّت السعودية أن هذا الأخير سيقبل بإخراج الإيرانيين من أراضيه، لذا فالسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل على السعودية دعمّ حكومة الأسد للحصول على ما تريد؟ وهل ستقبل بإعادة تعمير سوريا؟

الجواب : في كل الحالات تتعرض السعودية لإحراج كبير، ففي النهاية ستبقى السعودية بعيدة عن الملف السوري الذي بات مسرحا للثالوث الروسي، التركي، الإيراني.

2-الملف اليمني :
السعودية اليوم راضية كل الرضى عن الموقف الروسي المحايد في الأزمة اليمنية ويكفيها صمت روسيا وعدم الضغط عليها. وهذا ما يخدمها أكثر مما يضرها على الميدان.

-هل تحول صديق الأمس الى عدو اليوم؟
الكثير من المتابعين للأحداث السياسية الأخيرة للتقارب السعودي-الروسي يتساءل ماذا عن حليف السعودية التقليدي، الولايات المتحدة الأميركية، هل سترضى أميركا باستمرار التقارب السعودي-الروسي؟
قامت السعودية مؤخرا بشراء منظومة صواريخ S400 من روسيا ما جعلها تتورط بذلك مع حليفها التقليدي وما يتطلب منها تقديم تبرير لحليفتها، لكن خرج مسؤولو الإدارة السعودية وعلى رأسهم وزير الخارجية عادل الجبير بتصريح ناري مفاده: “السعودية لا تقبل أن تساوم في أمرين هما العقيدة والأمن”.
وهذا تصريح واضح يدل على أن السعودية تبحث بشكل أو بآخر عن حلف بديل للولايات المتحدة خصوصاً أنها في المدة الأخيرة تتعرض لضغط شديد من الولايات المتحدة وأن هناك وضعاً جديداً في تزويد دول المنطقة بالأسلحة، وتواجد روسيا بالتقريب في معظم دول الشرق الأوسط . فالمصالح هي التي تقرر علاقة الدول فيما بينها أو عدمها ، فالسعودية اليوم تبحث عن مصلحتها وتحقيق الأمن لها وهذا ما تعتبره فوق كل شيء.

الاستنتاجات :
يمكن استخلاص مجموعة من النقاط المهمة في سرّ التقارب السعودي –الروسي وذلك كما يلي:
1-المصالح المشتركة هي المقيّدة لعلاقات الدول مهما بلغت شدّة الخلافات أو التوافقات، فالمصلحة المشتركة اليوم للسعودية وروسيا هي أن تبقى أسعار النفط عند المعدل المقبول.
2-نجحت روسيا في إيجاد قدم لها في كل دول منطقة الشرق الأوسط وخاصة تلك التي كانت تحسب أنها تحت السيطرة الأميركية.
3-تطمح العلاقات السعودية–الروسية الى تحويل ميدان الشرق الأوسط الى مسرح لعمليات السلم والاستقرار وليس فقط مسرحاً للعمليات العسكرية والفوضى الهدامة على الأقل من خلال التصريحات الرسمية للبلدين.
4-إدراك الجانب السعودي أنه من السذاجة الإبقاء والإتكاء والإكتفاء على حليف تقليدي واحد وضرورة توسيع العلاقات الخارجية بما يخدم الملفات الداخلية.
*باحثة جزائرية.

Optimized by Optimole