لماذا كشف حزب الله عن صاروخ خيبر 1؟

لماذا كشف حزب الله عن صاروخ خيبر 1؟
Spread the love

بقلم د. هيثم مزاحم – عرض “حزب الله” الأحد في 19 آب/أغسطس الجاري أمام مراسلي وسائل الإعلام المحليّة والعالميّة، بمن فيهم مراسل “شجون عربية”، في معلم مليتا الجهاديّ بجنوب لبنان 3 نماذج من صاروخ “خيبر 1″، الذي استخدمه في حرب تمّوز– يوليو/آب – أغسطس من عام 2006 في استهداف مدن وبلدات إسرائليليّة بعمق أكثر من 50 كيلومتراً من الحدود مع لبنان، ردّاً على استهداف إسرائيل بغاراتها المدنيّين في المدن والقرى اللبنانيّة. وكانت هذه المرّة الأولى التي يظهر فيها “حزب الله” نسخة عن هذا الصاروخ، معلناً أنّه قد شكّل مفاجأة لإسرائيل خلال حرب 2006، حيث تمكّن من استهداف مدينة حيفا ومدن أبعد منها كالخضيرة والعفولة، في سابقة استخدام صواريخ متوسّطة المدى تطلق من لبنان على إسرائيل، إذ كان “حزب الله”، وقبله فصائل منظّمة التحرير الفلسطينيّة، يستخدمان صواريخ الكاتيوشا التي لا يتجاوز مداها الـ20-22 كيلومتراً.
وقبل الكشف عن الصواريخ التي أضيفت إلى محتويات متحف “حزب الله” في مليتا، ألقى رئيس المجلس التنفيذيّ في “حزب الله” السيّد هاشم صفيّ الدين خطاباً قصيراً قال فيه: “إنّ حزب الله يقدّم اليوم سلاحاً استخدمه في مواجهة العدوان الصهيونيّ عام 2006، وكان من ضمن مفاجآته في هذه الحرب التي صنعت الانتصار”.
أضاف: “ليس من عاداتنا أن نقدّم عراضة لسلاح لم نستخدمه”.
وتابع متوجّهاً إلى الإعلاميّين: إنّ ما سترونه “هو قليل من كثير”، فالمقاومة اعتمدت استراتيجيّة القوّة وأثبتت في عاميّ 2000 و2006 وما بعدهما إلى اليوم، “أنّ القوّة التي نحصل عليها هي قوّة لأمان أوطاننا وشعوبنا وأهلنا. وبعد اليوم، لا أمان إلاّ بامتلاك القوّة، ولا حدود للقوّة التي نسعى إلى امتلاكها في مواجهة عدوّ امتلك أشرس أنواع السلاح والتجارب وأبشعها، واستهدف الأطفال والقرى والبلدات والناس”.
ولفت هاشم صفيّ الدين إلى أنّ قوّة حزبه في حالة تصاعد وتفاقم، وأنّه في مواجهة المناورات التي تقوم بها إسرائيل في هذه الأوقات الحسّاسة في منطقتنا، فإنّ جواب المقاومة واضح، وهو أنّه كما انتصرنا في كلّ المعارك ودافعنا عن محور المقاومة في لبنان وسوريا وفلسطين، فإنّ “حزب الله” يتجهّز ويقبل التحدّي، لكنّنا “لم نسعَ ولن يسعى في يوم من الأيّام إلى الحرب، لكنّنا نسعى إلى الحماية والردع، والتجربة أثبتت أنّ هذا السلاح قام بوظيفته”.
وقال مصدر قريب من “حزب الله” لـ”شجون عربية”، طالباً عدم الكشف عن اسمه: إنّ كشف “حزب الله” عن هذه الصواريخ يأتي بعد 5 أيّام فقط من خطاب الأمين العام للحزب السيّد حسن نصر الله، الذي أكّد فيه أنّ “حزب الله” أقوى من الجيش الإسرائيليّ، وليس ثاني أقوى جيش في الشرق الأوسط كما يروّج الإسرائيليّون، وذلك ردّاً على المناورات الإسرائيليّة التي تحاكي مواجهة عسكريّة مع “حزب الله”.
ورأى المصدر نفسه أنّ كلام صفيّ الدين عن أنّ “حزب الله” لا يسعى إلى الحرب، ليس رسالة ضعف وتراجع، إنّما هو تأكيد أنّ مراكمة القوّة لدى المقاومة هي لأسباب دفاعيّة ردعيّة، فهي التي قاتلت من أجل تحرير الأرض اللبنانيّة وردّ العدوان الإسرائيليّ عن أراضي لبنان وتحرير ما تبقّى من أراضٍ محتلّة في مزارع شبعا وكفرشوبا وقرية العباسيّة.

وقال المحلّل السياسيّ اللبنانيّ عبّاس الصبّاغ لـ”شجون عربية”: إنّ عرض “حزب الله” للمرّة الأولى هذه الصواريخ التي استخدمها في حرب تمّوز 2006 هو رسالة تؤكّد معادلة الرعب التي أعلنها أمينه العام في 14 الشهر الجاري خلال الذكرى الـ12 للانتصار في هذه الحرب، علماً بأنّ الحزب سبق أن أعلن قبل فترة قصيرة عن طائرات مسيّرة، وعرضها للمرّة الأولى ضمن مراكمة وسائل القوّة.
وأوضح عبّاس الصبّاغ أنّ الكشف عن هذه الصواريخ يتضمّن رسالة أخرى مفادها أنّ “حزب الله” يمتلك صواريخ أكثر تطوّراً، فالجيوش التقليديّة وحركات المقاومة لا تكشف عن أسلحتها الاستراتيجيّة، إلاّ بعد فترة من الزمن وبعد امتلاكها أسلحة جديدة أكثر فعاليّة.
ورأى الصبّاغ أن ما يحيّر الإسرائيليّين هو مسألة هل امتلك “حزب الله” صواريخ أرض – بحر من نوع ياخونت الروسيّة الصنع التي وصل العشرات منها إلى الجيش السوريّ قبل أشهر، وهي التي تشكّل التهديد الحقيقيّ للجيش الإسرائيليّ، بحسب الخبراء العسكريّين، وذلك على غرار صواريخ كورنيت الروسيّة المضادّة للدبّابات التي وصلت إلى سوريا خلال عام 2004 واستخدمها “حزب الله” في حرب 2006؟

وكان “حزب الله” قد استهدف بصواريخ “خيبر 1” المواقع الإسرائيليّة في العفولة التي تبعد 15 كيلومتراً عن مدينة حيفا و52 كيلومتراً عن الحدود اللبنانيّة، ومواقع في مدينة الخضيرة على بعد 75 كيلومتراً من الحدود اللبنانيّة.
ولا شكّ في أنّ “حزب الله” يردّ برسائله السياسيّة والعسكريّة تلك على المناورات الإسرائيليّة الأضخم منذ عام 1998 لمحاكاة حرب مقبلة معه تأخذ في الاعتبار اندلاع الحرب على الجبهتين اللبنانيّة والسوريّة، وتطوّر قدراته العسكريّة، وخصوصاً الخبرة القتاليّة التي راكمها في الحرب السوريّة والأسلحة النوعيّة والمتطوّرة التي حصل عليها منذ عام 2006.
وبحسب المعلّق العسكريّ الإسرائيليّ في صحيفة “هآرتس” عاموس هرئيل، فإنّ إسرائيل أرادت من خلال مناورة “الفيلق الشماليّ”، التي تعتبر إحدى أكبر المناورات في تاريخ الجيش الاسرائيليّ وتحاكي حرباً شاملة في مواجهة “حزب الله”، “توجيه رسالة ردع إلى حزب الله”، وقال: إنّ هذه المناورة تعكس عدداً من التحوّلات التي شهدتها الحدود الشماليّة خلال العقد الماضي، من تطوّر قدرات “حزب الله” وانتشاره في سوريا. ونقل موقع “يديعوت أحرونوت” أنّ هناك في الجيش الإسرائيليّ من يصف “حزب الله” بأنّه “الجيش الأقوى في الشرق الأوسط بعد الجيش الاسرائيليّ”، إذ أنّه “قادر على إدارة معركة على مستوى لواء، مع استخدام الطائرات المسيّرة الهجوميّة وجمع المعلومات الناجعة عبر الدمج مع الأنفاق والكهوف الهجوميّة وتفعيل نيران مدفعيّة، إلى جانب استخدام الدبّابات، وكذلك تجميع قوّات مدرّبة بسرعة بحجم 4000 مقاتل خلال فترة زمنيّة قصيرة في منطقة التجمّع، كما فعل في إحدى عمليّاته الأخيرة ضدّ داعش”، حيث تحوّل حزب الله بعد مشاركته في الحرب السوريّة إلى “جيش أكثر احترافاً وقوّة وخبرة”.
وأعتقد أنّ حزب الله يردّ بعرض بعض أسلحته لتوجيه رسالة ردع مضادّة إلى إسرائيل بعد مناوراتها الضخمة والمكثفة. أمّا كلام السيد حسن نصر الله عن أنّ الحزب أقوى من الجيش الإسرائيليّ فهو – في رأيي – يستند إلى الربط بين قوّتي الحزب العسكريّة والإيمانيّة الغيبيّة، وليس فقط إلى أسباب ماديّة ومعطيات عسكريّة وتقنيّة فقط.