العلاقة بين التشيّع واليهودية: دراسة نقدية لنظرية يوليوس فلهاوزن

العلاقة بين التشيّع واليهودية: دراسة نقدية لنظرية يوليوس فلهاوزن
Spread the love

بقلم: د. محمد يسري أبو هدور* —

 

 

 

يوليوس فلهاوزن Wellhausen. J

وُلد فلهاوزن في عام 1844م في وستفاليا بألمانيا، وابتدأ حياته العلمية بدراسة اللاهوت المسيحي ثم توجه بعد ذلك لدراسة التوراة، ودرس اللغات الشرقية في جوتنجين [1]

وبرع فلهاوزن بشكل كبير في علم نقد النصوص الكتابية وخصوصاً نقد العهد القديم، حتى أعتبره الكثير من الباحثين بمثابة الأب الروحي أو المؤسس الحقيقي لذلك العلم [2]

وبعد ان قطع فلهاوزن شوطاً كبيراً في دراسة التوراة، وجه جهوده لدراسة عصر صدر التاريخ الإسلامي ومصادره المبكرة، فكان من أهم المستشرقين الذين تعرضوا بالبحث والدراسة لتلك الفترة المهمة، حيث قام بتأليف عدد كبير من الأبحاث والدراسات التي تناولت تلك الحقبة، ومنها [3] :-

  • محمد في مكة
  • أديان عرب الجاهلية
  • تحقيق تاريخ الطبري، حيث قام بالتعريف بشخصيات الرواة وحللها وعدلها وجرحها.
  • دستور المدينة أيام النبي
  • فتوح إيران
  • الدولة العربية وسقوطها من ظهور الإسلام حتى نهاية الدولة الأموية.
  • الخوارج والشيعة

وتوفى يوليوس فلهاوزن في عام 1918م عن عمر يناهز الأربعة وسبعون عاماً

 

 

نظرية فلهاوزن عن أصول المذهب الشيعي

في كتابه المهم المعنون ب(أحزاب المعارضة السياسية الدينية في صدر الإسلام الخوارج والشيعة ) ، يتناول فلهاوزن تاريخ نشأة وتكوين المذهب الشيعي والعوامل التاريخية والفكرية التي أسهمت في تأسيس قواعده الأولى .

والمدخل الذي دخل منه فلهاوزن للتنظير للمذهب الشيعي هو ربطه بين ثلاثة عناصر وحركات كبرى أرتبط كل منها بشكل أو بأخر بالمذهب الشيعي ، وتلك العناصر الثلاثة هي :-

  • حركة المختار الثقفي
  • فرقة السبئية
  • فرقة الكيسانية

حيث أعتقد يوليوس فلهاوزن بوجود مزج ما قد حدث بين العناصر الثلاثة السابقة وبعضها البعض حتى وصلت العقائد الشيعية الى النتاج النهائي لها ، ذلك النتاج الذي عُرف بعد ذلك بالمذهب الشيعي .

فقد اعتقد فلهاوزن بأن الصراع والتنافس السياسي والحضاري الذي كان قائماً ما بين ولايتي العراق والشام ، كان هو اللبنة الأولى في تكوين البناء الشيعي ، وان ذلك التنافس سرعان ما نجده قد أخذ صورة جديدة بعد أن تمكن الأمويون من الوصول للسلطة بعد الصلح الذي تم عقده ما بين الحسن بن علي ومعاوية بن أبي سفيان في عام 40 هـ ، فقد أشتد ذلك التنافس بدرجة كبيرة وبدأ أهل العراق في التعبير عن غضبهم وسخطهم من السلطة الأموية .

وحاول الأمويون أن يقضوا على حركة المعارضة في العراق فعملوا على إستمالة أشراف أهل العراق وكبارهم ، فأغروهم بالمناصب والأموال والثروات حتى أنضم هولاء الى صفوفهم .

وبعد خروج طبقة الأشراف من الكيان العراقي المعارض للسلطة ، نجد أن الحركة السياسية العراقية المعارضة قد تحولت شيئاً فشيئاً إلى صورة دينية ذات طابع مثالي خيالي [4] ، واجتذبت الحركة بشكلها الجديد العديم من الموالي الفرس الذين كانوا يكرهون العرب ، وبذلك تخلت الحركة عن رابطة القومية العربية واستبدلتها برابطة أخرى وهي رابطة الإسلام [5].

ولكن الإسلام الذي ربط بين أعضاء الحركة الشيعية لم يكن نفسه هو ذلك الدين التقليدي الذي كان معروفاً من قبل، ففلهاوزن يرى ان الحركة قد أستندت الى (السبئية) وهي بدعة غريبة غامضة ، وانه سرعان ماحدث مزجاً ما بين السبئية والكيسانية حتى أصبح الأسمان يطلقان على فرقة واحدة [6]

ثم يرد فلهاوزن على أراء عدد من المستشرقين  مثل (دوزي) و (ملر) الذين اعتقدوا ان الصورة الأولى من المذهب الشيعي(السبئية والكيسانية) قد تم اقتباسها من مؤثرات فارسية ويستدلون على ذلك بأن معظم أعضاء الحركة الشيعية المبكرة كانوا من الموالي الفرس الذين لابد انهم قد نقلوا الى الدين الإسلامي الكثير من عقائدهم و أفكارهم المستمدة من أديانهم القديمة ، فيقول فلهاوزن رافضاً تللك الآراء (ان آراء الشيعة كانت تلائم الإيرانيين فهذا أمر لا سبيل إلى الشك فيه، اما كون هذه الآراء قد أنبعثت من الإيرانيين ، فليست تلك الملاءمة دليلاً عليه) [7]

وهو يستدل على ذلك بكون التشيع كان قائماً في بداية الأمر بين العرب ثم انتقل منهم الى الفرس ، وكذلك فإن السبئية كانوا من العرب الذين أنضموا لحركة المختار الثقفي وكانت علاقاتهم بقبائلهم سيئة جداً .

أذن فما هو المصدر الخارجي الذي أقتبس منه التشيع أصوله ومبادئه الأولى من وجهة نظر يوليوس فلهاوزن ؟

يبني فلهاوزن نظريته على أساس أن الدور الأكبر في وضع عقائد الشيعة الأولى كان لشخص يهودي الأصل أسمه هو عبد الله بن سبأ ، ويربط فلهاوزن ما بين الدين الأصلي ل(ابن سبأ) وهو اليهودية والمعتقدات الشيعية ، فيقول صراحة ان التشيع (يرجع الى اليهود أقرب من ان يرجع الى الإيرانيين) [8]

ويذكر فلهاوزن انه سوف يدلل على صحة مذهبه (بطريقة عارضة دون ان أعير المسألة من الأهمية أكبر مما تستحق)

والحقيقة ان فلهاوزن كان يقصد ما أورده عندما قال أنه سيحاول التدليل على صحة مذهبه بطريقة عارضة ، ذلك أنه قام بعرض أدلته في عشر صفحات فقط من كتابه .

وقد عرض فلهاوزن أوجه التشابه مابين المذهب الشيعي والدين اليهودي في النقاط الأتية :-

  • النبوة والإمامة
  • العصمة
  • الوصاية
  • المهدية
  • الرجعة

 

وهي النقاط التي سنتعرض لها بالتفصيل ضمن نقد النظرية ككل في الصفحات التالية.

 

 

أثر نظرية فلهاوزن في الباحثين اللاحقين له

 

نقد النظرية

 

أولاً:-مدخل تاريخي

بنى فلهاوزن نظريته التي تقول ان المذهب الشيعي بُنى على أساس الأقتباس من الدين اليهودي ، على أساس انه استند الى عدد من الأحداث التاريخية التي جرت في الدولة الإسلامية بداية من زمن ثورة الامصار على الخليفة الثالث عثمان بعفان ومروراً بالمعارك والحروب الأهلية بين المسلمين في عهد الخليفة الرابع علي بن أبي طالب ونهاية بفاجعة مقتل الحسين بن علي في كربلاء في عام 61هـ وما تبعها من محاولات وحركات ثورية للانتقام من جانب الشيعة ضد السلطة الاموية .

وسوف أحاول في السطور القادمة لان اتعرض باختصار للحركات الثلاث التي رجع اليها فلهاوزن عند دراسته لاصل الشيعة ، واقصد بها :-

  • السبئية
  • المختارية
  • الكيسانية

 

1-السبئية

ربما لم تُحدث شخصية في تاريخ الإسلام من التساؤلات والمجادلات ما أحدثته شخصية عبد الله بن سبأ الذي تنسب اليه الفرقة السبئية

والنزاع حول شخصية (عبد الله بن سبأ ) قد حدث بين الكثير من المؤرخين والباحثين والمستشرقين، فهناك طائفة اعتقدت بأن (ابن سبأ) شخصية تاريخية حقيقية وانه لا ريب فى ذلك، وانه كان صاحب دور عظيم فى احداث الثورة ضد (عثمان بن عفان) وفي وضع عقائد الشيعة الأولى ، ومن هؤلاء كل من:-

  • نيكلسون
  • جولد تسيهر[9]
  • د/حسن ابراهيم حسن[10]
  • د/سعد الهاشمى[11]

ويستند هؤلاء الى ان ذكر ( عبد الله بن سبأ ) قد ورد فى الكثير من المصادر التاريخية الاسلامية المهمة، مثل :-

  • تاريخ الرسل والملوك للطبرى
  • الكامل فى التاريخ لابن الاثير
  • البداية والنهاية لابن كثير
  • العبر وديوان المبتدأ والخبر لابن خلدون

وغيرها من المصادر وكتب الفرق والمذاهب

اما الفريق الاخر ، فيرى ان شخصية (عبد الله بن سبأ) هى شخصية وهمية اسطورية  تم اختلاقها ، وانه لم يكن له اى وجود حقيقى، وان ما ينسب الى تلك الشخصية من تدبير خطط والقيام بأحداث تهدف الى الاطاحة بحكم الخليفة الثالث (عثمان بن عفان) ما هو الا محض ادعاء كاذب وافتراء ، وان الثورة على عثمان كانت قد توافرت لها من الاسباب الموضوعية ما ادى الى اشتعالها بغض النظر عن نظرية المؤامرة التى تجعل من (ابن سبأ) المدبر الرئيسى للثورة

ومن اهم من انكر حقيقة وجود (عبد الله بن سبأ) كل من :-

  • برنارد لويس
  • ليون كايتانى[12]
  • مرتضى العسكرى[13]
  • د/عبد الله فياض[14]
  • د/ عبد العزيز صالح الهلابى[15]
  • د/طه حسين
  • د/محمد كامل حسين
  • د/كامل مصطفى الشيبى[16]

ويستند هؤلاء الى العديد من الادلة التى يرونها تدحض مسألة الوجود التاريخى لـ (ابن سبأ) ومن اقوى ادلتهم ان هناك الكثير من المصادر التاريخية الاسلامية المتقدمة المهمة،التى بالرغم من كونها قد تطرقت لمسألة الفتنة الكبرى والثورة على الخليفة (عثمان بن عفان) الا انها لم تذكر مطلقا اى معلومات عن ( ابن سبأ) وهو ما يتعارض مع المنطق السليم.

ومن المصادر المتقدمة التى لم يذكر فيها ( ابن سبا) على الاطلاق،كل من:-

  • الطبقات الكبير لـ ابن سعد ت 230 هـ
  • تاريخ خليفة بن خياط لـ خليفة بن خياط العصفرى ت 240هـ
  • فتوح مصر واخبارها لـ ابن عبد الحكم ت 257 هـ
  • الاخبار الطوال لـ ابى حنيفة الدينورى ت 282 هـ
  • كتاب الولاة والقضاة لـ الكندى ت 283هـ
  • تاريخ اليعقوبى لت اليعقوبى ت 292هـ
  • مروج الذهب ومعادن الجوهر لـ المسعودى ت 346 هـ[17]

وبغض النظر عن مسألة حقيقة الوجود التاريخي لعبد الله بن سبأ من عدمه،فإننا اذا رجعنا الى الكتابات والمصادر التاريخية ومصنفات الفرق والمذاهب التي تطرقت الى الحديث عن عقيدة وأفكار الفرقة السبئية ، فأننا سوف نجد أن هناك خلاف كبير بين تلك الكتابات وبعضها البعض

فعلى سبيل المثال، يذهب (الملطي) المتوفى في عام 377هـ أن السبئية هو اسم فرقة من الشيعة قد(آلهت علي بن أبي طالب) [18]، أما القاضي عبد الجبار بن أحمد الهمذاني المتوفى في 415هـ في كتابه (تثبيت دلائل النبوة)

فيذكر اسم (ابن سبأ) عند الحديث عن فرق الشيعة ،ويذكر ان ( على بن ابى طالب) قد قام بنفى (ابن سبأ) من الكوفة الى المدائن ( فلما قُتل امير المؤمنين عليه السلام قيل لابن سبأ قد قتل ومات ودفن فأين ما كنت تقول من مسيره الى الشام؟ فقال …. لو جئتمونا بدماغه مسرورا لما صدقنا انه قد مات) [19]

بينما يورد(الأسفراييني)  المتوفى في عام 471هـ في كتابه(التبصير في الدين) أن إعتقاد السبئية هو(أن الأرض لا تخلو من إمام غير أنه يظهر لخلقه في صور مختلفة،في كل زمان صورة غير الصورة التي ظهر بها في الزمان الذي قبله وفي الزمان الذي بعده) [20]

اما فخر الدين الرازي المتوفى في عام 606هـ فيرى ان السبئية قد أعتقدوا أن علي بن أبي طالب هو الله تعالى بذاته [21]

 

2-المختارية

وقائد تلك الحركة هو “المختار بن أبى عبيد الثقفي”  وهو من أهل الطائف، انتقل من الطائف إلى المدينة مع أبيه في زمن عمر بن الخطاب، وكان أبوه أبو عبيد الثقفي قائداً للمسلمين في موقعة الجسر واستشهد يومها .

ويظهر أن تأييد المختار لآل بيت الرسول  r قد بدأ منذ وقت مبكر فعندما خرج الحسين بن علي إلى العراق بناءاً على رسائل أهل الكوفة، نجد أن المختار كان يريد أن ينضم إليه وينصره حينها، لولا أن والي الكوفة عبيد الله بن زياد قد حبسه وضربه ليمنعه من نصرة الحسين ([22]) .

وبواسطة شفاعة عبد الله بن عمر زوج أخت المختار، تم الإفراج عنه، فرحل إلى الحجاز وانضم لـ عبد الله بن الزبير([23])، ولكن يبدو أن انضمام المختار لقوات ابن الزبير لم يكن عن اقتناع حقيقي وإنما كان لأهداف برجماتية نفعية بحتة، فقد ورد أن المختار لما بايع ابن الزبير قال له:  ” لا خير في كثرة الكلام، إني قد جئت لأبايعك على ألا تقضى أمرا دوني وإذا ظهرت استعنت بي على أفضل عملك ” ([24]) .

وقد قاتل المختار مع قوات ابن الزبير ضد “الحصين بن نمير” عندما قدم جيش الشام إلى الحجاز، واستطاع المختار أن يظهر الكثير من مهاراته وكفاءته العسكرية في تلك الحرب , واستطاع المختار أن يقنع عبد الله بن الزبير برحيله إلى العراق ليعمل على تثبيت نفوذ ابن الزبير فيها، ولكن بمجرد أن وصل المختار إلى العراق فإنه بدأ يدعو إلى الانتقام والقصاص من قتلة الحسين بن علي وبدأ يجمع الأتباع حوله .

وكان من الطبيعي أن يقوم والي الكوفة عبد الله بن يزيد بسجن المختار، خوفاً من انتشار دعوته وخطورتها([25])، ومرة أخرى يستخدم المختار صلة القرابة ب”عبد الله بن عمر” ليتمكن عن طريق شفاعته من الخروج من السجن. وبعد قيام عبد الله بن الزبير بإقالة والي الكوفة عبد الله بن يزيد وتعيين والي آخر على قدر كبير من الضعف وهو “عبد الله بن مطيع” ، استطاع المختار أن يؤلب الناس ضد الزبيرين، وأن يثور على ابن مطيع ويضطره إلى الهرب من الكوفة، وبذلك أصبح المختار سيداً على تلك المدينة المهمة وقام بدعوة الناس إلى مبايعته قائلاً:  ” تبايعوني على الكتاب والسنة والمطالبة بدماء أهل البيت وقتال من قاتلنا ومسالمة من سالمنا  “  وقد انضم الكثير من الأنصار والمقاتلين إلى حركة المختار،حتى وصل عددهم إلى سبعة عشر ألف رجل .

وقد حاول المختار في تلك المرحلة أن يحصل على تأييد أهل بيت الرسول r ليستخدم ذلك التأييد في الدعاية السياسية لحركته، فبدأ في مراسلة كل من  محمد بن الحنفية بن علي بن ابى طالب , و علي زين العابدين بن الحسين بن علي . وتتعدد الروايات التي توضح موقف هؤلاء الأئمة من دعوة المختار، فبعض الروايات تذكر أن المختار قد بعث إلى علي زين العابدين يريد تأييده وأرسل له الكثير من الاموال، ولكن علي قام برفض ذلك كله وأظهر كذبه وادعائه أمام الناس([26])وهناك بعض الروايات الأخرى التي تظهر أن محمد بن الحنفية قد ساعد المختار، فإنه لما قام المختار بدعوة الناس إلى الانضمام لحركته باسم محمد بن الحنفية، شك بعض الناس في ذلك، فقدموا على ابن الحنفية ليتأكدوا منه، فقال لهم: ” وأما ما ذكرتم من دعاء من دعاكم إلى الطلب بدمائنا فوالله لوددت أن الله انتصر لنا من عدونا بمن شاء من خلقه “

ولم يكتفى ابن الحنفية بذلك، بل إنه أرسل إلى إبراهيم بن الأشتر يدعوه إلى نصرة المختار وتأييده، وقد جاء في خطابه إلى إبراهيم ” بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد بن علي إلى إبراهيم بن الأشتر، أما بعد فإن المختار بن أبى عبيد على الطلب بدم الحسين فساعده في ذلك وآزره يثبك الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الاخرة “ ([27]) .

وقد استطاع المختار بعد تحالفه مع إبراهيم بن الأشتر أن يكون جيشاً قوياً يستطيع به أن يواجه القوة الأموية ،واستطاع إبراهيم بن الأشتر أن ينتصر على جيش الشام في موقعة “الخاذر”، وتمكن من قتل عدد من الرجال الذين اشتركوا في قتل الحسين بن علي في كربلاء([28]) .

وقام المختار بقطع راس عبيد الله بن زياد وأرسل بها إلى علي زين العابدين في المدينة وروى البعض ” أن علي لم ير ضاحكا يوماً قط منذ قتل أبوه إلا في ذلك الوقت وأن نساء أهل بيت الرسول r قمن وقتها بامتشاط شعورهن واختضبن ولم يكن يفعلن ذلك قط منذ مقتل الحسين بن علي “ ([29]) .

وتروى بعض الروايات أن المختار قد بعث برأس عبيد الله بن زياد إلى عبد الله بن الزبير، وهو الأمر الذي يدل على أن المختار كان يحاول أن يحافظ على تبعيته الشكلية لابن الزبير، وكان انتهاء أمر المختار عندما قام عبد الله بن الزبير بتوجيه أخاه مصعب بن الزبير([30]) لحكم العراق في عام 68 هـ/687م، فدخل مصعب مع المختار في عدد من المعارك الضارية لمدة اربعة عشر شهراً، حتى انتهى الأمر بقتل المختار([31]) .

 

3-الكيسانية

الكيسانية هي أسم لحركة أرتبطت بشكل أو بأخر بحركة المختارية ، وهناك الكثير من الأقوال والتفسيرات التي قال بها علماء الفرق والمذاهب لتفسير أسم الكيسانية .

فهناك من قال بأن أسم الفرقة الكيسانية قد تم أشتقاقه من كيسان مولى علي بن أبي طالب ، ويوجد رأي أخر يرى أصحابه أن أسم الكيسانية قد تم أشتقاقه من كيسان أبي عمرة  صاحب شرطة المختار الثقفي وأحد زعماء الحركة المختارية ، أما الرأي الثالث في تسمية تلك الفرقة فيرجح أصحابه أن الأسم قد تم أخذه من وصف كيسان وهو الوصف الذي سماه محمد بن الحنفية ل المختار الثقفي لكيسه [32]

ويرى الدكتور محمود إسماعيل أن أكثر تلك الأراء قابلية للتصديق والقبول وأقربها للمنطق السليم هو أن أسم الكيسانية قد تم أشتقاقه من كيسان أبي عمرة خصوصاً وان كيسان هذا كان من زعماء المختارية القلائل الذين لم يقتلوا مع المختار وأنه أستمر على ولائه لأفكاره القديمة مما جعله قبلة لجميع أنصار المختار ومناصري حركته فيما بعد [33]

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا ، ما هي عقائد الكيسانية وما هي الفروق التي جعلتها تختلف عن باقي حركات الشيعة المبكرة الأخرى ؟؟

والحقيقة أنه لا توجد لدينا إجابة واضحة عن هذا السؤال ، فهناك من يعتقد بأن الكيسانية كانت مرادفاً تاماً للمختارية وأنه إذا كانت حركة المختار الثقفي حركة سياسية عملية فإن حركة الكيسانية كانت بما فيها من أبعاد دينية مذهبية ظهيراً فكرياً مكملاً ومتمماً لها بدون إنفصال أو تمييز .

على أن الروايات التي بين أيدينا تحمل لنا الكثير من المعلومات المتضاربة ، فنجد ان عدد من المصادر يذكر ان الكيسانية أعتقدوا بأن محمد بن الحنفية هو الإمام بعد أبيه علي بن أبي طالب ، وان أبيه قد عهد إليه بالإمامة بدليل أنه أعطاه الراية يوم الجمل وقدمه على أخويه الحسن والحسين [34]

وهناك من يرى ان الكيسانية أعتقدوا بأن محمد بن الحنفية قد تسلم الإمامة عقب مقتل أخيه الحسين في كربلاء

واستشهدوا على ذلك بالشعر الذي جاء فيه

ألا إن الأئمة من قريش     ولاة الحق أربعة سواء

علي والثلاثة من بنيه        هم الأسباط ليس بهم خفاء

فسبط سبط إيمان وبر        وسبط غيبته كربلاء

وسبط لا يذوق الموت       حتى يقود الخيل يقدمها اللواء

تغيب لا يرى فيهم زماناً     برضوى عنده عسل وماء  [35]

وهو ما يعني أن الكيسانية كانوا كغيرهم من فرق الشيعة الإمامية قد أعتقدوا  بإمامة علي بن أبي طالب ومن بعده ولده الأكبر الحسن ومن بعده أخيه الحسين ، حتى اذا قتل الحسين وصلت الإمامة من بعده الى أخيه محمد بن الحنفية ، وان ابن الحنفية لم يمت ولكنه حي ويعيش في جبل رضوى حيث ينتظر الوقت الذي يخرج فيه لقتال أعداء الشيعة والأنتصار عليهم .

 

ملاحظات على (السبئية والمختارية والكيسانية)

بعد أن عرضنا للحركات الثلاث التي أستند أليهم فلهاوزن في تنظيره لدراسة أصول المذهب الشيعي المبكر وجذوره الأولى ، يُلح علينا سؤال في غاية الأهمية وهو هل كان المستشرق الألماني موفقاً ومصيباً عندما حاول أن يتخذ من تلك الحركات الثلاث مدخلاً يعبر منه لدراسة الفكر والمذهب الشيعي في أصوله الأولى ؟؟

الواقع ان ما طرحناه في الصفحات السابقة يوضح أن الإعتماد على ما ذكرته كتب الفرق والمقالات حول الحركات الثلاث لا يمكن ان يعطينا صورة واضحة عن الفكر الشيعي في تلك المرحلة المبكرة .

فالخلافات التي تنقلها لنا الروايات حول الحركات الثلاث لا تقتصر على مسائل فرعية جزئية بل إننا نجد أنفسنا أمام العديد من الروايات المتناقضة حول أصول الحركات ومبادئها ومعتقداتها الأساسية بل أنه يوجد خلاف حول مؤسسي كل حركة وحقيقة وجودهم التاريخي من عدمه .

ولنا أن نتخيل أن الأبيات الشعرية التي أوردتها في الصفحة السابقة للتدليل على عقيدة الكيسانية وهي الأبيات التي ذاع صيتها ورددتها الألسن و أوردتها جميع كتب الفرق والمقالات الإسلامية ، يوجد خلاف كبير حول شخصية صاحبها ، ففي الوقت الذي يرى عدد من المؤرخين أن صاحب تلك العبارات هو الشاعر المعروف (كُثير عزة) [36] نجد أن هناك أراء أخرى تنسبها الى شاعر مشهور أخر وهو (السيد بن محمد الحميري) [37]

والمشكلة هنا أن تلك الأبيات التي يستخدمها الجميع للتدليل على عقائد الفرقة الكيسانية قد فقدت قيمتها العلمية لعدم التأكد من شخصية صاحبها .

كما أن العلاقة ما بين المختارية والكيسانية يشوبها الكثير من مظاهر الشك والغموض ، فقد بينا أن المختار قد حاول أن يجد من أهل البيت من يدعمه ويؤيده وأنه قد عرض ذلك الدعم على كل من (علي بن الحسين) و (محمد بن الحنفية) ، وبالرغم من الروايات التي تبين أن الثاني قد أبدى الكثير من مظاهر التأييد للحركة فأننا لا نستطيع أن نجعل منه أباً روحياً أو زعيماً دينياً لها ، ف ابن الحنفية لم يسعى للأنتقال من مكة ( التي يفرض عبد الله ابن الزبير سلطانه عليه) الى الكوفة(حيث استطاع المختار ان يؤسس لحكمه فيها) ، بل ان ما لدينا من روايات يبين أن قوات المختار قد قامت بتحرير محمد بن الحنفية من قبضة عبد الله بن الزبير واكتفت بذلك دون ان تقوم بنقله الى معقل المختارية في الكوفة .

ثم ان حركة المختار كانت قد قامت في الأساس كما بينا من أجل القصاص للحسين بن علي ، ولذلك جعل المختار  قتل الأفراد الذين شاركوا في مذبحة كربلاء على رأس إهتماماته و أولوياته ، وهو ما يُبعد عن الأذهان فكرة أن المختارية قد قامت في الأساس على فكرة الإمامة الروحية لمحمد بن الحنفية .

والشكوك التي تحيط بالمختارية والكيسانية هي نفس الشكوك التي أحاطت قبلهم بالعقيدة السبئية ، فاذا نحينا السؤال الأهم حول الوجود التاريخي لعبد الله بن سبأ من عدمه جانباً ، وجدنا أنفسنا نصطدم بسؤال جديد حول المعتقدات والأفكار السبئية نفسها ، اذ ان المصادر لا تقدم لنا إجابات شافية حولها

فما بين الإعتقاد بإمامة علي بن أبي طالب من جهة والإعتقاد بألوهيته من جهة أخرى يوجد فرق شاسع وكبير لا يمكن تجاهله أو التغاضي عنه ، بل ان تلك الروايات المختلفة – التي تصل في الكثير من الأحيان إلى حد التضاد والتنافر – من الممكن أن تصل بنا في نهاية المطاف إلى تدعيم الرأي الذي يرى أصحابه بعدم الوجود التاريخي لتلك الفرقة وأن أعداء الشيعة قد أخترعوا تلك الفرقة وألصقوا بها الكثير من الإتهامات و الأباطيل للتشنيع على التشيع برمته .

ولم يحاول يوليوس فلهاوزن ان يلتفت الى جميع تلك الجوانب الجوهرية المعارضة لبعضها البعض في البناء الفكري للفرق الثلاث( السبئية- المختارية – الكيسانية ) ، بل نجده قد بنى نظريته على أساس – ما أختاره و أنتقاه – من معلومات وردت في كتب المقالات والمذاهب والمصادر التاريخية السنية (المعارضة للفكر الشيعي) حول الفرق الثلاث .

 

ومن ذلك أن فلهاوزن قد أختار بعض الروايات الضعيفة التي تذكر ان المختار قد أخرج كرسي قديم لعلي بن أبي طالب ، وأصطحب ذلك الكرسي معه في حروبه متشبهاً بملوك بني إسرائيل الذين كانوا يصطحبون تابوت العهد معهم في حروبهم ضد الكنعانيين

أختار فلهاوزن  -أذن- ما أعتقد أنه يناسب ويتوافق مع نظريته حول أصول الشيعة وجذورها الأولى المستمدة من العقيدة اليهودية ، وفي الوقت ذاته تغاضى عن عمد عن كل الأدلة والشواهد التي تخالف نظريته ،وهو الأمر الذي سنحاول إثباته في الصفحات التالية .

 

نقاط التشابه بين المذهب الشيعي والعقيدة اليهودية في نظرية فلهاوزن

 

أثر العقيدة اليهودية في الإسلام عموماً

 

 

 

مناقشة لأراء فلهاوزن

  1. النبوة والإمامة

يرى فلهاوزن أن فكرة الإمامة عند الشيعة قد تم إقتباسها من مفهوم النبوة في العقيدة اليهودية عند بني إسرائيل ، فهو يقول ( وقبل محمد وجدت سلسة طويلة متصلة من الأنبياء الذين يتلو بعضهم بعضاً ، على نحو ما يقول اليهود(سلسلة دقيقة من الأنبياء)…وكما ورد في اصحاح 18 من سفر التثنية من أنه لم يخل الزمان أبداً من نبي يخلف موسى ومن نوعه. وهذه السلسة لا تقف عند محمد ، ولكل نبي خليفته إلى جانبه يعيش أثناء حياته هو أيضاً فكرة يهودية ، فكما كان لموسى خليفة هو يوشع ، كذلك لمحمد خليفة هو علي به يستمر الأمر ، على أن كلمة نبي لم تطلق على علي وبنيه بل أطلق عليهم أسماء الوصي أو المهدي أو الإمام عامة ) [38]

وفي الحقيقة فان كلام فلهاوزن قد يبدو سليماً ومنطقياً للوهلة الأولى ، ولكن إذا أمعنا النظر فيه ودرسنا نظرية النبوة والإمامة بين العقائد اليهودية و الفكر الشيعي لوجدنا أن هناك الكثير من النقاط التي توضح حجم الخلاف بين وجهتي النظر وان كل منهما قد بنى على أسس فكرية مختلفة .

النقطة الأولى تتعلق بمفهوم الإنتقائية في اختيار النبي (اليهودي) / الإمام(الشيعي)

وأقصد بذلك السلالة أو الأسرة أو العائلة التي يتم إختيار النبي/الإمام منها ، فبالنسبة للعقيدة اليهودية  فإذا ما رجعنا لتاريخ بني إسرائيل و لقصص أنبياء العهد القديم نجد أن مفهوم الإنتقاء الأول لكان لنبي الله إبراهيم  فقد ورد في العهد القديم ان الله قد باركه [39]ثم تجدد الأصطفاء مرة أخرى لإسحاق الذبيح وبعد ذلك يعقوب حيث تم تجديد العهد مع الله [40]

ولكن من بعد يعقوب نجد أن مفهوم الأنتقاء قد توزع ليشمل معظم أسباطه الأثنا عشر .

ولعل ذلك هو الأمر الذي جعل اليهود يميزون أنفسهم عن باقي أقربائهم من أبناء عمومتهم بكونهم قد عرفوا أنفسهم بأنهم بني إسرائيل ، في إشارة إلى أخر إنتقاء تخصيصي في السلالة الإبراهيمية .

فنحن إذا ما حاولنا أن نراجع تاريخ بني إسرائيل فيما بعد يعقوب(إسرائيل) ، وجدنا أن هناك الكثير من الأنبياء والزعماء والقادة السياسين والروحانيين الذين تم إنتقائهم من جميع أسباط بني إسرائيل وليس من سبط واحد محدد يتميز بنقاء أو إصطفاء معين .

فموسى النبي الذي قاد بني إسرائيل في رحلة خروجهم الملحمية من مصر كان من أصول ترجع إلى سبط لاوي وكذلك كان أخيه  و مساعده هارون من سلالة نفس السبط ، أما يوشع خادم موسى وخليفته وقائد جيوش إسرائيل ضد الكنعانيين فكان من سبط إفراييم بن يوسف .

وبعد ذلك دخلت فكرة الإنتقاء في طور جديد بعد أن جاء عصر القضاة الذين كان كل منهم يحكم مساحة معينة من الأرض ويحكم سبط من أسباط بني إسرائيل ، فكان لكل عشيرة أو سبط قاضي محدد يتمتع بسلطات روحية ومادية كبيرة.

وبعد القضاة تم توحيد السلطة في شخص الملك ، فكان شاوول المنحدر من سلالة بنيامين هو أول ملوك بني إسرائيل ،  على أننا نجد الدولة الإسرائيلية قد وصلت إلى أوسع حدودها و أقوى مراحل نهوضها وقوتها في عهدي خليفتي شاول ، داود و أبنه سليمان اللذان يعودان إلى سبط يهوذا .

وبعد هذا العرض المقتضب ، فأننا نجد أن الشخصيات السياسية-الدينية الرئيسية في تاريخ بني إسرائيل منذ الخروج وحتى إنهيار المملكة المتحدة ، قد أنحدرت من فروع وسلالات إسرائيلية مختلفة مثل ( لاوي – يهوذا – بنيامين – إفراييم ) مع ملاحظة أننا لم نتطرق للحديث عن الكثير من الشخصيات الأخرى المؤثرة التي لو تطرقنا إليها إلى ذكر أنسابها والسلالات المنحدرة منها لذكرنا جميع أسباط إسرائيل الإثنا عشر .

وعلى الجانب المقابل ، فنحن إذا حاولنا أن نتناول فكرة ومفهوم الإنتقائية وعلاقتها بالإمامة عند الشيعة الإمامية لوجدنا أن هناك خلاف كبير وواسع بينها وبين ما سبق الإشارة إليه عند مثيله في عقائد اليهود .

ففكرة الإنتقاء عند الشيعة الإمامية تقوم على أن الإمام يتم أختياره على أساس كونه من أهل البيت أي من أبناء كل من علي بن أبي طالب و زوجه فاطمة الزهراء بنت الرسول r ، فقد أعتبر الشيعة الإمامية أن الإمام يجب أن يتم أختياره من ذلك الفرع لا من غيره من الفروع ، فنجد أن الشيعة الإمامية الإثنا عشرية قد أعتقدوا بإمامة إثنا عشر إمام متعاقبين من نسل علي و فاطمة [41]، أما الشيعة الإسماعيلية فقد أتفقوا مع الإثنا عشرية حتى الإمام السادس جعفر الصادق ، ولكنهم أختلفوا معهم في الإمام الذي يخلفه فقد أعتقد الإسماعيلية بإمامة إسماعيل بن جعفر بينما أعتقد الإثنا عشرية بأن إسماعيل قد توفى في حياة أبيه ولذلك أمنوا بإمامة أخيه موسى الكاظم .

وبالرغم من هذا الإختلاف إلا أننا نجد أن فكرة الانتقائية لم يتم المساس بها في حالة الخلاف بين الاثناعشرية و الإسماعيلية ، لان الفريقان قد حافظا على الفكرة الرئيسية التي قام عليها الانتقاء الامامي عند الشيعة وهي أن يكون الامام من ذرية علي و فاطمة .

وسوف نلاحظ ان هناك عدد من الفرق التي شذت عن تلك الفكرة الانتقائية ، مثل الفرقة الكيسانية التي اعتقدت بامامة محمد بن الحنفية والهاشمية التي اعتقدت بامامة ابي هاشم بن محمد بن الحنفية ، وقد ناقشنا من قبل أفكار بعض تلك الفرق ولا يمكن ان نبني مقارنتنا على تلك الأفكار خصوصاً وان تلك الفرق قد ضاعت واندثرت منذ فترة مبكرة من تاريخ التشيع مما لا يجعل من مبادئها وافكارها حجة على عموم الشيعة .

 

النقطة الثانية تتعلق بمسألة وجود أكثر من نبي في وقت واحد

فنحن نلاحظ أن هناك أختلاف كبير ما بين أنبياء بني إسرائيل و الأئمة الشيعة الاثنا عشر في تلك النقطة ، ذلك أننا لو رجعنا الى العهد القديم لوجدنا أنه في الكثير من الفترات كان هناك أكثر من نبي لبني إسرائيل يعيشون ويقومون بمهام النبوة مع بعضهم البعض في وقت واحد .

فيوسف كان نبياً في نفس وقت نبوة أبيه يعقوب ، وكذلك كان هارون نبياً مسانداً لاخيه موسى أثناء جهوده لتحرير العبرانيين من عبوديتهم للمصريين .

وبعد عصر القضاة ، نجد ان صمويل النبي أخر القضاة هو الذي مسح شاول وعينه ملكاً على بني إسرائيل وكذلك هو الذي مسح داود ، وهذا معناه انه في زمن واحد كان هناك ثلاثة أشخاص لهم علاقة مباشرة أو إتصال روحي بيهوه .

واستمر وجود انبياء بني إسرائيل مع بعضهم البعض في عصر إنقسام المملكة وزمن السبي البابلي وحتى في فترة ما بعد الرجوع من السبي .

والملاحظ ان تعاصر هولاء الأنبياء مع بعضهم البعض لم يقتصر على التعاصر العمري بمعنى أنهم عاشوا مع بعضهم البعض وحسب ، بل اننا نجد انهم تشاركوا مع بعضهم البعض في وظيفة الاتصال بالله ورفع مشاكل وطلبات الشعب اليه .

اما على الجانب الاخر ، فاننا نجد ان مفهوم الامامة في الفكر الشيعي الامامي يختلف تماما عن مفهوم النبوة عند بني إسرائيل ، فالامام الشيعي بمثابة الحجة التي يتخذها الله على عباده فلا يمكن ان يجتمع حجتان في زمن واحد لان وجود أحدهما فيه غناء عن وجود الاخر ، ومن ثم فان الفكر الشيعي الامامي قد نظر لامامة على كونها تسير في خط رأسي فكل امام يقوم بمهام منصبه حتى يبلغ أجله فيقوم بتسليم الراية من بعده لخليفته .

وقد ظهرت بعض التساؤلات المحيطة بتلك الفكرة ، اذ كيف نفسر ان بعض الائمة قد عاشوا مع بعضهم البعض لفترات طويلة ؟ فمن كان الامام الحجة في وقت اجتماعهم ؟

فنجد ان الفكر الشيعي قد حسم تلك المسألة بتقديم الامام الأكبر  وبعدم الاعتقاد بامامة خليفته حتى انقضاء اجل الامام الأول وذلك لانه لا يجتمع امامان في زمن واحد الا وكان أحدهما صامت [42]

ومن هنا نجد أن مفهوم الامامة عند الشيعة الامامية يختلف كلياً في نظرته (للتعاقب) عن (لا مركزية النبوة ) في العقائد اليهودية ، وقد ترتب على ذلك مسألة في غاية الأهمية واقصد بها مسالة الوصاية

ذلك اننا نجد ان الوصاية تظهر بشكل ملحوظ ومؤثر جدا في الفكر الشيعي الامامي ، لان كل امام يستمد حجيته من مصدر مركزي واحد فقط وهو الامام السابق له ، فلكي يصبح الامام اماما يجب ان يعلن سلفه بشكل واضح شخصية من يخلفه وان يوضح ذلك بشكل صريح لاتباعه ، ولذلك كانت مسألة الوصاية في الفكر الشيعي بديلاً قريب الشبه من فكرة ولاية العهد او الاستخلاف في العقلية السياسية السنية .

والمتتبع لتاريخ الشيعة الامامية سواء من الاثنا عشرية او الإسماعيلية ، سوف يجد انه في الكثير من اللحظات التاريخية الفارقة قد تغير مسار الخط الشيعي بسبب الخلاف حول وصية الامام السابق لتعيين خليفته ، فالانقسام الاثناعشري-الإسماعيلي وقع في أحدى تلك اللحظات الفارقة ، والانقسام بين المستعلية والنزارية قد وقع في لحظة مشابهة [43]

أما الفكر اليهودي فنستطيع ان نلمح مفهوم الوصاية فيه في العهود المبكرة وفي زمن الأباء الأوائل ، بينما نجد أن ذلك المفهوم يقل ويضعف فيه في المرحلة ما بين الخروج من مصر وحتى السبي البابلي ، ليعود مرة أخرى الى الظهور في شكل معنوي بحت مرتبطاً بكرة المشيحانية أثناء عصور ضعف وتدهور الدولة الإسرائيلية .

 

النقطة الثالثة تتعلق بمفهوم العصمة

لعل من أكثر النقاط التي تثبت خطأ نظرية يوليوس فلهاوزن فيصول المذهب الشيعي وجذوره بالعقائد اليهودية، هي النقطة الخاصة بمفهوم العصمة عند الفريقين .

فنحن إذا ما رجعنا إلى العقيدة اليهودية وكتب وأسفار العهد القديم، وحاولنا أن نبحث فيها عما يدل علي (عصمة الأنبياء) لوجدنا أنه تقريباً لا وجود لأي أثر لهذا المفهوم أو تلك الفكرة في كل أسفار العهد القديم بدايةً من سفر التكوين ونهايةً بسفر ملاخي.

فالعقيدة اليهودية التقليدية نظرت نظرة تقديس وتوقير وإحترام للعيد من شخصيات وأنبياء العهد القديم ، ولكن في نفس الوقت نجد أن اليهود لم يفكروا أبداً في تنزيه تلك الشخصيات عن الخطأ البشري، أو الاعتقاد في عصمتهم عن ارتكاب الخطايا و الموبقات والوقوع فيما وقع فيه غيرهم من البشر من ذنوب ومعاصي لله .

ولعلنا لو تجولنا جولة سريعة خاطفة في أسفار العهد القديم ، لهالنا ما سنجده من شنائع وكبائر أعتقد اليهود أن أنبيائهم قد أرتكبوها وقاموا بها ، فعلى سبيل المثال لا الحصر ، سنجد أن لوط قد زنى مع أبنتيه وهو واقع تحت تأثير الخمر ويعقوب يكذب على أبيه الضرير إسحاق ويسرق البركة من أخيه عيسو

ويهوذا ابن يعقوب الذي هو أحد أهم الشخصيات في العقلية اليهودية حتى أن اليهود يُنسبون له ، نجده يزني مع سامار زوجة أبنه المتوفى دون أن يعرف شخصيتها، كما اننا نجد ان هناك عدد من أبناء يعقوب يقومون بنكث وعودهم ويشتركون في قتل قبيلة شكيم بن حامور مستغلين مرضهم و ضعفهم

وهارون و أخته مريم كذلك يقعان في الكبائر و المعصية بالرغم من دورهم الكبير في مساعدة موسى النبي لإخراج بني إسرائيل من مصر ، فهارون يتابع اليهود في غيهم ويوافقهم على صناعة العجل الذهبي ، وشقيقته مريم تحقد على أخيها موسى فيصيبها يهوه بالبرص

وشاول (مسيح الرب) يحقد على داود ويحاول قتله أكثر من مرة، اما خليفته على العرش داود فهو يستغل فرصة غياب أحد قادته في أحد الحروب ويزني مع زوجته وتحمل منه سفاحاً فيدبر لقتل زوجها خشية معرفته بالأمر

أما سليمان الذي بنى الهيكل المقدس فأنه يسير على منهاج سابقيه، فيقع في الخطية ويدنس بيت يهوه بأصنام الألهة الوثنية التي أتت بها أزواجه الأجنبيات

أذن فالصورة التي يقدمها العهد القديم لشخصيات أبطاله و أنبيائه ، هي في الواقع صورة منحطة بائسة تبدو فيها جميع الخطايا البشرية بصورة واضحة جلية مثيرة للغثيان [44]، فما بين ( السرقة والخداع والزنا والفجور والقتل والكفر ) تتشكل ملامح جميع الشخصيات المهمة في كتب العهد القديم ، وهو ما يثبت أن الفكر اليهودي الكتابي التقليدي لم يفكر لحظة في إنتحال صفة العصمة لشخصياته المقدسة .

ويعبر عن ذلك أحد الحاخامات المعاصرين المعروفين بقوله ( بحسب التناخ فإن الإنسان العادي ليس الوحيد الذي يقترف الذنوب، بل حتى الأنبياء و الملوك) [45]

ونلاحظ أن مفهوم النبوة عند بني إسرائيل لم يرتبط مطلقاً في صورته الكلاسيكية بفكرة العصمة ، ففي الكثير من اللحظات التاريخية نجد أن شعب بني إسرائيل قد تعامل بعنف و قسوة مع أنبيائه ومقدميه فتعرضوا لهم بالأيذاء النفسي و الجسدي ، إلى الحد الذي جعل عالماً يهودياً شهيراً مثل سيجموند فرويد يبني أطروحته عن موسى ، على أساس أن بني إسرائيل الخارجين من مصر قد قاموا في إحدى لحظات غضبهم و تهورهم بقتل موسى ثم ندموا على ذلك بعد فترة [46]

ومن الجدير بالذكر ، ان الاشارات القليلة التي تلصق نوعاً من التقديس أو العصمة على شخصيات و أنبياء العهد القديم في الفكر اليهودي ، نجد معظمها متناثراً في كتب علماء الدين والمفكرين اليهود الذين عاشوا في المجتمعات الإسلامية وتأثروا كثيراً بنظرة المسلمين للأنبياء و الرسل ، فعلى سبيل المثال نجد أن (موسى بن ميمون) يذكر في كتابه (دلالة الحائرين) أن الله أختار أنبيائه بعد تهيئة و إعداد بحيث يكونوا قد وصلوا إلى درجة معينة من درجات الكمال [47]

فإذا ما حاولنا أن ندرس مفهوم العصمة عند الشيعة الإمامية ، وجدنا أن العصمة هي أحد أهم و أبرز النقاط و العناصر التي يرتكز عليها المذهب الشيعي الإمامي ، فالشيعة الإمامية يقولون بعصمة الإمام ( فلا يجوز الخطأ عليه ، ولا يصدر منه إلا ما كان صواباً ) [48]

وقد ورد التأكيد على مبدأ عصمة الإمام في الكثير من المصادر الشيعية الإمامية المتقدمة وكذلك في المراجع المعاصرة [49] ، بحيث تأكد بما لا يدع مجالاً للشك من كون العصمة هي من أهم مبادئ القوم ومن أعظم إعتقاداتهم .

فالعصمة عند الشيعة الإمامية تشمل جميع الأئمة الإثناعشر ، فهم يرون أن العصمة صفة أصيلة في الأنبياء و الرسل الذين أرسلهم و ابتعثهم الله إلى البشر ، فلما كان الأئمة يقومون بإكمال العمل الذي بدأه الأنبياء ، فكان يلزمهم أن يتصفوا بصفة العصمة حتى يصبحوا حجة لله على العباد .

والعصمة عند الشيعة الإمامية عصمة مطلقة غير منقوصة ولا مجزآة ، فهي عصمة عن إرتكاب جميع الأخطاء و الذنوب سواء كانت صغيرة أو كبيرة ، فهي عصمة تختلف عن مثيلتها في عقائد أهل السنة و الجماعة ، الذين يرون أن الأنبياء قد وقع منهم في بعض الأحيان بعض الأخطاء و الذنوب الصغيرة التي غفرها الله لهم بعد ذلك [50]

وعلى ذلك فإنه يمكننا التأكيد على كون العصمة هى أحد أهم النقاط التي تعارض نظرية فلهاوزن في تأثير العقائد اليهودية على المذهب الشيعي .

 

النقطة الخامسة سلطة النبي/الإمام

اذا قمنا بعقد مقارنة بين مفهوم السلطة عند انبياء بني اسرائيل والسلطة عند أئمة الشيعة الإثناعشرية لوجدنا ان هناك اختلاف كبير جدا بحيث لا يمكن ان نعتبر ان التشيع قد اقتبس ذلك المفهوم من الفكر الديني والعقائدي اليهودي .

فاذا ما رجعنا الي أسفار العهد القديم لوجدنا ان النبي اليهودي دائماً ما يفرض سلطته علي عائلته واسرته او عشيرته دون ان تمتد تلك السلطة علي جميع الشعوب المجاورة له

فسلطة الأباء الاوائل ابراهيم واسحاق ويعقوب كانت سلطة ابوية عشائرية قبلية فحسب وربما كان ذلك بسبب امرين اثنين وهما

الامر الاول

ان نظرة اليهود لدينهم والههم كانت نظرة محلية ضيقة فاليهودية لم تكن دينا تبشيريا في اي مرحلة من مراحل تاريخها ولذلك لم يحاول اليهود ان يجتذبوا اليهم العشائر والاقوام المتاخمين لهم  ومن ثم ظلت سلطة زعيم وقائد العبرانيين مقتصرة علي اتباعه اليهود فقط

الامر الثاني

ان الظروف الحضارية و المجتمعية التي ظهر فيها اباء العبرانيين الاوائل قد اثرت كثيرا علي تشكل مفهوم السلطة عند حكامهم و انبيائهم فيما بعد

فقد ظهر العبرانيون الاوائل في مجتمع بدوي قبلي بعيد كل البعد عن حياة التحضر والتمدن والاستقرار مما ادي لسيطرة بعض العادات و الأنظمة المرتبطة بالفكر القبلي وهو الامر الذي دعم من ظهور فكرة الزعيم العشائري

والملاحظ ان بني اسرائيل كانوا دائما ما ينزعون للتشكل في هيئة مجتمعات قبلية عشائرية قليلة العدد وقد ظهر ذلك بوضوح اثناء تواجدهم في مصر وبعد خروجهم منها في زمن موسي النبي فقد بقي اليهود محافظين علي انسابهم وتمايزوا في شكل عشائر كبيرة العدد

وكان المرتكز الاساسي الذي تقوم عليه كل عشيرة هو نسبة كل منها الي احد الاسباط الاثنا عشر من ابناء يعقوب

وظهر اثر تلك التنظيمات العشائرية بوضوح بعد خروج بني اسرائيل من مصر فقد اعتاد اليهود الاعتراض علي قرارات موسي النبي وخالفوه في الكثير من الامور وذلك لرفضهم فكرة الزعيم الاوحد الذي ينضوي جميع الشعب الاسرائيلي تحت رايته

ومما يدل علي ذلك ان اليهود قد امتعضوا من فكرة ان موسي وحده هو الذي يكلم الله ويسمع منه الوصايا والاوامر  فطلبوا من موسي ان يشتركوا جميعا في سماع اوامر الله واستجاب الله لطلب اليهود[51] ولكن العهد القديم يخبرنا بان بني اسرائيل لم يستطيعوا ان يتحملوا صوت الرب وكادوا ان يموتوا وهم يسمعونه فطلبوا من موسي ان يكون وسيطا بينهم وبين الله [52] فكان موسي منذ ذلك الوقت ( فما  لله امام الشعب وفما للشعب امام الله ) [53]

وهكذا نجد ان اليهود قد قبلوا فكرة سلطة موسي عليهم لكونهم مضطرين لذلك فبعد فترة قليلة من وفاة موسي رجع بني اسرائيل مرة اخري الي فكرة الزعيم القبلي العشائري في عصر القضاة ولكن بعد ان مكث الاسرائيليون فترة في فلسطين بجوار الشعوب الكنعانية المستقرة والاكثر تحضرا فاننا نجد ان هناك نوعا من التاثير في الفكر السياسي قد حدث للعقلية اليهودية فقد طالب اليهود بتعيين ( ملك لهم ليقودهم في حروبهم ضد اعدائهم ووافق الرب علي طلب شعبه وتم تعيين شاول ليصبح اول ملوك بني اسرائيل ) [54]

 

وسرعان ما اختلط بين مفهومي النبوة و الملك في عهد داود و ابنه سليمان  خلفاء شاول

ولكن بعد انقسام الدولة الاسرائيلية نجد ان نوعا من الانفصام قد حدث مرة اخري بين المفهومين

فقد تفردت السلطات الدينية ولم تعد مجتمعة في شخص واحد وكما يقول الاب ( متي المسكين ) انه في تلك المرحلة قد ( تفردت السلطات وتخصصت فصار الله هو الذي  يعين الملك بواسطة النبي فيقوم الكاهن بمسحه وتنصيبه ) [55]

وهناك ملاحظتان مهمتان حول مسألة تفرد السلطات الدينية في اليهودية

الملاحظة الاولي

انه في الكثير من الفترات وخصوصا بعد انقسام الدولة الموحدة الي مملكة شمالية ( اسرائيل ) ومملكة جنوبية ( يهوذا ) نجد ان هناك تصاعد في نفوذ وسلطات الكاهن علي حساب سلطة النبي ويفسر احد الباحثين اليهود المعاصرين ذلك بارتباط الكهنة بالمعبد وبطقوس العبادة وان الانبياء كانوا مجرد تابعين ومساعدين للكهنة [56]

ويظهر ذلك في الكثير من أسفار العهد القديم فعلي سبيل المثال نجد النبي ( ارميا ) يتهم الانبياء الذين تنبأوا كذبا بانهم آلة في ايدي الكهنة ليمدوا سلطانهم علي الشعب [57]

الملاحظة الثانية

ان الشريعة اليهودية قد بقيت حاكمة و مسيطرة في المجتمع اليهودي بالرغم من توالي الانبياء وتعاقبهم

فكانت الشريعة المعتمدة في الاساس علي الوصايا العشر كيان قائم بذاته ولا يخضع لتفسيرات و تأويلات الانبياء وهو الامر الذي اضعف من سلطة النبي الروحية والزمنية

فاذا ما تركنا الفكر اليهودي وانتقلنا لتناول مفهوم السلطة عند الشيعة الإمامية لوجدنا ان هناك اختلاف وتعارض تام  حول فكرة السلطة في كل من الفكرين بحيث اننا نستطيع ان نجزم بعدم وجود علاقة بين كل منهما و الاخر وان كل منهما قد نشأ وتطور في ظروف مختلفة و متباينة

فالامام عند الشيعة الامامية يتم اختياره بواسطة الله وحده ولا دور للبشر في ذلك الاختيار [58]

وسلطة الامام هي سلطة مطلقة في كل امور و نواحي الحياة ذلك ان الامامة هي ( زعمة في امور الدين و الدنيا و هي نيابة عن الرسول ص في حفظ شريعته من الزيادة و النقيصة واقامة الحدود ودرأ الفساد ونحوها من فوائدها اللازمة علي الوجه الشرعي والقانون الالهي ) [59]

ولذلك فان اعتقاد الشيعة هو ان طاعة الامام من طاعة الله [60] فسلطة الامام عندهم مستمدة من سلطة الرسول ص وسلطة الله ولذلك فاننا نجد ان اعتقاد الشيعة في أئمتهم ( ان امرهم امر الله تعالي ونهيهم نهيه وطاعتهم طاعته و معصيتهم معصيته ووليهم وليه وعدوهم عدوه ولا يجوز الرد عليهم والرد عليهم كالراد علي الرسول ص والراد علي الرسول كالراد علي الله تعالي  فيجب التسليم لهم والانقياد لامرهم والاخذ بقولهم ) [61]

ومن هنا فاننا نجد ان مفهوم السلطة الممنوحة للامام عند الشيعة يختلف اختلافا كبيرا عن مفهوم السلطة عند انبياء بني اسرائيل

فالامام يعتبر امتداد  لله اما النبي الاسرائيلي فيعتبر وسيط بين الله و شعبه

وهناك ملاحظتان مهمتان علي مفهوم السلطة لدي الائمة الشيعة وهما :-

الملاحظة الاولي

ان مفهوم الامامة المرتبط بالنبوة و برسالة محم ص قد ارتبط بفكرة عالمية الدين ومن ثم فانه لما كان الامام امتدادا للرسول ص فاننا نجد ان سلطة الامام كانت سلطة روحية علي جميع اتباعه في كل مكان

وكان المفترض ان يؤمن به جميع البشر في زمنه لانه حجة علي الناس كافة في كل انحاء المعمورة .

الملاحظة الثانية

انه لم يح في التاريخ الشيعي ان انقسمت السلطة علي اكثر من جهة

فالامام دائما و ابدا هو محور الدين ومرتكزه الاساسي وهو الشخص الذي اجتمعت فيه جميع السلطات ( الشرعية )

حتي لو ان الظروف القهرية قد اضطرت الشيعة في بعض الاحيان للخضوع للسلطة الحاكمة الممثلة في شخص الخليفة السني الذي يعيشون في دولته

كما ان الشريعة واحكام الدين وثوابته لم تضعف من سلطة الامام او توهن منها

ذلك لان الامام كان هو الشخص الوحيد الموكلة اليه الصلاحيات المتعلقة بتفسير و تاويل النصوص الدينية ولذلك نجد ان ( الشريعة ) كانت منضوية  تحت سلطان الامام وخاضعة له خضوعا تاما

ويدل علي ذلك قول ( الشاطبي ) في الشيعة الامامية ( فحكموا الرجال علي الشريعة ولم يحكموا الشريعة علي الرجال ) [62]

 

 

المسيح و المهدي

النقطة الثانية التي ربط فيها فلهاوزن ما بين العقيدة اليهودية والمذهب الشيعي الإمامي هي نقطة التشابه ما بين الأتجاهين في فكرة المخلص المنتظر، ذلك الذي عرف في اليهودية بأسم (المسيا) أو (المسيح) بينما عُرف في المذهب الشيعي ب(المهدي).

ذلك أن فلهاوزن قد أشار الى الروايات التاريخية التي تدعي أن (محمد بن الحنفية) هو المهدي المنتظر الذي يتوارى عن الأنظار في جبل رضوى حيث يسود السلام منتظراً الوقت المناسب للخروج والظهور للناس لتحقيق حلم العدل واقامة الحق والقضاء على الظلم و الجور .

وقارن فلهاوزن ما بين تلك الروايات وما ورد في العهد القديم في سفر اشعيا في الاصحاح السابع والاصحاح الحادي عشر ، حيث وجد المستشرق الالماني ان هناك الكثير من أوجه الشبه مابين تلك النصوص وبعضها البعض [63] مما يجعل منها دليلاً-من وجهة نظره- على صدق نظريته التي ترى أن المذهب الشيعي الإمامي قد تم إقتباس أصوله من العقائد والأفكار اليهودية .

 

أولاً:-المسيح في العقيدة اليهودية

كانت فكرة المخلص المنتظر الموعود الذي ينتظره شعبه، من أوسع الأفكار إنتشاراً في العصور القديمة، وكما يلاحظ الدكتور أحمد أمين في كتابه (المهدي والمهدوية) أن تلك الفكرة قد أنتشرت في الشرق أكثر بكثير من إنتشارها في الغرب ، وهو يبرر ذلك بقوله(وذلك لأن الشرقيين أكثر أملاً، وأكثر نظراً للماضي والمستقبل، والغربيين أكثر عملاً و أكثر نظراً إلى الواقع) [64]

وقد ظهرت فكرة المخلص المنتظر في العقيدة اليهودية كما ظهرت بعد ذلك في الأديان والعقائد المسيحية والإسلامية [65]، على أننا نلاحظ أن تلك الفكرة قد أخذت شكلاً مختلفاً في كل دين بحسب ظروفه وأسسه ومبادئه العامة والحالة التي يعشها شعبه ويمر بها .

فإذا ما حاولنا أن نتناول فكرة المخلص المنتظر في العقيدة اليهودية، لوجدنا أن تلك الفكرة قد مرت بعدد من المراحل والتطورات حتى أخذت في النهاية الصيغة والشكل النهائي لها .

فالدارس للعهد القديم سوف يجد أنه لا توجد إشارة واحدة واضحة وصريحة تشير الى انتظار مخلص منتظر عند اليهود في أسفار التوراة الخمسة [66]، وان كان هناك عدد من التأويلات المسيحية التي ترى ان هناك عدد من النصوص التى ترمز إلى المخلص ، ومن ذلك ما ورد في سفر التكوين[67] حول (شيلون) الذي سيأتي وتخضع له شعوب ، حيث تم تفسير كلمة شيلون بمعنى حاكم السلام [68]

وكذلك فقد وردت بعض الإشارات في سفر اشعيا [69] تلمح الى أنه سوف يأتي زمن يقضي الله فيه على كل الجور والظلم الموجودان في العالم [70]

ومع مرور الوقت وإزدياد الإضطهاد الواقع على شعب بني إسرائيل من القوى العظمى التي أحتلت فلسطين وأخضعتهم مجبرين لسلطانها ، ظهرت فكرة ترى أن أحد أبناء داود الملك، سوف يظهر ويحرر العبرانيين من الظلم والجور الواقعين تحته ، وأنه سوف يقيم ملكاً عظيماً ، و تم تخليد تلك الفكرة في كل من التلمود والمدراش [71]

ويرى العديد من الباحثين ، ان فكرة انتظار ملك مخلص من نسل داود هي فكرة فارسية الأصل وان اليهود قد أقتبسوها من الديانة الزرادشتية [72]

وعبر التاريخ اليهودي الطويل نجد ان الكثير من اليهود قد أدعوا أنهم هم أنفسهم المسيا أو المسيح المنتظر

والمسيح هو الاسم الذي يشير الى ملك او كاهن أدخل الى المركز رسمياً عن طريق مسح رأسه بالزيت ، والكلمة مشتقة من اللفظة العبرية (الماشيح) [73] وكان المسيا أو المسيح هو الأسم الذي أتخذه اليهود في عقائدهم و أفكارهم معبراً عن فكرة المخلص المنتظر

ومن أهم الأشخاص الذين أدعوا أنهم المسيح المنتظر في التاريخ اليهودي، كل من :-

  • ثيوداس
  • يهوذا الجليلي
  • بركوكبا
  • عوبديا
  • سيرينوس
  • داود الرائي
  • أشرإملين
  • داود الرأوبيني
  • شبتاي صبي
  • يعقوب فرانك [74]

وهناك عدد من الخصائص المميزة لفكرة المخلص المنتظر أو المسيح في العقيدة اليهودية،وتلك الخصائص والسمات التي تهمنا في عملية مقارنة المسيح اليهودي مع المهدي الشيعي،هي:-

  • أنه لم ترد معلومات كافية في العهد القديم وباقي المصادر الدينية اليهودية المعتبرة حول شخصية المسيح المنتظر أو صفاته وشكله، وهو الأمر الذي أتاح الفرصة أمام الكثير من اليهود لإدعاء أنهم هم المقصودون بالبشارة دون غيرهم .
  • أنه بما أن اليهودية لم تهتم بالحياة الأخروية أو مسألة البعث والنشور بعد الموت،فأننا نجد أن المسيح المنتظر في العقيدة اليهودية كان يتم تخيله على كونه ملكاً قوياً بيده سلطان يستطيع به أن يحقق السعادة والخير لبني قومه على الأرض في حياتهم ، ولذلك السبب لم يتقبل اليهود أي شخص يدعي أنه المسيح دون أن تكون معه قوة كافية لتحقيق الملك و السيادة .

ولعل حالة (المسيح عيسى بن مريم) من أكثر الحالات التي تدل على ذلك، فقد رفض اليهود تصديق المسيح وناصبوه العداء و أتهموه بالكذب ، ذلك لأنهم كانوا ينتظرون ملكاً قوياً يقيم دولتهم ويعيد بناء هيكلهم فإذا بهم يجدون رجلاً مسالماً ينزع الى الإصلاح والتطهر دون أن يتخذ مسالك القوة والعنف.

  • أن اليهود لا يؤمنون بفكرة غيبة المسيح بعد ظهوره، فالمسيح في الإعتقاد اليهودي يأتي ويحمل معه الخير والسعادة والعدل ( وسيأتي بالخلاص المباشر ولا يحتاج الى قدوم ثان) [75]

فلا معنى لظهور المسيح ثم غيابه مرة أخرى ، لان الهدف الرئيسي من ظهور المسيح هو الذي أدى لإختلاق نظرية وجوده في الأساس ، وبالتالي فلا ضرورة لوجود المسيح متغيباً أو مختفياً .

 

ثانياً:- المهدي في المذهب الشيعي

وبعد أن تناولنا فكرة المسيح في الفكر اليهودي ، نتناول الأن فكرة المهدي المنتظر في الفكر الشيعي الإمامي

يأتى اسم المهدي من الفعل “هدى” أى بين طريق الهدى وعرفه وأرشد إليه([76])،أما المدلول العام لتلك الكلمة فهو      ” الإشارة إلى رجل هداه الله الطريق القويم  “ ([77])، وأخذت تلك الكلمة معنى اصطلاحي معين وهو ” الإشارة إلى إمام منتظر يأتى في آخر الزمان فيملأ الارض عدلاً  كما ملئت جوراً وظلماً “ ([78])،ولم ترد كلمة المهدي بهذا المعنى في القرآن الكريم وكذلك لم ترد في صحيح البخارى أو صحيح مسلم([79])،ولكن مع ذلك وردت الإشارة إلى المهدي المنتظر في العديد من الكتب المعتبرة عند أهل السنة و الجماعة([80]) .

وتكاد جميع الفرق والمذاهب الإسلامية تتفق على أن المهدي هو شخصية بها نوع من القداسة، و إنه هو الذي سوف يقود قوى الخير والايمان ضد قوى الباطل والظلم والعدوان([81]) .

وهناك اختلاف حول الصفات اللازم توافرها في شخص المهدي،فهناك من يرى أنه يلزم أن يوافق اسم المهدي اسم الرسول محمد r دون الأخذ في الاعتبار اسم ابيه،وهناك من يرى أن اسم المهدي يجب أن يكون “محمد بن عبد الله” بحيث يتطابق مع اسم الرسول rو اسم ابيه([82])،ويرى بعض علماء السنة ان المهدي هو “المسيح عيسى بن مريم” عليه السلام([83])، ([84])،أما الشيعة الإسماعيلية،فتعتقد أن المهدي المنتظر هو “عبيد الله المهدي” الذي ولد عام260هـ/873م واستطاع أن يقيم دولة إسماعيلية شيعية في المغرب في عام297هـ/909م([85]) .

و أمام التباين والاختلاف في صورة وشخص المهدي في عقلية الفرق الإسلامية المختلفة،زعم الكثير من المستشرقين والباحثين الغربيين،أن فكرة المهدية ليست بفكرة أصيلة في العقيدة الإسلامية وإنها تعود إلى أصول يهودية أو نصرانية ([86]) . فإذا ما انتقلنا لدراسة فكرة المهدية في المغرب الإسلامي،وجدنا أن تلك الفكرة قد حظيت بانتشار كبير على أثر نجاح حركة عبيد الله المهدي مؤسس الدولة الفاطمية([87])،ويفسر أحد الباحثين ذلك النجاح لفكرة المهدية في بلاد المغرب،بأنه ” يوجد استعداد نفسى عند أهل المغرب في تقبل والتماس الحل الخارق ” ([88])

أما الشيعة الاثنا عشرية فيعتقدون أن المهدي المنتظر هو ” محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب “ وهو الإمام الثاني عشر في سلسلة الأئمة ،وقد ولد ليلة النصف من شعبان في عام 255هـ وتولى الإمامة بعد وفاة أبيه وكان عمره وقتها خمسة أعوام فقط[89]ويعتقدون أنه اختفي في “سامراء” ([90]) في عام265هـ/874م أو266هـ/875م،وأنه منذ ذلك الوقت في الغيبة،وأنه عندما يشاء الله سوف يخرج من غيبته ويخرج للناس ” فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً “

وانقسمت فترة إختفا المهدي عن أنظار الناس إلى مرحلتين مميزتين :-

المرحلة الأولى وتعرف ب(الغيبة الصغرى)، وفيها كان المهدي يتواصل مع اتباعه عن طريق وسطا معينيين من قبله، وهم:-

  • عثمان بن سعيد العمري
  • محمد بن عثمان بن سعيد العمري
  • الحسين بن روح النوبختي
  • علي بن محمد السمري [91]

المرحلة الثانية وتعرف ب(الغيبة الكبرى)، وفيها لم يعد هناك نواب أو وكلاء للمهدي وأصبح المهدي يظهر بنفسه لبعض أتباعه بين الحين والأخر [92]

ملاحظات على نظرية المهدي عند الشيعة الإثناعشرية

  • أن هناك الكثير من الأدلة النقلية والعقلية التي تؤيد فكرة المهدي المنتظر في المذهب الشيعي الإثناعشري، فهناك عدد من الآيات التي يؤولها الشيعة ويرون أن المقصود بها هو المهدي المنتظر،مثل

سورة القصص أية 5 و 6

سورة النور أية 56

سورة الأنبياء أية 106

سورة التوبة آية 33

كما ان هناك الكثير من الأحاديث النبوية التي جا فيها ذكر المهدي حتى(أن تلك الأحاديث قد تجاوزت حد التواتر بحيث لا يبقى –هناك- مجال ولا موضع للمناقشة) [93] وايضاً توجد الكثير من أقوال الأئمة التي تذكر المهدي وتبشر به وتتحدث عنه.

أما عن الادلة العقلية ،فهي أدلة تتوافق مع مفهوم الإمامة في العقلية الشيعية الإثناعشرية فلما كان الإمام هو حجة الله على الناس فقد توجب أن يكون المهدي الذي يحيل الظلم إلى عدل والجور إلى خير وسعادة هو أخر هؤلا الأئمة .

  • أن مفهوم الغيبة هو مفهوم أصيل في الفكر الشيعي الإمامي فيما يتعلق بفكرة المهدي المنتظر، حيث أننا نجد أن الكثير من أقوال الأئمة قد تنبأت بغيبة المهدي وبشرت بها في كتب الشيعة ومصادرها المتقدمة [94]

أن فكرة الغيبة قد جاءت لتعالج مشكلة في مفهوم الإمامة عند الشيعة الإثناعشرية،وذلك لأن إقتصار الإمامة على إثنا عشر إمام قد أدى لظهور مشكلة فيما يتعلق بمن يخلف الإمام الثاني عشر فكانت الغيبة تحل تلك الإشكالية لأنها حافظت على فكرة الحجة الباقية ما بقيت حياة الناس على الأرض، وفي نفس الوقت حافظت على عدد الأئمة الإثنا عشر .

الرجعة

والرجعة هي النقطة الثالثة التي يبني عليها يوليوس فلهاوزن نظريته التي تذهب إلى أن المذهب الشيعي يعود في أصوله إلى عقائد و أفكار يهودية .

وبدايةً فسوف نذكر ما أورده (فلهاوزن) بخصوص تلك النقطة ، يقول فلهاوزن ( وأقيم تأليه بيت الرسول على أساس فلسفي بواسطة مذهب الرجعة أو تناسخ الأرواح، فالأرواح تنتقل بالموت من جسم إلى جسم…ويستفيد هذا المذهب أهمية عملية خصوصاً عن طريق رفعه إلى روح الله التي تحل في نفوس الأنبياء، فهذه الروح تنتقل من نبي إلى أخر بعد وفاة السابق) [95]

ويربط المستشرق الألماني ذلك ببدعة يهودية منسوبة إلى كليمانس، وهي تقول أن (روح الله تتحد في أدم مع شخص إنسان يظهر بصفة النبي الصادق في صور متعددة وقد قدر له السيادة على الملكوت الدائم) [96]

ثم يبين التغير الذي حدث في مفهوم الرجعة عند الشيعة المتأخرين،فيقول (ولكن المتأخرين قد فهموا – فيما يبدو- الرجعة على نحو أخر ، فقد تصوروها على نحو ديالكتيكي ، فقالوا بفترة غيبة دورية للإمام الصادق ثم سموا – في مقابل ذلك – ظهوره من جديد رجعة ) [97]

ولنا على كلام فلهاوزن ،عدد من الملاحظات المهمة، وهي:-

أولاً:- أن مفهوم الرجعة الشيعي لا نكاد نلمح له أى أثر على مدار التاريخ العقائدي الفكري اليهودي ، فالديانة اليهودية أولت معظم إإهتمامها و توجيهاتها لأتباعها فيما يخص الحياة الدنيوية على الأرض، فلا تذكر شيئاً عن الحياة الأخرة أو البعث والنشور والقيامة والجنة والنار ، ويذهب الكثير من علماء الدين اليهودي إلى أن جنة اليهود ستتحقق لهم على الأرض (فقد وعدهم التناخ بالسلام والثروة والصحة والحياة الطيبة في هذا العالم إذا هم أطاعوا التوراة الإلهية) [98] ولم ترد أي إشارة في العهد القديم تذكر أن الأنسان سوف يرجع إلى الأرض مرة أخرى بعد وفاته .

ثانياً:- أن الإشارة الوحيدة التي يستشهد بها فلهاوزن على الأصل اليهودي لفكرة الرجعة، هو ما ورد في بعض المواعظ –التي يعترف فلهاوزن نفسه إنها منحولة ومغلوطة – المنسوبة إلى بابا روما (كليمنتس الأول) والتي تعود إلى القرن الأول الميلادي .

والغريب أن فلهاوزن – وهو العالم الخبير في مجال نقد الكتاب المقدس والعهد القديم على وجه الخصوص- يقوم بالإستشهاد بكتابات –يعترف هو نفسه بوجود إحتمالية كبيرة في خطئها – لعالم دين مسيحي ، ويعتبر أن تلك الكتابات دليلاً وشاهداً على العقيدة اليهودية .

ولست أدري كيف وقع فلهاوزن في ذلك الخطأ المنهجي الذي لا يغتفر لباحث مبتدء، فما بالك وقد وقع فيه باحث متمرس مثل فلهاوزن، والتفسير الوحيد الذي أراه منطقياً لتبرير ذلك، أن فلهاوزن قد قام بلي عنق ما ورد في تلك المواعظ وأخذ منها ما ظنه يتوافق مع نظريته و فكرته المسبقة لتأييد رأيه وتدعيمه .

وقد ظهر ذلك بوضوح عندما قام بوصف (مواعظ كليمنتس) بأنها (بدعة يهودية) بالرغم من أن التوصيف المنضبط لها هو إنها (أفكار مسيحية مبكرة) ، فلماذا قام المستشرق الألماني الكبير بذلك الخلط و التمويه المقصودان ؟ اذ أنه لو أتبعنا نفس المنهجية التوصيفية التي أستخدمها هو ، لوصلنا في النهاية إلى كون المسيحية برمتها ما هي إلا (هرطقة يهودية كبرى) وحسب، وبذلك تسقط الحواجز والفوارق الرئيسية بين الأديان و تفقد كل منها ملامحها الأساسية و سماتها المميزة التي تفرق كل منها عن الأخر .

ثالثاً:- أن فلهاوزن ينسب إلى الشيعة الإمامية أنهم أعتقدوا بكون الرجعة هي نوع من تناسخ الأرواح ، حيث (تنتقل الروح بعد الموت من جسم إلى جسم) ولكن بمراجعة المصادر المتقدمة والمراجع المتأخرة في عقائد الفكر الشيعي الإمامي، نجد أن واحد من أعظم و أهم العلماء الإمامية وهو (الشيخ الصدوق) يصرح بأن تناسخ الأرواح باطل وكذب وأن من أعتقد بالتناسخ فهو كافر [99]

أما الرجعة التي يؤمن بها الشيعة الإمامية فهي على النحو الذي يشرحه (محمد رضا المظفر) في كتابه (عقائد الإمامية) بقوله (أن الله تعالى يُعيد قوماً من الأموات إلى الدنيا في صورهم التي كانوا عليها ، فيعز فريقاً ويذل فريقاً أخر) [100]

ويستدل علما الشيعة الإمامية بوجود بعض الأأيات التي وردت في القرآن الكريم والتي يظهر منها الإعتقاد بالرجعة على هذا المفهوم، ومنها

ومن الممكن أن نجد أثراً لما يشبه عقيدة الرجعة عند المسلمين السنة في إعتقادهم بأن الله قد أعاد الحياة لعدد من الموتى ، مثل من قام المسيح عيسى بن مريم بإحيائه بأذن الله، و عزير الذي أُعيد إلى الحياة بعد موته.

 

[1] نجيب العقيقي، المستشرقون، دار المعارف، القاهرة،1964م، ص724

[2] ريتشارد إليوت فريدمان، من كتب التوراة، ترجمة: -عمرو زكريا، مراجعة وتقديم: -أيمن حامد، دار البيان للنشر والتوزيع، القاهرة،2003م، ص24

[3] نجيب العقيقي، المستشرقون، ص725

[4] يوليوس فلهاوزن، أحزاب المعارضة السياسية الدينية في صدر الإسلام (الخوارج والشيعة)، ترجمه عن الألمانية: -د/عبد الرحمن بدوي، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة،1958م، ص 238

[5] المرجع نفسه،ص239

[6] المرجع نفسه، ص 239

[7] المرجع نفسه،ص241

[8] المرجع نفسه ، ص244

[9] د/ سعد الهاشمى، ابن سبأ حقيقة لاخيال ، صـ8-9

[10] د/حسن ابراهيم حسن،زعماء الاسلام،صـ49

[11] د/سعد الهاشمى ، ابن سبأ حقيقة لاخيال،صـ7

[12] د/سعد الهاشمى،ابن سبأ حقيقة لاخيال،صـ7

[13] راجع مرتضى العسكرى،خمسون ومئة صحابى مختلق،جـ1،صـ 70 ؛عبد الله بن سبأ واساطير اخرى،جـ2،صـ381

[14] د/عبد الله فياض ،تاريخ الامامية ،صـ92-110

[15] د/عبد العزيز صالح الهلابى ، عبد الله بن سبأ ( دراسة للروايات التاريخية عن دوره فى الفتنة ) ، صـ9

[16] د/ سعد الهاشمى، ابن سبأ حقيقة لا خيال ،صـ9-22

[17] د/عبد العزيز صالح الهلابى،عبد الله بن سبأ (دراسة للروايات التاريخية عن دوره فى الفتنة) ،صـ13

[18] الملطي،التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع،تقديم وتحقيق وتعليق :- د/محمد زينهم محمد عزب،مكتبة مدبولي،القاهرة،1993م،ص16

[19] عبد الجبار بن احمد الهمذانى،تثبيت دلائل النبوة ،تحقيق و تقديم:- د/عبد الكريم عثمان،دار العربية،بيروت،جـ2،صـ549

[20] الأسفراييني،التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين،تحقيق:-كمال يوسف الحوت،عالم الكتب،بيروت،1983م،ص163

[21] الرازي،اعتقادات فرق المسلمين والمشركين،مراجعة و تحرير :- علي سامي النشار ، مكتبة النهضة المصرية،القاهرة،1938م،ص57

([22])اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي ، ج2، ص174؛ الطبري،تاريخ الرسل والملوك،ج7،ص45

([23])اليعقوبي، المصدر نفسه، ج2، ص174؛ الطبري، المصدر نفسه ، ج7 ، ص 48؛ المسعودي ، مروج الذهب ، ج2، ص76

([24])المقدسي،البدء والتاريخ،ج6،ص15؛أبو النصر محمد الخالدي ،المرجع نفسه ،ص129

([25])الطبري،تاريخ الرسل والملوك،ج7،ص52 ؛ أبو النصر محمد الخالدي ،توابع الفتنة الكبري،ص133

([26])المسعودي،مروج الذهب،ج2،ص76؛ محمد إبراهيم الفيومي،المرجع نفسه، ص233

([27])أبي حنيفة أحمد بن داود الدينوري، الأخبار الطوال، مطبعة السعادة، القاهرة،1911م، ص283

([28])اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج2، ص175-176؛الطبري،المصدر نفسه،ج7،ص100وص130

([29])االيعقوبي،تاريخ اليعقوبي، ج2، ص176

([30]) هو مصعب بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد،كان يكنى بأبي عبد الله،تولي حكم العراق في خلافة أخيه عبد الله، وقتل في عام 72هـ/691م

ابن سعد،الطبقات،ج7،ص181-182

([31])ابن الخياط،تاريخ ابن خياط،ص264؛اليعقوبي،المصدر نفسه، ج2، ص181؛الطبري،تاريخ الرسل والملوك،ج7،ص144؛المقدسي،البدء والتاريخ،ج6،ص23

[32] لمراجعة الخلافات حول أصل تسمية الكيسانية راجع ، الحسن بن موسى النوبختي و سعد بن عبد الله القمي ،فرق الشيعة،تحقيق:- د/عبد المنعم الحفني،دار الرشاد، القاهرة،1992م،34-38؛ أبو الحسن الأشعري،مقالات الإسلاميين وإختلاف المصلين،تحقيق:-محمد محي الدين عبد الحميد،مكتبة النهضة المصرية،القاهرة،1950م،ص89-90؛ الشهرستاني،الملل والنحل،ص55

[33] د/محمود إسماعيل،فرق الشيعة بين التفكير السياسي والنفي الديني،سينا للنشر ، القاهرة، 1995م،ص 17

[34] النوبختي و القمي ، فرق الشيعة،ص33

[35] أبو الحسن الأشعري، مقالات الإسلاميين،ص90-91

[36] أبو الحسن الأشعري، مقالات الإسلاميين،ص90

[37] الشيخ الصدوق،كمال الدين وتمام النعمة،تصحيح وتقديم وتعليق:-حسين الأعلمي،منشورات الأعلمي للمطبوعات،بيروت،1991م،ص42

[38] فلهاوزن،أحزاب المعارضة السياسية الدينية،ص 246

[39]  وَقَالَ الرَّبُّ لأَبْرَامَ: «اذْهَبْ مِنْ أَرْضِكَ وَمِنْ عَشِيرَتِكَ وَمِنْ بَيْتِ أَبِيكَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُرِيكَ. فَأَجْعَلَكَ أُمَّةً عَظِيمَةً وَأُبَارِكَكَ وَأُعَظِّمَ اسْمَكَ، وَتَكُونَ بَرَكَةً. وَأُبَارِكُ مُبَارِكِيكَ، وَلاَعِنَكَ أَلْعَنُهُ. وَتَتَبَارَكُ فِيكَ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ»

تكوين 12 :1-3

[40] وَظَهَرَ اللهُ لِيَعْقُوبَ أَيْضًا حِينَ جَاءَ مِنْ فَدَّانَِ أَرَامَ وَبَارَكَهُ. وَقَالَ لَهُ اللهُ: «اسْمُكَ يَعْقُوبُ. لاَ يُدْعَى اسْمُكَ فِيمَا بَعْدُ يَعْقُوبَ، بَلْ يَكُونُ اسْمُكَ إِسْرَائِيلَ». فَدَعَا اسْمَهُ «إِسْرَائِيلَ». وَقَالَ لَهُ اللهُ: «أَنَا اللهُ الْقَدِيرُ. أَثْمِرْ وَاكْثُرْ. أُمَّةٌ وَجَمَاعَةُ أُمَمٍ تَكُونُ مِنْكَ، وَمُلُوكٌ سَيَخْرُجُونَ مِنْ صُلْبِكَ. وَالأَرْضُ الَّتِي أَعْطَيْتُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ، لَكَ أُعْطِيهَا، وَلِنَسْلِكَ مِنْ بَعْدِكَ أُعْطِي الأَرْضَ»

تكوين 35  :9-13

[41] الشيخ المفيد،الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد، تحقيق:- مؤسسة آل البيت لإحياء التراث،مؤسسة آل البيت،بيروت،1995م،ج2،ص345-347؛ الشهرستاني،الملل والنحل،ص55

[42] الكليني ،أصول الكافي،دار المرتضى،بيروت،2005م،ج1،ص126

[43] في النصف الثاني من حكم الخليفة الفاطمي المستنصر بالله كان الوزير بدر الجمالي  قد استطاع أن يفرض سلطته على الدولة الفاطمية بشكل كامل ، بحيث أصبح هو الحاكم الحقيقي للبلاد،وعندما اشتد المرض ببدر فإنه قام باستصدار قرار من الخليفة الفاطمي المستنصر بالله بتعيين ولده “الأفضل شاهنشاه” في منصب الوزارة ،وفي عام 487م توفى المستنصر بالله وبمجرد أن عرف الوزير الأفضل شاهنشاه بوفاة الخليفة المستنصر بالله ، فإنه ذهب لقصر الخلافة واجتمع بأبناء المستنصر الذكور الأربعة،وهم( نزار-عبد الله- إسماعيل – احمد )، وأمر نزار وعبد الله وإسماعيل بمبايعة أخيهم أحمد  فرفضوا ذلك واحتجوا بكونهم جميعا أكبر منه سناً.

واستطاع نزار أن يهرب من القاهرة ،فتوجه إلى الإسكندرية والتي كانت تمثل فى ذلك الوقت أحد معاقل المعارضة القوية ،وهناك وجد التأييد من أهل الإسكندرية كما سانده بعض القادة والاعيان ورجال الدين ،ولكن سرعان ما تمت هزيمته ووقع فى الأسر،ثم قتل بعد ذلك في سجنه.

وقد أدي ما حدث من انقسام فى صفوف الفاطميين فى مصر ، إلى حدوث اختلاف بين الإسماعيليين فى شتى أنحاء العالم الإسلامي، ،فقام الإسماعيليون فى بلاد فارس وجزء كبير من بلاد الشام بأعلان ولائهم المطلق لـ نزار والأئمة من عقبه وعرفوا باسم النزارية ،أما باقى الإسماعيليين فى مصر واليمن وجزء من بلاد الشام فقد اعتقدوا بصحة ولاية المستعلى بالله فعرفوا باسم “المستعلية” .

 

[44] د/أحمد شلبي،اليهودية،ص

[45] روبين فايرستون،ذرية إبراهيم،ص

[46] سيجموند فرويد ، موسى والتوحيد ، ص

[47] موسى بن ميمون،

[48] أحمد أمين،

[49]

[50]

[51]  ستيفن ميلر، تاريخ الكتاب المقدس،ص18

[52]  الخروج 20 :19

[53]  م.ص.سيجال،حول تاريخ الانبياء،ص 20

 

[54]  روبن فايرستون ،ذرية ابراهيم،ص29

 

[55]  متي المسكين،تاريخ اسرائيل،ص135

 

[56]  م.ص.سيجال،حول تاريخ الانبياء،ص36

 

[57]  المرجع نفسه،ص36

 

[58]  النعماني،الغيبة،ص59

 

[59]  القزويني،الشيعة في عقائدهم و احكامهم ،ص39

 

[60]   الكليني،اصول الكافي،ص132

 

[61]  محمد رضا المظفر،عقائد الامامية،ص58-59

 

[62]  الشاطبي،الاعتصام،ص482

 

[63] فلهاوزن، أحزاب المعارضة السياسية الدينية،ص

[64] د/أحمد أمين،المهدي و المهدوية،ص6

[65] المرجع نفسه،ص6

[66] د/حسن ظاظا، الفكر اليهودي،ص113

[67] تكوين 10:49

[68] متى المسكين،تاريخ إسرائيل،ص370

[69]

[70] روبن فايرستون،ذرية إبراهيم،ص36

[71] المرجع نفسه،ص37

[72] د/أحمد شلبي،اليهودية،ص211

[73] د/حسن ظاظا،الفكر اليهودي،ص166؛زكي شنودة،المجتمع اليهودي،ص206

[74] د/حسن ظاظا،الفكر اليهودي،ص131-151

[75] روبن فايرستون،ذرية إبراهيم،ص37

([76]) محمد زنبير،المغرب في العصر الوسيط،ص134

([77]) أحمد محمد جلي،دراسة عن الفرق في تاريخ المسلمين الخوارج والشيعة،شركة الطباعة العربية السعودية،الرياض،1986م،ص156

([78]) المرجع نفسه،ص156

Hodgson,the venture of islam,p.265

([79])أحمد محمد جلي،دراسة عن الفرق ،ص156

([80]) على سبيل المثال،راجع:- أبي بكر عبد الرازق بن همام الصنعاني،المصنف،عنى بتحقيق نصوصه وتخريج احاديثه والتعليق عليه:-حبيب الرحمن الاعظمى ،منشورات المجلس العلمي،بيروت، د.ت،ج11،حديث رقم 20769؛أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجة  ،سنن ابن ماجة،حقق نصوصه ورقم كتبه وأبوابه وأحاديثه وعلق عليه :- محمد فؤاد عبد الباقي،دار إحياء الكتب العربية،بيروت، د.ت،ج2،حديث رقم  4082  – 4083  – 4084 – 4085  – 4086 – 4087  – 4088 ؛ أبو داود سليمان بن الأشعث بن إسحاق الأزدي السجستاني ،سنن أبي داود ،راجعه على عدة نسخ وضبط أحاديثه وعلق حواشيه:- محمد محيى الدين عبد الحميد،دار إحياء السنة النبوية ،القاهرة، د.ت،ج4،حديث رقم 4282-4283-4284-4285-4286-4287-4288؛أبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي،سنن الترمذي، تحقيق وتعليق: إبراهيم عطوة عوض،شركة مكتبة ومطبعة مصطفي البابلي الحلبي وأولاده،القاهرة، د.ت،ج4،حديث رقم 2230-2231-2232؛أبو القاسم سليمان ابن أحمد الطبراني  ،المعجم الكبير،حققه وخرج أحاديثه:- حمدي عبد المجيد السلفي ،وزارة الأوقاف إحياء التراث الإسلامي،القاهرة، د.ت،ج10،حديث رقم 10213-10214-10215-10215-10216؛الحسين بن مسعود الشافعي البغوي ، مصابيح السنة،مطبعة محمد علي صبيح وأولاده ،القاهرة ،د.ت،ج1،ص192-193؛أبو السعادات مبارك بن محمد ابن الأثير الجزري،جامع الأصول من أحاديث الرسول”ص” ،أشرف على طبعه:- الشيخ عبد المجيد سليم، حققه:- محمد حامد الفقي،طـ2،دار إحياء التراث العربي،بيروت،ج11،رقم الحديث 7808-7810-7811؛ شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر القرطبي، التذكرة في أحوال الموتى وأمور الاخرة ،صححه وعلق عليه : أحمد محمد مرسى ،مطابع مذكور وأولاده ،القاهرة، د.ت،ص609-625؛محب الدين أحمد بن عبد الله الطبري،ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى، مكتبة القدسي ،القاهرة، 1937 م ،ص218-220؛ولي الدين محمد بن عبد الله الخطيب العمري التبريزي،مشكاة المصابيح ،تحقيق:-محمد ناصر الدين الألباني،منشورات المكتب الإسلامي،دمشق،د.ت،ج3،حديث رقم 5452-5453-5454؛ أبي الفداء إسماعيل ابن كثير ،كتاب النهاية أو الفتن والملاحم ،تحقيق :-طه محمد الزيني ،دار الكتب الحديثة ،القاهرة، د.ت، ج1،ص25-32؛ الحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي،موارد الظمأن إلى زوائد ابن حبان،حققه ونشره:- محمد عبد الرازق حمزة،المطبعة السلفية،القاهرة،د.ت،حديث رقم 1876-1877-1878-1879-1880 ؛جلال الدين السيوطي،الحاوي للفتاوي ،تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد،ج2،ص123-166؛أحمد شهاب الدين بن حجر الهيثمي المكي،الفتاوى الحديثية،طـ2،شركة مكتبة ومطبعة البابلي الحلبي،القاهرة،1970 م،صـ37-39

([81]) مرتضى المطهري،نهضة المهدي في ضوء فلسفة التاريخ،طـ2،دار التيار الجديد ،بيروت،2006م،ص8

([82]) مهدي الفقيه الإيماني ،الإمام المهدي عند أهل السنة،طـ2،مكتبة الإمام أمير المؤمنين علي ،أصفهان 1402هـ، ص17-19

([83]) علي سبيل المثال،راجع: أبي إسحاق إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الشاطبي،الإعتصام،ضبط نصه وقدم له وعلق عليه وخرج أحاديثه : أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سليمان ،مكتبة التوحيد،د.ت،ج2،ص440

([84]) راجع،علي بن بابويه القمي المعروف بالشيخ الصدوق،الإعتقادات،تحقيق:-عصام عبد السيد،المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد،قم،1992م،ص95؛أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي،كتاب الغيبة،تحقيق:- عباد الله الطهراني- علي أحمد ناصح،مؤسسة المعارف الإسلامية،قم،1411هـ،ص177-187؛أحمد محمد أحمد جلي ، دراسة عن الفرق ،ص159؛جواد علي ،المهدي المنتظر عند الشيعة الاثنى عشرية،ترجمة عن الالمانية:-أبو العيد دودو،منشورات الجمل،بيروت، د.ت،ص76-78

([85]) أحمد امين ،المهدي والمهدوية ،دار المعارف للطباعة والنشر،القاهرة،1951م،ص5؛أحمد محمد أحمد جلي،المرجع نفسه،ص159؛عبد الحميد حسين حمودة، تاريخ المغرب في العصر الإسلامي،الدار الثقافية للنشر،القاهرة،2006م،ص387-388

([86]) أحمد محمد أحمد جلي، المرجع نفسه ،ص161

([87]) محمد زنبير،المغرب في العصر الوسيط،ص136

([88]) المرجع نفسه،ص35

[89] المفيد،الإرشاد،ج2،ص339

([90])سامراء: مدينة بين بغداد وتكريت على شرقي دجلة،بناها الخليفة العباسي المعتصم بالله واتخذ منها عاصمة له ؛ ياقوت الحموي،معجم البلدان،ج3،ص173

[91] الطوسي،الغيبة،ص223-246؛محمد كاظم القزويني،الإمام المهدي،ص169

[92] د/جواد علي،المهدي المنتظر،ص77

[93] القزويني،الإمام المهدي،ص31

[94] ومن تلك المصادر: الكليني،الكافي،ص249-250؛النعماني،الغيبةص143-164

[95] فلهاوزن،أحزاب المعارضة،ص248

[96] المرجع نفسه،ص249

[97] المرجع نفسه،ص 249

[98] روبن فايرستون،ذرية إبراهيم،ص36

[99] الصدوق،الإعتقادات،ص63

[100] محمد رضا المظفر،عقائد الإمامية،ص58-59

 

المصدر: مجلة الاجتهاد والتجديد

لتنزيل نسخة بي دي اف إضغط هنا:

العلاقة ما بين المذهب الشيعي والدين اليهودي