استقالة خبير أميركي مسؤول عن تنفيذ الاتفاق النووي الإيراني

استقالة خبير أميركي مسؤول عن تنفيذ الاتفاق النووي الإيراني
Spread the love

كشفت مجلة “فورين بوليسي” الأميركية أن أحد كبار خبراء وزارة الخارجية الأميركية حول الانتشار النووي ريتشارد جونسون قد استقال هذا الأسبوع بعد إعلان الرئيس دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، في ما يقول المسؤولون والمحللون إنه جزء من هجرة الأدمغة المقلقة من الخدمة العامة بشكل عام على مدى الثمانية عشر شهراً الماضية.

وكان ريتشارد جونسون، وهو كان كبير المساعدين في وزارة الخارجية الأميركية، ونائب منسق مراقبة تنفيذ الاتفاق النووي الإيراني، قد شارك في محادثات مع الدول التي سعت لإنقاذ الصفقة في الأسابيع الأخيرة، بما في ذلك بريطانيا وفرنسا وألمانيا – وهو جهد فشل في نهاية المطاف.

ولم يعطِ جونسون سبباً محدداً لرحيله. ولكن في رسالة بريد إلكتروني وداعية إلى الزملاء والموظفين، شدد جونسون على أن الاتفاق النووي لعام 2015 الذي تخلى عنه قد نجح في كبح برنامج إيران النووي. وكتب جونسون” “أنا فخور بأنني لعبت دوراً ضئيلاً في هذا العمل، ولا سيما الإنجاز الاستثنائي لتنفيذ [الصفقة] مع إيران، التي كانت ناجحة بشكل واضح في منع إيران من الحصول على سلاح نووي”.

وقد حصلت مجلة “فورين بوليسي: على نسخة من البريد الإلكتروني.

وقالت المجلة إن مغادرة جونسون تترك فراغاً متنامياً في فريق الخبراء بوزارة الخارجية في برنامج إيران النووي وتبرز مشكلة أوسع نطاقاً تتمثل في مغادرة موظفين رفيعي المستوى من الحكومة.

ويقول المسؤولون إن الاتجاه واضح بشكل خاص في وزارة الخارجية، حيث همّش ترامب الموظفين الدبلوماسيين وضعّف معنوياتهم الذين عملوا تحت قيادة وزير الخارجية السابق ريكس تيلرسون. وقد أضحى مكتب جونسون المؤلف من سبعة موظفين بدوام كامل بلا أي موظف منذ تنصيب ترامب كرئيس للولايات المتحدة.

وفي العام الماضي أغلق تيلرسون مكتب تنسيق العقوبات التابع للإدارة ونقل بعض خبراء العقوبات إلى أدوار إدارية.

أحد المسؤولين الأميركيين الذين يعملون في العقوبات وصف استقالة جونسون بأنها “خسارة كبيرة” للإدارة وتعكس شعوراً متزايداً بأن إدارة ترامب تنحي جانباً خبراء مهنيين وتتجاهل مساهماتهم وهي تندفع في سلسلة من أولويات السياسة الخارجية المثيرة للجدل.

قبل أن تتحرك إدارة ترامب لتفكيك الاتفاق النووي، كان جونسون، 38 عاماً، قد خطط للبقاء في الخدمة الحكومية، وفقاً لمسؤول سابق في وزارة الخارجية.

يقول براين أوتول، وهو مسؤول سابق في وزارة الخزانة الأميركية، وهو الآن زميل أقدم غير مقيم في “ذا اتلانتيك كونسيل”، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن: “إنه بالضبط الشخص الذي نريد الاحتفاظ به في الحكومة”. وأضاف: “شيطنة الخدمة المدنية يستنزف خبراء مثل ريتشارد. يجب عكس هذا الموقف إذا أردنا أن نستمر في كوننا قوة عظمى – لا يمكنك أن تكون قوياً من دون أشخاص صالحين في الحكومة”.

وقد وصف مسؤول سابق في وزارة الخارجية عمل مع جونسون بأنه “أحد أكثر خبراء منع الانتشار النووي موهبة في حكومة الولايات المتحدة، بعد أن خدم في مجلس الأمن القومي وكمفتش في كوريا الشمالية”.

ويخطط جونسون للانضمام إلى مبادرة التهديد النووي، وهي مجموعة غير ربحية مكرّسة لمنع انتشار أسلحة الدمار الشامل. ويرأس المجموعة وزير طاقة سابق كان يقود الفريق الفني الأميركي أثناء المفاوضات الإيرانية.

وقد أقام زملاء جونسون له حفل توديع في فندق ستايت بلازا، على بعد شارع من مبنى وزارة الخارجية، ليلة الأربعاء، بعد ساعات فقط من إعلان ترامب قراره بالانسحاب من الصفقة الإيرانية، المعروفة أيضاً باسم خطة العمل المشتركة الشاملة.

وقد جمع حفل التوديع وداع مسؤولين حاليين وسابقين شاركوا في التفاوض على اتفاق إيران أو الإشراف عليه، بما في ذلك اثنان من كبار الدبلوماسيين المحترفين في وزارة الخارجية: وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية توماس شانون، والسفير ستيفن مول، منسق تنفيذ الاتفاق النووي الإيراني، وفقاً للمسؤول السابق الذي عمل مع جونسون.

يقول أحد الأشخاص الذين حضروا هذا اللقاء: “لقد كان اجتماعًا صغيرًا لفريق التفاوض التابع لـخطة العمل المشتركة الشاملة وقد تم استهلاك الكثير من الكحول”.

وقال غاريت بلان، وهو مسؤول سياسي في عهد الرئيس باراك أوباما عمل في صفقة إيران وحضر حفل وداع جونسون: “لن أتحدث باسم الجميع، لكنني، وكثير من الأشخاص الآخرين في هذا الحفل، نعتقد أن ترامب سحبنا من الصفقة على أساس لا شيء أكثر من العداء لسلفه”، الرئيس أوباما. وأضاف: “لا أستطيع أن أقول إنني أعرف لماذا غادر جونسون بالضبط، ولكن إذا كان هذا مثال آخر على أن إدارة ترامب غير قادرة على الحفاظ على المواهب، فيجب علينا جميعاً أن نكون قلقين”.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية في رسالة بريد إلكتروني للمجلة: “بشكل عام، نحن لا نعلق على الأمور المتعلقة بالموظفين الأفراد. بحسب توجيهات الرئيس، سنواصل العمل مع الدول حول العالم لإنشاء تحالف جديد لمواجهة تهديدات إيران النووية والانتشار النووي، فضلاً عن دعمها للإرهاب والتشدد، والأسلحة غير المتماثلة مثل الصواريخ الباليستية”.

لم يرد جونسون على طلب للتعليق على أسباب رحيله. لكن في رسالته الالكترونية الوداعية، عبّر عن اعتقاده بأن الاتفاق النووي الإيراني “سيساعد فقط على إرساء الأساس لشرق أوسط خالٍ من أسلحة الدمار الشامل، وهو هدف نتشاطره جميعاً”.

كما عكف جونسون على توضيح الأسباب التي دفعته، كطالب في مدرسة ثانوية، إلى الخدمة الحكومية. وتذكر قائلاً: “عندما واجهني والدي (المهندس)، كي أدافع عن اختياري لدراسة العلاقات الدولية في كلية خاصة للآداب الحرة، سألني: ما نوع الوظيفة التي يمكنك الحصول عليها بهذه الدرجة العلمية؟ فقد طبعت الوصف الوظيفي لموظف الخدمة الخارجية من نسخة مبكرة من الموقع الإلكتروني لوزارة الخارجية، وقلت: هذا ما يمكنني فعله”.

*كولوم لينش هو كبير المراسلين الدبلوماسيين الحائزين على جائزة نوبل في السياسة الخارجية.

*روبي غرامر مراسل للدبلوماسية والأمن القومي في السياسة الخارجية.

ترجمة: الميادين نت