تعاظم قوة الجيش المصري: هل يجب أن يُقلق إسرائيل؟

تعاظم قوة الجيش المصري: هل يجب أن يُقلق إسرائيل؟
Spread the love

بقلم: يغيل هنكين – زميل باحث إسرائيلي في معهد القدس للدراسات الاستراتيجية —

•تقليدياً، مصر هي إحدى الدول المهمة في الشرق الأوسط، لكن في العقود الأخيرة تراجع تأثيرها في المنطقة، سواء لأسباب اقتصادية، أو بسبب الثمن الباهظ الذي دفعته مصر في مقابل اتفاق السلام مع إسرائيل والانتقال إلى الوصاية الأميركية.

•صحيح أن الاتفاق والانتقال إلى الوصاية الأميركية أدّيا إلى فوائد اقتصادية، لكن الرد المعادي للدول العربية على الاتفاق أضر كثيراً بمكانة مصر في العالم العربي، وخصوصاً في ضوء حقيقة عدم امتلاك مصر مخزونات نفطية كبيرة. مع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن اتفاق السلام، الذي نحتفل في هذه الأيام بمرور 40 عاماً على وجوده، أثبت أنه شديد الاستقرار.وعلى الرغم من تراجع العلاقات في فترات، وأيضاً في الفترة القصيرة التي حكم خلالها الإخوان المسلمون، فإن هذا لم يؤدّ إلى إلغاء الاتفاق.

•مؤخراً يمكن أن نلاحظ عمليات تحديث وتعزيز كبيرين للقوات العسكرية المصرية. على سبيل المثال، بينما قيل في سنة 2010 أن الجيش المصري يملك 973 دبابة حديثة نسبياً من نوع أبرامز، قيل في سنة 2016 أن العدد هو 1360 دبابة، أي ثلاث مرات أكثر من تقدير مجموع الدبابات الموضوعة في قيد العمل لدى الجيش الإسرائيلي في الفترة عينها. ويبرز التحديث أيضاً في سلاحي الجو والبحر. على سبيل المثال، عدد طائرات الـ F-16 الأميركية من مختلف الأجيال ارتفع في العقد الأخير من 151 طائرة (بينها 113 أكثر حداثة من نوع C/D) إلى 208 أو 220 (منها 177 على الأقل حديثة)، كما جرى شراء عشرات الطائرات الإضافية من فرنسا ومن روسيا.

•على صعيد التأهيل والتدريب يُلمس أيضاً جهد مصر لتحسين قدراتها. إذ يُجري الجيش المصري في السنوات الأخيرة مناورات واسعة النطاق، بما فيها مناورات للفرق على نطاق شامل، بمشاركة جميع الجنود في الوحدات. وهذه المناورات ازدادت في السنوات الأخيرة. وكانت مناورة بدر المصرية في سنة 2014 هي الأكبر منذ 1996. بالإضافة إلى ذلك تواصل مصر مناوراتها التقليدية مع دول أُخرى، مثل مناورة “النجم الساطع” التي تجري كل عامين في الولايات المتحدة الأميركية. في 2017 جرت المناورة من جديد، بعد أن أوقفتها إدارة أوباما سنة 2011 في أعقاب الثورة في مصر.

•في المقابل، يمكننا في السنوات الخمس الأخيرة الإشارة إلى المناورات المشتركة مع القوات الخاصة لكل من الأردن وروسيا واليونان. من الواضح أن مصر تتدرب أكثر من الماضي ومع عدد أكبر من الدول. والدليل على ذلك إقامة بنية تحتية كبيرة للتدريبات، وبناء منشآت للقتال في الأماكن المبنية.

•السبب الذي تقوم مصر بذلك من أجله لا يزال غامضاَ. إن تزايد القوة العسكرية بحد ذاته يمكن أن يكون دليلاً على القلق، لكنه لا يؤكد وجود نية معينة من جانب مصر. هناك أسباب كثيرة لبناء قوة عسكرية. من بين التفسيرات المحتملة يمكن أن نعدد: زيادة القوة من أجل المحافظة على مكانة مصر في العالم العربي، سواء كسبيل لموازنة ضعفها الاقتصادي أو جرّاء سباق التسلح في الخليج الفارسي؛ إرسال إشارات إلى دول مجاورة؛ إقامة بنية تحتية لانتشار روسي؛ الإعداد لنزاع مع إسرائيل أو إلغاء اتفاق جعل سيناء منزوعة السلاح؛ تعزيز الوضع الداخلي في دولة جيشها بمعانٍ كثيرة هو الدولة نفسها.

•لقد صرح الرئيس السيسي نفسه أنه لا يتخوف من غزو، وأنه لا يوجد تهديد من جيش نظامي على مصر، وأن مصر بحاجة إلى جيش كبير بسبب الوضع غير المستقر و”الفراغ” في الشرق الأوسط. وبناء على كلامه يمكن أن نفسر أن جزءاً من تعاظم القوة المصرية هدفه انتشار سريع للقوات في الشرق الأوسط، وكان الرئيس المصري أعرب في وقت آخر عن تأييده وجود قوة عربية موحدة لمواجهة المشكلات في الشرق الأوسط، قوة تشكل مصر جزءاً منها.

•على الرغم من أن كاتب هذه السطور لا يجد احتمالاً كبيراً لنشوب مواجهة بين إسرائيل ومصر، وهو مع الاعتقاد السائد في إسرائيل بأن مصر وإسرائيل تحت حكم السيسي هما أقرب بعضهما إلى بعض أكثر من أي وقت آخر، فإن الأمر الأكيد أن تعاظم القوة العسكرية المصرية، وتحسن قدراتها على الانتشار(في الدبابات وفي البنى التحتية، وسفن ساعر ذات القدرة على حمل جنود ودبابات وغيرها) ونشر قوات لها في سيناء، يستدعي اهتماماً كبيراً، وحذراً.

•إن التحدي الكبير الذي تواجهه إسرائيل اليوم هو، من جهة، المحافظة على العلاقات مع مصر وتحسينها، ومن جهة أُخرى أن تبقى متأهبة، من دون خلق مسار تصعيد غير مقصود.

المصدر: مجلة “مكور ريشون” الإسرائيلية، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية