حكم “حماس” في غزة: هو حل أو مصدر لمشكلة؟

حكم “حماس” في غزة: هو حل أو مصدر لمشكلة؟
Spread the love

بقلم: إيال زيسر – محاضر في قسم تاريخ الشرق الأوسط في جامعة تل أبيب —

•المطر الغزير الذي هطل في نهاية الأسبوع الماضي أوقف لبضعة أيام الإطلاق المتقطع للصواريخ من غزة. ويبدو أن مطلقي الصواريخ في القطاع يخافون من طوفان المطر أكثر من الرد الإسرائيلي على تساقط الصواريخ.

•في يهودا والسامرة [الضفة الغربية] سُجّل ايضاً تراجع في حجم التظاهرات التي اندلعت، والتي ربما نظمتها السلطة الفلسطينية، احتجاجاً على اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل. من المبكر التقدير ما إذا كان ما جرى هو الخوف من المطر، أم أن الشارع الفلسطيني غير مهتم ولا يرغب في الاستجابة لدعوات السلطة الفلسطينية إلى مواصلة المواجهات ضد جنود الجيش الإسرائيلي.

•لكن بضعة أيام من “الهدوء الخادع”، بحسب كلام رئيس الشاباك أمام لجنة الخارجية والأمن، لا تغيّر من واقع أن حقبة الهدوء في المناطق [المحتلة] وعلى طول حدود القطاع توشك على الانتهاء، وربما انتهت.

•إن التصعيد على الأرض، ولو ببطء وبصورة تدريجية، له علاقة بالواقع السياسي الداخلي الفلسطيني، ولمزيد من الدقة، بالحائط المسدود الذي وصلت إليه سواء حركة “حماس” في القطاع أو السلطة الفلسطينية في مناطق يهودا والسامرة [الضفة الغربية]. في الأشهر الأخيرة انشغلوا بصورة أساسية بالمناورات السياسية الداخلية، مثل تغيّر الزعامة في “حماس” أو المحاولات العقيمة للدفع قُدُماً بالوحدة بين غزة ورام الله.

•لكن يبدو تحديداً أن الإمكانات التي انفتحت أمام “حماس” وأمام السلطة الفلسطينية للمضي قُدُماً هي التي أدت إلى دوامة نهايتها انفجار العنف، وإلى الخوف من اندلاع المواجهات. في واشنطن يعمل طاقم الرئيس ترامب على بلورة مبادرة أميركية لحل النزاع. ولو تعلم الفلسطينيون من تجربة الماضي، لكانوا رأوا في مبادرة ترامب، مهما كانت إشكالية بالنسبة إليهم، فرصة ذهبية للتقدم نحو تحقيق ولو جزء من أهدافهم. لكن بدلاً من استقبال المبادرة الأميركية بأذرع مفتوحة “أعلنوا الحرب” على ترامب وعلى الولايات المتحدة، كأنهم يمكن أن يجدوا طرفاً يقبل بتوظيف أموال وجهود من أجلهم أكثر من واشنطن. وهذا ما حدث تحديداً في صيف 2000، إن امكان التحرك نحو عملية سياسية يعرفون أنها تتطلب تقديم بدائل وتنازلات تدفعهم نحو موقف رافض، وإلى “الهرب إلى الأمام”، وإلى تصعيد مضبوط، قد يخرج عن السيطرة كما حدث في الماضي.

•تتخوف “حماس” أيضاً من الآتي. إن اتفاق المصالحة مع السلطة من شأنه أن يخفف الضغط الذي يعاني الشارع الفلسطيني جرّاءه ويدفع قُدُماً إلى حل المشكلات الاقتصادية في القطاع. لكن مثل هذا الاتفاق قد يسحب البساط من تحت سلطة “حماس” الوحيدة. ويتخوفون في “حماس” من أن يُضعف الهدوء على الحدود مع إسرائيل الحركة في مواجهة خصومها الداخليين. وهكذا، وعلى الرغم من الأصوات في غزة التي تؤيد المضي قُدُماً في اتجاه مصالحة فلسطينية داخلية، واستمرار المحافظة على الهدوء على طول الحدود، فإن “حماس” تراجعت عملياً. وهي تطلب من فروعها في يهودا والسامرة القيام بهجمات ضد إسرائيل، والأخطر من ذلك، لا تقف ضد الفصائل، وبينها حركة الجهاد الإسلامي، التي تطلق صواريخها على إسرائيل تحت أعينها النصف مغلقة.

•إن الرأي السائد في إسرائيل هو أن المصلحة الإسرائيلية تقتضي السماح لـ”حماس” بمواصلة سيطرتها على القطاع، وبأن تبقى مصدر القوة الوحيد القادر على المحافظة على الهدوء على طول الحدود. على ما يبدو ثمة منطق في فرضية العمل هذه، لكن يجب أن نأخذ في الاعتبار أن مثل هذه الفرضيات انهارت أكثر من مرة في الماضي، مثلاً في لبنان، عندما فضّلت إسرائيل الهدوء على استمرار الاحتكاكات على طول الحدود وكان ثمن الهدوء أن تهديد المواقع والمستوطنات في شمال البلد زاد وتطور ليتحول إلى تهديد استراتيجي لكل أراضي إسرائيل.

•في مواجهة الحائط المسدود الذي وصل إليه الفلسطينيون، وأيضاً في مواجهة الإمكانات التي انفتحت أمامهم، والتي اختاروا رفضها رفضاً قاطعاً، فإن خيار التصعيد المضبوط هو الحل الأسهل الذي اختاروه. في مثل هذا الوضع، من الصعب الاستمرار في المحافظة على الوضع القائم (الستاتيكو). وستضطر إسرائيل إلى التفكير بصورة مختلفة للمحافظة على الهدوء داخل أراضيها وعلى طول الحدود، وأن تسأل نفسها بصورة خاصة هل حُكم “حماس” في غزة (وهناك من يقول أيضاً حُكم السلطة الفلسطينية في يهودا والسامرة) هو الحل أم مصدر المشكلة؟

المصدر: صحيفة “يسرائيل هَيوم” الإسرائيلية، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية