ما هي المشكلة مع تصريح ترامب بشأن القدس؟

ما هي المشكلة مع تصريح ترامب بشأن القدس؟
Spread the love

بقلم: غيورا عنبار – عميد إسرائيلي في الاحتياط، وقائد سابق لـ”شيلداغ” وقائد لواء “غفعتي” وتشكيلة لبنان —

•يثير تصريح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن الاعتراف الأميركي بالقدس كعاصمة إسرائيل أصداء في العالم، وللأسف الشديد، يثير العنف أيضاً في منطقتنا. في إسرائيل أثنوا ثناء جارفاً على التصريح، وهناك مَن تذكر قول مناحم بيغن ” البديهيات أيضاً يجب أن تُقال أحياناً”. التصريح يبعث على السرور طبعاً، على الرغم من كونه تافهاً ولا ينطوي على نتائج عملية. إذا كان كذلك، ما هي المشكلة معه فعلاً؟

•في الواقع، تكمن المشكلة أساساً فيما لم يذكره التصريح. المشكلة الأساسية ليست مكانة القدس كعاصمة لإسرائيل، بل عن أي قدس يجري الحديث؟

•عندما يجري الحديث عن “القدس الموحدة تحت سيادة إسرائيلية” لا يكون القصد أحياء مثل كريات يوفال أو الهضبة الفرنسية، الواقعتين غربي القدس، أو مواقع تراثية مثل حائط المبكى [حائط البراق] أو الحي اليهودي في القدس القديمة، الذي سيكون جزءاً من القدس الإسرائيلية في أي تسوية دائمة في المستقبل.

•فمصطلح “القدس الموحدة” يشير إلى توحيد القدس الغربية والقدس الشرقية التي ضُمت إلى القدس في سنة 1967 بعد حرب الأيام الستة، وتضم هذه المساحة 28 قرية فلسطينية لم تكن جزءاً من المدينة، ولم تكن أيضاً ما يسميه الفلسطينون القدس، ويقطنها اليوم نحو 300 ألف فلسطيني، يشكلون نحو 40% من سكان المدينة. هذه الأراضي التي من الواضح أنها فلسطينية وتتصرف على أنها كذلك، تسمى “القدس” على الرغم من أن بلدية القدس وسلطات الدولة في إسرائيل امتنعت من الوصول إليها، وهي تشكل فعلاً مشكلة القدس التي لم يجر حلها.

•لقد كان ترامب على حق عندما أعلن أن حدود إسرائيل في القدس يجب أن تحدَّد في مفاوضات مستقبلية مع الفلسطينيين، لكنه امتنع من قول ماذا سيجري في الجانب الثاني من الحدود، ولو أنه أشار إلى أن المنطقة التي لن تظل في إسرائيل ستكون عاصمة فلسطين العتيدة، لكان زاد من فرص اتفاق سلام. ونظراً إلى أنه انتهج لغة أحادية فقد شجع معارضي الاتفاق لدى كلا الطرفين، وبذلك قلل من حظوظ قيام عملية سياسية جدية في الفترة القريبة.

•إن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل أمر ممكن ليس فقط من جانب الولايات المتحدة بل من جانب العالم كله، بمن فيه الفلسطينيون، وحتى الموقف الفلسطيني الرسمي لمنظمة التحرير الفلسطينية هو أن تكون القدس الغربية في الاتفاق النهائي عاصمة لإسرائيل، إلى جانب أن تكون القدس الشرقية عاصمة لفلسطين.

•يقدم نموذج مبادرة جنيف [مبادرة غير رسمية قام بها كل من ياسر عبد ربه ويوسي بيلين سنة 2003]، الذي حظي بموافقة مسؤولين كبار من الطرفين، صورة محتملة عن القدس تضم أحياء عاصمتين معترفاً بهما لدولتين: القدس الغربية، مع الأحياء اليهودية في القدس الشرقية والمربع اليهودي في المدينة القديمة بما في ذلك حائط المبكى، تحت سيادة إسرائيلية، والأحياء العربية في القدس الشرقية، وسائر أنحاء المدينة القديمة ومنطقة المساجد في جبل الهيكل [الحرم القدسي الشريف] تحت سيادة فلسطينية، مع إعطاء الجميع حرية التنقل داخل المدينة القديمة كلها، وإجراء ترتيبات خاصة في الأماكن المقدسة.

•بعد قول البديهيات، وبعد أن اعترفت الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل، وعبّرت عن التزامها بالسلام في المنطقة، حان وقت القيام بخطوات شجاعة، والوفاء بوعود السلام. لقد حان الوقت للاتفاق على حدود القدس الإسرائيلية وعلى حدود دولة إسرائيل، وإلى جانبها دولة فلسطينية. إن حل الدولتين سيعزز مكانة القدس كعاصمة شرعية لإسرائيل، وسيحافظ على طابعها اليهودي الديمقراطي. وهذه مصلحة صهيونية عليا.

المصدر: موقع Ynet الإسرائيلي، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole