هأرتس: بدعم غربي، إسرائيل تسحق غزة ولا تفكر في اليوم التالي

هأرتس:  بدعم غربي، إسرائيل تسحق غزة ولا تفكر في اليوم التالي
Spread the love

شؤون آسيوية-

بقلم جاكي خوري
زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى المنطقة خطّط لها في الشهر الماضي. كان من المفترض أن يكون الاتفاق الجاري وضعه مع السعودية في محور محادثاته، وأيضاً الخطوات إزاء الفلسطينيين، والمطلوبة من إسرائيل في هذه الرزمة التي يتحمس الأميركيون لبلورتها. لكن هجوم “حماس” يوم السبت أعاد خلط الأوراق، وعادت الولايات المتحدة إلى موقفها المعروف، وعبّرت عن تأييدها الكامل لإسرائيل وحقها في الدفاع عن نفسها.
خطاب الرئيس الأميركي جو بايدن وكلام الوزير بلينكن (يوم الخميس) تبنّيا الموقف الإسرائيلي بصورة كاملة: “حماس” هي داعش، يجب القضاء عليها. والصورة التي تريد إسرائيل تقديمها للأميركيين وللمجتمع الدولي، هي أن هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر ليس حرب يوم الغفران الثانية، بل هو هجوم 11 أيلول/سبتمبر في الولايات المتحدة.
بعد الهجوم الإرهابي الكبير على البرجين التوأمين في نيويورك، جرى إسقاط طائرة مدنية على مبنى البنتاغون، وسقطت طائرة مسافرين أُخرى في حقل مفتوح في بنسلفانيا، بعد عراك بين المسافرين وبين “الإرهابيين”- شنّت الولايات المتحدة حرباً على أفغانستان والعراق. والهدف كان إطاحة حُكم طالبان والقاعدة، وفي العراق، إطاحة صدام حسين. تريد إسرائيل في منطقة صغيرة وكثيفة سكانياً القضاء على “حماس” وتحويل “حماستان” إلى أرض محروقة.
اليوم، التقى بلينكن ملك الأردن عبد الله الثاني، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. وباستثناء طلب نتنياهو إدانة القتل الوحشي للمدنيين الإسرائيليين والتعبير عن الحزن، وتجاهُل آلاف القتلى والجرحى وسط النساء والأطفال الفلسطينيين – ليس من الواضح لعباس والملك عبد الله ما إذا كان بلينكن سمع من رئيس الحكومة عن ماهية خطواته المقبلة.
إن ألم الشعب في إسرائيل قاسٍ وحقيقي، وفي نظر الإسرائيليين، عدد القتلى والطريقة المريعة التي قُتلوا بها غير مقبوليْن. في الوقت عينه، لا نشاهد في غزة غير جهنم والدمار. وبدعم أميركي وأوروبي، تقوم إسرائيل بسحق القطاع.
وسواء حدث الدخول البرّي، أم لم يحدث، لا شك في أن صورة القطاع تغيرت من الآن فصاعداً. الرئيس بايدن تحدث مع رئيس الحكومة أربع مرات هذا الأسبوع، وأرسل وزير الخارجية والدفاع إلى منطقتنا، وكل هؤلاء يجب أن يسألوا أنفسهم سؤالاً واحداً: ماذا بعد؟ مَن سيحمل هذه الكرة المشتعلة، بعد الدمار والدم والخراب والبكاء، وماذا سيفعل بها؟ وهل ستقبل السلطة الفلسطينية المتهالكة تحمُّل القرى المدمرة؟ أم من المتوقع تدخُّل دولي؟ ومَن سيدير قطاع غزة، وإلى أين تتوجه إسرائيل؟
في غزة، وفي رام الله، يبحثون في هذه المسألة، وكذلك في عمّان والقاهرة، ولا توجد حتى الآن إجابات قاطعة. هناك مَن يقول إنه من المبكر مناقشة ذلك؛ الآن، إسرائيل تهاجم، وغزة تتلقى الضربات. ويشير آخرون إلى أن الدخول البرّي للجيش الإسرائيلي إلى مناطق قطاع غزة سيغيّر الصورة؛ لذلك، يجب الانتظار. لكن هذه بالتحديد مهمة الزعامة التي تعلمت درساً من التاريخ، وينتظرون منها دراسة خطواتها.
في سنة 1982، خرجت إسرائيل للانتقام من منظمة التحرير الفلسطينية، والقضاء على ياسر عرفات، وتتويج بشير الجميل رئيساً للجمهورية في لبنان، والتوصل إلى اتفاق معه. في إسرائيل، يعرفون نتائج الوحل اللبناني: فالبرج الورقي الذي بنته إسرائيل انهار، وبدلاً من اتفاق سلام، حصلت على حزب الله. الولايات المتحدة ذهبت للانتقام من صدام، وحصلت على الفوضى في العراق، ومن هناك، نمت داعش. ولا داعي للكلام عن أفغانستان، وعن عودة طالبان.
في الإمكان ضرب “حماس” وإحراق معظم غزة، لكن غزة لن تختفي. وبخلاف آلاف الأميال التي تفصلنا عن بغداد وكابول ونيويورك، فإن غزة تقع على بُعد خطوات من سديروت، ومن سائر مستوطنات غلاف غزة. وبعد أن تهدأ قليلاً رغبة الانتقام، يجب أن يسأل أحدهم: ماذا يجري في غزة؟

المصدر: ضحيفة هأرتس الاسرائيلية عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole