هآرتس: إسرائيل و”حماس” تتجهان نحو تهدئة طويلة

هآرتس: إسرائيل و”حماس” تتجهان نحو تهدئة طويلة
Spread the love

عاموس هرئيل – محلل عسكري اسرائيلي/

الوجهة لا تزال حركة نحو التهدئة. أيضاً بعد نهاية أسبوع عاصف للغاية على حدود قطاع غزة – مقتل شاب فلسطيني بنيران الجيش الإسرائيلي في تظاهرة بالقرب من السياج، صواريخ جرى اعتراضها في سماء النقب الغربي، إنذار كاذب في عسقلان – إسرائيل و”حماس” لا تزالان مستمرتان في البحث بصورة غير مباشرة في تهدئة طويلة الأجل. ناطقون بلسان “حماس” يتعاملون معها على أنها “تهدئة”، لتمييزها من وقف إطلاق النار العادي، وفي الجيش يتحدثون عن “تهدئة واسعة”. الأمور يمكن أن تتعرقل مجدداً، كما جرى مرات عديدة في الماضي. كثير من ذلك مرتبط بأحداث محلية. مقتل الشاب في يوم الجمعة، بخلاف الهدف المعلن في الجيش الإسرائيلي إنهاء الأسبوع من دون قتلى، أدى، كما هو متوقع، إلى إطلاق صواريخ، على ما يبدو، من جانب الجهاد الإسلامي. في القطاع عدد كاف من الفصائل التي تريد تجدُّد إطلاق النار، و”حماس” أيضاً لا تبذل دائماً جهدها لضبطها.
مع ذلك، هذه بعض المؤشرات المتراكمة الدالة على التوجه نحو التهدئة:
إقامة مستشفى ميداني بالقرب من معبر إيرز. تواصل “حماس” الدفع قدماً بالمشروع، بقيادة جمعية أميركية استخدمت سابقاً مؤسسة مشابهة على حدود إسرائيل مع سورية في الجولان. تتجاهل قيادة الحركة الحجج المتزايدة في المناطق، واعتبار ما يجري مؤامرة أميركية- إسرائيلية، هدفها جمع المعلومات. حتى ليلى خالد من الجبهة الشعبية، التي يتذكرها الإسرائيليون بسبب دورها في خطف طائرات، حذّرت مؤخراً من المشروع – وهذا ما فعلته أيضاً وزارة الصحة في السلطة الفلسطينية في الضفة، التي فاقمت العقوبات التي فرضتها على “حماس” الوضع في القطاع. لكن “حماس” تصر على المضي قدماً، على ما يبدو، بسبب العبء الكبير الذي يشكله آلاف الجرحى الذين أُصيبوا جرّاء إطلاق النار في التظاهرات على السياج على جهاز الصحة في غزة.
في حفل تدشين مستشفى آخر في رفح، تحدث زعيم “حماس” إسماعيل هنية عن الحاجة إلى رفع علمين، علم المقاومة وعلم البناء. من المفروض أن يغادر هنية اليوم إلى القاهرة، لإجراء محادثات مع الاستخبارات المصرية في إطار مساعي التهدئة. حتى الآن، تواصل “حماس” انتهاج ضبط نفس نسبي في استخدام القوة: بدءاً من الامتناع من إطلاق الصواريخ على إسرائيل خلال جولة التصعيد مع الجهاد الإسلامي في 12 تشرين الثاني/نوفمبر، وأيضاً بعد إلغاء التظاهرات على السياج للمرة الثالثة على التوالي (الشاب الفلسطيني قُتل خلال تظاهرة غير منظمة).
في المذكرة التي أرسلها رئيس الأركان أفيف كوخافي إلى قادة وحدات الجيش، والتي نشرت “هآرتس” أهم ما جاء فيها في الأسبوع الماضي، توصف “حماس” عدة مرات كعامل استقرار في القطاع، وجرى التلميح إلى ضرورة أن تقوم إسرائيل بمساعدتها وتعزيز حكمها فيه. وجرى ذكر التهدئة عدة مرات كهدف تسعى إسرائيل لتحقيقه، بينما يوصف الجهاد الإسلامي بأنه طرف معرقل للتهدئة.
أعربت قيادة الجيش الإسرائيلي ووزير الدفاع الجديد نفتالي بينت عن تأييدهما الدفع قدماً بمشاريع في مجال البنى التحتية، كجزء من عمليات التهدئة. وزير الخارجية يسرائيل كاتس عاد إلى الحديث عن تشجيع مشروع الجزيرة الاصطناعية في مقابل شواطى غزة، بعد حصوله، بحسب كلامه، على ردود إيجابية من وزير الدفاع بينت. في الوقت عينه، عرض رؤساء المجلس الإقليمي في مستوطنات غلاف غزة في “يديعوت أحرونوت” مشاريع لإقامة مناطق صناعية على طول الحدود، من المفروض أن يعمل فيها عمال فلسطينيون من القطاع، تتطابق كثيراً مع المشاريع التي يجري بحثها في المؤسسة الأمنية.

تحفظات تجاه بينت

يعمل بينت كمن جاء إلى وزارة الدفاع فترة محدودة، وينوي استغلال كل لحظة من وقته. فيما يلي عرض جزئي لتصريحات وقرارات التي اتخذها منذ توليه منصبه في 12 تشرين الثاني/نوفمبر: إعلان عن تشدد في سياسات الرد في غزة وسورية؛ وضع هدف إزالة كل الوجود العسكري الإيراني في سورية؛ وقف إعادة جثامين مخربين فلسطينيين؛ دعوة خبراء الكومبيوتر إلى مساعدة إسرائيل على إيجاد اتصال بديل بالإنترنت للجمهور الإيراني، بعد أن أوقف النظام الإنترنت خلال الاضطرابات الأخيرة؛ وبالأمس (الأحد)، الطلب من منسق الأنشطة في المناطق الدفع قدماً بعمليات تخطيط وبناء للمستوطنين في منطقة السوق القديمة في الخليل.
منذ أكثر من عقدين، يضغط المستوطنون للسماح لهم بالبناء في السوق. يحدث ذلك بصورة منهجية من خلال خطوات سعت لإبعاد الفلسطينيين من الأحياء القريبة من منازلهم. جرت هذه الخطوات بمساعدة الدولة، منذ المجزرة التي ارتكبها باروخ غولدشتاين في الحرم الإبراهيمي في سنة 1994، وسلسلة الهجمات الفلسطينية التي حدثت بعدها. في المقابل، يريد بينت أن يلوي الوضع الراهن في الحرم، بواسطة وضع درج مخصص لأصحاب الحاجات الخاصة، على الرغم من معارضة بلدية الخليل.
الأجواء في الضفة لم تكن عاصفة، وخصوصاً في الأسابيع الأخيرة. في الشهر الماضي حاولت السلطة إخراج الناس للتظاهر في “يوم الغضب”، احتجاجاً على الإعلان الأميركي تغيير النظرة إلى المستوطنات، لكن استجابة الجمهور الفلسطيني كانت ضعيفة للغاية. وبينما دخلت مبادرة الإدارة الأميركية للسلام، المشكوك فيها، في حالة جمود عميق، والوضع الاقتصادي في السلطة مستقر، مقارنة بما يحدث في الدول المجاورة، فإن الوضع على الأرض هادىء جداً بمصطلحات فلسطينية.

في الجيش الإسرائيلي، هناك تحفظات تجاه الخطوات الأخيرة التي اتخذها بينت التي تُعتبر تشجيعاً واضحاً للمستوطنين. في الماضي شكلت الخليل مادة متفجرة لإشعال المناطق، لكن ما لم تقع هناك مواجهات تتسبب بالعديد من المصابين، ثمة شك في أن التوترات بشأن البناء هناك ستنزلق بالضرورة إلى مناطق أُخرى في الضفة.

المصدر: صحيفة هآرتس الاسرائيلية – عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole