نهاية حقبة “القطاع الروسي”، وحزب ليبرمان

نهاية حقبة “القطاع الروسي”، وحزب ليبرمان
Spread the love

بقلم ميخائيل لوفوفيكوف – محلل سياسي إسرائيلي —

الأزمة التي نشبت بعد الاستقالة المسرحية لأفيغدور ليبرمان، لم تُسقط الحكومة، لكنها تمثل ظاهرة اجتماعية مدهشة: نهاية حزب إسرائيل بيتنا كحزب يمثل المهاجرين الذين جاؤوا من الاتحاد السوفياتي سابقاً. ستكون الانتخابات المقبلة مختلفة عن تلك التي شاهدناها خلال السنوات الـ25 الأخيرة، فيما يتعلق بكل ما له علاقة بدور جمهور المهاجرين الذين يتحدثون باللغة الروسية. خسارة حزب إسرائيل بيتنا تأييد المهاجرين ظهرت في السنة الأخيرة في موازاة التدهور في الوضع الأمني. ويبدو أن المحاولة اليائسة لإنقاذ قاعدة قوته الانتخابية كان بين الدوافع الأساسية التي دفعت ليبرمان إلى القيام بهذه الخطوة موضع الخلاف.
ليس المقصود هنا هو تبدل ظرفي في الرأي العام. بل توجّه عميق ظهر أخيراً فوق السطح. منذ زمن طويل نشعر بخروج جمهور المهاجرين من الغيتو الحزبي القطاعي إلى البحر المفتوح للحياة السياسية الشاملة في إسرائيل. فقط في قوائم قطاعية بارزة – للحريديم، والقائمة المشتركة، وحركة ميرتس، لا نجد ممثلاً للمهاجرين، وحتى في حزب شاس هناك ممثل واحد فقط لهم. يكشف هذا الأمر انتقال جمهور المهاجرين من الحاجة لتمثيل قطاعي إلى الاندماج في المنظومة السياسية الواسعة. إنه جو “نهاية مساق/ course” في عملية التأقلم داخل الواقع الإسرائيلي. ليس فقط في الثقافة، وفي الصناعة والتعليم والرياضة والجيش، بل أيضاً في السياسة. والأثر الأخير الذي ستتركه الهجرة وراءها سيكون “إسرائيل بيتنا”.
من الواضح أن قطاع المهاجرين كمكوّن اجتماعي يواصل وجوده بحسب قوانينه المميزة له. فهو يواجه مشكلاته الخاصة التي نتج جزء منها من استمرار تقصيرات عملية استيعاب الهجرة الكبيرة. مشكلات العمل ومسألة مخصصات التقاعد التي تشكل خطراً اقتصادياً واجتماعياً خطيراً، وأزمة السكن، وعدم وجود حل لمشكلة اعتناق الديانة اليهودية- هي التي تبلور القطاع لخوض نضالات اجتماعية. وحتى مَن حل مشكلاته الاقتصادية، لم يسارع إلى التخلي عن اللغة، وعن المبادىء الثقافية وعن هويته الخاصة. إن المهاجرين، في أغلبيتهم، يصنفون أنفسهم في القطاع بطريقة واعية، وهم حساسون إزاء ما يجري فيه. لكن إذا كانت الأغلبية المطلقة في الماضي رأت مكانها في إسرائيل من خلال عدسة ماضيها في الاتحاد السوفياتي، فإن التوجه اليوم هو العكس، وأمامنا إسرائيليون مع خلفية وجذور لهم في الاتحاد السوفياتي سابقاً.
يشكل الوضع الجديد تحدياً للمجتمع الإسرائيلي. فهو أولاً يفتح فرصاً جديدة وكبيرة بشأن كل ما له علاقة بتحقيق الطاقة الكامنة لدى المهاجرين الذين انتقلوا إلى مرحلة مبدعة وحرة في حياتهم في البلد. لقد قدمت الهجرة كثيراً لإسرائيل، لكن هذا لا يزال قليلاً جداً. يمكن القول، إنه كان “تهريباً من داخل الغيتو” القطاعي، بينما ما نتحدث عنه الآن هو قوة واندفاع أشخاص ترسخوا واندمجوا في المجتمع، ويعرفون كيف يستخدمون كل الأدوات. الآن وصل الدور إلى السياسة، إلى الجانب الجيد فيها – الجانب الأيديولوجي.
يبحث جمهور المهاجرين عن تغيير نوعي في الساحة العامة، وهذه المرة يستطيع أن يكون فعالاً ومبادراً. إنه قوة ضخمة تحررت، والحزب الذي سيكون ذكياً بحيث يرى هذه القوة وينضم إليها، سيكون من الرابحين.

المصدر: صحيفة “يسرائيل هيوم” الإسرائيلية، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole