“معاريف”: مفتاح الشرق الأوسط الجديد موجود في حل النزاع مع الفلسطينيين

“معاريف”: مفتاح الشرق الأوسط الجديد موجود في حل النزاع مع الفلسطينيين
Spread the love

بقلم أوريت لافي نشيآل – محللة سياسية إسرائيلية |

من الممكن أن نكون راضين عن تطبيع العلاقات مع اتحاد الإمارات، لكن قبل أن نحجز غرفة في برج العرب، من الأفضل أن نتذكر أن حياة طبيعية ستقوم فقط عندما تحل إسرائيل والفلسطينيون النزاع. يمكن الاعتماد على أن نتنياهو وترامب سيحتفلان بالاتفاق مع اتحاد الإمارات في حديقة البيت الأبيض باحتفالية كبيرة وتبجُّح ومبالغة. في نظرهما، القصة السرية التي خرجت إلى العلن هي ذريعة لنيل جائزة نوبل للسلام، لا أقل.
ميزات العلاقات مع دول عربية في المنطقة الشرق – الأوسطية بديهية، لكنها ليست كافية لتبديد التخوف من أن المصلحة الشخصية هي التي أملت توقيت الإعلان، وأن ثمن الصفقة سيكون أغلى من المقابل. محاولة تصوير الخطوة كاتفاق سلام هي عمل تسويقي مضلّل هدفه كي الوعي ووضع نتنياهو في صف واحد مع بيغن ورابين وبيرس، ووضع ترامب إلى جانب كارتر وأوباما. المقصود ليس اتفاق سلام مع أعداء، بل التقاء مصالح- اتفاق دبلوماسي علني يرسخ شبكة علاقات تعود إلى سنوات طويلة، ويفتح الباب إلى العالم العربي.
ليس معروفاً ما إذا كان الاتفاق، الذي يعلّق (أو يجمد) فرض السيادة على المناطق، له علاقة بتحقيق خطة ترامب التي تعني إقامة دولة فلسطينية. علاوة على ذلك، صفقة السلاح المرفقة به تثير تساؤلات كبيرة، وعلى الرغم من النفي الصارم، ليس من الواضح ما إذا كانت إسرائيل تخلت عن معارضتها بيع طائرات أف-35 لاتحاد الإمارات. وعلى أي حال، من المحتمل أن الأميركيين لا يحسبون لها حساباً. الصفقة تخدم الحاجات السياسية لترامب والمصالح العسكرية لمحمد بن زايد، ومن المحتمل أن نتنياهو هو لاعب ثانوي.
بصورة رسمية أُرغمت إسرائيل على التخلي عن الضم. شركاء نتنياهو من اليمين أدركوا هذه المرة أنهم وقعوا ضحية وعوده الزائفة. مع ذلك أغلبية الإسرائيليين لم تتأثر. الإسرائيليون تعودوا على الوعود التي لا تتحقق، وضجروا من الانشغال بالاحتلال والقضية الفلسطينية…
حتى لو افترضنا أن المقصود هو اتفاق دبلوماسي، حسناته بالنسبة إلى إسرائيل تفوق كثيراً سيئاته، من الأكيد أن نتيجة مهما كانت جيدة لا يمكن أن تخفي مسار اتخاذ قرارات معيب. رئيس الحكومة المناوب ووزير الدفاع بني غانتس، ووزير الخارجية غابي أشكنازي ووزراء الليكود الكبار علموا بالخبر عبر وسائل الإعلام. نتنياهو أوضح أن الإنجاز السياسي هو إنجازه وحده فقط، وثمرة جهوده السياسية التي سبقت الشراكة الائتلافية. بالإضافة إلى ذلك، ادعى أن ترامب وبن زايد طلبا منه تقليص دائرة المشاركين في السر خوفاً من التسريب.
من الصعب عدم الشك في نقاء نية شخص تتدخل المصالح الشخصية (إذا لم تفرض) في سلوكه السياسي – الأمني، والاقتصادي والسياسي. هذا هو أسلوب نتنياهو. بهذه الطريقة تصرّف عندما اشترى تسع غواصات من دون أن يخبر وزير الدفاع يعالون، وهكذا فعل في كانون الثاني/يناير، عندما أعلن الضم، وهكذا تصرّف عندما ألغاه بعد سبعة أشهر. وبهذه الطريقة أعلن توزيع المليارات من دون تنسيق مسبق في ذروة أزمة الكورونا، وهذه هي طريقته في التقرير بشأن الانتخابات.
يتصرف نتنياهو كشخص يملك دولة. هو يعرف نفسية ناخبيه ويبني على حاجتهم إلى الهروب. لذلك، هو يسوّق لهم الاتفاق مع اتحاد الإمارات كإنجاز تاريخي. بواسطة أبو ظبي يحتال على مواطني إسرائيل. يمكن أن نكون راضين عن تطبيع العلاقات مع اتحاد الإمارات، لكن قبل أن نحجز غرفة في برج العرب، من الأفضل أن نتذكر أن حياة طبيعية ستقوم فقط عندما تحل إسرائيل والفلسطينيون النزاع الدامي المستمر منذ 100 عام.

المصدر: صخيفة “معاريف” الإسرائيلية – عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole