محلل إسرائيلي: الصراع مع إيران ينتقل إلى شمال الضفة
شؤون آسيوية – بقلم إيهود ياعري – محلل إسرائيلي –
أنا حقاً آمل ألّا نضلل أنفسنا: إسرائيل في مواجهة مع إيران في شمال الضفة أيضاً أكثر من أي جبهة أُخرى. يمكننا أن نصف ما يحدث في الضفة الغربية بكثير من الطرق، لكن لا يمكننا إغفال الجوهر: فمن يموّل خلايا “المقاومة الفلسطينية”، ويقدم لها الإرشاد والدعم، هم عناصر فيلق القدس التابع للحرس الثوري، مع مساعدة معينة من ضباط حزب الله، واستشارة مَن تبقى من “مكتب الضفة” التابع لـ”حماس” في بيروت.
إن الإصرار المتواصل من رئيس الحكومة وأغلبية أعضاء هيئة الأركان، طوال الأعوام الـ 14 الماضية، على تجاهُل مخطط الجنرال قاسم سليماني الكبير، والذي قام الأميركيون بتصفيته بالقرب من بغداد في سنة 2020، يكبّدنا الآن خسائر فادحة. لقد مارسنا رفضاً ممنهجاً طوال تلك الأعوام لمحاولة إدراك ما الذي يخطط له الإيرانيون، وكيف يعملون، ويجب أن تتضح هذه الأمور الآن.
إن الهجمات التي تنطلق من الضفة الغربية، وبالذات من نابلس وجنين وطولكرم، ترتبط الآن بصورة مباشرة بالإيرانيين، ومن لا يرغب في التصرف كالنعامة، ويدفن رأسه في الرمل، سيدرك أن الجبهة بين إسرائيل وإيران مفتوحة الآن في الضفة الغربية.
تمثلَ مخطط قاسم سليماني الكبير أولاً، في البدء بمحاصرة إسرائيل بحزام ناري من الصواريخ، وعدم البحث عن حسم عسكري يتحقق من خلال هجوم مباغت، بل عبر استنزاف متواصل. وفي تقديري، أن سليماني نفسه لم يكن يصدق أن إسرائيل ستتيح لإيران شقّ ممرات الإمداد العسكري، عبر سورية، لحزب الله وجبهة الجولان، بل أكثر من ذلك: التسلل إلى قلب الضفة الغربية.
إن جهود تهريب السلاح من سورية إلى لبنان، باتت واضحة جداً على حدودنا الشرقية على امتداد نهر الأردن، إذ ينجح الإيرانيون في تسريب كميات من السلاح التقني والعبوات الناسفة، لا بل الصواريخ، إلى أراضي الضفة. يقوم الجيش الأردني بكل ما في وسعه من أجل كبح انتشار عمليات التهريب هذه ويتمثل هذا الجهد في المرحلة الأخيرة من خلال الهجمات المباشرة داخل سورية، لكن عمليات التهريب مستمرة. إذ يواجه الجيش الإسرائيلي السلاح المهرّب بصورة يومية.
ملاحظة شخصية: منذ اندلاع الحرب الأهلية في سورية في سنة 2011، قمت بكل ما في وسعي لإقناع كلٍّ من نتنياهو وهيئة الأركان بالانتقال إلى سياسة مواجهة ناجعة في جنوب سورية، تدفع منظمات المتمردين إلى بوابات دمشق الجنوبية. للأسف، لقد باءت محاولاتي بالفشل، فنتنياهو وأغلبية أعضاء هيئة الأركان رفضوا الاستماع إليّ. وها نحن اليوم نضطر إلى دفع الثمن. لقد نجح الإيرانيون في الوصول إلى شمال الضفة، بواسطة قواعدهم في سورية، فإذا لم ننتبه ونحذر، فإنهم سيصلون إلى القدس وجنوب الضفة. وما يحدث اليوم هو جبهة أساسية اختار الحرس الثوري فتحها في قلب إسرائيل.
إن الخطيئة التي ارتكبها رئيس الحكومة والاستخبارات فيما يتعلق بغزة ونيات “حماس”، في نظري على الأقل، ليست أخطر من هذا الإهمال الإجرامي للمخاطر القائمة في الضفة الغربية. إن قيادة المنطقة الوسطى في الجيش، التي تخوض الآن حملة “السور الواقي 2” عملياً، لا تحارب ضد أنصار ياسر عرفات، أو يحيى السنوار، بل ضد أتباع إيران. وسياسة ضبط النفس الخاطئة في سورية، ترتد علينا الآن.
المصدر: قناة N12 الإسرائيلية عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية
الآراء الواردة في المقالة لا تعبّر عن رأي الموقع إنما تعبّر عن رأي كاتبها
