غربة الإسلام وشهادة فلسطين

غربة الإسلام وشهادة فلسطين
Spread the love

بقلم: د فرح موسى/

كانت حوارات التاريخ والأديان والشعوب والقبائل تقوم على مبدأ أحقية هذا الطرف،أو ذاك،في أن تكون له قيمة المعنى والوجود؛فظهرت المذاهب والفرق والمدارس والاتجاهات الفكرية والفقهية والكلامية،ليكون لكل فريق،أو حزب،رأيه وموقفه الديني والسياسي،وهاكم ترون كيف أن الجامعات والحوزات ومراكز البحوث تتلون بألوان الطوائف والمذاهب،وقد انقسمت بانقسامات الأحزاب على مسميات الأديان،وأطروحات البلاء في الدين والدنيا!،كما قال تعالى:”كل حزب بما لديهم فرحون…”.لقد تفاعلت الأمم مع الأديان،وترامت صراعات الوجود بين من يرى لنفسه حق الوجود والدين والسلطان،وبين من يتنكر وينفي ويرى بخلاف ما يراه كل آخر لنفسه!وهكذا تجافت الأمة،وترّدت إلى حد البؤس في الدين والدنيا،فتاهت عن دينها وقرآنها وسنة نبيها،إذ لم يبق لها إلا أن تيمم وجهها شطر سلطان قائم بدينها،أو شيطان متلّبس بها؛فخرجت عن كونها خير أمة،لتكون أمة المحنة والغربة،فلم تفلح في الغربة،ولا في زمن القربى ،بل سرها بؤس الحال،وأجهدها عقم المنال،وكانت النتيجة أنه كلما جاءت أمة لعنت أختها في صيرورة التحول،وغربة الدين.!فالإسلام بدأ غريبًا في حمأة الجاهلية،التي سلّمت له قهرًا،فأخذت منه اعتلاءالدين،وصيّرته لحسابها دهرًا،وكان له في كل يوم علم يرفع بأهواء الرجال على أديان الملوك،إلى أن تعاقب الحكام والسلاطين؛فانزوى الفقهاء،واعتلى منابر المسلمين من لا فقه له في الدين،فأخذوا بالدين إلى منابت الخرافة،وبدّلوا كل حق،وغيّروا كل معنى،حتى قال فيهم الإمام الحسين ع:”وأنا أحق من غيّر…”.فهذه الأمة،على مرأى من فلسطين،لم تبرح مكانها منذ مئات السنين!وهي لما تزل تتحدث عن المقدسات وعلوم الدين وعبادات القربى وسياسات اللين،وكأن ما جرى لهذه الأمة في تاريخها لا يفتح لها جرحًا،ويُبقي لها على كل مقدس في الزمان والمكان والحياة!؟ذلكم،هو معنى غربة الإسلام،أن الأمة بكل ما أفرزته من مكائد في الدين والدنيا لم تصل إلى مستوى ما حُق لها في التأصيل والتفريع،فتاهت عن مقدساتها،والتبست في أحزابها حتى لعنت في كل تاريخ،كما تلعن اليوم على وهج فلسطين!؟
أليست فلسطين من ودائع السماء في أديان القداسة،وفي حقيقة الانتماء؟فما معنى أن تترك لحر النار لتعبث بها شياطين الأديان؟بل لماذا لا يجتهد في الدين،وتشهر الفتاوى لنصرة الدين،كما تناوبت الرجال،وتداعى أصحاب التكايا والزوايا على غيرة الدين؟ألم يتلاعنوا من كل حَدَب ،ويتفاخروا بكل نسب،ويتقارضوا بكل اجتهاد ونفاق !،لتكون لهم حصص الإرهاب والتطرف بكل أطراف الدين والدنيا!؟لقد سكن كل شيء عند فلسطين،رغم أن أمة العرب والمسلمين،لم يفتها أبدًا أن تتباهى بتاريخ عزها،وشأو مجدها،فهي أمة الحرب والسلام،والدولة والسلطان،والدين والدنيا،ولكنها أمام فلسطين تتراخى عن أمجاد الدين،وتنسى أنها من التاريخ،كأن الموت سيد مجدها،فلم تبادر للنصرة،وسكت علماؤها عن فتاوى غرة الدين،والعزم الذي لا يلين،وهكذا،تراها تطوي كشحًا لتحكم بنفسها وبكل عزمها على موت الحق في فلسطين،فيا لبؤس الحياة أن تعبر الأمم بكل الفتن والبدع لتموت في اللحظة التي تحيا فيها فلسطين،ويولد فيها الدين الجديد!فأنت يا فلسطين تشهدين اليوم بالموت والشهادة على أكذوبة أديان ما قويت في تاريخها إلا على الفرقة والفتنة وقهر المسلمين!تشهدين على طغاة الدين أنهم لم يفلحوا في استحضار فتاوى الحياة كما سبق لهم أن استحضروا كل فتاوى الموت لبلاد المسلمين!؟فيا لها من شهادة في حاضر أمة على كل تاريخها في كل ما كان منها من أكاذيب الدين،وأحقية الموقف في الانتماء إلى رب العالمين،وجدوى النصرة لإخوان الدين!إنها فلسطين الجديدة بكل قدسها تزوي التاريخ،وتكتب بالدم حقيقة أن يكون لأمة الإسلام قرآنها الجديد،الذي تتلوه أجيال فلسطين على منحر العشق لمن نصروا وآووا على طريق القدس وفلسطين،فلئن كنا نجزم بالعلم واليقين أن غربة الإسلام أخذت بالأمة بعيدًا عن أمجاد دينها وكتاب ربها؛فلسنا نشك إطلاقًا في أن فلسطين عادت لتعطف آخر الزمان على أوله،ليكون لها من تاريخ الأمم ما له معنى القداسة في الدين والأرض والزمان،فهذا هو ما عادت فلسطين لتنثر آياته على سر قدسها لتعيد وصل التاريخ بالرسول والرسالة،علها بذلك تعيد أمجاد أمة أماتها اللعان على الدين زمنًا،وغربت في فتاوى الدين حتى ماتت!؟إن شهادة فلسطين هي الأصل الباقي في كل دين،فليكتب أهل فلسطين على صفحات التاريخ أن أمة التكاذب الديني قد ماتت،وعادت أمة القرآن لتكتب بالدم صفحات الدين من جديد على وهج الحق في فلسطين.والسلام.

Optimized by Optimole