زيارة ترامب لإسرائيل ما هي الرسائل التي حملها معه

زيارة ترامب لإسرائيل ما هي الرسائل التي حملها معه
Spread the love

بقلم: رون بن يشاي – محلل عسكري إسرائيلي —

•كانت زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإسرائيل زيارة تاريخية في كثير من المعاني الرمزية بالأساس. من الناحية العملية، الجزء غير الإسرائيلي من الجولة الشرق أوسطية كان هو الأكثر أهمية. بينما الزيارة لإسرائيل كانت نوعاً من التحضير، وإذا شئتم فهي نوع من تحضير لعملية تسوية النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني التي يعتزم الرئيس الأميركي إطلاقها في وقت قريب.
•من بين كل هذه الأمور، يمكن تفحص الخطاب الذي ألقاه الرئيس الأميركي في متحف إسرائيل قبل ساعة من مغادرته البلد. لقد حمل هذا الخطاب ثلاث رسائل: الأولى: أن إسرائيل هي الحليفة الأقرب إلى الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، والثانية: إسرائيل ليست المشكلة بل بمعانٍ كثيرة هي الحل لمشكلات الشرق الأوسط، والرسالة الثالثة: الولايات المتحدة لا تنوي بأي شكل من الأشكال التعامل مع طرفي النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني بصورة متساوية- وهي تفضل علانية مصلحة دولة إسرائيل.
•ثمة رسالة أخرى واضحة قيلت بالأمس: الولايات المتحدة لن تسمح بأن يكون لدى إيران سلاح نووي. وهذا أكثر بكثير من الصيغة التي اعتاد تكرارها الرئيس السابق باراك أوباما عندما كان يقول إن جميع الاحتمالات مطروحة على الطاولة، وكان واضحاً أن هذا غير صحيح.
•ضمن هذا السياق أظهر ترامب أن الحقائق ما تزال لا تزعجه. فقد قال: هناك فارق كبير بين إدارته والإدارة التي سبقته. وحينها تطرق إلى المساعدة الأمنية- الأميركية التي قدمت لمشروع القبة الحديدية، ومن أجل شراء طائرات الـF-35 الشبح. لكن ثمة أمر صغير تجدر الاشارة إليه: الصفقتان وقعتا، وإلى حد كبير بادر إليهما الرئيس باراك أوباما ورجاله في الإدارة، مما يثبت أن الرئيس دونالد ترامب يرى في “الأخبار الكاذبة” [Fake News] سلاحاً مشروعاً، شرط أن يكون هو من يستخدمه وليس الآخرون.
•وفي موضوع النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني، امتنع الرئيس ترامب عملياً عن إعلان المسار الذي يريد من خلاله إحلال السلام بين الطرفين. وهو ذكر أمرين فقط، أنه وجد التزاماً بالعملية لدى أبو مازن، ووجد لدى بنيامين نتنياهو التزاماً حازماً.
•أما الأمر الثاني الذي أشار إليه الرئيس فهو أن التغيير مطلوب من الطرفين، أي على الطرفين تقديم تنازلات متبادلة، ونحن لن نفرض عليهم، بل نساعدهم، أي نمد لهم يد العون، وربما أحياناً من خلال ممارسة القليل من الضغط، كلما اقترب الطرفان من التوصل إلى قرارات، لكن ترامب تمسك بوضوح بالخط الذي تمسكت به إدارة أوباما ووزير خارجيتها جون كيري، الذي قال دائماً إن على الطرفين القيام بالعمل بينهما، ولا ينبغي أن تفرض الولايات المتحدة شيئاً.
•لم يعرض الرئيس الأميركي أي خطوة عملية وملموسة ينوي بواسطتها إطلاق عملية التسوية بين إسرائيل والفلسطينيين. فهو لم يتحدث عن مؤتمر دولي في الصيف كما توقعت “مصادر مطلعة”، ولا عن مفاوضات تستمر وفقاً لهذه المصادر سنة أو سنة ونصف السنة.
•لم يذكر ترامب أي شيء يمكن أن يشير إلى كيف أنه ينوي تحويل الكلام والوعود إلى أفعال على الأرض، حتى لو كانت هذه الأرض الساحة الدبلوماسية. لكن أشخاصاً سمعوه أو حصلوا على تقارير عن محادثاته مع زعماء الشرق الأوسط، لديهم انطباع بأن الرئيس ترامب مصرّ جداً على القيام بصفقة كبيرة ونهائية.
•لقد كان انطباع هؤلاء الأشخاص أن الصفقة الإسرائيلية- الفلسطينية هي حتى الآن الإرث الأساسي في مجال العلاقات الدولية الذي يريد ترامب أن يتركه من بعده. ومثل كل رئيس أميركي، فإن ترامب أيضاً يبدأ العمل خلال السنة الأولى من ولايته على “الإرث”.
•لكن كيف تستقيم هذه المعلومة مع كلام يفتقر إلى مغزى ملموس قاله ترامب في خطابه؟ الجواب هو على ما يبدو أن ترامب لم يبلور بعد لنفسه خطة فعلية، وزيارته لإسرائيل وإلى السلطة الفلسطينية هي من أجل تهيئة القلوب. ويجب الانتباه إلى أن ترامب أغدق على مضيفيه مدائح لا تقل عن تلك التي أغدقوها عليه، ويبدو أن هذا يأتي في إطار عملية تليين المواقف، أو هي إذا شئتم مداعبات تحضيرية للخطة التي ستأتي لاحقاً.
•لكن الأكثر أهمية هو الكلام الذي لم يقله ترامب. فهو لم يتحدث عن المستوطنات، لا بالسلب ولا بالإيجاب، ولم يذكر كلمة واحدة عن موضوع الدولتين، إذ يدرك ترامب أن هذين الموضوعين يمكن أن يورطا نتنياهو مع البيت اليهودي ومع أطراف في الليكود، وهو لم يشأ أن يقيد هؤلاء رئيس الحكومة قبل أن يقرر مع مستشاريه المسار الذي سيسيرون فيه.
•باختصار، الهدف من زيارة الشرق الأوسط بصورة أساسية تعزيز مكانة ترامب لدى الرأي العام الأميركي من خلال صفقة مع السعوديين، والتعبير عن الدعم المطلق لدولة إسرائيل وللتحالف معها.
•والزيارة موجهة أيضاً إلى الرأي العام الأميركي وإعادة موضعة الولايات المتحدة كلاعب أساسي في الشرق الوسط من خلال وقوفها إلى جانب الائتلاف السني المعتدل- الذي إسرائيل شريكة صامتة فيه- في مواجهة المحور الراديكالي الشيعي بزعامة إيران.
•وكل هذه الأمور تعمل لصالح دولة إسرائيل. لكن حكومة نتنياهو اليمينية لن تحب على ما يبدو حقيقة أن ترامب تعلم في زيارته الحالية للشرق الأوسط وخاصة خلال وجوده في السعودية، أنه ليست هناك فرصة لتطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل قبل حل النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني.
•ولذلك قال ترامب في بيت لحم إن شرط السلام في الشرق الأوسط هو حل النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني، أي أن إسرائيل ليست المتهمة بعدم تحقيق السلام في الشرق الأوسط، لكن من دون تنازل من جانب إسرائيل لن يكون هناك سلام في الشرق الأوسط، وإذا شئتم هذه هي كل عقيدة دونالد جي ترامب.

موقع “ynet” الإسرائيلي، ترجمة: نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole