خطوة بعد أخرى، يسترجع الأسد سيطرته على جنوب سورية

خطوة بعد أخرى، يسترجع الأسد سيطرته على جنوب سورية
Spread the love

بقلم: عاموس هرئيل – محلل عسكري إسرائيلي —

•استعاد نظام الأسد في الشهر الأخير السيطرة عملياً على الجزء الشمالي من الحدود مع إسرائيل في هضبة الجولان. فبعد استسلام المتمردين في شرقي حلب في نهاية كانون الأول/ديسمبر، بدأ النظام في ممارسة ضغوط على قرى واقعة تحت سيطرة المتمردين في مناطق مختلفة، ومن بينها مناطق واقعة في شمال الجولان. هناك قرى كثيرة وافقت على وقف النار، عملياً والاستسلام، في الحرب ضد النظام. وحالياً ينجح الجيش والميليشيات المؤيدة له في فرض سيطرة متصلة تقريباً على المنطقة الواقعة شمال الطريق التي تربط بلدة القنيطرة في الهضبة السورية بالعاصمة دمشق.
•لقد انتبهت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية إلى تحرك النظام [السوري] في المراحل الأخيرة من استسلام حلب. يعمل الرئيس الأسد على ترسيخ سيطرته وتوسيعها في مناطق عديدة متاخمة للمناطق الواقعة تحت سيطرته، ويبدو أن هضبة الجولان تحتل مكاناً عالياً نسبياً في جدول أولوياته. ولكن قدرات الجيش السوري الحالية لا تمكّنه من إعادة الوضع على طول الحدود إلى ما كان عليه في المنطقة قبل بداية الحرب الأهلية في 2011. ويبدو أن النظام [السوري] يسعى إلى ترسيخ وجود عسكري أكثر استقراراً بالقرب من السياج الحدودي، واستعادة السيطرة من يد المتمردين المحليين وتوضيح أن المنطقة أصبحت تحت سيطرته بصورة لا تسمح لقوات خارجية بالتحرك فيها.
•إن دخول المتمردين التدريجي إلى منطقة الحدود خلال السنتين 2013-2014 أقلق إسرائيل، ولا سيما مع تمركز التنظيمات المتشددة مثل جبهة النصرة (المتماهية مع القاعدة) وشهداء اليرموك (فرع من تنظيم داعش يسيطر على الجيب الواقع جنوب الهضبة)، لكنها مع مرور الوقت اكتشفت وجود ميزات للوضع الجديد: فقد امتنعت تنظيمات المتمردين، حتى المتطرفة منها، بصورة عامة، عن الدخول في أي مواجهة مع الجيش الإسرائيلي، لا بل أدى إبعاد النظام عن المنطقة إلى غياب عناصر حزب الله والحرس الثوري الإيراني الذين اقتربوا أكثر من مرة من الحدود. ويبدو الآن أن العودة المستجدة للنظام إلى الجولان ستؤدي بصورة تدريجية إلى وضع قواعد جديدة للعبة، بينما سيواصل الجيش السوري جهوده من أجل طرد المتمردين إلى خارج الجزء الجنوبي من الهضبة.
•ثمة انطباع في المؤسسة الأمنية بأن الانتصار الذي أدى إليه قصف سلاح الجو الروسي لحلب، بالإضافة إلى عدم استعداد الغرب للدخول في مواجهة مع روسيا، حسّنا من حظوظ نظام الأسد في البقاء في الحكم خلال السنوات المقبلة. كما أن التبدل الرئاسي في الولايات المتحدة يساهم في ذلك. لقد أعلنت إدارة أوباما أن الأسد ليس حاكماً شرعياً لكنها لم تعمل لإسقاطه، وخلال السنتين الأخيرتين ركزت جهدها على معركة لم تكن ناجعة في معظمها ضد تنظيم داعش. أما في ما يتعلق بإدارة ترامب، فثمة شك في أنها ستتحدث، ولو شفهياً، عن عدم شرعية الرئيس السوري.
•يستعيد نظام الأسد السيطرة في جنوب سورية خطوة بعد أخرى بواسطة حملة ضغوطات منهجية يستخدمها ضد كل قرية أو مجموعة قرى. ويذكّر ممثلو الأسد الزعامات المحلية بالدمار الذي أحدثه الأسد بمساعدة روسا في حلب، ويهددونهم بأن مصيرهم سيكون مشابهاً. ويدعون سكان القرى إلى التخلي عن سلاحهم وإعلان ولائهم من جديد للرئيس مقابل وعود غامضة بعدم الانتقام منهم بسبب مواقفهم في السنوات الأخيرة.
•وأحياناً تترافق التهديدات مع قصف مدفعي للجيش السوري على هذه القرى من أجل تأكيد الرسالة. وقد وافقت نحو عشر قرى في منطقة الجولان على هذه الاتفاقات، وما يزال مسعى الأسد مستمراً. في هذه المرحلة، لا إسرائيل ولا أي دولة أخرى، تتدخل من أجل منع سيطرة الأسد من جديد. وثمة شك في أن من مصلحة إسرائيل الدخول في مواجهة علنية مع الأسد في هذا الشأن.

•في هذه الأثناء يتبلور الواقع الجديد بصورة أساسية في الجزء الشمالي من الحدود في هضبة الجولان شمالي القنيطرة، أما بالقرب من الحدود، في الجزء الجنوبي، فما تزال ميليشيات محلية تابعة للمتمردين تسيطر هناك. وعلى ما يبدو ستترافق خطوة الأسد في شمال الجولان بمحاولة لإعادة بناء الوحدات والبنية القيادية للفرقة الأولى من الجيش السوري، الذي كان في الماضي مسؤولاً عن منطقة الحدود. لقد دمرت معظم القدرات العسكرية لهذه الفرقة خلال السنوات الست من الحرب الأهلية، كما أبعد النظام عن منطقة الحدود مع إسرائيل جزءاً كبيراً من منظومات سلاحه لاستخدامها في المعارك مع المتمردين في مناطق أخرى من الدولة. وبمقدار ما هو معلوم، فحزب الله والحرس الثوري الإيراني لم يجدّدا انتشارهما بالقرب من الحدود، على الرغم من العودة التدريجية لجيش الأسد إلى المنطقة.

المصدر: صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole