حماس تسعى إلى ترميم علاقتها بالسعوديّة من دون شروط

حماس تسعى إلى ترميم علاقتها بالسعوديّة من دون شروط
Spread the love

بقلم: عدنان أبو عامر /

كشف موقع عربي21 في 9 كانون الثاني/يناير عن فشل الوساطات الإقليميّة لإعادة علاقة السعوديّة وحماس عقب توتّرها، واعتقال المملكة العربيّة السعوديّة خلال شهري نيسان/أبريل ومايو/أيار 2019، أكثر من 60 فلسطينيّاً وأردنيّاً وسعوديّاً بتهمة التعاطف مع حماس، وجمع تبرّعات لها، وشملت الحملة تجميد أرصدة لعدد من المعتقلين، ورقابة على الحوالات الماليّة.

تشهد علاقة حماس والسعودية حالة من التوتّر منذ حزيران/يونيو 2017، حين اتّهم وزير الخارجيّة السعوديّ عادل الجبير قطر بدعم الجماعات الإرهابيّة كحماس، وفي شباط/فبراير 2018، طالب قطر بوقف دعمها للحركة التي وصفها بالمتطرّفة، وجاءت اعتقالات المملكة في الشهور الأخيرة لنشطاء حماس والمتعاطفين معها في السعودية لتزيد من هذا التوتر.

ووفقاً للموقع، فقد اشترط وليّ العهد السعوديّ محمّد بن سلمان على الوساطات للمصالحة مع حماس أن تحلّ مشاكلها مع الأميركيّين، وتتواصل معهم، ممّا يعني قبولها بمطالب اللجنة الرباعيّة الدوليّة للاعتراف بإسرائيل، لكنّ حماس رفضتها.

وكشف عضو المكتب السياسيّ لحماس محمود الزهّار في 13 كانون الثاني/يناير لقناة فلسطين اليوم أنّ مشكلة معتقلي السعوديّة المتعاطفين مع حماس من جميع الجنسيات لم تحلّ بعد، لكنّ دولة عربيّة، لم يسمّها، طالبت الحركة بالقبول بشروط اللجنة الرباعيّة الدوليّة، وأوضح في 11 كانون الثاني/يناير لقناة الميادين المقرّبة من إيران، أن تغيّر سياسة السعوديّة أدّى إلى اختلافها مع حماس، بعدما سمحت سابقاً بجمع الأموال فيها، وإرسالها إلى الحركة.

أبلغت أوساط فلسطينيّة مطّلعة على موضوع المعتقلين في المملكة، أخفت هويّتها، “المونيتور” بأنّ “الوسطاء الأساسيّين الذين سعوا إلى ترميم علاقة حماس بالسعوديّة هم مصر والكويت وتركيا ولبنان، وبدأت مساعيهم منذ مايو 2019 ولم تتوقف حتى الآن، أسفرت جهودهم عن الإفراج عن بعض المعتقلين من الجنسيات الفلسطينية والسعودية والأردنية، وترحيل فلسطينيين وأردنيين إلى الأردن، كما اجتهدت قيادة حماس بتوظيف علاقاتها بمسؤولين سعوديّين لحلحلة الأزمة، لرغبتها في ألّا تصل الأمور مع المملكة إلى قطيعة كاملة”.

وفي أيّار/مايو 2019، نشرت صحيفة مكّة المكرّمة السعوديّة قائمة لـ40 شخصيّة إسلاميّة صنّفتها إرهابيّة، بينها مؤسّس حماس الشيخ أحمد ياسين وكبار قادتها كاسماعيل هنيّة وخالد مشعل ويحيى السنوار ومحمّد ضيف، لكنّها حذفت تقريرها بعد ساعات.

لكن صلاح البردويل عضو المكتب السياسي لحماس، كشف يوم 13 يناير لصحيفة فلسطين الصادرة في غزة، أن السعودية أفرجت عن بعض أبناء حماس المعتقلين لديها في الآونة الأخيرة، دون تحديد عددهم أو جنسياتهم أو تاريخ الإفراج عنهم، مؤكدًا أن حماس تسعى لتطوير العلاقة مع الرياض، وليس بينهما أي تناقض أو عداء.

قال المتحدّث باسم حماس حازم قاسم لـ”المونيتور”: “حماس كانت، وما زالت، حريصة على صياغة علاقات مع كلّ داعم لقضيّتنا الوطنيّة، وكانت لنا علاقات مع السعوديّة منذ فترة طويلة، ونحن حريصون عليها، لكن كان مؤسفاً اعتقالها عدداً من الفلسطينيّين، وهؤلاء قضيّتهم إنسانيّة بحتة، ويجب أن تخرج من الاشتراطات السياسيّة، ومن أجلهم، تواصلنا مع عدد من الأطراف العربيّة والجهات الدوليّة، لإنهاء معاناتهم، مع أنّ حماس لم تتسلّم مطالب من أحد حول كيفيّة إدارة علاقاتها الخارجيّة”.

منذ بداية كانون الأوّل/ديسمبر، يجري زعيم حماس اسماعيل هنيّة جولة خارجيّة تشمل دولاً عدّة مثل مصر وقطر وتركيا وإيران وسلطنة عمان، ممّا يثير تكهّنات بإمكان زيارته السعوديّة، على الرغم من توتّر علاقتهما، وقد حاول “المونيتور” الحصول على تعقيب من حماس على إمكانية زيارة هنية للسعودية، لكنه لم يحصل.

آخر زيارة لحماس إلى السعودية تمت في تمّوز/يوليو 2015 باستقبال الملك سلمان بن عبد العزيز لزعيم حماس السابق خالد مشعل، وفي آب/أغسطس 2012، زار مشعل المملكة، وفي آذار/مارس 2010، التقى في الرياض وزير الخارجيّة الراحل سعود الفيصل، وفي شباط/فبراير 2007، استضافت المملكة هنيّة للتوقيع على المصالحة مع فتح، وبين الزيارات الرسميّة، يأتي قادة حماس إلى المملكة في مواسم الحجّ والعمرة، من دون تغطية إعلاميّة.

قال رئيس فضائيّة الأقصى التابعة إلى حماس وسام عفيفة لـ”المونيتور” إنّ “حماس على االرغم من أزمتها مع السعوديّة، إلّا أنّها تبقي على خطّ الرجعة معها، وخلال الأشهر الماضية، طلبت زيارتها لإزالة أيّ سوء فهم، من دون تلقّي ردّ”. وأضاف: “حماس لا تشترط على المملكة لإقامة علاقاتها معها، لكنّها تريد أن تبقى بعيدة عن التمحور الإقليميّ في المنطقة، من دون أن تطلب الرياض منها قطع علاقتها بطهران. السعوديّة لم تقطع علاقاتها مع حماس، حتّى حين أعلنت قائمتها للإرهاب في عام 2017، لم تشمل هذه القائمة الحركة. الشروط السعوديّة لترميم علاقتها بحماس تأتي كونها جزءاً من صفقة القرن الأميركيّة، لكنّ حماس لن تقبلها”.

يأتي الحديث عن فشل الوساطات لمصالحة حماس في السعوديّة وسط تقارب الحركة وإيران، الذي توّج بزيارة تاريخيّة لزعيم حماس هنيّة إلى طهران في 6 كانون الثاني/يناير للتعزية باغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني الذي قتلته طائرات أميركيّة في العراق في 3 كانون الثاني/يناير، ممّا دفع صحيفة عكاظ السعوديّة إلى اتّهام حماس في 8 كانون الثاني/يناير بأنّها أصبحت رهينة لإيران، واعتبرت وكالة أنباء فارس الإيرانيّة الرسميّة في 12 كانون الثاني/يناير أنّ الزيارة رسالة إلى السعوديّة.

لكنّ نائب زعيم حماس في غزّة خليل الحيّة أعرب في 25 تشرين الثاني/نوفمبر لوكالة الأناضول التركيّة، عن أسفه إزاء اعتقال السعوديّة عشرات الفلسطينيّين داخل سجونها، معتبراً أنّ حماس لها علاقات بالسعوديّة وإيران معاً منذ عشرات السنين، من دون أن تكون علاقة مع دولة على حساب أخرى.

قال أستاذ العلوم السياسيّة في جامعة الأمّة في غزّة حسام الدجني لـ”المونيتور”: “علاقات حماس بالسعوديّة تعود إلى بدايات تأسيسها في عام 1987، وقد عقد جهاز الاستخبارات العسكريّة السعوديّة لقاءات سابقة بقيادة حماس لمعرفة مواقفها السياسيّة، لكن منذ تعيين محمّد بن سلمان وليّاً للعهد في المملكة في عام 2017، اختلفت توجّهاتها نحو حماس، التي ذهبت نحو إيران لزيادة حصولها على الدعم العسكريّ والماليّ. على الرغم من الخلاف القائم بين السعوديّة وحماس، إلّا أنّ البيئة الاستراتيجيّة قد تشجّع عودة علاقاتهما، ولو تدريجيّاً، مع بوادر مصالحة قطريّة-سعوديّة، ممّا يتطلّب من حماس إدارة علاقتها بالمملكة في صورة أكثر ذكاء. شروط السعوديّة لمصالحة حماس مرتبطة بمبادرة السلام العربيّة التي أعلنتها في عام 2002، ورغبة الرياض في موافقة الحركة عليها”.

تتأمّل حماس بنجاح الوساطات لإتمام مصالحتها بالسعوديّة، لكنّ تقاربها مع إيران عقب اغتيال سليماني، قد يؤثّر سلباً على الوساطات، على الرغم من إعلان الحركة أنّها لا تفاضل بعلاقاتها الإقليميّة بين الرياض وطهران.

تعلم حماس بالاستقطاب الحادّ بين طهران والرياض، ممّا قد لا يجعل الأخيرة مسرعة لترميم علاقتها بها، لاسيما في ظل عدم تلبية حماس لشروط المملكة، خصوصاً وهي تعلن تحالفها مع عدوّتها الأولى، مع أنّ بقاء التوتّر بين حماس والمملكة قد يمنح إيران التأثير الحصريّ على حماس، وهو ما لا تتمنّاه المملكة، التي ربّما تبقي الباب موارباً مع الحركة، رغم تأكيد الحركة على استقلالية قرارها بعيدا عن أي تأثيرات خارجية.

المصدر: المونيتور

Optimized by Optimole