بمناسبة مرور 25 عاماً على “اتفاق أوسلو” يتعين علينا قول الحقيقة عنه

بمناسبة مرور 25 عاماً على “اتفاق أوسلو” يتعين علينا قول الحقيقة عنه
Spread the love

بقلم أفرايم سنيه – وزير إسرائيلي سابق في حكومة بيرس وموفده السري إلى الزعامة الفلسطينية 00

• في هذه الأيام وبمناسبة مرور 25 عاماً على “اتفاق أوسلو” بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، يتعين علينا قول الحقيقة عن هذا الاتفاق الذي يجري التشهير به وعن نتائجه.
• شكّل اتفاق أوسلو نقطة تحوّل تاريخية. بعد مرور 100 عام من النزاع، وافق زعماء الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني على إنهائه باتفاق، وعلى اعتراف متبادل وإقامة واقع دولتين تعيشان بسلام، وعلى عدم السعي لحسم النزاع بواسطة العنف.
• لقد وعد يتسحاق رابين، رئيس حكومة إسرائيل، في المعركة الانتخابية بالتوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين خلال فترة تتراوح بين 6 و9 أشهر. يومها كان ياسر عرفات زعيماً للشعب الفلسطيني بلا منازع. وكان شريكاً لنا، ليس بسبب فضائله، بل بسبب قدرته على تمرير اتفاق مع إسرائيل عند أبناء شعبه. لم يكن للفلسطينيين زعيم آخر.
• في جوهره التنفيذي كان اتفاق أوسلو صبغة بناء تدريجية تمتد مدتها خمس سنوات، يُصار خلالها إلى إقامة كيان فلسطيني منزوع السلاح في المناطق [المحتلة]، يمارس عمله بالتعاون الاقتصادي مع إسرائيل. في صيغة الاتفاق وفي النقاشات كان واضحاً الشرط أنه “إذا حارب الفلسطينيون الإرهاب ستكون لهم دولتهم بمساعدة إسرائيل”. وبسبب هذا الشرط رفض رابين حتى موته انتقال 14 بلدة في الضفة الغربية إلى السيطرة الفلسطينية، الأمر الذي كان يجب أن يحدث بحسب الجدول الزمني قبيل صيف 1994، وهو لم يكن راضياً عن محاربة منظمة التحرير الإرهاب.
• في العامين اللذين أعقبا توقيعها، حملت اتفاقات أوسلو ازدهاراً سياسياً واقتصادياً لإسرائيل. في سنة 1994 وُقّع اتفاق السلام بين إسرائيل والأردن وتحولت أطول حدود لإسرائيل إلى حدود سلام. وهذا لم يكن ليحدث من دون اتفاقات أوسلو. أيضاً في المستقبل لن تحدث اتفاقات مع دول عربية من دون أن يكون هناك اتفاق إسرائيلي- فلسطيني.
• التحوّل في مكانة إسرائيل كانت له ثمار اقتصادية هائلة: في السنوات التي أعقبت الاتفاق ارتفعت الاستثمارات الأجنبية في إسرائيل نحو 30%، بعد أن توقفت المقاطعة العربية عن التأثير في شركات دولية كبيرة. وازداد التصدير بمئات النسب المئوية، وانخفضت البطالة التي كانت 11.5% لدى صعود رابين إلى الحكم في صيف سنة 1992 انخفاضاً مذهلاً.
• التغيُّر الاقتصادي كان فورياً ودراماتيكياً، لكن يجب ألاّ ننسى أن اتفاقات أوسلو لم يكن من المفترض أن تكون عصا سحرية تغيّر الواقع دفعة واحدة. لقد شكلت بداية عملية مستمرة لإيجاد حل الدولتين، وكانت لها مداميك مهمة مثل اتفاق باريس الموقّع في نيسان/أبريل 1994 الذي نظّم علاقات التجارة والاقتصاد بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، واتفاق أوسلو 2، الذي وُقّع في واشنطن، في أيلول /سبتمبر 1995، ونظّم التعاون الأمني بينهما. وقد شارك في الإعداد لهذه الاتفاقات عشرات الخبراء من الطرفين، ونشأت دينامية حوار بين مندوبي الشعبين.
• لا وجود لـ “أنصار أوسلو” و”معارضي أوسلو”. معارضو أوسلو الذي يسمّون الاتفاق “جريمة” و”كارثة” و”حماقة”، يعارضون عملياً حل الدولتين ويؤيدون دولة واحدة يعيش فيها ثلاثة أنواع من المواطنين: المستوطنون، أسياد البلد ولديهم حقوق زائدة؛ اليهود – لديهم حقوق مدنية؛ والعرب -مواطنون من الدرجة الثانية.
• الادّعاء الكاذب السائد لدى معارضي أوسلو هو أن الاتفاقات هي التي أدّت إلى هجمات قُتل فيها مئات الإسرائيليين. ويقصدون أساساً هجمات الانتحاريين. عندما نجري تقويماً لأوسلو يجب أن نقول الحقيقة أيضاً في هذا الموضوع المؤلم. اتفاقات أوسلو لم تشكل صيغة عملية لوقف الإرهاب الفلسطيني، الذي تمتد جذوره إلى عشرينيات القرن الماضي. الاتفاقات كانت صيغة لإنهاء النزاع الذي كان سيؤدي إلى تراجع الإرهاب. وقد تعهدت منظمة التحرير في هذه الاتفاقات بأن المنظمات المنضمة إليها، وبالأساس “فتح” ستتخلى عن الإرهاب، وهذا ما حدث.
• لقد دفعت اتفاقات أوسلو معارضيها لدى الطرفين إلى عمليات إرهابية عنيفة. في النصف الأول من السنة بعد احتفال التوقيع في البيت الأبيض لم تقع هجمات انتحارية. في نهاية شباط/فبراير 1994، نفّذ باروخ غولدشتاين مجزرة الحرم الإبراهيمي، وبحسب كلام أرملته “كي تتوقف مفاوضات السلام”. وبحسب كلام مسؤول رفيع المستوى في الشاباك، مجزرة الخليل هي التي دفعت “حماس” إلى البدء بـ “هجمات الباصات”، كأعمال انتقامية، وكوسيلة لتخريب “عملية أوسلو”. أول هجوم تفجيري لـ”حماس” وقع في العفولة في 6 نيسان/أبريل 1994، في ذكرى مرور 40 يوماً على مجزرة غولدشتاين، ومنذ ذلك الحين قُتل في العامين اللذين أعقبا توقيع اتفاقات أوسلو 164 إسرائيلياً في الهجمات.
• موجة الهجمات التي قامت بها “حماس” وحركة الجهاد الإسلامي شكلت هجوماً مضاداً وحشياً لأعداء الاتفاق. لكن لم يكن موقّعو أوسلو الإسرائيليون هم الذين قدّموا لهم ذريعة للبدء بذلك. تحديداً هناك شخص إسرائيلي كان واقعاً تحت تأثير الكلام التحريضي الذي سمعه من زعماء اليمين. هناك إسرائيلي آخر سمع هذا الكلام وقرر القيام بشيء ما، هو يغآل عمير. اغتيال رابين قطع العملية التي بدأت في أوسلو. هذه كانت رغبة القاتل، ولقد كان هذا انتصاراً للمحرضين. لا نستطيع التحدث عن فشل اتفاقات أوسلو أو نجاحها، لأن السؤال المطروح منذ حزيران/يونيو 1996، لم يكن فيما إذا نجحت الاتفاقات أو فشلت، بل السؤال هو في أي دولة نريد أن نعيش، دولة ثنائية القومية أو دولة يهودية – ديمقراطية، هذا هو النقاش الحقيقي.
• إذا كان ثمة من نتهمه فإننا نتهم معسكر الوسط – اليسار في إسرائيل، لأنه منذ اغتيال رابين لم يبرز فيه زعيم، أو زعيمة، يملك شجاعة سياسية، وسلطة أخلاقية وقدرة على التنفيذ، ليقنع شعب إسرائيل بضرورة الاتفاق مع الفلسطينيين.

المصدر: صحيفة هآرتس الإسرائيلية، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole