انتصار حلب.. من الراموسة إلى كفريا والفوعة

انتصار حلب.. من الراموسة إلى كفريا والفوعة
Spread the love
انتصار حلب

بقلم: عبدالله أحمد* — لا يخفى على العارفين في مضامين وجوهر الصراع الجيوسياسي أهمية استعادة حلب من قبل الجيش السوري وحلفائه، هذا الانتصار أسس لإفشال الأهداف الإستراتيجية الأميركية في سورية والمنطقة، والتي سعت من خلالها إلى فرض واقع هش ومقسم وخاضع للهيمنة الأميركية، إي إسقاط سورية وإضعاف الحلفاء استكمالاً للخطط الإستراتيجية التي وضعت منذ عقود.
انتصار حلب الحاسم أربك الغرب والهستريا الغربية من خلال الإعلام، والمناورات والضغوط السياسية الغربية على روسيا وسورية ما هو إلا انعكاس لواقع رسم بفعل قوة الجيش السوري وحلفائه.
محاولات خلط الأوراق مستمرة، تصريحات الساسة الغربيين والتعيينات الجديدة في إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب التي تعج بالمحافظين الجدد، بالتزامن مع اغتيال السفير الروسي في أنقرة تشي بمحالات التصعيد والتحضير لمرحلة جديدة للحد من تبعات الانتصار السوري في حلب.
على الرغم من أهمية الحسم العسكري وضرورة إنهاء الوجود الإرهابي فيما تبقى من أحياء حلب الشرقية، نضج التفاهم التركي الروسي وبدفع ودعم غربي في تسوية تقضي بخروج المسلحين من حلب لإنقاذ ما تبقى من عملاء للدول الغربية في حلب الشرقية. وعلى الرغم من بعض الأصوات الشعبية التي برزت تنتقد أي اتفاق يعطي فرصة لإخراج المسلحين من حلب الشرقية، في ظل رغبة الحلفاء الروس بسرعة تنفيذ التفاهم الروسي التركي بإخلاء مسلحي حلب الشرقية لاعتبارات متعددة منها الضغوط السياسية والإعلامية الغربية على روسيا وسورية ومحور المقاومة، إلا أن إصرار القيادة السورية على أن يشمل أي تفاهم الحالات الإنسانية في بلدتي الفوعة وكفريا لكي يتم تنفيذ الاتفاق كان حاسماً في تعديل هذا الاتفاق أو التفاهم. فالميدان لنا والتاريخ يكتب من جديد.. وحماية أبناء سورية هو عنوان الانتصار وهو الأولوية والغاية.
انتصار حلب العسكري والأخلاقي توج في كسر الحصار عن الفوعة وكفريا بمنطق القوة وبواقع الميدان..
لقد انتصرت سورية من حلب ومن الفوعة وكفريا … انتصرت في معركة كسر الإرادات الدولية والإقليمية … انتصرت بصمود الشعب السوري.. بدماء الشهداء .. بصبر وصلابة أبنائها في كل سورية وفي الأخص في الفوعة وكفريا.
خلال السنوات السابقة عانت مناطق كثيرة في سورية من الحصار والتجويع والإرهاب من قبل العصابات الإرهابية المدعومة غربياً من اجل إسقاط الدولة السورية وتدمير هيكلية الدولة وجوهرها من خلال بث الخطاب التكفيري والحقد وتقطيع أوصال النسيج الاجتماعي ضمن منظومة من المخططات الهدامة. إلا أنهم فشلوا في سورية .. وسقط القناع والذريعة، أي مبدأ التدخل الإنساني الذي زرع كمبدأ من مبادئ الأمم المتحدة من أجل تبرير تدخل الدول الاستعمارية في شؤون الدول من اجل إخضاعها. سقط هذا المبدأ على معبر الراموسة مع وصول الباصات التي تقل الحالات الإنسانية من كفريا والفوعة.
في المعادلات الإقليمية والدولية والحسابات الجيوسياسية، تقدم محور المقاومة وبشكل جوهري، وما بعد معركة حلب لن يكون كما قبلها. صحيح قد تكون التحديات كبيرة، إلا أن العمود الفقري للجماعات الإرهابية قد كسر في حلب وارتدت التداعيات ووصلت إلى نيوريوك .. إلى هستيريا غربية – أمريكية.. هستريا سياسية وإعلامية وتلفيق ومعلومات كاذبة وتصريحات غير دبلوماسية صدرت من الساسة الغربيين.
صحيح أن لعبة الاستثمار في الجماعات الإرهابية من داعش إلى النصرة وغيرها أصبحت مكشوفة للجميع، إلا أن الولايات المتحدة وحلفاءها مستمرون بها، فدعم داعش مستمر وإدارة ترامب تحتاج إلى مبرر للتدخل تحت غطاء محاربة “داعش”، والرئيس التركي رجب طيب إردوغان لا يزال يعتقد أنه يستطيع الاستمرار بلعبة العميل المزدوج من خلال التقرب من موسكو والانخراط بالمفاوضات والإيحاء بالسعي إلى حل سلمي للأزمة السورية من جهة، لكنه في الجوهر ينفذ سياسات الولايات المتحدة بحجة محاربة داعش والكرد من جهة أخرى.
قد يقول البعض إن إدارة الرئيس أوباما قد نجحت في ترحيل الأزمات وإطالة أمد الصراع في سورية والمنطقة. وقد يراهن البعض على إدارة ترامب حيث تكمن أولوية إدارته في مواجهة الصين وإيران والمهادنة مع روسيا بحسب توصيات كيسنجر. قد يبدو ذلك صحيحاً، إلا أن ديناميكيات الصراع الدولي والإقليمي قد تعيد خلط الأوراق، وشهر العسل الأميركي مع موسكو لن يدوم طويلاً.. فحملة ترامب الانتخابية ومستشاروه، وتعيينات شواغر إدارته الجديدة، يعجون بالمحافظين الجدد، وارتداد الإرهاب على الدول الداعمة للمعارضة المسلحة في تركيا والأردن يؤشر على متغيرات كبيرة في المنطقة في ظل استمرار الولايات الأميركية في إثارة الحروب والفوضى في المنطقة ..
الرهان الوحيد في ظل الواقع المتغير وتولي الشركات العابرة للحدود إدارة الدفة يضع العالم في مرحلة صراع متجدد وخطير، ولن تتمكن الدول التي تحاول أن تعلب دور العمالة المزدوجة مثل تركيا أن تستمر ..إنها تداعيات صمود سورية الذي بدأ بتغيير معالم المنطقةوالعالم .. وانتصار حلب يؤسس لمرحلة توازي انتصار ستاليننغراد في الحرب العالمية الثانية… إلا أنه على الحلفاء استباق الزمن والقضاء على الإرهاب فيما تبقى على الأرض السورية…
أما الرهان على التحول التركي الزائف أو على ترامب وإدارته القادمة من المحافظين الجدد، فهي إضاعة للوقت وإضاعة للنافذة التاريخية التي فتحت من حلب.
من بوابة الراموسة الى كفريا والفوعة يكتب تاريخ جديد عنوانه انتصار سورية .
*عبدالله أحمد باحث سوري.
المقالة تعبّر عن رأي صاحبها ولا تعبّر بالضرورة عن رأي الموقع.

Optimized by Optimole